أوكرانيا بالعربية | قصف الطيران السوري للقوات التركية ومقتل ثلاثة جنود يعد تطورا خطيرا... بقلم عبد الباري عطوان | مقالات عبد الباري عطوان

أن مقتل ثلاثة جنود اتراك واصابة عشرة آخرين في غارة جوية للطيران السوري في منطقة الباب، هو آخر ما يتمناه الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، الذي يتلقى هذه الأيام الضربات السياسية والعسكرية من معظم الجهات الإقليمية والأوروبية، وتتزايد عزلته بالتالي

كييف/أوكرانيا بالعربية/أن مقتل ثلاثة جنود اتراك واصابة عشرة آخرين في غارة جوية للطيران السوري في منطقة الباب، هو آخر ما يتمناه الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، الذي يتلقى هذه الأيام الضربات السياسية والعسكرية من معظم الجهات الإقليمية والأوروبية، وتتزايد عزلته بالتالي.

فالرئيس التركي يخوض حاليا عدة حروب على عدة جبهات، والأولى ضد حزب العمال الكردستاني داخل تركيا، والثانية ضد حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي داخل سوريا، والثالثة ضد تنظيم “الدولة الإسلامية”، واذا قام بالرد على هذه الغارة الجوية السورية التي استهدفت قواته داخل الأراضي السورية، مثلما هدد السيد بن علي يلدريم رئيس الوزراء، فإنه يفتح بذلك جبهة رابعة، ربما تكون الأخطر، لانها تعني حربا مباشرة مع الحكومة السورية، وغير مباشرة مع حليفها الروسي، وفوق هذا وذاك قد يتوحد هؤلاء الأعداء جميعا، وفي جبهة، او تحت مظلة واحدة ضد تركيا، ان لم يكونوا قد توحدوا فعلا.

الطيران الحربي السوري ما كان يقدم على هذه الغارة الجوية، ويستهدف قوات تركية بالقصف الا بعد التنسيق مع الحليف الروسي، مما يعني ان الروس أصحاب اليد العليا عسكريا في الأرض السورية، يعارضون هذا التدخل العسكري التركي، واذا اضفنا الى كل هذا ما صرح به المتحدث باسم الحكومة الامريكية اليوم الخميس “ان التحالف الدولي ضد “الدولة الإسلامية” لا يدعم العمليات التي تشنها القوات التركية (درع الفرات) على مدينة الباب، فإن هذا يعني ان القوتين العظميين المتورطتين في الازمة السورية يعارضان هذا التدخل التركي كليا، الامر الذي يطرح تساؤلا على درجة كبيرة من الأهمية هو: على من يراهن الرئيس اردوغان في مغامرته وتدخلاته العسكرية هذه؟

من المفارقة ان الرئيس التركي مني بضربة قوية اليوم الخميس عندما صوت البرلمان الأوروبي بأغلبية ضخمة (479 صوتا مقابل 37 صوتا معارضا) على وقف كل المفاوضات مع تركيا حول انضمامها للاتحاد الأوروبي، بسبب انتهاكها لحقوق الانسان، والإجراءات القمعية التي أقدمت عليها الحكومة التركية منذ الانقلاب العسكري الفاشل في تموز (يوليو) الماضي.

توغل القوات التركية في الأراضي السورية انتهاك للسيادة يرتقي الى درجة الغزو والاحتلال، حتى لو جاء تحت ذريعة إقامة منطقة عازلة، لان مثل هذا التوغل لا يتم في اطار قرارات دولية صادرة عن مجلس الامن، ناهيك عن معارضة القوتين العظميين له.

الرئيس اردوغان لم يتسامح مع توغل طائرة روسية لثوان معدودة في الأجواء التركية قبل عام، وأعطى أوامره بإسقاطها، قرب الحدود التركية السورية، واعتبر هذا التوغل انتهاكا للسيادة التركية، ونستغرب رفضه لتصدي الطيران السوري لتوغل قواته في أراضي سورية، بعمق اكثر من الف كيلومتر نربع، ويريد توسيعها خمسة اضعاف، والتصدي للغزو امر مشروع تكفله كل القوانين والتشريعات الدولية، أيا كان الرأي في الحكومة السورية سلبا او إيجابا.

فتح جبهة جديدة مع سورية المدعومة روسيا لن يكون في مصلحة تركيا وامنها واستقرارها، وقد تكون هذه الخطوة بداية حرب استنزاف اكبر للجيش التركي هو في غنى عنها، لان لديه من النزيف في جبهات أخرى داخلية وخارجية ضد “الارهاب” ما يكفيه واكثر.

وضع الرئيس اردوغان الداخلي والاقليمي بات مقلقا، خاصة في ظل تواصل التفجيرات الإرهابية، وتراجع النمو الاقتصادي نتيجة حالة عدم الاستقرار الناجمة عن هذه التفجيرات، ولعل القرار الذي صدر اليوم بزيادة معدلات الفائدة على الليرة التركية لوقف انهيارها احد المؤشرات في هذا المضمار.

الرئيس اردوغان سيكون الخاسر الأكبر في أي مواجهة مع الحكومة السورية، مع تسليمنا انه الأقوى عسكريا، لانه ليس هناك ما يمكن ان تخسره هذه الحكومة، وينطبق عليها المثل الذي يقول “ضربوا الاعمى على عينة فقال ما هي خسرانة خسرانة”.

عبد الباري عطوان

رئيس تحرير ومؤسس صحيفة "راي اليوم" الالكترونية
محلل سياسي وكاتب عربي

المصدر: أوكرانيا بالعربية

مشاركة هذا المنشور:
الأخبار الرئيسية
سياسة
النفط يرتفع بعد هجمات أوكرانية على البنية التحتية النفطية الروسية
أوكرانيا إستهدفت خط أنابيب دروجبا النفطي في منطقة تامبوف بوسط روسيا
سياسة
إنتاج كازاخستان النفطي يتراجع 6 % بسبب تضرر خط أنابيب بحر قزوين
المسيرات الأوكرانية تلعب دور كبير في الإقتصاد الروسي، بسبب تجوالها بشكل يومي في العمق الروسي
سياسة
تركيا تستدعي سفير أوكرانيا والقائم بالأعمال الروسي بشأن الهجمات في البحر الأسود
النفط الروسي سيكون هدف للقوات المسلحة الأوكرانية أينما كان
أخبار أخرى في هذا الباب
آراء ومقالات
خبراء غربيون يحددون الشرط الوحيد لإنهاء الحرب في أوكرانيا
يقول هيربست إن التنازلات التي تقدمها الولايات المتحدة الأمريكية للكرملين من أجل تأمين اتفاق سلام لا تؤدي إلا إلى دفع بوتين إلى مزيد من الحرب
آراء ومقالات
خبير كندي: روسيا تختبر عمداً الخطوط الحمراء لحلف شمال الأطلسي
الخبير الكندي: موسكو تتحدى الحلف باختراق الأجواء البولندية لقياس رد فعله وتتحدى ضبط النفس لدى الحلف
آراء ومقالات
بوليتيكو: البيت الأبيض يدرس إمكانية عقد محادثات سلام بين زيلينسكي وبوتين في بودابست
يخطط البيت الأبيض لعقد اجتماع ثلاثي محتمل بين رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا وأوكرانيا في بودابست. ويستعد جهاز الخدمة السرية الأمريكي للقمة، مع أن مكانها النهائي قد يتغير
تابعونا عبر فيسبوك
تابعونا عبر تويتر
© Ukraine in Arabic, 2018. All Rights Reserved.