أوكرانيا بالعربية | قبل ان تضيع ؟... بقلم بلسم فريد أبو الفتوح
كييف/أوكرانيا بالعربية/منذ ان خلق الله الانسان والكرامة جزء لا يتجزأ من تكوينه فهي التي تبني ملامح الشخصية وتكون الهيبة، الاسلام دين غرس فينا مبادئ الانسانية وعزة النفس والكرامة فالمسلم الحقيقي لا يقبل إلا ان يكون عزيز نفس، لقد اصبحنا في زمن بكل اسف في طريقنا الى ان نفقد عزة النفس والكرامة، ابسط مثال على ذلك تأتي فتاة او امرأة مرتدية ملابس محتشمة ونظيفة ومتعطرة تقول لك انها بحاجة الى مال يكفيها للتنقل الى بيت اهلها او بيتها بالمواصلات، فتنظر الى هذه المرأة وتقول لنفسك ربما يحدث هذا الامر في يوم من الايام معي فهذه المرأة لا تبدو متسولة فقد حدث لها امر اجبرها على طلب النقود فقد سرق مالها او في لحظه سهو سقطت منها النقود فتقرر اعطائها المال بل يمكن ان تعطيها مبلغ اكبر من ما تحتاجه من النقود فنحن معشر السودانيين شعب الكرم والأصالة وكذلك لم تمت المروءة فينا بعد وبعدها تمضي في طريقك ثم تعود في اليوم التالي الى نفس المحطة فتأتيك نفس المرأة تطلب منك المال بنفس الحجة التي استخدمتها البارحة، هنا الصدمة تجتاحك حينما تعلم انها متخصصة في النصب وان هذا المكان هو محيط تسولها فهي تطلب المال خلال اليوم من عدة اشخاص لدرجة انها تنسى اشكالهم فتاتي مرة اخرى الى نفس الشخص طالبه المال .
ما اريد ان اوضحه هو ان فنون النصب وصلت الى هذه الدرجة في التسول فإذا كانت هذه المرأة صادقة لما تتسول اذ يمكنها ان تذهب مباشرة الى سائق حافلة الركاب او مساعدة ( الكمساري ) وتعلمهم من قبل ان تصعد على مركبة الحافلة انها لا تملك المال دون حتى ذكر السبب من عدم امتلاكها المال وبعدها سيقبل الكمساري او السائق ايصالها مجانا بدلا من ان تتسول من عده اشخاص فربما يصدونها او يذلوها او يهينوها، اذ يمكنها ان تذهب الى شخص واحد وهو السائق وتطلب منه الصعود مجانا .
اما ما لفت انتباهي هؤلاء الفقراء اصحاب العفة وعزة النفس تلاحظ في الشارع طفل يحمل في يده علكة او مناديل ورقية ويطلب منك شراء ما يملك في وقت يفترض ان يكون فيه هذا الطفل في المدرسة او يعيش طفولته البريئة لكن عزة نفسه منعته من التسول وأجبرته نفسه العفيفة الطاهرة على ان يكسب رزقه بالحلال لمساعدة اهلة فإذا اعطيته المال دون شراء اي شي يرفض بل يقول لك اذا كان هذا المال صدقة انا لا اقبلة وإذا كان هديه فشكرا لك، امر مدهش وعجيب فعلا فالعفة وعزة النفس تضيء قلب المؤمن وترضي ربه عليه وتفتح له ابواب الرحمة من الله عز وجل، لقد اصبح التسول عبارة عن فنون يمتهنها الافراد والجماعات هؤلاء اصحاب النفوس الضعيفة الذين يجتاحون كل الامكنة التي تمكنهم من التحصل على المال .
تلاحظ شاب في صحته وعافيته يجلس في السوق يمد يده للتسول بل احيانا يتسول بفظاظة وغلظه فإذا اعطيته القليل من المال رفض أخذه بل يمكن ان يرميه في وجهك وكان انت الذي تتسول وليس هو .
انا لا اتحدث عن المتسولين المعاقين جسديا وذهنيا فهم لا يملكون الصحة والعافية فهؤلاء كان الله في عونهم اذ انهم يستحقون كل الاهتمام ويستحقون اعيننا فالنبي الحبيب الكريم محمد صل الله عليه وسلم قال ( لا يؤمن احدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ) لكن انا اتحدث عن المتسولين الذين هم في كامل صحتهم وعافيتهم وشبابهم فهؤلاء هم عار وعالة على المجتمع .
في جمهورية مصر العربية الشقيقة تمنع الدولة مهنه التسول فهي توفر للفقراء بأسعار مخفضه جدا المناديل الورقية وتعطيها لهم بحيث يبيعونها ولا يمدون ايديهم للتسول فلماذا لا توفر الدولة عندنا بأرخص الاسعار بضائع وتعطيها للفقراء لكي يبيعوها بدلا من التسول في الشوارع وحتى لا اكون سلبية جدا لاحظت بعض بوادر الامل في شوارعنا حيث نجد افراد يحملون في ايديهم منشفة او خرقة قماشه ينظفون بها زجاج السيارات اثناء توفقها للإشارة المرورية مقابل اي مبلغ مادي يعطيه السائق لهم .
ما اريد ان اوضحه اننا نحن معشر السودانيين شعب تتعلم منه الدول معنى العفة والكرامة فهل حافظنا على هذه الصفات النبيلة فينا ومنعناها من ان تندثر، اعلم ان صعوبات الحياة المادية والنفسية التي نواجهها كل يوم اثرت فينا لكن اتمنى ان لا تؤثر فينا اخلاقيا، فليكن شعارك ايها السوداني دوما عزة النفس والكرامة جزء لا يتجزأ منى .
بلسم فريد أبو الفتوح
مديرة يونيم بجمهورية السودان
المصدر: أوكرانيا بالعربية