أوكرانيا بالعربية | مـصــر وخـيــوط الـعـنـكـبـوت... بقلم حسن زايد

ليس هناك ما يدعو إلي الإنزعاج من التقرير الذي صدر عن المنظمة الدولية لحقوق الإنسان " هيومن رايتس ووتش " والمعنون بـ : " مذبحة رابعة وعمليات القتل الجماعي للمتظاهرين في مصر " . ودواعي عدم الإنزعاج ليس فقط لأن تلك المنظمة عوراء ، والتقارير الصادرة عنها تقارير مسيسة تخدم أهداف الدول الكبري ، وأن الدول الكبري وعلي رأسها الولايات المتحدة الأمريكية هي في الأصل والمنتهي دولاً استعمارية ، لا تحتل الأوطان وتستنزف خيراتها علي نحو ما كان يفعل الإستعمار التقليدي ، وإنما تحتل العقول والجيوب علي نحو يدفع بالأوطان إلي التبعية المطلقة لها ، فتعظِّم بذلك العائد دون تكلفة عالية.
كييف/أوكرانيا بالعربية/ليس هناك ما يدعو إلي الإنزعاج من التقرير الذي صدر عن المنظمة الدولية لحقوق الإنسان " هيومن رايتس ووتش "  والمعنون بـ : " مذبحة رابعة وعمليات القتل الجماعي للمتظاهرين في مصر " . ودواعي عدم الإنزعاج ليس فقط لأن تلك المنظمة عوراء ، والتقارير الصادرة عنها تقارير مسيسة تخدم أهداف الدول الكبري ، وأن الدول الكبري وعلي رأسها الولايات المتحدة الأمريكية هي في الأصل والمنتهي دولاً استعمارية ، لا تحتل الأوطان وتستنزف خيراتها علي نحو ما كان يفعل الإستعمار التقليدي ، وإنما تحتل العقول والجيوب علي نحو يدفع بالأوطان إلي التبعية المطلقة لها  ، فتعظِّم بذلك العائد دون تكلفة عالية.
وإنما عدم الإنزعاج مرده أنه لا علاقة حقاً بين هذه المنظمات والدول الراعية لها والتقارير الصادرة عنها بحقوق الإنسان  . والأدلة علي ذلك تستعصي علي الحصر ، إذ أنه لو كان الأمر متعلقاً بحقوق الإتسان لأصدرت المنظمة تقاريرها بشأن ما فعله الأمريكان في أفغانستان ، وما فعلوه بالعراق ، وليبيا ، وسوريا ، والسودان . وما تفعله اسرائيل في شعب فلسطين منذ أن نزعوه من وطنه ، وزرعوا اليهود الصهاينة محله .
إذن فالقصة ليست قصة حقوق إنسان ولا غيره ، وإنما  تمثل تلك المنظمات أذرع لدول استعمارية تنغرز في جسد المجتمعات خارج إطار القانون ، تحت دعاوي وعناوين براقة من الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان ، وما جعلت هذه الدعاوي والعناوين براقة إلا لجذب الشعوب المستضعفة ، وقتل أي نزعة مقاومة لهذه الأفكار ، من باب غسل العقول والتلاعب بها  . فلو كان الأمر متعلقاً بحقوق الإنسان والحريات والديمقراطية لتوحدت المعايير وأساليب القياس التي تنبني عليها هذه التقارير في مواجهة كافة الدول ، وكافة صور الإنتهاك لحقوق الإنسان ، وتوحدت العقوبات المقررة  لكل انتهاك في مواجهة الجميع .
أما إزدواجية المعايير ، وتعدد المكاييل بتعدد المواقف السياسية ، ووقوف هذه المنظمات علي أرض ذات رمال متحركة يفقدها المصداقية والمهنية والمشروعية التي تجعل من توصياتها فرمانات سياسية صادرة علي نحو مسبق من الدول الممولة لها . ومنظمات هذا شأنها لابد أن تتخذ منها المجتمعات والدول موقفاً يتقاطع مع مواقفها من الطابور الخامس الذي يستهدف تخريب المجتمعات قبل شن الهجوم النهائي عليها . ولا أدل علي ذلك من موقف هذه المنظمة المشبوهة المدعوة : " هيومن رايتس ووتش " من فض اعتصام رابعة العدوية ، وموقفها من العدوان الإسرائيلي علي غزة .
وبمقارنة بسيطة بين الموقفين يتضح مدي فحش الفضيحة الأخلاقية التي ينطوي عليها تقريرها عن مصر . ففي مواجهة المجازر الإسرائيلية للفلسطينين شعرت هذه المنظمة بالأسف ، ودعت اسرائيل إلي الكف عن ضرب المدنيين ، ودعت الجماعات الفلسطينية المسلحة إلى وقف الهجمات الصاروخية العشوائية على المراكز السكنية الإسرائيلية . أما في رابعة فقد رأت المنظمة أن قوات الشرطة والجيش ، قد قامت علي نحو عمدي وممنهج ، باستخدام القوة المميتة والمفرطة  في عمليات حفظ الأمن ، وقد خلصت المنظمة في تقريرها إلي أن عمليات القتل لم تشكل فقط  انتهاكات جسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان فحسب ، بل إنها ترقي علي الأرجح إلي مصاف الجرائم ضد الإنسانية .
الغريب في الأمر أنها تزعم إعتمادها علي شهادات لشهود عيان ، وأدلة مادية ، ومقاطع فيديو في إعداد تقريرها . وكلنا نعلم في مصر هنا أنه قبيل فض الإعتصام تمت دعوة وسائل الإعلام لحضور هذا الفض ، وكان تجري وقائعه علي الهواء مباشرة ، وهناك من مقاطع الفيديو ما يدل دلالة واضحة علي أن تلك البؤرة الإخوانية في قلب العاصمة كانت مسلحة ، وأن أول من قتل في هذا الفض هو الضابط الذي كان ينادي بخروج المعتصمين علي نحو آمن ، وقد جري فضح دور الجزيرة في تمثيل مشاهد تصور الأحداث علي خلاف الحقيقة  ، ومواقع النت متخمة بهذه المشاهد التي تصور أحياء يتحركون داخل أجفانهم ، وآخر يركل من يفحصة باعتباره ميتاً ، وصور نقل الموتي من مكان إلي مكان وقد غطت أجسادهم بالثلوج ، بخلاف وقائع التعذيب ، والتهديدات الصادرة من علي المنصة وغير ذلك مما لا يتسع المجال لذكره ، وليس هنا محل تفصيله .
وقد تبنت المنظمة بحكم حَوَلها وجهة نظر أحادية في إصدار أحكامها ،  لا لعدم توافر مصادر أخري ، وإنما بقصد سَوْق التقرير في الإتجاه المستهدف . وهذا هو بيت القصيد وليس حقوق الإنسان ، فقد عمد التقرير إلي تحديد المسئولين الأمنيين والقادة المحوريين الأرفع رتبة في سلسلة القيادة الذين ينبغي التحقيق معهم ، ومحاسبتهم فردياً حيثما توافرت الأدلة علي مسئوليتهم ، عن تنفيذ وتخطيط عمليات القتل الممنهج وواسع النطاق للمتظاهرين ، أو الإخفاق في منعها . وهنا يتبادر إلي الذهن تساؤل حول الجهة المنوط بها التحقيق والمحاسبة ، بالقطع لن تكون هذه الجهة مصرية ، وإنما جهات أجنبية حددها التقرير ، حيث ذكر المنتديات الدولية ، كما ذكر المحاكم الداخلية في العديد من البلدان بموجب مبدأ الإختصاص القضائي العالمي ، وبذلك ينجح الإخوان بموجب هذا التقرير الذي ينطوي في كل صفحة من صفحاته علي إشارة رابعة العدوية فيما لم ينجحوا فيه أمام الجنائية الدولية .
والهدف بلا مواربة كسر الإرادة المصرية التي تحاول الخروج من العباءة التي فرضت عليها خياراتها طوال عقود طويلة ، ونفاذ مخطط الفوضي الخلاقة ، وإعادة رسم خريطة المنطقة ولكن بطريقة أخري . ونذكر في هذا الصدد مخططات الإجهاض التي مورست ضد محمد علي ، وجمال عبد الناصر ، وأخيراً عبد الفتاح السيسي . ولابد أن ننتبه إلي أن أوهن البيوت هو بيت العنكبوت ما لم تلتف خيوطه حول عنق الفريسة ، ولم نمكنه من امتصاص دماء الضحية .

حسن زايد
كاتب مصري ومدير عام 
المصدر: أوكرانيا بالعربية



مشاركة هذا المنشور:
الأخبار الرئيسية
سياسة
إيطاليا تعلن عن تخصيص حزمة جديدة من المساعدات العسكرية لأوكرانيا
سياسة
مبعوث أوكرانيا للشرق الأوسط وأفريقيا يلتقي السفير الفلسطيني
سياسة
بوريل: الاتحاد الأوروبي مهتم بتعزيز إنتاج الأسلحة في أوكرانيا
أخبار أخرى في هذا الباب
آراء ومقالات
عن النصر والخوف والمعارضة...بقلم رئيس حركة "الأخوية القتالية الأوكرانية" بافلو جيربيفسكي
آراء ومقالات
الفساد العظيم الذي ضيّع أوكرانيا!..حسين الراوي
آراء ومقالات
الإجرام الروسي والطفولة الأوكرانية..حسين الراوي
تابعونا عبر فيسبوك
تابعونا عبر تويتر
© Ukraine in Arabic, 2018. All Rights Reserved.