أوكرانيا بالعربية | محاكمة رئيس الجمهورية بين دستورين... بقلم حسن زايد

أثناء دراستي لإدارة الأعمال اكتشفت مبدأ تكافؤ السلطة مع المسئولية ، وهو يعني ببساطة أن كل سلطة تقابلها مسئولية متكافئة معها ، والسلطة بلا مسئولية ديكتاتورية واستبداد وفساد ، ومسئولية بلا سلطة وضع للعربة أمام الحصان ، وتقييد لليدين خلف الظهر . وأثناء دراستي للحقوق اكتشفت أن هذا المبدأ من المباديء الأساسية للحياة الدستورية ، ثم اكتشفت علي ضوء ذلك أن أزمة النظام السياسي
كييف/أوكرانيا بالعربية/أثناء دراستي لإدارة الأعمال اكتشفت مبدأ تكافؤ السلطة مع المسئولية ، وهو يعني ببساطة أن كل سلطة تقابلها مسئولية متكافئة معها ، والسلطة بلا مسئولية ديكتاتورية واستبداد وفساد ، ومسئولية بلا سلطة وضع للعربة أمام الحصان ، وتقييد لليدين خلف الظهر . وأثناء دراستي للحقوق اكتشفت أن هذا المبدأ من المباديء الأساسية للحياة الدستورية  ، ثم اكتشفت علي ضوء ذلك أن أزمة النظام السياسي المصري تتمثل في أن رئيس الجمهورية يتمتع بكل السلطات والصلاحيات دون أدني مسئولية من الناحية الواقعية ، إذ أن المسئولية بوجه عام حالُ أَو صفةُ مَنْ يُسْأَلُ عن أَمْرٍ تقع عليه تبعَتُه ، أي : ملزَم بعواقب أعماله . ورئيس الجمهورية لا يسأل عما يفعل وفقاً للدستور إلا من زاوية أن يكون هناك إتهام لرئيس الجمهورية بالخيانة العظمي أو بارتكاب جناية ، وقد اتفق دستور 2012 م مع دستور 1971 م في أن يكون ذلك بناءًا علي طلب مقدم من ثلث أعضاء مجلس الشعب عي الأقل ، بخلاف دستور 2013 م الذي اشترط أن يكون الطلب مقدم من الأغلبية ـ ولا أدري لماذا هذ التضييق غير المبرر ؟ ـ علي الأقل .
واتفقت الدساتير الثلاث علي ألا يصدر قرار الإتهام إلا بأغلبية الثلثين . وقد جعل المشرع الدستوري من مجلس الشعب سلطة اتهام وذلك دون ضمانة التحقيق والدفاع المكفولة للمتهم في دستوري 1971 م و 2012 م ، وهذا ما أدركه دستور 2013 م بتقييد صدور قرار الإتهام بالتحقيق الذي يجريه النائب العام ـ أو من يحل محله حال وجود مانع ـ مع رئيس الجمهورية ، ومن خلال التحقيق يتبين ثبوت التهمة من عدمه ، وقد أحال دستور 1971 م تشكيل المحكمة وإجراءاتها والعقوبات المقررة إلي القانون الذي لم يصدر نتيجة ترأس مبارك لحزب الأغلبية الذي هيمن من خلاله علي السلطة التشريعية . وقد تقدم دستور 2012 م خطوة عندما نص علي تشكيل المحكمة ، وتولي النائب العام الإدعاء أمامها ، إلا أنه راوح مكانه عندما أحال الأمر إلي القانون الذي لن يصدر إلا من خلال مجلس تشريعي قوي . والواقع أن دستور 2013 م  قد خطا عدة خطوات في الطريق الصحيح عندما أضاف إلي التهم التي يمكن أن توجه لرئيس الجمهورية تهمة إنتهاك أحكام الدستور ، إلي جانب الخيانة العظمي ، والجنايات الأخري ، وأعطي النائب العام سلطة التحقيق ، و تحريك الدعوي الجنائية بعد صدور قرار الإتهام بأغلبية الثلثين ، وتولي الإدعاء أمام المحكمة ، واعتبر أحكام المحكمة نهائية غير قابلة للطعن عليها  .
إلا أنه قد أحال تنظيم إجراءات التحقيق والمحاكمة إلي القانون الذي نأمل صدوره خاصة بعد اشتراط الدستور عدم تولي الرئيس لرئاسة أي من الأحزاب السياسية . كما أنه قد خطا خطوة فائقة عندما اعطي مجلس النواب الحق في سحب الثقة من رئيس الجمهورية في المادة 161 وهي مادة مستحدثة . حيث يجوز لمجلس النواب اقتراح سحب الثقة من رئيس الجمهورية ، وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة بناءًا علي طلب مسبب من أغلبية الأعضاء وموافقة الثلثين ، ويطرح ذلك في استفتاء عام بدعوة من رئيس الوزراء ، فإذا وافقت الأغلبية يعفي رئيس الجمهورية من منصبه ، وتجري انتخابات مبكرة .
أما إذا كانت نتيجة الإستفتاء هي الرفض عد مجلس النواب منحلاً دستورياً  ، ويدعو رئيس الجمهورية لإنتخاب مجلس نواب جديد . وهذه المادة تعد ضمانة دستورية للتخلص من رئيس الجمهورية حال عدم رضاء الشعب عن آداءه ، حتي في حالة عدم انتهاكه لأحكام الدستور ،أو خيانته للوطن ، أو إرتكابه لأي جريمة جنائية . وبذلك يمكن أن يتحقق مبدأ تكافؤ السلطة مع المسئولية علي نحو يعيد التوازن إلي النظام السياسي المصري بسلطاته الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية  ، وتلك هي المقدمة الأولي لحياة ديموقراطية سليمة . من أجل ذلك سأصوت بنعم للدستور .

حسن زايد

كاتب عربي ومدير عام


المصدر: أوكرانيا بالعربية

مشاركة هذا المنشور:
الأخبار الرئيسية
سياسة
ليتوانيا تقدم مساعدات عسكرية جديدة إلى أوكرانيا
سياسة
بيربوك: أوكرانيا تحتاج إلى أسلحة بعيدة المدى للدفاع عن خاركيف
رياضة
زيلينسكي: أوكرانيا فعلت كل ما يلزم للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي
أخبار أخرى في هذا الباب
آراء ومقالات
عن النصر والخوف والمعارضة...بقلم رئيس حركة "الأخوية القتالية الأوكرانية" بافلو جيربيفسكي
آراء ومقالات
الفساد العظيم الذي ضيّع أوكرانيا!..حسين الراوي
آراء ومقالات
الإجرام الروسي والطفولة الأوكرانية..حسين الراوي
تابعونا عبر فيسبوك
تابعونا عبر تويتر
© Ukraine in Arabic, 2018. All Rights Reserved.