أوكرانيا بالعربية | مـفــاهــيم يـنـبــغي أن تــصـحــح... بقلم حسن زايد

05.05.2014 - 03:00 #حسن زايد
أجد في نفسي غصة من خلط المفاهيم ، خاصة إذا كان هذا الخلط مقصود ، والخلط يكون مقصوداً حين يكون مغرضاً ، أي يستهدف تحقيق غرض معين . والخلط المقصود يستجلب الجدل العقيم من حوله ، ويثير الكثير من الغبار من أجل طمس الحقيقة ، خاصة إذا كانت هذه الحقيقة مُرة ومؤلمة ، ويصعب بلعها ، فضلاً عن هضمها . ومن هنا أنا لا أجد غضاضة ، في البوح عن مكنون نفسي ، من اعتبار الجدل الدائر في بعض الأوساط النخبوية، حول التسريبات ، التي جري نشرها

كييف/أوكرانيا بالعربية/أجد في نفسي غصة من خلط المفاهيم ، خاصة إذا كان هذا الخلط مقصود ، والخلط يكون مقصوداً حين يكون مغرضاً ، أي يستهدف تحقيق غرض معين . والخلط المقصود يستجلب الجدل العقيم من حوله ، ويثير الكثير من الغبار من أجل طمس الحقيقة  ، خاصة إذا كانت هذه الحقيقة مُرة ومؤلمة ، ويصعب بلعها ، فضلاً عن هضمها . ومن هنا أنا لا أجد غضاضة ، في البوح عن مكنون نفسي ، من اعتبار الجدل الدائر في بعض الأوساط النخبوية، حول التسريبات ، التي جري نشرها ، وبثها عبر شاشات التلفاز ، عن قيام من يطلق عليهم اصطلاحاً الطليعة الثورية ، بتلقي تدريبات وأموال من جهات خارجية . 

فتركت النخبة الموضوع ، وذهبت إلي الحواشي . وأثير الكثير من الغبار حول الأجهزة التي سجلت هذه التسريبات ، وأن ذلك يعد اعتداءً صارخاً علي حقوق الإنسان . وأن أجهزة الدولة العميقة قد عادت لممارساتها في تتبع خصوصيات الإنسان المصري  ، وكأن الدولة غير العميقة لو وجدت فإنها ستمرر هذه الجريمة دون محاسبة أو تعقب ، وستبلعها ، وتهضمها ، وكأن شيئاً لم يكن . وهذه الفرضية لو صحت لضاعت الدولة ، لأن أمنها القومي سيصبح ألعوبة في أيدي العابثين . كما قيل نخبوياً أن إثارة هذا الموضوع هو محاولة بائسة من الثورة المضادة لتشويه الطليعة الثورية ، وتلطيخ سمعتها ، وإغتيالها سياسياً ، وكأن عدم إثارة الجريمة تنفي عن المجرم السلوك الإجرامي الذي دفعه إلي إرتكاب جرمه . ونسينا أن المجرم يبقي مجرماً بفعله لا بفعل غيره ، وأن التغافل عن المجرم ـ إن أجرم ـ جريمة . ولا أدري كيف يتسني لإنسان لديه مسحة من عقل أن يدافع عن جريمة ، جري تسجيلها ، ولا يكذبها الواقع ، بدعوي أنها قد سجلت علي خلاف القانون . نعم قد تسقط الجريمة قانوناً إلا أنها لا تسقط أخلاقياً وأدبياً بحال . كل هذه حواشي حول الموضوع ، قد تكون هناك أخطاء ، وقد تكون هناك جرائم موازية ، قد ارتكبت أثناء التسجيل أو التسريب . فليكن . فليحاسب من أخطأ ، وليعاقب من أجرم ، دون إغفال للجريمة الأم ، الجريمة الموضوع . 

أما صناعة الوهم بأن الكشف عن جرائم العمالة والخيانة قد يفضي في النهاية إلي تشويه الفعل الثوري للشعب المصري ، فهو قول مردود . لأنه من الأخطاء المنهجية إعتبار هؤلاء الأشخاص هم الثورة ، أو هم طليعة الثورة ، أو هم مفجرو الثورة ، دون غيرهم . لأن هذا تقزيم للثورة ، وتصغير لها . فالثورة قام بها الشعب المصري ، الذي لو لم يتحرك ، ما كانت هناك ثورة من الأساس ، وما كان لفعل هؤلاء قيمة ، وما كان له من أثر . فكشف هؤلاء الناس لا يعني بالضرورة القضاء علي الثورة ، أو تشويهها . وعدم الكشف عنهم يعني بالضرورة حرمان الشعب المصري من حقه ، في معرفة من ينشط ضد مصالحه ، وضد وجوده . ولا يقنعني أحد بأن الخيانة كانت لنظام مبارك فحسب باعتباره نظام استبدادي متسلط ، فالخيانة خيانة ، والأخلاق لا تتجزأ . 

وبناءًا علي ذلك يمكن الجزم بأن هؤلاء الأشخاص كانوا يعملون وفق أجندات خارجية ، وليس هناك من ضامن بانقطاع الصلة بهذه الأجندات قبل وصول أصحابها إلي الغايات التي يعملون من أجلها . ومن هنا كانت الغصة في الحلق من خلط المفاهيم .

حسن زايد

كاتب عربي ومدير عام

المصدر: أوكرانيا بالعربية

مشاركة هذا المنشور:
الأخبار الرئيسية
سياسة
أوكرانيا تُعلق كافة الخدمات القنصلية للرجال في سن التجنيد
سياسة
زيلينسكي يشكر بريطانيا على دعمها الدفاعي لأوكرانيا
فيديو
الحرب في أوكرانيا وتأثيرها على العالم العربي ... أزمةٌ أم فرصة
أخبار أخرى في هذا الباب
آراء ومقالات
عن النصر والخوف والمعارضة...بقلم رئيس حركة "الأخوية القتالية الأوكرانية" بافلو جيربيفسكي
آراء ومقالات
الفساد العظيم الذي ضيّع أوكرانيا!..حسين الراوي
آراء ومقالات
الإجرام الروسي والطفولة الأوكرانية..حسين الراوي
تابعونا عبر فيسبوك
تابعونا عبر تويتر
© Ukraine in Arabic, 2018. All Rights Reserved.