أوكرانيا بالعربية | يا عطوان .. إياك والدولة المصرية... بقلم حسن زايد
كييف/أوكرانيا بالعربية/نشر السيد عبد الباري عطوان رئيس تحرير القدس العربي سابقاً مقالا بجريدة أوكرانيا بالعربية التي تصدر من كييف مقالاً تحت عنوان : "مرسي سيحاكم بتهمة افشاء اسرار مصر العسكرية لحماس والتخابر معها.. ارجوكم احترموا عقول شعبكم قبل عقولنا!" فيه من الغمز واللمز ما يدفع به خارج نطاق الموضوعية التي يجب أن يتسم بها التحليل السياسي، ويخرج بالسيد عطوان من إطار المحلل السياسي إلي إطار المُحلل الذي يُستجلب لإنقاذ الحياة الزوجية بين مطلقين طلاقاً بائناً.
دعك من غمزه للسياسيين المعارضين للإخوان ، فهذا أمر يمكن قبوله في إطار الخلاف السياسي في وجهات النظر ، أما أن يغمز القضاء المصري والنيابة العامة المصرية لمجرد اتخاذ الإجراءات القانونية العادية ـ وليست الإستثنائية ـ ضد من ثبت لدي النيابة العامة من خلال المستندات والأدلة وشهادة الشهود المقدمة في قضية تخابر، والتي كيفتها باعتبارها جريمة مكتملة الأركان ، لذا حركت فيها الدعوي العمومية بموجب الصلاحيات القانونية المخولة لها ،أن يغمز القضاء والنيابة في ذلك فهو في عرف القانون جريمة معاقب عليها لأنه بذلك يؤثر علي مجريات العدالة ويقدح في حيدة القضاء .
ولذا فإنه من المباح أن يقال له كف أنفك وازدرد سمومك والزم حدودك وتعلم الأدب حين تتكلم عن مصر وشعبها وقضاءها . فماذا قال السيد / عطوان .. فض فوه ؟ ، قال : " لكن ان يتم اقحام القضاء المصري في هذا الخلاف السياسي الاستئصالي المحض فهذا امر لا يستقيم مع العقل او المنطق، ويتعارض كليا مع تطلعات معظم ابناء مصر لترسيخ العدالة وتأكيد الفصل بين السلطات وتعميق استقلالية المؤسسة القضائية التي حافظت لعقود على نزاهتها ". وينطوي هذا علي إيحاء مسبق بأن القضية سياسية ، وهو ما يجافي الواقع ، لأن القضاء المصري الذي حاول مرسي وإخوانه تطويعه ترغيباً وترهيباً لخدمة الجماعة كبديل للدولة المصرية وقف القضاء في مواجهته ومواجهة إرهابه وعنته وقوف الجبل الأشم الذي لا يرغب في ذهب المعز ، ولا يرهب سيفه ، ولا ينسي السيد عطوان أن قضية التخابر تلك هي الإمتداد الطبيعي لقضية الهروب الكبير من سجن وادي النطرون الذي هاتف مرسي من أمامه قناة الجزيرة بتليفون الثريا ، وقد كانت هذه القضية منظورة في عهد مرسي ، وصدر فيها قرار الإحالة للنيابة للتحقيق واستكمال التحريات ، وقد استكملت التحريات بمعرفة الشهيد / محمود مبروك الذي اغتالته يد الغدر الإخوانية ظناً منهم أنه بتصفيته يتم إنهاء القضية ، صدرت أوامر الغدر : " أقتلوا الشاهد " . وقد قبض علي أحد القتلة وسيقدم للمحاكمة .
ثم يواصل عطوان ترهاته بقوله ساخراً : "لا نعرف متى تخابر هؤلاء مع "امبراطورية" حماس هذه "وأجيبه بأن التخابر وقع ياسيد عطوان قبيل ثورة 25 يناير ، حيث جرت الإتصالات بين الإخوان وفرعهم في غزة والتي علي ضوئها قامت حركة حماس بإقتحام الحدود المصرية بسيارات دفع رباعي مدججة بالأسلحة مهاجمة كل نقاط التواجد الشرطي في سيناء الشمالية وصولاً إلي الدلتا لتنفيذ مخطط الهروب الكبير ، بمهاجمة أقسام الشرطة ومقار مباحث أمن الدولة والسجون المصرية بالتنسيق مع الخونة بالداخل .
وقد صدر في هذه القضية حكماً كما أسلفت في عهد مرسي العياط . ويواصل السيد عطوان تهجمه علي مصر بسخرية غير مقبولة من أمثاله حين يقول : " ثم ما هي الاسرار التي تتعلق بالامن القومي المصري وجرى تسريبها الى حركة "حماس"، اسرار القنبلة النووية المصرية مثلا؟، ام خطط الهجوم التي اعدتها هيئة اركان الجيش المصري لتدمير سد النهضة الاثيوبي الذي يمكن ان يهدد بناؤه حياة ملايين من ابناء مصر، ام ان هذه الاسرار تتعلق بهيئة التصنيع الحربي المصري التي يرأسها حاليا الفريق اول عبد العزيز سيف الذي يحظى باحترام كبير في القوات المسلحة ". ياهذا .. لا يدفعك جهلك بالخوض في أمور كهذه ، يكفيك أن تضغط علي مفتاح البحث علي جهاز الحاسب خاصتك متسائلاً عن ماهية الأمن القومي لأي بلد .. وستجد الإجابة . أما مصر فهي التي تحدد ماذا تصنع وكيف تتصرف وعلي أي نحو ، وليس من أمثالك تؤخذ النصيحة .
أما الإستهبال العطواني ـ منهبل : فقد التمييز والتفكير الرصين ـ فيتجلي في قوله : "نزيدكم من الشعر بيتا ونقول ان المخابرات المصرية العامة كانت الجهة التي "تتخابر" مع حركة "حماس" وكل الحركات الفلسطينية الاخرى، بما في ذلك الجهاد الاسلامي، وبتفويض رسمي من الحكومة ومع ذلك لم نر ضابطا فيها يقدم الى المحاكمة بتهمة "التخابر" هذه ". هو يتكلم بالقطع عن فترة مبارك ، وقد ذكر ذلك في مقاله ، وذكر أن مصر استضافت كل قيادات حماس في عهده ، وأنها لم تدمر نفقاً ، ومع ذلك لم يحاكم بتهمة التخابر . ونرد علي هذا الكلام الأخرق بأن مبارك عندما كان يفعل ذلك كان يفعله من باب الرعاية التي تقدمها مصر الدولة ذات السيادة لأشقاءها في فلسطين الدولة المجاورة .
أما أن تتحرك حماس باعتبارها جزء عضوي من جماعة اعتلت حكم مصر في ظرف أغبر ، وتخترق الحدود ، وتقتل المصريين ، وتحيك المؤامرات ضد أمن مصر واستقلالها وسلامة أراضيها ووحدة شعبها ، فتلك هي الخيانة بعينها ،فكما أن الوطنية ليست وجهة نظر ، كذلك الخيانة ليست وجهة نظر . أن ينطلق الإرهابيون من قطاع غزة وعبر الأنفاق لمقاتلة جيش مصر وشرطتها وتنفيذ الأعمال الإرهابية بطول مصر وعرضها ، وأن يستعرضوا قواتهم ، ويعلنوا انحيازهم للإخوان علي نحو فج وسافر فذلك يمثل إعلانا للحرب يستهدف اسقاط الدولة المصرية . وما كان يفعله مرسي مع حماس لم يكن تعاطفاً إنسانياً وإنما كان تواطؤًا علي الدولة المصرية ، وما تفعله السلطة الحالية ليس انتقاما من الشعب الفلسطيني علي نحو ما تروج له بصورة إرتزاقية مفهومة ، وإنما هو في إطار الحفاظ علي أمن مصر واستقرارها واسترداد عافيتها المنهكة .
أما قولك بأن التهم الموجهة لمرسي وعصابته سياسية وليست جنائية ، فهذا أمر لا يخصك ، وإنما يخص القضاء المصري والشعب المصري الذين لا يقبلون الوصاية منك أو ولا من غيرك كبر شأنهأو صغر فيما . وبالمناسبة لا تزايد علي حب مصر وشعبها لأبناء فلسطين لا سابقاً ولا حالاً ولا استفبالاً ، وادخر دموعك لمن تنطلي عليهم .
حسن زايد
كاتب عربي ومدير عام
المصدر: أوكرانيا بالعربية