أوكرانيا بالعربية | هل تشهد أوكرانيا الاستقلال مرتين؟... بقلم منعم الزهيري
كييف/أوكرانيا بالعربية/يقول الفيلسوف والمفكر والكاب ىالفرنسي جان جاك روسو "لا حرية دون مسؤولية" ... فيوم 24 آب/أغسطس 1991 لن ينساه الاوكران مهما كانت الظروف انه يوم الاستقلال عن الاتحاد السوفيتي لتصبح أوكرانيا دولة مستقله.
أوكرانيا ومنذ استقلالها كانت وما زالت تتعرض الى النكبات ( سواء كانت اقتصادية او سياسية ) ولكن سرعان ما تتجاوزها بسرعة وتنهض . فقد عاشت اوكرانيا ومنذ القدم الكثير من الازمات والمشاكل والحروب وفقدان للثقافة ومحاولات عديدة لطمس التراث والوجود الاوكراني ( وخصوصا في ضل الاستعمار الروسي والبولندي ). و بغض النظر عن التاريخ الأوكراني المأساوي، فقد تمكنت أوكرانيا من الحصول على ثقافتها الأصلية . و في القرن السادس عشر ظهرت في أوكرانيا لأول مرة طباعة الكتب والمجلات و المنشأة الدراسية العليا أكاديمية كييف (موهيلا) التي كانت فريدة من نوعها، ليس فقط في أوكرانيا، بل في أوروبا الشرقية كلها، والتي برز دورها في مطلع القرن السابع عشر الميلادي. واستطاع الشعب الاوكراني ان يستعيد هويته المسلوبة والمغتصبة ويكافح من جديد من اجل حياة مع كرامة في ظل وطنهم الاوحد .
واستطاعتاراس تشيفشينكو الذي جعل الأدب الأوكراني يضاهي الأدب العالمي، و كان أيضا من أشهر المقاومين ضد الاستغلال و ظلم الناس في القرن التاسع عشر. وبعد استقلال اوكرانيا عن الاتحاد السوفيتي . كانت اوكرانيا محل تجاذبات سياسية وصراعات اقليمية ودولية لما تمتلكه اوكرانيا من اهمية استراتيجية بالنسبة لروسيا الاتحادية من جهة والى الاتحاد الاوربي من جهة اخرى وكان محور هذا الصراع هو محاولة ضم اوكرانيا الى الاتحاد الاوربي وسلخها عن الاتحاد الروسي والهيمنة الروسية . مما مهد الى حدوث الكثير من التغيرات في الخارطة السياسية الاوكرانية وقيام ثورات وعصيان ومظاهرات نتيجة انقسام الشارع الاوكراني بين المؤيد للانظمام الى الاتحاد الاوربي وبين معارض له ( المؤيد على الحفاظ على العلاقة المتينة مع الجارة روسيا ) ولكن اليوم هذا الانقسام على ما يبدو تحول من شعارات وافكار ورغبات الى مواجهات على كافه الاصعدة ومنها العسكرية . مما ادى الى تغير النظام الحاكم في كييف ( الذي كان مواليا لروسيا ) ونتيجة لهذا نشأة حركة الانفصال في الشرق الرافض لسلطات كييف الجديدة وبهدف الانظمام الى حضن الدب الروسي .
ومن جهتها روسيا تمارس الضغوط على الاوكران وبكافه الوسائل ( سياسيا واقتصاديا واجتماعيا ) واخيرا عسكريا بدعم الانفصاليين في الشرق بهدف اجبار الاوكران عن العزوف بالاتجاه نحو الغرب والبقاء في ضل التبعية الروسية .
ولكن اغلب الشعب الاوكراني قد عبر عن رغبته برفض الهيمنة الروسية ( على حساب الهوية الاوكرانية ) وكأن لسان حالهم يقول ما عبر عنه المثل الانكليزي الشهير ( ان تموت جوعا وانت حر خير من ان تعيش عبدا وانت سمين )
اليوم تعيش اوكرانيا اصعب الظروف وعلى كافة الاصعدة . ركود في الاقتصاد مع استمرار انهيار العملة ( الكرفنه) وارتفاع الاسعار ومنها الغاز الروسي ( الذي كانت روسيا تمد به اوكرانيا مع اسعار بخسة . وهو السيف المسلط دائما على رقاب الشعب الاوكراني ). وتمزق النسيج الاجتماعي بين الشعب الاوكراني . اضافة الى ضم اقليم القرم الى روسيا .
وصولا الى حرب عسكرية يخوضها الجيش الاوكراني في مناطق الشرق ضد الانفصالين في مقاطعتي لوغانسك ودونسك اللتان اعلنا الانفصال عن اوكرانيا واعلان الاستقلال ومن طرف واحد .
وفي ظل كل هذه الظروف الجميع يترقب الاحتفالات يوم 24 من آب/أغسطس، بيوم الاستقلال وما يمكن ان ينتج عنه من قرارات حاسمة ( قرارات سياسية او عسكرية ) تقود البلاد الى استقلال جديد ( من الشرق الى الغرب ) واعلان توقف العمليات العسكرية و القضاء على الانفصالين . او اننا قد نشهد استقلال جديد اخر في اوكرانيا ينتج عنها انفصال الشرق وولادة دولة ( نوفوروسيا ) . وفي كلا الحالتين سوف يدفع الاوكران ( وحدهم لا غيرهم ) ثمنا باهظا (ان طريق الاستقلال يجب ان تمهده الدماء .غاندي )
الكل في حالة ترقب وانتظار
المحامي منعم الزهيري
محامي وباحث في العلاقات
القانونية الدولية في أوكرانيا
المصدر: أوكرانيا بالعربية