أوكرانيا بالعربية | فكر التطرف وتربية النشئ... بقلم هيام محي الدين

16.04.2014 - 03:00 #هيام محي الدين
نجحت الجماعات المتطرفة عبر السنوات انهار فيها مستوى التعليم وتدني فيها الاهتمام بثقافة التنوير في اجتذاب أجيال من الشباب إلى اعتناق فكرها المتطرف مستغلة الخواء الثقافي وتقليدية المناهج التعليمية التي تعتمد على الاستظهار والحفظ ولا تهتم بالتفكير والفهم ؛ فنشأت أجيال من الشباب امتلأت عقولها بفكر ضال مضلل في فهم العالم حوله وفي معرفة الأسس الفكرية والثقافية والاجتماعية التي يقوم عليها عالمنا المعاصر ، ويسير على أساسها في تطوير نموه

كييف/أوكرانيا بالعربية/نجحت الجماعات المتطرفة عبر السنوات انهار فيها مستوى التعليم وتدني فيها الاهتمام بثقافة التنوير في اجتذاب أجيال من الشباب إلى اعتناق فكرها المتطرف مستغلة الخواء الثقافي وتقليدية المناهج التعليمية التي تعتمد على الاستظهار والحفظ ولا تهتم بالتفكير والفهم ؛ فنشأت أجيال من الشباب امتلأت عقولها بفكر ضال مضلل في فهم العالم حوله وفي معرفة الأسس الفكرية والثقافية والاجتماعية التي يقوم عليها عالمنا المعاصر ، ويسير على أساسها في تطوير نموه الحضاري ؛ فحصروا الشباب في فكر فقهي مر عليه ألف عام ، واكتسب قداسة زائفة كأنه جزء من الوحي ؛ واختاروا منه أشد آرائه تطرفا وأكثرها بعداً عن العصر وعن العقل ؛ لكي ينمو جيل يعطل خلايا التفكير ويؤصل عملية التلقين التي تلغي العقلية النقدية الخلاقة التي تشكل العمود الفقري للتقدم الإنساني ؛ فأصبح شبابنا الذي عومل تعليميا وثقافيا تحت هذه الظروف آلة للتدمير والهدم ومثالاً للغباء والجهل لا يقبل الرأي الآخر ولا يستطيع التفكير المستقل ويقدس شيوخه الضالين ويعتبر فكرهم المنحرف وحيا منزلا من السماء ويكفر من لا يتبعه أو حتى من يناقشه في مدى صحته وتعبيره عن صحيح الدين فدعا لمخلوق وألَّه زائلاً وارتد في ظلم العصور القهقري ؛ لنجد مجتمعاً منغلقاً على فكر تجاوزته البشرية منذ قرون – بعضهم يؤكد أن الأرض مسطحة وينكر قانون الجاذبية – مما يؤكد فشل المناهج التعليمية حتى في أساسيات علوم الكون بل زاد الطين بلة أن طائفة من المعلمين تم غسل أمخاخهم بفكر تيار التأسلم المتطرف فأصبحوا دعاة له بين تلاميذهم بل وصل ذلك الفكر المتطرف إلى بعض أساتذة الجامعة مما أسهم في انتشار بين الصغار والشباب في المدارس والجامعات ، وحتى داخل بعض الأسر نجد أن التربية التي يهتم الآباء فيها بغرس عقائد الدين وعباداته تحولت إلى استخدام أساليب التلقين والإلزام دون أساليب التفكير والإقناع فانتشرت ظاهرة تحفيظ الأطفال في سن مبكرة للقرآن الكريم دون فهم أو إدراك للمقصود الإلهي من النص أو الإعجاز اللغوي فيه فيصبح ترديد الآيات ببغائيا هو الهدف الأسمى من عملية التحفيظ وأقيمت المسابقات على أساس الحفظ فقط دون مراعاة للمرحلة السنية أو العقلية وتم إهمال غرس القيم الدينية الأخلاقية والسلوكية اكتفاء بمظاهر اللحية والحجاب والنقاب وأداء العبادات ظاهريا وتسميع الآيات بلا فهم ولا تطبيق  ، فليس في مناهج هذا الفكر المسطح ذم للكذب ولا حث على الصدق أو نهي عن الخيانة وتأصيل للأمانة أو بغض للظلم وحب للعدل كما أنها تعادي حرية التفكير وتكرس لعبودية الاتباع ؛ ويتسم هذا الفكر المنغلق بإصدار سيل من الفتاوى التي تكفر المجتمع وتحل العنف وتشجع على التخريب مما يحول مواجهته إلى مواجهة أمنية تقوم على أسلوب الردع بوسائل الأمن ولا تناضل بأسلوب العقل بوسائل الفكر ؛ لأن فكرهم بطبيعته غير المنطقية لا يصمد أمام المنطق والحقائق العقائدية والدينية ويعرفون عن يقين أن أي صراع فكري يعتمد على الحقائق والمنطق العلمي والعقلي سيخرجون منه خاسرين ؛ لذلك يتجنبون ما أمكنهم الدخول في مواجهات فكرية أو عقائدية بل ويقنعون أتباعهم بذلك ويؤكدون عليهم عدم الاستماع إلى أي فكر واتهام معارضيهم بالكفر والخروج على الدين لينفروا الشباب منهم ويبعدوه عن الاستماع إليهم.

فنحن نواجه فكرا شديد الانغلاق والتخلف لا يتورع عن استخدام أحط الوسائل في صراعه ضد التقدم والفكر وقد تغلغل كثير من نشطائه في مؤسسات هامة وخطيرة كالمدارس والجامعات والمؤسسات الشبابية والرياضية وجمعيات المجتمع المدني تحت ستار الدعوة إلى الدين والتي تخلو عندهم من الدعوة إلى مكارم الأخلاق التي بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم ليتممها فقال: بعثت لأتمم مكارم الأخلاق فنحن أمام صراع بين فكر التنوير والتقدم وانغلاق التخلف والظلام ؛ وعلينا أن نقوم بعمل تنويري شامل يكشف هذا الفكر ويبين تخلفه وزيف تعبيره عن حقيقة الإسلام الذي هو دين العلم والتفكير والتقدم والحرية وليس دين الانغلاق والتخلف والرجعية ونبين لهم أن الإسلام لا يلزمنا باتباع آراء فقهية ربما كانت صالحة لزمانها ولكنها لا تتسق ولا تصلح لزماننا ، كما أن مفهوم النص الديني لديهم ليس أيضا ملزما لنا في ضوء التقدم العلمي والحضاري الهائل الذي حققته البشرية في العصر الحاضر نعم إن النص الديني ثابت ولكن فهمه البشري متغير وعظمة النص الديني الثابت في الإسلام أنه يمكن فهمه بما يلاؤم كل تقدم يحققه البشر ؛ وهذه حقيقة ثابتة في النص القرآني الذي أذهل إعجازه اللغوي والعلمي والعقائدي البشرية منذ نزوله على محمد صلى اله عليه وسلم حتى اليوم ، إن تقدمنا وخروجنا من مشكلاتنا الحالية مرهون بقدرتنا على محاربة هذا الفكر المنغلق وكشف زيفه وبعده عن حقيقة الدين وهذا واجب العلماء المستنيرين والإعلام المتفتح ومؤسسات المجتمع الفكرية والثقافية علينا أن نخبرهم على الإتيان لحلبة النقاش العلمي ؛ وأن نمنعهم من إفساد عقول أبنائنا وعقيدتهم بكل ما نملك من علم وفكر وعقيدة ووطنية.


 هيام فوزى محى الدين كاتبة و صحفية وإعلامية مصرية 

رئيسة تحرير جريدة  شبكة أخبار المشاهد المصرى الإلكترونية


المصدر: أوكرانيا بالعربية


مشاركة هذا المنشور:
الأخبار الرئيسية
صحف عالمية
بريطانيا تعرب عن استعدادها لتحويل أكثر من 10 مليارات دولار من الأصول الروسية المجمدة إلى أوكرانيا
صحيفة التايمز: هذا المبلغ قد يغطي أكثر من ثلثي الاحتياجات المالية لأوكرانيا للعامين المقبلين، بغض النظر عما إذا استمرت الحرب أو بدأت إعادة الإعمار في حال التوصل إلى تسوية سلمية.
سياسة
وزيرا دفاع أوكرانيا وسلوفينيا يبحثان سبل تطوير التعاون وتبادل الخبرات
وزير دفاع سلوفينيا يزور كييف
سياسة
رئيس أوكرانيا ورئيس المجلس الأوروبي يناقشان مسار المفاوضات
زيلينسكي يجري محاثة هاتفية مع رئيس المجلس الأوروبي
أخبار أخرى في هذا الباب
آراء ومقالات
خبراء غربيون يحددون الشرط الوحيد لإنهاء الحرب في أوكرانيا
يقول هيربست إن التنازلات التي تقدمها الولايات المتحدة الأمريكية للكرملين من أجل تأمين اتفاق سلام لا تؤدي إلا إلى دفع بوتين إلى مزيد من الحرب
آراء ومقالات
خبير كندي: روسيا تختبر عمداً الخطوط الحمراء لحلف شمال الأطلسي
الخبير الكندي: موسكو تتحدى الحلف باختراق الأجواء البولندية لقياس رد فعله وتتحدى ضبط النفس لدى الحلف
آراء ومقالات
بوليتيكو: البيت الأبيض يدرس إمكانية عقد محادثات سلام بين زيلينسكي وبوتين في بودابست
يخطط البيت الأبيض لعقد اجتماع ثلاثي محتمل بين رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا وأوكرانيا في بودابست. ويستعد جهاز الخدمة السرية الأمريكي للقمة، مع أن مكانها النهائي قد يتغير
تابعونا عبر فيسبوك
تابعونا عبر تويتر
© Ukraine in Arabic, 2018. All Rights Reserved.