أوكرانيا بالعربية | فجر يوم جديد... بقلم هشام عبده

20.03.2014 - 19:00 #هشام عبده
مع تقدم الزمان يقدم الإنسان ، فينتهي جيل ويأتي جيل وهذه هي سنة الحياة ، وكل جيل له افكاره واراءه واساليبه التي يحاول تطبيقها في الزمن الذي يعيشه فيحدث عند ذلك صراع الاجيال ، جيل الحاضر والذي يمثله الشباب وجيل الماضي والذي يمثله الشيوخ . جيل الشيوخ يرفض تسليم راية الحياة للجيل الذي بعده فيرى انه هو الاجدر بالاستمرار على حمل الراية فله من التجارب ماتكفيه بان يقود مسيرة الحباة بنجاح ، لا الجيل الذي ياتي بعده والذي حسب اعتقاده بانه قليل التجربة وتغلب عليه العاطفة ولذلك يكون عير مؤهل لقيادة الحياة .

كييف/أوكرانيا بالعربية/مع تقدم  الزمان يقدم الإنسان ، فينتهي جيل ويأتي جيل وهذه هي سنة الحياة ، وكل جيل له افكاره واراءه واساليبه التي يحاول تطبيقها في الزمن الذي يعيشه فيحدث عند ذلك صراع الاجيال ، جيل الحاضر والذي يمثله الشباب وجيل الماضي والذي يمثله  الشيوخ .

جيل الشيوخ يرفض تسليم راية الحياة للجيل الذي بعده فيرى انه هو الاجدر بالاستمرار على حمل الراية فله من التجارب ماتكفيه بان يقود مسيرة الحباة بنجاح ، لا الجيل الذي ياتي بعده والذي حسب اعتقاده بانه قليل التجربة وتغلب عليه العاطفة ولذلك يكون عير مؤهل لقيادة الحياة .

اما جيل الحاضر والمتمثل بالشباب فهؤلاء مؤمنون ان هذه الزمان هو زمنهم وهم الاجدر بقيادته بعيدا عن كل كلاسيكية تقيد خطواتهم وابداعاتهم وافكارهم ومجددين كل كلاسيكية تمتلك بعضا من روح التجديد ، والصراع مستمر مع استمرار الحياة وتقدمها   ولاتوجد نهاية حاسمة له .

يمتد تاريخ الإنسانية إلى أكثر من مليون سنة، غير أن تاريخها الثقافى والحضارى لا يزيد على أثنى عشر ألف عام ، وتشير الدراسات التاريخية الخاصة بتطور الإنسان إلى أن العلاقة بين الشباب والشيوخ كانت منذ الأزل علاقة صراع وصدام ، فبينما كانت الأمهات يلقن صغارهن تقاليد الخوف من الرجل المسن (الاب والجد وغيره)، ويحثون على ضرورة احترامه ، كان الشيوخ يشعرون بالقلق والتوجس من جموع الشباب وطموحاته، وغالبا ما كانوا ينتظرون الفرصة لكى يتخلصوا من أكثر الشباب الذين يهددون سلطتهم ونفوذهم.

وفى الزمان السحيق كان من السهل على الشيوخ إقناع الجماعة بأن الكوارث والنوائب التى تقع عليهم إنما هى نتاج غضب الإلهة، وبوصفهم أكثر أعضاء الجماعة قدرة على مخاطبتها وتهدئة ثورتها، فقد كان الشيوخ يزعمون أن الآلهة تطلب نفى أو قتل هذا الشاب أو ذاك، أو تقديمه قربانا مقابل عودة الأمور إلى طبيعتها، وبالطبع كان الشباب المعرضون للقتل أو النفى هم العناصر التى تعلن تمردها على الشيوخ والقطيع .

ومع تقدم الإنسانية خطوات واسعة فى اتجاه التحضر والرقى، اختفت طقوس القتل المتبادل بين الشيوخ والشباب لتحل محلها مناورات الجانبين من أجل إثبات الوجود وتعظيم دور كل جانب فى المجتمع على حساب الجانب الأخر، وقد ظل الشيوخ يزعمون أنهم الأكثر ذكاء وحكمة وخبرة، ومن ثم فمن حقهم تولى السلطة السياسية والدينية وإبعاد الشباب عنها، فيما بقت مجالات الحرب والرياضة والموسيقى هى المجالات الأنسب للشباب والتى من خلالها يعلنون عن وجودهم وعن تمردهم على سلطة الشيوخ وعلى أفكارهم الجامدة .

وقد ظل صراع الأجيال على مدى معظم التاريخ الإنسانى دالة فى الفروق العمرية، غير أن الأمور قد تغيرت قليلا منذ أن بدأت ملامح التغيير فى كل مناحى الحياة تتسارع، فعامل السن كان وما يزال هو الشرط الضروري لصراع الأجيال، ولكنه يظل شرطا غير كاف بمفرده لإظهار هذا الصراع، ومن ثم فإن الشرط الثانى والأهم لصراع الأجيال هو معدل التغيير داخل المجتمع، بمعنى أنه بدون ارتفاع معدلات التغيير في الأحداث السياسية والاقتصادية والاجتماعية لا يمكن لصراع الأجيال أن يظهر أو أن يكون على الأقل ملموسا ومحسوسا، والعكس بالعكس ولكن سرعة تغيير أوجه الحياة على الأرض أدت إلى ازدياد صعوبة فهم الإنسان لما يجرى من حوله، وربما بسبب هذه الصعوبة كان الإنسان القديم حريصا على ابتكار آليات معينة ظن أنها تكفل له تثبيت العالم وعدم تغيره، فقد استغل الشيوخ ثالث آليات أو أفكار لتحقيق هذا الهدف، فكان استخدامهم للـ "الدين" الذى جعل لحياة الإنسان بداية ونهاية ثم بداية جديدة فى العالم الآخر، وفكرة "الزمان الدائرى" التى جعلت فكرة الدين مقبولة عقليا، ثم فكرة طبع الابن بطابع أبيه وجعله صورة طبق الأصل منه للتغلب على فكرة الموت بصورة مادية ملموسة ، وهذا الذى اصبح يعرف بالمثل المشهور لدينا بـ "إللى خلف ما متش"، أى أن الإنجاب وتوريث صفات الأب لابن حتى فى اختياراته الحياتية ، هو فى حد ذاته نوع من أنواع مقاومة التغيير الذى مازال يحمل معنى الموت والانحلال والتلاشى .

لقد لعبت هذه الأفكار أو الآليات الثالث دورا هاما، فى مقاومة تغيير حياة الإنسان، وبالتالى منعت في الواقع صراع الأجيال أو قلصته إلى حدوده الدنيا، غير أنه خلال الثلاث قرون الماضية ، أخذت هذه الأفكار الثالث فى التداعى واحدة وراء الأخرى، فاستغلال "الدين" فى غير أغراضه واجهته حركات إصلاح قلصت من هذا الاستغلال الذى يؤثر على عقول الناس، وجاءت الثورة الصناعية فى القرن السابع عشر لتدمر المجتمع الإقطاع الذى قام على الأسرة المقولبة التى كان فيها الابن يشبه أبيه، وأتاحت هذه الثورة تفكيك هذه الأسرة ووحدات بناء المجتمع التقليدى مثل العشيرة والقبيلة، وبفضل هذا التطور، تحرر الشباب لا من سلطة الأب بالمعنى المباشر فقط، بل من السلطة الأبوية بشكل عام .

لقد أصبح التغيير أمرا واقعا ومعترفا به، ولكن المشكلة أن معدلات التغيير كانت أخذة فى الزيادة باستمرار، بحيث يمكن القول بأن النصف الثانى من القرن العشرين قد تميز بأعلى معدلات للتغيير فى كافة جوانب الحياة بالقياس بالمعدلات نفسها فى أى فترة سابقة لكل ذلك كان من الطبيعى أن يصبح صراع الأجيال أمرا محسوسا وملموسا بأكثر من ذى قبل .

بالرغم من أن النظام العائلي التقليدي والأبوي تعرض لتغيرات أساسية بسبب التغيرات البنيوية في بعض المجتمعات العربية فان دور الأب لا يزال يقترن بالطاعة والعقاب والسلطة والحزم من خلال علاقة وصاية واضطهاد وإحباط لا تعطي للشباب مجال لتحقيق استقلاله الذاتي وعلى الأخص بالنسبة للإناث ، ومع أن هناك تصادم بين جيل الشباب الجديد و آبائهم للاعتراف بحقوق المساواة والمشاركة إلا أن الصورة الغالبة حتى في المجتمعات التي حققت تقدماً في هذا المجال لا تزال مسيطرة عليها النوع الأبوي الذي يتميز بسلطة الأب المطلقة .

وتصبح هنا إرادة تحطيم قيم الواقع الاجتماعي ضرورة وجودية لتحقيق الشباب لأنفسهم و إثبات وجودهم و التعبير عن حاجاتهم ومتطلباتها وحماية هذه الذات من خطر الاستسلام والتقوقع في القوالب التقليدية و النظم البالية .

ولعل تزايد المسافة الاجتماعية بين جيل الكبار الذين يشكلون ثقافة خاصة بهم والتي من ابرز سماتها المحافظة والتقليدية ، وجيل الشباب الذين يشكلون ثقافة خاصة بهم والتي من ابرز صفاتها الحرية والتمرد والثورة على الأهل والمجتمع والحيوية والديناميكية والبحث عن كل جديد أدت بطريقة ما إلى تزايد حدة الصراع الاجتماعي والثقافي والقيمي على وجه الخصوص لدى الشباب .

وجيل الشباب الجديد متعلم متنور مندفع مخاطر ، لذلك من واجب الأجيال السابقة التي تتحكم بالأمور وتوجهها أن تكف وتتنحى جانبا وتفسح المجال للشباب في توجيه شؤونهم وأمورهم التى هم ادرى بها ،وتعترف بحقهم فى تحديد وتقرير ما يريدون وهذا  ما يطلبه شباب اليوم .

نعم للقديم احترامه وتقديره ، ولكن للجديد بريقه ولمعانه وأهميته والشباب روح الأمة الوثابة وشعلتها المضيئة وحيويتها الدافقة ،أنهم الشريحة الفعالة في الوطن وهم عموده الفقري وجهازه العضلي ، ولا يمكن نجاح أي شئ ما لم يقم على أساس حماسة الشباب وقوتهم .

لذلك يجب على أصحاب العقل والهمة من الشباب أن يصمدوا ويستمروا فى بذل كل جهد فى سبيل تحررهم ، ويعملوا على تبديل أفكار مجتمعهم وعالمهم المتخلف حتى يغيرون مجرى الحياة بتضحياتهم ونضالهم ، فهم القلة التي تنقذ الموقف وهم الصفوة التي تنقذ الأمة من الوهن والإحباط ..


هشام عبده

كاتب عربي مصري

المصدر: أوكرانيا بالعربية


مشاركة هذا المنشور:
الأخبار الرئيسية
سياسة
زيلينسكي يبحث مع رئيس فنلندا التعاون في بناء الملاجئ في أوكرانيا
سياسة
إيطاليا تعارض استخدام أسلحتها خارج حدود أوكرانيا
سياسة
أمريكا وأوكرانيا تستعدان لإبرام اتفاقية أمنية ثنائية
أخبار أخرى في هذا الباب
آراء ومقالات
عن النصر والخوف والمعارضة...بقلم رئيس حركة "الأخوية القتالية الأوكرانية" بافلو جيربيفسكي
آراء ومقالات
الفساد العظيم الذي ضيّع أوكرانيا!..حسين الراوي
آراء ومقالات
الإجرام الروسي والطفولة الأوكرانية..حسين الراوي
تابعونا عبر فيسبوك
تابعونا عبر تويتر
© Ukraine in Arabic, 2018. All Rights Reserved.