أوكرانيا بالعربية | فـي المـســــألـة الـســــــوريـة... بقلم حسن زايد

في مؤتمر القمة العربية في شرم الشيخ ، والذي انعقد مؤخراً ، تلاحظ وجود مقعد خالي ، مرفوعاً عليه العلم السوري بنجمتيه . وهذا يعني وجود الدولة السورية الرسمية بمقعدها ، وإن كان شاغراً ، وفي ذلك دلالة علي عدم توجيه مصر ـ الدولة المنظمة ـ الدعوة إلي نظام الأسد ، وفي ذات الوقت عدم توجيه الدعوة لقوي المعارضة ، لتحل بديلاً عن الأسد .

كييف/أوكرانيا بالعربية/في مؤتمر القمة العربية في شرم الشيخ ، والذي انعقد مؤخراً ، تلاحظ وجود مقعد خالي ، مرفوعاً عليه العلم السوري بنجمتيه . وهذا يعني وجود الدولة السورية الرسمية بمقعدها ، وإن كان شاغراً ، وفي ذلك دلالة علي عدم توجيه مصر ـ الدولة المنظمة ـ  الدعوة إلي نظام الأسد ، وفي ذات الوقت عدم توجيه الدعوة لقوي المعارضة ، لتحل بديلاً عن الأسد .

ووجود العلم السوري بنجمتيه فيه دلالة واضحة علي الإمتداد التاريخي للجمهورية العربية المتحدة بكل عبق الماضي وزخمه ، وفي ذات الوقت استشراف لحلم المستقبل في الإتحاد . ورغم أن الملف السوري لايقل أهمية عن ملف اليمن ، إلا أنه لم يجر اتخاذ أي قرار بشأن الملف . وهذا يعكس وجود تباين في المواقف العربية بشأنه ، وهو تباين من الإتساع بحيث أنه استعصي علي ردم هوته ، أو التقريب بين طرفيه . وقد ظهر هذا التباين جلياً في كلمات رؤساء الوفود ، وعلي رأسهم العاهل السعودي من جانب ، والموقف المصري من جانب آخر . وهو تباين في الأولويات ، وليس تباين في الإستراتيجيات .

فالسعودية تري استحالة أن يكون الأسد جزءاً من حلحلة الملف السوري في اتجاه الحل ، وهذا يقتضي إزاحته من السلطة أولاً ، وهذا يعني علي الأرض استمرار اعتماد الحل العسكري حتي اسقاط النظام . بينما تري مصر إعتماد الحل السياسي ، بديلاً عن الحل العسكري ، سبيلاً للخروج من الأزمة ، دون الوقوع في أسر خسارة سوريا كدولة . وهذا يعني علي الأرض أن يكون الأسد جزءاً من الحل ، من خلال مفاوضات تمهد لمرحلة انتقالية . وهذا الحل يحافظ علي وحدة الأراضي السورية كخيار استراتيجي للأمن القومي العربي من ناحية ، ويدفع بالشعوب العربية في اتجاه مواجهة الإرهاب ، والتخلص من مخاطر التقسيم والتفتيت من ناحية أخري . ويحقق للشعب السوري أهدافه ومراميه الثورية من ناحية ثالثة . أما انهيار الدولة السورية من خلال الحل العسكري ، فهو يمثل إهداراً لمقدرات الشعب السوري ، وتشريداً لأبناء الوطن الواحد ، وما يترتب عليه من تشوهات سياسية واجتماعية واقتصادية ، وصباً في روافد الإرهاب ومخططات التقسيم . ولعل الرئيس السيسي قد وجد المخرج لمعضلة تباين المواقف التي أشعلتها كلمة الرئيس بوتين للقمة ، ودفعت وزير الخارجية السعودي إلي مهاجمة الموقف الروسي من الملف السوري . وتمثل هذا المخرج في معادلة  بسيطة في معرض تعليقه علي كلمة وزير الخارجية السعودي بأن : "على جميع القادة العرب التأكيد على البحث عن حلول للأزمات الإقليمية فى إتصالاتهم باللاعبين الدوليين " . ونحن نقول بأنه لن يختلف أحد حول ديكتاتورية النظام السوري وفاشيته ، وأنه جدير بالإطاحة به سواء سياسياً أو من خلال ثورة شعبية .

وقد هبت رياح التغيير التي أصابت الدول العربية فيما يسمي ثورات الربيع العربي علي النظام السوري . ولن نختلف حول مدي ثورية هذا الربيع أو تآمريته ، ولكن الملاحظة الجديرة بالإعتبار هي أن هذه الثورات قد وقعت متعاقبة إلي حد ما ، وبنفس الآليات ، وأن جميعها نسخة كربونية متكررة ، وأنها قد وقعت لمصلحة فصيل بعينه ، قفز فوقها جميعاً دون استثناء ، وهو فصيل الإخوان ، تلك هي نتائج قراءة المشهد . ولكن اللافت في الثورة السورية ـ كما في الثورة الليبية ، والثورة اليمنية ـ أنها تحولت بفعل فاعل من ثورة شعبية سلمية إلي ثورة مليشيات مسلحة .  

فسقط النظام الليبي ، وسقط النظام اليمني  ، وعلي إثر ذلك ضاعت معالم الدولة الوطنية  ، وتوزعت الدولة بين مليشيات متصارعة .  وقد سبقت العراق دول الربيع العربي في الضياع . وانتقلت الثورات من ثورات محلية يقتصرآداءها علي آداء ثوار لديهم اهتمامات شعبية ، إلي نزاعات مسلحة تعكس منافسة دولية لإسقاط النظم ، وتفتيت الدول . وقد تبدت هذه المنافسة والتباري في المساعدة إلي حد إغداق الأموال ، وتدفق السلاح والعتاد ، والدعم اللوجستي من قوي إقليمية ودولية ، وهذا بالقطع ليس من أجل صيانة حقوق الإنسان وحمايتها ، والذود عن حياضها ، لأن حقوق الإنسان ـ في بقاع شتي من العالم ـ ولديهاـ  أيضاً ـ مهدرة ومنتهكة ، وما يعني هذه القوي تنفيذ أجندة معينة قد تخدم أهدافها ، أو أهداف قوي أخري تابعة لها ، علي حساب الإنسان وحقوقه .

وتعددت فصائل المقاومة بتعدد الأجندات يفرغ الفعل الثوري من معناه ، ومضمونه  ، ووقوع التناحر بين هذه الفصائل ، والإقتتال بالسلاح فيما بينها ، دلالة قاطعة علي تباين الأهداف . وفي تزاحم الأحداث ، وتواتر الوقائع يتعين علي القوي الثورية  الحقة ، الإنخراط في مراجعة المواقف ، وإعادة النظر في القناعات ، وإعادة توصيف الفعل الثوري ، وفقاً للأجندة الوطنية  المعتمدة منطلقاً للنشاط الثوري . خاصة بعد أن انكشفت لها الأدوار الدولية والإقليمية ، واضحة جلية . وليس من الوطنية في شيء التحصل بقوة السلاح علي ما يمكن الحصول عليه بالتفاوض .


حسن زايد 

كاتب مصري ومدير عام

المصدر: أوكرانيا بالعربية

مشاركة هذا المنشور:
الأخبار الرئيسية
سياسة
وزير خارجية بريطانيا يعارض إرسال قوات الناتو إلى أوكرانيا
سياسة
في ذكرى الأحداث المأساوية في أوديسا ..أوكرانيا ترد على المعلومات المضللة
سياسة
رئيس أوكرانيا يلتقي وزير خارجية بريطانيا في كييف
أخبار أخرى في هذا الباب
آراء ومقالات
عن النصر والخوف والمعارضة...بقلم رئيس حركة "الأخوية القتالية الأوكرانية" بافلو جيربيفسكي
آراء ومقالات
الفساد العظيم الذي ضيّع أوكرانيا!..حسين الراوي
آراء ومقالات
الإجرام الروسي والطفولة الأوكرانية..حسين الراوي
تابعونا عبر فيسبوك
تابعونا عبر تويتر
© Ukraine in Arabic, 2018. All Rights Reserved.