أوكرانيا بالعربية | دستورنا الجديد (3) الحقوق والواجبات العامة... بقلم هيام محي الدين
كييف/أوكرانيا بالعربية/يبدأ الباب الثالث من الدستور بالمادة 51 بعد أن تحددت صورة الدولة المصرية في الباب الأول في ست مواد والمقومات الأساسية للمجتمع اجتماعياً واقتصادياً وثقافياً في أربع وأربعين مادة من 51 إلى 93 ، تكفل كرامة الإنسان المصري كحق من حقوقه وتجرم التعذيب وتساوي بين المواطنين جميعاً أمام القانون وتجرم التمييز والحض على الكراهية وينص في المادة 53 على إنشاء مفوضية مستقلة بقانون للقضاء على التمييز ومقاومة الحصن على الكراهية لأول مرة في مصر وتنص المواد التالية على حرمة الحرية الشخصية وصيانتها وقصر أي قيد عليها على صدور أمر قضائي وحددت حقوق التظلم لمن تقيد حريته وحقوقه الأخرى في الدفاع وشروط الحبس الاحتياطي وتجريم المساس بكرامة المقيدة حريتهم بحكم قضائي ووضعهم في أماكن ملائمة إنسانياً ، وتعويضهم عن الخطأ في تقييد حريتهم وخضوع السجون للإشراف القضائي ، وتنص المادة 57 وما بعدها على حرمة الحياة الخاصة وحرمة وسائل الاتصال بكل أنواعها وعدم جواز التنصت عليها أو رقابتها إلا بأمر قضائي مسبب ، وتؤكد حرمة المنازل وعدم جواز اقتحامها أو دخولها في غير حالات الخطر أو الاستغاثة إلا بأمر قضائي ، كما تنص على حق الإنسان في الحياة الآمنة وحرمة الجسد البشري وتجريم العدوان عليه بأي صورة ؛ وأباحت المادة 61 التبرع بالأنسجة أو الأعضاء عن طريق إنشاء آلية لتنظيم قواعد التبرع بالأعضاء وزراعتها وفقاً للقانون ؛ وكفلت المادة 62 حقوق الإقامة والتنقل والهجرة ولا يجوز تقييدها إلا بحكم قضائي وحظرت المادة 63 التهجير القسري بكل صوره وأشكاله وجعلته جريمة لا تسقط بالتقادم وكفلت المواد التالية حرية الاعتقاد مطلقاً وحرية الرأي والفكر بكل وسائل التعبير وحرية البحث العلمي وألزمت الدولة برعاية الباحثين وحمايتهم كما كفلت حرية الإبداع الفني والأدبي وحظرت وقفها أو مصادرتها إلا عن طريق النيابة العامة ولا توقع على المدانين فيها عقوبة سالبة للحرية ، كما جعلت المادة 68 المعلومات والبيانات والإحصاءات والوثائق الرسمية ملكاً للشعب وتكفل الدولة الإفصاح عنها وتوفيرها للمواطنين بشفافية وأحالت ضوابط الحصول عليها أو اعتبارها سرية للقانون. والتزمت الدولة في المادة 69 بحماية حقوق الملكية الفكرية وقررت إنشاء جهاز يختص برعاية هذه الحقوق وتحدثت المواد 70 ، 71 ، 72 عن كفالة حرية الصحافة والإعلام أو إصدارها بمجرد الإخطار وأحالت إلى القانون تنظيم إجراءات إنشاء وتملك محطات البث المسموع والمرئي والصحف الإلكترونية وحظرت أي رقابة على الصحف ووسائل الإعلام المصرية أو مصادرتها أو إغلاقها أو وقفها ويستثنى من ذلك زمن الحرب ولا توقع عقوبة سالبة للحرية على المدانين في جرائم النشر عدا المتعلق منها بالتحريض على العنف أو التمييز بين المواطنين ، كما كفلت المواد التالية حق تنظيم الاجتماعات والمواكب والتظاهرات السلمية بمجرد الإخطار وكذلك تكوين الأحزاب السياسية وحظرت ممارسة أي نشاط سياسي على أساس ديني أو عنصري وكذلك كفلت حق تكوين الجمعيات والمؤسسات الأهلية وتكون لها شخصيتها الاعتبارية وحظرت حل الأحزاب أو الجمعيات إلا بحكم قضائي وأعطت الحق في إنشاء النقابات والاتحادات على أساس ديمقراطي ، وكفلت ممارسة نشاطها بحرية واستقلالها وحظرت حلها إلا بحكم قضائي ، وأحالت المادة 77 إلى القانون تنظيم إنشاء النقابات المهنية وكفلت استقلال وحظرت إنشاء أكثر من نقابة للمهنة الواحدة ، وكفلت المادتان 78 ، 79 حق السكن الملائم الآمن الصحي وحق المواطن في غذاء صحي كاف وماء نظيف وألزمت الدولة بوضع خطة شاملة لمواجهة مشكلة العشوائيات والحفاظ على التنوع البيولوجي الزراعي ونباتاته المحلية ، وتحدد المادة (80) حقوق الطفل المصري بداية من الحق في اسم وأوراق ثبوتية وحتى الحق في العمل على تحقيق المصلحة المثلى للطفل في كافة الإجراءات التي تتخذ حياله مروراً بالحق في التعليم والرعاية الصحية والتربية والأسرة والأطفال المعاقين منذ الميلاد وحتى بلوغ الثامنة عشرة ، وتأتي المادة الفريدة رقم 81 التي كفلت حقوق المعاقين والأقزام لأول مرة في دستور دولة وتوالت المواد التي تتحدث عن رعاية الشباب والمسنين وحق ممارسة الرياضة كحقوق تلتزم بها الدولة نحو هذه الفئات ثم واجبات المواطنين في الحفاظ على الأمن القومي والمشاركة في الحياة العامة والإدلاء بالرأي في الانتخابات ، ولم تنس المادة 88 رعاية مصالح المصريين في الخارج بنص دستوري يكفل لهم كافة حقوق المواطنة ، وحظرت المادة 89 كل صور العبودية والقهر والاتجار في البشر وجرمت كل ذلك ، وشجعت المادة 90 الوقف على أعمال الخير وضمنت استقلاله ، وحمت المادة 91 اللجوء السياسي وحظرت تسليم اللاجئين السياسيين وفي المادتين الأخيرتين تم حظر إصدار أي قانون يقيد الحقوق والحريات اللصيقة بشخص المواطن كما التزمت الدولة بالاتفاقيات والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان.
إن نظرة عامة للحقوق والتي كفلتها مواد هذا الباب للمواطن المصري تنبئ بوضوح أن الدستور المصري الجدير استحدث مجموعة من التفصيلات الواسعة للحقوق فلم يتحدث عنها بشكل عام بل اهتم بالنص على فئات محددة موضحاً حقوقها التي تتسم بالخصوصية لكل فئة كالأطفال والمعاقين والشباب والمسنين كما نص على مشكلات محددة كالإسكان والعشوائيات والمرافق العامة ، وهي أشياء درجت الدساتير المصرية خاصة والعالمية عامة على تركها للقوانين ، ولكن النص عليها في الدستور وفي باب الحقوق والحريات يؤكد توخي اللجنة إلزام الحكومات القادمة بصورة تفصيلية واضحة بوضع تلك الحقوق موضع الاهتمام والمسئولية عن تنفيذها وذلك إلى جانب النص على إلغاء العقوبات السالبة للحرية في جرائم النشر وعدم ترك ذلك للقانون والنصوص الكافلة لحرية الاعتقاد والتعبير والفكر والإبداع والنشر والاجتماع والتظاهر السلمي وتأسيس الأحزاب مع وضع ضوابط تضمن عدم التحريض على العنف والكراهية والعنصرية أو ممارسة السياسة على أساس ديني.
وفي رأيي الشخصي – وقد اطلعت على بعض دساتير الدول العريقة في الديمقراطية – أن هذا الباب في دستورنا الجديد يوازي بل ويتفوق في ضمان الحريات العامة وتأكيد حقوق المواطنين حيال الدولة وواجباتهم حيال الوطن على الكثير من دساتير الدول الديمقراطية المتقدمة بما فيها فرنسا والولايات المتحدة.
هيام فوزى محى الدين
كاتبة و صحفية وإعلامية مصرية
المصدر: أوكرانيا بالعربية