الرئيس المنتخب محمد مرسي القابع خلف القضبان حاليا ارتكب اخطاء عديدة اثناء فترة حكمه التي لم تستمر اكثر من عام، ولكنه سيكتشف اليوم، هو ودهاقنة حركة الاخوان المسلمين التي ينتمي اليها، ان خطأه الاكبر كان احالة المشير حسين طنطاوي قائد المجلس العسكري ووزير الدفاع المزمن، الى التقاعد، واحلال الفريق الاول عبد الفتاح السيسي مكانه، اعتقادا منه ان مشاعره الاسلامية القوية ستجعله اكثر ولاء لحركة الاخوان المسلمين.
كييف/أوكرانيا بالعربية/الرئيس المنتخب محمد مرسي القابع خلف القضبان حاليا ارتكب اخطاء عديدة اثناء فترة حكمه التي لم تستمر اكثر من عام، ولكنه سيكتشف اليوم، هو ودهاقنة حركة الاخوان المسلمين التي ينتمي اليها، ان خطأه الاكبر كان احالة المشير حسين طنطاوي قائد المجلس العسكري ووزير الدفاع المزمن، الى التقاعد، واحلال الفريق الاول عبد الفتاح السيسي مكانه، اعتقادا منه ان مشاعره الاسلامية القوية ستجعله اكثر ولاء لحركة الاخوان المسلمين.
المشير طنطاوي تجاوز الثمانين من العمر وكان زاهدا في السلطة، ويتصرف بطريقة تنطوي على الكثير من الحكمة والتعقل، ويسجل له انه استجاب فعلا لصوت الغالبية الساحقة من الشعب المصري، وطالب الرئيس مبارك بالتنحي بهدوء ودون مقاومة، وقاد البلاد في مرحلة انتقالية صعبة اشرف خلالها على انتخابات رئاسية وبرلمانية ديمقراطية شفافة وحرة، سلم بعدها الحكم للرئيس الجديد المنتخب وعاد الى منصبه وزيرا للدفاع حتى تم عزله بعد اسابيع.
الاخوان المسلمون احتفلوا مرتين، الاولى بالاطاحة بالمشير طنطاوين والثانية بتعيين الفريق السيسي، ولكنها احتفالات لم تعمر طويلا، وانقلبت الى مأتم، ليس بسبب المظاهرات الاحتجاجية الضخمة التي جعلت من قدرة الرئيس المنتخب على الحكم شبه مستحيلة، وانما ايضا لانه ثبت بالبراهين ان قائد الجيش "ذا الميول الاسلامية" الفريق السيسي هو الخطر الاكبر عليهم، وهو ومجموعة من المحيطين حوله، يقفون خلف الاحتجاجات الشعبية ضد حكم الاخوان.
مر شهر تقريبا على الانقلاب العسكري الذي قاده الفريق السيسي وحصل من خلاله، على التفويض الشعبي الذي استند اليه، حسب مريديه، للاطاحة بالرئيس المنتخب، ولكن الاوضاع تزداد سوء واضطرابا، وهدف تحقيق الاستقرار بات ابعد تحقيقا من اي وقت مضى، حتى ان قائده بدأ يفقد اعصابه بشكل لافت للنظر، سواء من خلال غضبه الواضح على حلفائه الامريكان والرئيس اوباما الذي لم يهاتفه مطلقا، او مطالبته لهم بالتدخل للضغط على الاخوان للقبول بتسوية سياسية وفض الاعتصامات بالتالي.
القاهرة تشهد هذه الايام حجيجا دبلوماسيا غير مسبوق، فبعد مغادرة كاثرين اشتون وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي، حط وليم بيرنز نائب وزير الخارجية الامريكي الرحال لاجراء لقاءات مكوكية بالتزامن مع وصول وفد من الحكماء الافارقة.
وزراء الخارجية العرب تذكروا ان هناك ازمة في مصر، فجاءوا مهرولين لاستطلاع الموقف وليس من اجل الوساطة، وللاطمئنان على حلفائهم، فالشيخ عبدالله بن زايد وزير خارجية الامارات الذي اعلنت دولته العمل على الاطاحة، وفي وضح النهار، بالرئيس مرسي وحكمه، واشهرت سيف العداء للاخوان المسلمين، ودعمت حكومة الانقلاب بأربعة مليارات دولار، كان من اول الواصلين، وتبعه خالد العطية وزير الخارجية القطري الذي وقفت حكومته على النقيض من موقف زميله الاماراتي من حيث استثمار ثمانية مليارات دولار لانجاح حكم الاخوان، وسخرت قناة الجزيرة لمعارضة الانقلاب ودعم الشرعية، لدرجة ان وزير الخارجية المصري الجديد نبيل فهمي لم يتورع عن مهاجمتها علنا.
هذه الهجمة الدبلوماسية، بشقيها العربي والغربي تكشف عن حالة التأزم التي تعيشها مصر ويخشى الطرفان فيضانها على مصالحهما الاستراتيجية في المنطقة على شكل حالة فوضى دموية.
عنوان هذه الحالة تراجع الجيش عن تهديداته باقتحام ميدان رابعة العدوية وفض الاعتصام بالقوة بسبب النتائج الخطيرة المترتبة على ذلك، وصمود حركة هذه الاعتصامات اكثر من شهر وبالزخم نفسه، وهناك تقارير تقول ان الاخوان اثبتوا قدرة تنظيمية ادارية هائلة من حيث الحشد اولا وتوفير احتياجات مئات الآلاف من الطعام والشراب ثانيا. وتأكيد بعض مسؤوليهم انهم مستعدون للاستمرار اكثر من عامين.
الجيش الجزائري اقتحم ميدان الاول من مايو في العاصمة وفض الاعتصام بالقوة، ولكن العدد كان قليلا بالقياس مع معتصمي رابعة العدوية، وعدم وجود تنظيم وقيادة قوية واضحة المعالم خلفهم، واختلاف ظروف ازمة الجزائر عام 1991 والازمة الحالية في مصر.
التحدي الاكبر الذي يواجه الفريق السيسي هو القدرة على الحفاظ على التفويض الشعبي الذي قال انه حصل عليه، وان اختلفت الآراء بشأنه، من خلال مظاهرات 30 يونيو، ومدى استمرار دعم الجيش المصري له بعد تلكؤه حتى الآن في الحسم بسبب الاخطار والضغوط الدولية.
من الواضح بالنظر الى وقائع وتحركات الايام الماضية ان عزلة الفريق السيسي لا تقل، ان لم تكن تزيد، عن عزله الرئيس محمد مرسي. فزيارة الاخير، وهو المعتقل ما زالت مطلبا لجميع زوار مصر هذه الايام الباحثين عن تسوية سياسية للازمة. فقد زارته السيدة اشتون ووفد الحكماء الافارقة، ويقف في الطابور وزيرا خارجية الامارات وقطر، وكان المستر بيرنز يأمل بل ويستجدي ان يحظى بشرف زيارة الرئيس المعزول وربما هذا ايضا سيكون حال السيناتور ماكين ووفد الكونغرس الذي يتزعمه عندما يصل الى القاهرة.
فاذا كان الرئيس مرسي ارهابيا ومجرما فلماذا يحرص كل هؤلاء الزوار على لقائه؟ وعندما يفشلون ويرد طلبهم بالنفي يطلبون لقاء قادة اخوانيين آخرين مثل خيرت الشاطر المعتقل ايضا؟
هناك حلول وصيغ تسوية كثيرة تتناولها وسائل الاعلام للخروج من هذا المأزق المصري، ابرزها الافراج عن الرئيس مرسي ورفاقه واسقاط اي تهم موجهة اليهم مقابل تنازله عن الحكم وصلاحياته.
من الصعب ان يقبل الاخوان بهذه الصيغة في رأينا وهم الذين يعتبرون انفسهم اصحاب الشرعية، وضحية انقلاب عسكري سرق منهم الحكم حسب ما تقوله ادبياتهم وانصارهم.
هناك صيغة تسوية بدأت تطل برأسها على استحياء، ويتم الترويج لها في بعض المنتديات السياسية واجهزة الاعلام ملخصها استقالة طرفي الازمة اي الرئيس محمد مرسي بعد عودته لايام الى السلطة، والفريق السيسي مهندس الانقلاب، واختيار شخصية مقبولة لمعظم الاطراف ان لم يكن كلها، كرئيس مؤقت يشرف على انتخابات رئاسية وبرلمانية في غضون ستة اشهر.
السؤال الصعب هو عما اذا كان الطرفان سيقبلان بهذه الصيغة "الفجة" و"الصادمة" لتسوية الازمة، ولكن ما هو اصعب من الاجابة ما يمكن ان يترتب على اطالة امد الازمة من نتائج مرعبة ليس لمصر فقط وانما للمنطقة بأسرها، وللمصالح الامريكية على وجه الخصوص، وهذا ما يفسر الهجمة الدبلوماسية الامريكية الحالية.