أوكرانيا بالعربية | انتعاش خزائن الإخوان... بقلم د. عادل عامر
كييف/اوكرانيا بالعربية/أنتعشت خزائن الإخوان بعد الثورة وعادت التبرعات الموسمية من رجال أعمال الجماعة بعد سقوط المنظومة الأمنية وعدم وجود أي تتبع لحركة أموال الجماعة التي بدأت تتحرك بطلاقة وحرية بالإضافة إلي إلا اشتراكات الخاصة بالأعضاء كما إن الإعلام الخاص بالجماعة بدأ ينشط في المواقع والمدونات علي التت بالإضافة إلي قناة الإخوان الجديدة مصر 25 والتي يشغل حسام أبو بكر العضو الجديد بمكتب الإرشاد منصب العضو المنتدب للقناة وظهر من خلال قيام الجماعة بالإعلان عن الأسماء التي ترشحها لخوض المعركة القادمة لمجلس الشعبإن الجماعة سترشح كوادر أكاديمية متخصصة مهما كانت بعيدة عن الشارع وعن جمهور الناخبين وذلك للسيطرة علي لجان البرلمان طوال أحداث ثورة 25 يناير وما تلاها لم يكن هناك حديث للشارع المصري والدولي عن قوى الثورة الجديدة والمفاجأة سوى السلفيين..
فالبعض أسماهم بالحصان الجامح الذي يهدد كافة القوى الأخرى ويكاد يلتهمها بسبب ضخامة حجمه وتزايد شعبيتهم وكبر أعضاء الحركات السلفية في الشارع حتى بالمقارنة مع جماعة الإخوان المسلمين فالجميع كانوا ولا يزالون يخافونهم ، كما أن معتقداتهم ورؤاهم السياسية كانت محل قلق من جانب الكثيرين سواء في مصر أو أمريكا ما بين بعض الخبراء الذين اعتبروهم مجموعة خرجوا ليمارسوا السياسة أول مرة فوقعوا في أخطاء لا مثيل لها . وإزاء هذه اللعبة السياسية ومواقف السلفيين المحيرة والمتأرجحة بين مؤيد للإخوان تارة ومؤيد لجبهة الإنقاذ والثوار تارة جاءت المواقف الأخيرة للقوى السلفية في بعد الإطاحة بالرئيس محمد مرسي لتضع خطوطا واضحة على تعاملاتهم فهم وافقوا على رحيل مرسي لكنهم بعد مجزرة الحرس الجمهوري أعلنوا انسحابهم من خريطة الطريق التي وضعها الجيش ليتحولوا كما يقول البعض إلى قدم في رابعة العدوية وأخرى في التحرير وهو ما ضاعف من التباين تجاه مواقفهم الحقيقية ورؤاهم من التطورات في مصر - الإخوان يبحثون عن سيطرة كاملة على المؤسسة التي طالما غازلها حسن البنا بخطابات ورسائل واحتفالات فى زمن العشرينيات والثلاثينيات بسبب إدراكه لأهمية دوره فى بلدان العالم كأجمع، مثلما يفعل إخوان مكتب إرشاد محمد بديع الآن ويبحثون عن سيطرة كاملة على الأزهر إدراكا منهم لتأثير الأزهر ودوره فى إخضاع شعب يسيطر الدين على عاطفته وعلى قراراته السياسية حتى ولو لم يكن متدينا، ووعيا منهم بأن السيطرة على الأزهر سوف تمنح دعوتهم بعدا دوليا جديدا، خاصة فى تلك البلدان الآسيوية والأفريقية التي تمنح الأزهر جلالا وتقديرا يفوق كل الحدود الذي تحصل عليه المؤسسات السياسية والدبلوماسية والسعي الإخوانى نحو الأزهر يعتمد على خطط طويلة الأمد بدأت منذ عهد حسن البنا الذي سعى من خلال الخطابات والرسائل لشيوخ الأزهر وإقامة الاحتفالات لمن يحصلون على منصب شيخ الأزهر إلى خلق علاقة قوية مع المؤسسة الدينية الرسمية فى مصر، طمعا فى أن يلصق بالإخوان صفة الدعوة الوسطية والخطاب الديني المستنير الذي يتميز به الأزهر الشريف ويمنحه دعوته التي كانت فى بدايته مشروعية السير فى ظلال المؤسسة الدينية التي يحترمها الجميع، ولذلك كان طبيعيا جدا أن يقول حسن البنا فى ذات مرة ساعيا نحو الربط بين الأزهر والإخوان: «إن الأزهر معقل الدعوة وموئل الإسلام، وأنه اعتبر دعوة الإخوان دعوته وغايتها غايته، وإن صفوف الإخوان امتلأت بعلماء الأزهر، وشبابه الناهض، وكان لعلماء الأزهر الشريف وطلابه أثر كبير فى تأييد الدعوة ونشرها»، وكان طبيعيا أن يسارع البنا وجماعته بالاحتفال بولاية الشيخ المراغى لمشيخة الأزهر الشريف «1935 - 1945» وإلقاء قصائد المدح والترحيب بشيخ الأزهر ليحصل البنا على مراده فى عام 45 ويقف على منبر الأزهر خطيبا، وبناء على المسار الذي رسمه حسن البنا لعلاقة الإخوان بالجامع الأزهر لن تجد فى تاريخ العلاقة بين الجماعة والأزهر شواهد على احتكاك كبير رغم ما بينهما من تباين ينبع أساساً من ابتعاد الأزهر عن «الإسلام السياسي» كمنهج، وميله التاريخي إلى لعب دور ديني مواز للسلطة السياسية، لا منافس لها أو بديل عنها تغير دور الحكومات وصعود المجتمعات والشركات وما تتضمنه تداعيات العولمة والاتصالات والاقتصاد الجديد فإن الأمن الوطني أيضا أخذ أبعادا ومفاهيم جديدة يجب الالتفات إليها كثيرا لأنها تقتضي إعادة صياغة دور المؤسسات والشركات والمجتمعات وفق أولويات جديدة ومختلفة، وهي مقولة لم تعد جديدة ولا جدلية، ولكنها أصبحت بحاجة لتعميم لتكون ثقافة اجتماعية ووطنية تغير أو تضيف في الثقافة الوطنية السائدة.
كان أمن الدولة، لقرون عدة صاحبت نشوء الدولة الحديثة، يقوم على حماية سيادة الدولة وحدودها ضد التهديد العسكري الخارجي، وقامت على هذا المفهوم المؤسسات والثقافة والهوية والميزانيات والإنفاق، ولكن بتضاؤل التهديد العسكري والأمني الخارجي ونشوء تحديات جديدة صاحبت العولمة والتحولات الاقتصادية والاجتماعية، مثل: الصراعات الداخلية والهجرة والأوبئة والتطرف والمخدرات وغسيل الأموال والتلوث وأنماط الحياة والثقافة العابرة بسهولة ويسر وسهولة تدفق الأموال والأفكار والمعلومات وإسناد أدوار وخدمات كثيرة إلى المجتمعات والقطاع الخاص بدلا من الحكومات فإن مفهوم الأمني الوطني بدأ يتسع ويمتد ليشمل الأمن الاجتماعي والاقتصادي وتأهيل المجتمعات لتمارس دورا أكثر فاعلية، ومشاركة القطاع الخاص في المسؤولية الاجتماعية، وتطوير عقد اجتماعي ينظم المسؤوليات والعلاقات. ومنذ تأسيسه كانت كل خيوط التنظيم الدولي تبدأ وتنتهي عند الرجل الحديدي مصطفي مشهور ولم يكن خافيا أن سلطته علي هذا التنظيم كانت تفوق سلطة المرشد نفسه سواء أكان المرحوم عمر التلمساني أو محمد حامد أبو النصر إذ اضطلع مصطفي مشهور بالعبء التنظيمي الأكبر داخل الجماعة ومارس دور المرشد الفعلي في ولاية المرشدين السابقين عليه – التلمساني وأبو النصر- قبل إعلانه مرشدا خامسا في عام 1996 إذ عرف عن عمر التلمساني انغماسه الكامل في العمل العام وامتاز – عن كل المرشدين باستثناء المرشد الأول المؤسس- بنجاحه في تقديم نفسه كشخصية إسلامية عامة قادرة علي التواصل وبناء جسور تواصل مع الجميع وكان ذلك علي حساب الدور التنظيمي داخل جسم الجماعة وهياكلها وهو ما اضطلع به وأداه بنجاح مجموعة النظام الخاص وعلي رأسها مصطفي مشهور وهي المهمة التي استمر فيها في ولاية حامد أبو النصر الذي لم يكن يمتلك قدرات مشهور التنظيمية ولم تكن تسمح له حالته الصحية بالمحاولة وهو الذي قضي سنواته الأخيرة مريضا( ولد 25 مارس 1913 وتوفي في 1996) ليتحمل نائبه الأول مشهور عبأ القيادة الفعلية للتنظيم في أكثر سنواته نشاطا وتمددا. فقد شهدت فترة الثمانينيات زخما كبيرا لتنظيمات الإخوان المسلمين في أقطارها المختلفة فحققت علي المستوي الداخلي حضورا كثيفا وأحرزت نجاحات في العمل السياسي والاجتماعي والاقتصادي وتكونت لها مؤسسات وهياكل قوية في أقطارها بما أعطي للخطاب الإخواني حضورا وبريقا في الشارع العربي والإسلامي ووازي ذلك نجاحا علي مستوي التنسيق فيما بين هذه التنظيمات التي كانت ترفع كل منها في بلدها إقامة الدولة الإسلامية تمهيدا لإعادة الخلافة الإسلامية الراشدة. كما ينظر للتنظيم الدولي أيضا كعبء أمني علي التنظيمات الفرعية، باعتباره كان سببا لعدد من الضربات الأمنية التي تعرضت لها بعض تنظيمات الإخوان القطرية ، حيث كانت اجتماعاته التي تعقد فى ألمانيا أو بعض الدول الأوروبية صيدا ثمينا لأجهزة الاستخبارات العالمية التي استطاعت جمع أكبر معلومات ممكنة عن الجماعة لم يكن لتتاح لها لولا اجتماعات التنظيم التي كانت تدار على طريقة "المطار السري" الذي يعرفه كل الناس ورغم ذلك يظل سريا!! حيث تدار الاجتماعات وكأنها سرية فى حين أن كل ما يدور فيها يجد طريقة بسرعة إلى كل أجهزة الاستخبارات.
د. عادل عامر
دكتور في الحقوق وخبير في القانون العام
رئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية
عضو المعهد العربي الأوروبي للدراسات الإستراتجية
والسياسية بجامعة الدول العربية
المصدر: أوكرانيا بالعربية