أوكرانيا بالعربية | عناوين ما بعد الثورة في ليبيا: الهجرة.. الانقسام.. الحرب.. والمستقبل يزداد قتامة... بقلم عبد الباري عطوان

الطرق الرئيسية في ليبيا تسير هذه الايام في اتجاه واحد، اي الى الخارج، فالليبيون المقيمون في المنطقة الشرقية اي بنغازي وحتى السلوم، يتجهون بعرباتهم، المحملة بكل ما يمكن حمله، باتجاه مصر، اما القاطنون في المناطق الغربية فالى تونس، اما اهل مصراته في الوسط فيركبون البحر باتجاه مالطة مع الاعتراف بأن الهجرة من هذه المدينة “الدولة” اقل بكثير بسبب استتباب الامن فيها ولو الى حين.

كييف/أوكرانيا بالعربية/الطرق الرئيسية في ليبيا تسير هذه الايام في اتجاه واحد، اي الى الخارج، فالليبيون المقيمون في المنطقة الشرقية اي بنغازي وحتى السلوم، يتجهون بعرباتهم، المحملة بكل ما يمكن حمله، باتجاه مصر، اما القاطنون في المناطق الغربية فالى تونس، اما اهل مصراته في الوسط فيركبون البحر باتجاه مالطة مع الاعتراف بأن الهجرة من هذه المدينة “الدولة” اقل بكثير بسبب استتباب الامن فيها ولو الى حين.

الليبيون المتواجدون في الخارج، وبالتحديد في تونس ومصر، بات عددهم يقارب نظرائهم في الداخل ان لم يكن اكثر، فهناك مليونان تقريبا يعيشون حاليا في مصر، وما يقرب من المليون ونصف المليون في تونس، واعداد كبيرة توجهت الى ايطاليا وتركيا واي دولة اخرى تفتح لهم ابوابها.

مدينة بنغازي التي توصف بأنها مهد “الثورة” الليبية تشهد وعلى مدى الايام الثلاثة الماضية معارك طاحنة بين قوات الجيش الموالية للواء خليفة حفتر وجماعات اسلامية متشددة اسفرت حتى كتابة هذه السطور عن مقتل ستين شخصا والارقام في تصاعد.

اللواء حفتر بدأ ما يطلق عليه معركة “الكرامة” ضد الجماعات الارهابية الاسلامية، حسب ادبياته، وبهدف تحرير ليبيا منها في ايار (مايو) الماضي بينما تتوعده هذه الجماعات بقيادة “انصار الشريعة” بالتصفية هو وقواته، وتصفه بقائد لـ “الصحوات الليبية” المدعومة من الاستعمار الامريكي، والشعب الليبي ضائع بين الجانبين.

في طرابلس يحتدم الصراع بين قوات “فجر ليبيا” الاقرب الى الاسلاميين وميليشيا “الدروع″ التابعة لمصراته وبين كتائب الزنتان مثل كتائب الصواعق والقعقاع، وبعد استيلاء قوات فجر ليبيا على مطار طرابلس ومنطقة ورشفاله التي يتردد ان انصار العقيد القذافي وراياتهم الخضر يتمركزون فيها هناك تقارير تفيد بأنها، اي قوات فجر ليبيا، بصدد اقتحام منطقة الزنتان، واعتقال سيف الاسلام القذافي المعتقل في احد سجونها.

الانقسام هو العنوان الرئيسي في ليبيا، فالغرب غرب، والشرق شرق، والجنوب جنوب، وهناك حكومتان، وبرلمانان، وجيشان، وبنكان مركزيان، وقوتان للشرطة، وامارات مستقلة مثل اماراتي درنة ومصراته، الاولى اسلامية، والثانية تجارية اسلامية ليبرالية، واضف ما شئت من التسميات، فالمال هو مطلب الجميع.

قطر تدعم الجماعات الاسلامية وتمولها، والامارات ومصر تدعم اللواء خليفة حفتر، ولا احد يعرف هوية الطائرات التي تقصف بنغازي، ومن المتوقع ان تقصف قريبا طرابلس، وهناك تكهنات بأنها مصرية او اماراتية او الاثنتين رغم نفي البلدين اي مشاركة لها في المعارك او التدخل في الشأن الداخلي الليبي.

وافد جديد طرأ على الساحة الليبية ربما يكون اكثر خطورة واشد بأسا من الجميع، فقد اعلن المستر برناردينو ليون مبعوث الامم المتحدة الى ليبيا ان مجموعات مناصرة للدولة لاسلامية (داعش) بدأت تتحرك في الساحل الافريقي، ومن بينها ليبيا وعلينا العمل على عزلها ومحاربتها.

اين تقف امريكا وسط هذه المعمة؟

الجواب جاء في تغريدات السفيرة الامريكية ديبورا جونز على حسابها على موقع تويتر حيث قالت في احداها “مواجهة المنظمات الارهابية ضرورة وانه يجب مواجهتها من قبل جيش نظامي تحت سيطرة سلطة مركزية ديمقراطية”، وفي تغريدة اخرى اكدت “ندين جماعة انصار الشريعة التي وضعتها الادارة الامريكية على قائمة الارهاب”، بمعنى آخر تدعم السفيرة الامريكية وحكومتها قوات اللواء حفتر، وهو على اي حال حليف قوي لامريكا وحاول القيام بانقلاب عسكري ضد حكم العقيد معمر القذافي اواخر التسعينات بدعم من الولايات المتحدة المادي والتسليحي والتدريبي.

اين الشعب الليبي وسط هذه الغابة من الميليشيات وفوضى السلاح؟ الشعب الليبي ضائع لا يفكر الا بأمر واحد وهو الهجرة، فمن يملك المال هرب، ومن اختلسه في عمليات الفساد غير المحدودة هرب ايضا، ولكن الى المنافي الفاخرة، في اوروبا، اما الفقراء المطحونون فينتظرون مصيرهم غير الواضح ويعيشون في رعب بسبب السرقات المسلحة، وسطوة الميليشيات وحوادث الموت المتعددة الاسباب والاوجه.

السؤال الاخير هو: اين الثورة الليبية والثوار؟

الاجابة نتركها لكم وللشعب الليبي الطيب والمغلوب على امره، الذي تعرض ويتعرض لاكبر مظلمة وخديعة في تاريخه الحديث، وهذا يتطلب افتتاحية اخرى.

عبد الباري عطوان

رئيس تحرير القدس العربي سابقا
رئيس تحرير ومؤسس صحيفة "راي اليوم" الالكترونية
محلل سياسي وكاتب عربي

المصدر: أوكرانيا بالعربية

مشاركة هذا المنشور:
الأخبار الرئيسية
سياسة
وزيرة التعاون الاقتصادي والتنمية الألمانية تصل إلى أوكرانيا في زيارة غير معلنة
سياسة
ميتسولا: روح أوروبا تعيش في كل منطقة في أوكرانيا
سياسة
البرلمان الأوكراني يقيل وزير السياسة الزراعية
أخبار أخرى في هذا الباب
آراء ومقالات
عن النصر والخوف والمعارضة...بقلم رئيس حركة "الأخوية القتالية الأوكرانية" بافلو جيربيفسكي
آراء ومقالات
الفساد العظيم الذي ضيّع أوكرانيا!..حسين الراوي
آراء ومقالات
الإجرام الروسي والطفولة الأوكرانية..حسين الراوي
تابعونا عبر فيسبوك
تابعونا عبر تويتر
© Ukraine in Arabic, 2018. All Rights Reserved.