أوكرانيا بالعربية | الـذين هـبطـوا من الـســماء... بقلم حسن زايد

04.01.2014 - 16:00 #حسن زايد
التنين هو كائن أسطوري مخيف تحاك حوله وحول قدراته الأساطير ، فهو يجمع بين الزواحف العملاقة ، وأجنحة نسر عملاقة تحمله من الوضع الزاحف إلي عنان السماء ، له أيادي وأرجل لها أظفار أسد ، وفي رأسه جُمّة شعر ، زفيره لهيب مستعر ، إذا إقترب من شيء أو إقترب منه شيء أحرقه . هكذا تصورنا جماعة الإخوان ، ورغم أن هذا التصور قائم في الأذهان إلا أنه في إطار الخيال والوهم الذي لا

كييف/أوكرانيا بالعربية/التنين هو كائن أسطوري مخيف تحاك حوله وحول قدراته الأساطير ، فهو يجمع بين الزواحف العملاقة ، وأجنحة نسر عملاقة تحمله من الوضع الزاحف إلي عنان السماء ، له أيادي وأرجل لها أظفار أسد ، وفي رأسه جُمّة شعر ، زفيره لهيب مستعر ، إذا إقترب من شيء أو إقترب منه شيء أحرقه . هكذا تصورنا جماعة الإخوان ، ورغم أن هذا التصور قائم في الأذهان إلا أنه في إطار الخيال والوهم الذي لا نصيب له من الواقع .

تصور أقرب ما يكون إلي الكوابيس التي تداهم الإنسان في نومه فإذا ما استيقظ أصبحت لا شيء ، ولا يبقي منها سوي الصورة المتوهمة التي يراها الإنسان حين يكون نائماً . لقد أصابت هذه الجماعة / التنين المجلس العسكري في أعقاب ثورة يناير بالهلع مما يمكن أن تفعله في مصر حال إقصاءها عن  دور الفاعل الرئيس في المشهد السياسي المصري ، فقد تخلت عن أردية الحمل الوديع الناعم الذي يحمل الخير لمصر، وظهرت كوحش ضاري ، إما أن يلتهم كل شيء ـ ولا يدع حتي الفتات لغيره ـ أو يحرق مصر . فسلم لها المجلس العسكري مصر تسليم مفتاح . وانتظرت مصر علي أحر من الجمر طائر النهضة الذي بُشّرت به من قبل الجماعة ، فإذا به طائر العنقاء ، ذلك الطائر الخُرافيّ الذي زعَم قُدماء المِصْريين أنَّه يُعَمَّر خمسة قرون وبعد أن يحرق نفسه ينبعث من رماده من جديد . وهذا ما قاله المعزول / محمد مرسي للفريق السيسي عندما قال بأن الجماعة ستحكم مصر خمسمائة سنة . ولما كانت الشعوب تختنق من مثل هذه الأجواء الأسطورية الكابوسية فلابد لها أن تستيقظ وتفيق ، وتعود إلي الأرض حيث مواضع الأقدام . وقد استيقظت مصر قبل أن يجهز عليها ذلك الكابوس في ثورة غير مسبوقة في التاريخ البشري . ثورة يونيه التي أطاحت بالجماعة خارج إطار التاريخ ، وحتي خارج مشاهد الحلم الوردي بالمستقبل . فلم يفت الجماعة / التنين أن تزفر لهيبها المستعر في أرجاء مصر حتي تحترق أو تعود إلي أحضانها راغمة . فإذا بالأذرع الإرهابية تمتد من سيناء إلي الوادي تنشر الإرهاب ، وتنصب للشعب محرقة تأكل أولاده من الجيش والشرطة والمدنيين .

والأذرع مجرد أدوات منفذة بلا عقل ولا قلب ، وذلك بالتوازي مع تسيير المظاهرات اللاسلمية التي ما إن مرت بشيء إلا جعلته كالرميم . أما التخطيط والتمويل والتسهيلات اللوجستية فهو صادر عن عقليات دموية تختبيء في الأقبية داخل مصر وخارجها بالتعاون مع أجهزة مخابراتية لا تضمر لمصر وشعبها خيراً . فلقد رأينا نساء الجماعة ـ تنظيم الأخوات ـ يمارسن عنفاً وإرهاباً لا ينهض به رجال في مظاهراتهم التي يتصدرن فيها المشهد . وما تصدر النساء للمشهد سوي حيلة شيطانية تستهدف تشويه المشهد وتلويثه أخلاقياً حال التصدي لمظاهراتهم التآمرية . وانتقال المشاهد إلي الجامعات بقصد تعطيل الإمتحانات ، وتعويق العملية التعليمية ، وتحدي مؤسسات الدولة . وهكذا تعيش مصر مرحلة المخاض الثوري وسط الحرائق والدمار . الغريب في كل هذا المشهد العبثي للجماعة أن تخرج علينا ببيان علي موقعها الرسمي بشأن أحداث تفجير مديرية أمن الدقهلية تقول فيه كلاماً عجباً ، رداً علي بيان وزارة الداخلية بذات الخصوص . فلو تم إفراغ البيان من تلك العبارات الإنشائية حول الإنقلاب والخيانة والشرعية والفشل .. الخ . سنجد أن البيان يقول بأنه طالما أن وزارة الداخلية قد توصلت إلي معرفة هوية الشخص الذي فجر مديرية أمن الدقهلية ، وإنه من جماعة تكفيرية ، وبالرغم من رواية أهالي المنصورة التي تقول بأن الداخلية هي من قامت بالتفجير ، ومع افتراض صدق الوزارة هذه المرة ، فإن ذلك يعني أن جماعة الإخوان بريئة من هذه الجريمة . ويبدو أن الجماعة لم تستفق بعد من هول صدمة سقوطها المروع في مواجهة الشعب ، وما زالت تتصور أن الشعب باق علي سذاجته ، وحريص عليها ، وأنه لم ير ذلك التجمع الإرهابي في احتفالات اكتوبر محيطاً بالمعزول إحاطة السوار بالمعصم ، وأنه لم ير هذه التجمعات الإرهابية علي منصة رابعة العدوية ومنصة النهضة  وهي تنفث لهيب سمومها تهديداً ووعيداً وترعيباً للشعب المصري قاطبة .  ولم ير بأم عينيه الآثار الدموية لهذه التهديدات إجراماً علي الأرض . والأكثر إيغالاً في الهذيان ما ورد بالبيان  من إتهام السلطة الحالية بأنها تنفذ سياسة الفوضي الخلاقة التي ترمي إلي قيام حالة الإحتراب الأهلي ، مثلما حدث في العراق لصالح الراعي الأكبر للانقلاب وربيبته في المنطقة، وبأمر الدويلة التي تمولهم من الخليج . إن هذا الكلام لا يعدو كونه نكتة يلقيها البيان الإخواني حتي يلطف الأجواء الملتهبة للكلمات النارية التي يحتويها .

أما الرد علي ما ذهبت إليه الجماعة من تبرئة لساحتها طالما أن المنفذ من جماعة تكفيرية أن هذا استدلال فاسد ، لأنه يقتضي الإجابة علي تساؤل مؤداه : ومن أين أتت هذه الجماعة التكفيرية ؟ . يبدو أن هذه الجماعات قد هبطت علينا من السماء . الأغرب أن يخرج علينا موسي أبو مرزوق نائب رئيس المكتب السياسي لجماعة حماس ـ الذراع العسكرية لجماعة الإخوان ـ لينفي علاقتهم بما يجري في مصر ، زاعماً أن العناصر التكفيرية تكفر حماس . بما يؤكد أن من ينفذ العمليات الإرهابية في مصر هم أناس هبطوا علينا من السماء بفعل دعاء الشيخ القرضاوي والمعزول ليل نهار .

حسن زايد

كاتب عربي ومدير عام


المصدر: أوكرانيا بالعربية

مشاركة هذا المنشور:
الأخبار الرئيسية
سياسة
ليتوانيا تقدم مساعدات عسكرية جديدة إلى أوكرانيا
سياسة
بيربوك: أوكرانيا تحتاج إلى أسلحة بعيدة المدى للدفاع عن خاركيف
رياضة
زيلينسكي: أوكرانيا فعلت كل ما يلزم للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي
أخبار أخرى في هذا الباب
آراء ومقالات
عن النصر والخوف والمعارضة...بقلم رئيس حركة "الأخوية القتالية الأوكرانية" بافلو جيربيفسكي
آراء ومقالات
الفساد العظيم الذي ضيّع أوكرانيا!..حسين الراوي
آراء ومقالات
الإجرام الروسي والطفولة الأوكرانية..حسين الراوي
تابعونا عبر فيسبوك
تابعونا عبر تويتر
© Ukraine in Arabic, 2018. All Rights Reserved.