أوكرانيا بالعربية | الـتـعـــلـيـم والأمـــن الــقــــومـي... بقلم حسن زايد

التعليم لغةً هو مهنة المُعَلِّم والأستاذ . والتعليم هو مراحل تَلْقِين ، وَتدريسِ المعارِف والمهارات . وعلَّم العلم فهمه إياه . ووزارة التربية والتعليم هي الوزارة المسئولة عَنْ تَلْقِينِ أَبْناء الشعب الْمعارِف ومبادئ العلوم في المدارِس الابْتدَائية والإعدادية والثّانوية .
كييف/أوكرانيا بالعربية/التعليم لغةً هو مهنة المُعَلِّم والأستاذ . والتعليم هو مراحل تَلْقِين ، وَتدريسِ المعارِف والمهارات . وعلَّم العلم فهمه إياه . ووزارة التربية والتعليم هي الوزارة المسئولة  عَنْ تَلْقِينِ أَبْناء الشعب الْمعارِف ومبادئ العلوم في المدارِس الابْتدَائية والإعدادية والثّانوية .
ولبيان أهمية التعليم في حياة الإنسان يكفي أن نتذكر ، ونذكر مقولة عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين حين قال : أن التعليم كالماء والهواء ، وذلك بالنسبة للفرد ، ويصح ذات القول بالنسبة للأمم والشعوب . ومعني ذلك أن لا حياة للأفراد أو الشعوب بغير تعليم ، وأن التعليم ليس ترفاً تمارسه الجماعات والأفراد وإنما هو ضرورة وجود ، ومقتضي حياة . ومن هنا كان الرابط الموضوعي بين التعليم والأمن القومي . وعندما تتدني أهمية التعليم في بلد ما إلي حد عدم إدراك علاقته بالأمن القومي ، أو إدراك العلاقة مع عدم الإكتراث بأن الأمن القومي مرتبط  بالتعليم وجوداً وعدماً ، فلا ريب أن هذا البلد مهدد بالفناء .
وآفة مصر في تعليمها أن بعضنا لا يدرك علاقة التعليم بالأمن القومي ، أو أنه يدرك تلك العلاقة إلا أنه لا يكترث . ورغم أن مصطلح الأمن القومي من المصطلحات المراوغة التي لايكاد يُتَّفق علي معني واحد لها في القاموس السياسي العربي ، إلا أنه يمكن تعريفه ببساطة بأن ثمة مخاطر تحدق بالأمة ، هذه المخاطر قد تكون داخلية ، وقد تكون خارجية ، وقد تكون داخلية / خارجية ، وأن ما يراد بالأمن القومي هو وضع السياج الذي يحمي مصالح الأمة من تلك المخاطر . ومن هنا عُدَّ انحطاط مستوي التعليم خطراً داخلياً محدقاً يستوجب المجابهة ، خاصة وأنه من المخاطر التي لها بعداً خارجياً متمثلاً في التخلف عن الركب الحضاري ، والتبعية بكل صورها وجوانبها . وقد كانت هناك ثلاث آفات شكلت دوائر جهنمية التفت تاريخياً حول عنق المجتمع المصري ،علي نحو يعيق انطلاقه للحاق بالركب الحضاري  ، وهي الفقر والجهل والمرض ، ولذا عندما جاءت ثورة يوليو 1952 م اعتمدت مجانية التعليم كمنهج للتغيير ، وعلاج قضية الجهل ، ورغم ما قد يؤخذ علي نظام مجانية التعليم من مآخذ باعتباره مؤثراً سلبياً علي كفاءة العملية التعليمية ، إلا أنه كان خطوة للأمام .
ومع أن المنطق كان يقتضي أن تتبع هذه الخطوة خطوات إلا أننا فوجئنا بظهور بوادر التعليم غير الرسمي الموازي ، ففضلاً عن تخلف المناهج الموضوعة ، واعتماد أسلوب الإختبار في تحصيلها علي الأسئلة التي تقوم علي الحفظ  والتلقين دون إدراك أو وعي أو فهم  ، أو تأثير في بناء الشخصية المتعلمة القادرة علي الأخذ والرد والمناقشة ، فضلا عن ذلك ظهرت الكتب الخارجية " الملخصات " ، فهي رغم تفوقها من حيث الإخراج علي الكتاب الرسمي ، إلا أنها ساهمت إلي حد كبير في تسطيح المناهج وتتفيها ، واعتمادها علي الحفظ . وقد ظهر الكتاب الخارجي في البداية علي استحياء ، ثم أغرق الأسواق في مراحل تالية ، إلي حد ذهاب واضعي الكتب الخارجية إلي تخريب الكتاب الرسمي حتي لا تقوم له قائمة في مواجهة الكتاب الخارجي ، ويصبح المكان اللائق به محلات البقالة حيث يستخدم في صناعة القراطيس . ومواكبة لهذه المرحلة بدأت تلوح في الأفق بوادر الدروس الخصوصية ، والتي بدأت أول ما بدأت كمجموعات تقوية مجانية للتلاميذ ضعاف التحصيل ، ثم تطورت حتي أصبحت مافيا حاكمة لسوق التعليم في مصر ، ولم تعد تقتصر علي الطلاب ضعاف التحصيل فحسب ، بل إنها امتدت حتي أصبحت بديلاً عن المدرسة ، وأصبح الشغل الشاغل للمعلم والمتعلم الخروج بالعملية التعليمية عن إطارها الرسمي . وقد استفحل هذا الأمر وبلغ حداً لم تعد الدولة قادرة علي مواجهته ، أو إيقافه عند حده ، حتي أنك تستشعر كولي أمر أنك تتعرض لمؤامرة من أطراف خفية .
والمحصلة أن العملية التعليمية أصبحت عملية تعذيب ممنهجة للطالب ولولي أمره طوال سنوات التعليم . وحتي تكتمل الدائرة أفضت الزيادة السكانية إلي حدوث انفجار سكاني داخل الفصول علي نحو يتعذر معه بحال إتمام عملية تعليمية ناجحة ، فضلاً عن الإفتقار للوسائل التعليمية أو انعدامها . ناهيك عن السياسة التعليمية المتخبطة التي بدأت بجعل التعليم الإلزامي حتي الشهادة الإبتدائية ، وهذا الإلزام كان يقتضي أن يستمر الطفل في التعلم رغم أنفه ، حتي ولو لم يكن يجيد القراءة والكتابة ، ثم تقرر إلغاء السنة السادسة ثم إعادتها دون أن يدرك أحد سبب الإلغاء أو سبب الإعادة .
ثم امتد الإلزام إلي الشهادة الإعدادية لتمتد معه ذات المشكلة ، في حالة نادرة من الغش التجاري غير المسبوق في العملية التعليمية ، حيث تتفاجأ في المرحلة الثانوية بنوعيها العام والفني بطلاب لا يجيدون القراءة والكتابة ، ويحملون شهادات تفيد بغير ذلك . ثم امتد العبث إلي المرحلة الثانوية بتقسيم الثانوية إلي مرحلتين تستغرقان عامين دراسيين كاملين  ، وتستغرقان معهما دخل الأسرة كاملاً ، فضلاً عن حالة التعذيب المفرط التي تقع علي كاهل التلاميذ . ولعل ما حدث في امتحانات الثانوية العامة لهذا العام يمثل أمثولة يتحاكي بها القاصي والداني ، سواء من حيث مستوي الأسئلة الإنتقامية الذي تم وضعه ، أو من حيث حالات الغش العلني ، وتسريب أسئلة الإمتحانات عبر مواقع التواصل الإجتماعي . ولعل في دخول القطاع الخاص منافساً للدولة في مجال التعليم سواء الجامعي أو قبل الجامعي قد أفسد العملية التعليمية علي فسادها ، إلي حد أن التلاميذ يتداولون فيما بينهم أن السر وراء الروح الإنتقامية السائدة في  إمتحانات الثانوية العامة يكمن وراءها خدمة الجامعات الخاصة .
فهل تدرك الدولة بعد كل هذا العلاقة بين العملية التعليمية والأمن القومي ؟ . لو أن الدولة أدركت ذلك لبادرت من توها بإعادة النظر في العملية برمتها . وللنهوض بالتعليم  لابد من الإهتمام بعناصر العملية التعليمية وهي : المعلم ، والمتعلم ، والرسالة التعليمية  ، ولكي تتم العملية التعليمية  لابد من الإهتمام بالوسائل التعليمية . وإعادة النظر في أسلوب إختبار التحصيل القائم علي الامتحان حتي تعفينا من ذلك الصداع المزمن الذي يصيب مصر كل عام بسبب الإمتحانات .

حسن زايد
كاتب مصري ومدير عام 
المصدر: أوكرانيا بالعربية

مشاركة هذا المنشور:
الأخبار الرئيسية
سياسة
زيلينسكي يشكر بريطانيا على دعمها الدفاعي لأوكرانيا
فيديو
الحرب في أوكرانيا وتأثيرها على العالم العربي ... أزمةٌ أم فرصة
جاليات
المجلس العربي يشارك بجهوده لتعزيز العلاقات الثنائية بين أوكرانيا والعراق
أخبار أخرى في هذا الباب
آراء ومقالات
عن النصر والخوف والمعارضة...بقلم رئيس حركة "الأخوية القتالية الأوكرانية" بافلو جيربيفسكي
آراء ومقالات
الفساد العظيم الذي ضيّع أوكرانيا!..حسين الراوي
آراء ومقالات
الإجرام الروسي والطفولة الأوكرانية..حسين الراوي
تابعونا عبر فيسبوك
تابعونا عبر تويتر
© Ukraine in Arabic, 2018. All Rights Reserved.