أوكرانيا بالعربية | الخــديـعـــة الكــــبري... بقلم حسن زايد

01.01.2014 - 02:00 #حسن زايد
قد لا يكون مفاجئاً لقطاعات عريضة من المجتمع المصري أن الإنتخابات التي تمت في عهد الإخوان ليست بالنزاهة والشفافية التي كان يحلم بها الشعب بعد ثورته . وليس التزوير مقصوراً فقط علي التلاعب في الأوراق قبل وضعها في الصندوق أو أثناء الفرز أو بعده . فهناك صور أخري للتزوير تعد هي الأخطر في هذا المجال وهو التزوير الذي يزيف إرادة الناخبين ، ويدفعها بأساليب غير شريفة إلي الإنحراف عن وجهتها الصحيحة وفقاً لقناعة صاحبها الشخصية . وقد تعلمنا من الإخوان أساليب مبتكرة في هذا المجال ،

كييف/أوكرانيا بالعربية/قد لا يكون مفاجئاً لقطاعات عريضة من المجتمع المصري أن الإنتخابات التي تمت في عهد الإخوان ليست بالنزاهة والشفافية التي كان يحلم بها الشعب بعد ثورته . وليس التزوير مقصوراً فقط علي التلاعب في الأوراق قبل وضعها في الصندوق أو أثناء الفرز أو بعده . فهناك صور أخري للتزوير تعد هي الأخطر في هذا المجال وهو التزوير الذي يزيف إرادة الناخبين ، ويدفعها بأساليب غير شريفة إلي الإنحراف عن وجهتها الصحيحة وفقاً لقناعة صاحبها الشخصية . وقد تعلمنا من الإخوان أساليب مبتكرة في هذا المجال ، والإبتكار هنا ليس بمعني الجدة والحداثة ، وإنما بمعني الإتيان بغير المتوقع أو المنتظر من الشخص القائم به بحال . وهناك نموذجان لهذا النوع من التزوير يكشفان عن هوية ما نقصد .

النموذج الأول مارسه الإخوان في الأربعينيات من القرن الماضي ضد أحمد لطفي السيد لصالح مرشحهم ، حين أشاعوا في قريته أنه رجل ديمقراطي ، وأن الديمقراطية هي الكفر الذي يبيح الزنا والتحلل الأخلاقي . وعندما توجه الرجل إلي قريته سألوه : هل أنت ديمقراطي ؟ . فأجاب بكل ثقة : نعم . فانفض الناس من حوله لصالح مرشح الإخوان . والنموذج الثاني كان بعد ما يقرب من نصف قرن أو يزيد قليلاً ،أي بعد ثورة يناير مباشرة ، ومن المعروف أنه بعد الثورات تسقط الدساتير ، وقد كان سؤال الإستفتاء هل توافق علي تعديل الدستور أم لا ؟ . و" نعم " تفيد استمرار الدستور القائم مع تعديله ، و"لا " تفيد وضع دستور جديد للبلاد . وبقدرة قادر تحول الإستفتاء من استفتاء علي الدستور إلي استفتاء علي الدين في أكبر عملية تدليس تعرض لها الشعب المصري في أولي خطوات ثورته . وبالقطع كان التصويت بـ : " نعم " لأنه ليس هناك من يقول : "لا للشريعة " . فضلاً عن عملية التغذية المريضة للعقول بمعلومات غير صحيحة عن أن المسيحيين سيذهبون للتصويت بـ : " لا " . وأصبحت الصناديق في مفهومهم غزوة من غزوات الإسلام في العصر الحديث . وقد تشكلت لجنة لتعديل الدستور من ذوي التوجهات الإخوانية ، وقد جاءت تعديلاتهم بما يخدم توجهاتهم علي نحو أو آخر .

وقد تعرض الشعب لخديعة كبري بتصويته علي بضعة عشر مادة ، ثم تفاجأ ببضع وستون مادة مثلت الإعلان الدستوري الذي سيسير المرحلة الإنتقالية تمهيداً لوضع دستور جديد للبلاد . مع أن هذا يتعارض مع مفهوم نتيجة الإستفتاء التي كانت تعني تعديل الدستور دون تغييره .

ثم ذهبت الجماعة إلي تجييش الحشود وشحنها في إتجاه الإنتخابات البرلمانية أولاً لحاجة في نفس يعقوب كانت تغيب عن المصريين مؤداها أن يقوم البرلمان الذي توقعوا حصولهم علي الأغلبية فيه بوضع الدستور استناداً إلي نص مائع في الإعلان الدستوري يقبل التأويل علي هذا الوجه . ولما كانت الجماعة هي الأكثر تنظيماً والأقدر علي الحشد والأكثر تمويلاً للدعاية الإنتخابية ، إلي جانب الجماعات الموالية لها ، وتلك التي تصب في ذات اتجاهها استطاعت الحصول علي الأكثرية ، وبتحالفها مع السلفيين أصبح لها الأكثرية البرلمانية في برلمان أشبه ما يكون بمسرحية مدرسة المشاغبين في نسختها المصرية في ممارساته .

وهنا خرجت المادة الأرنب من جراب الحاوي الإخواني وهي مادة تشكيل الجمعية التأسيسية ،فإذا بالجمعية تتشكل من أعضاء البرلمان في أغلبها حتي يجري وضع دستور مفصل علي مقاس الإخوان . فلما طُعن علي الجمعية وصدر حكم بحلها تحايل مجلس الشعب علي الحكم وأعاد تشكيل الجمعية علي ذات النسق وبذات الأشخاص ، فطعن علي مجلس الشعب وجري حله لانعدام القانون الذي شكل علي  أساسه لعدم دستوريته . ومع ذلك استمرت اللجنة المطعون عليها في وضع ذلك الدستور المشبوه .

وفي الإستفتاء عليه اكتشفنا وسائل أخري للتزوير . فإلي جانب استغلال فقر الطبقات الكادحة كوسائل تقليدية ، وجدنا الورقة الدوارة ، والطفل الدوار ، وإحداث زحام مصطنع في الطوابير حتي يمل الناخبون وينصرفوا ويخلوا لهم وجوه الصناديق ووجوه القضاة والموظفين الموالين لهم بحكم الإنتماء أو الولاء أو المحبة . وتم تمرير الدستور علي ما به من عوار أقر به واضعوه . وفي الإنتخابات الرئاسية جري خداع الشعب المصري خدعة كبري بتمرير أوراق ترشح محمد مرسي رغم مرضه بمرض يحول بينه وبين تولي منصب الرئاسة ، بخلاف أن  خلو صحيفة الحالة الجنائية له من الجرائم أمر محل شك ، خاصة أنه كان محبوساً علي ذمة قضية تجسس . وإلي جانب صور التأثير علي إرادة الناخبين سلباً أو إيجاباً التي ذكرناها آنفاً  توجد صورة أخري أشد فجاجة وهي تسويد البطاقات لصالحه أثناء تواجدها بالمطابع الأميرية قبل بدء عملية التصويت ، والتضييق علي بعض القري المسيحية في الخروج للتصويت في انتخابات الرئاسة أثناء عملية التصويت ، والضغط علي المجلس العسكري واللجنة العليا للإنتخابات بعد التصويت بإعلان النتيجة بنجاح محمد مرسي وإلا سيتم حرق البلاد ، وإعلان النتيجة من قبل حزب الحرية والعدالة في الفجر ــ قبل إعلانها ـ في مؤتمر صحفي يخاطب الغرب والأمريكان ، وتسريب النتيجة من جانب بعض القضاة قبل إعلانها رسمياً بـ 48 ساعة .

كل ذلك يمثل ضغطاً رهيباً علي إرادة الشعب والمجتمع الذي عاني الإرهاق الشديد و الملل . وقد كانت كل تلك التسريبات مجرد ظنون يعوزها اليقين الذي يدفع إلي التحرك ، وما كان يفعله الإخوان هو قصف للعقول حتي تتوه في التفاصيل وتنشغل عن الحقيقة الكبري ، وهي حقيقة خداعه والتلاعب بعقله ووجدانه والعبث بإرادته . وقد جري التغاضي عن كل ذلك في حينه للرغبة في بدء تحرك المركب بدلا من بقائها علي الشط . وترك مسألة الخداع والتلاعب للقضاء للفصل فيها ، والوصول بالظنون التي غزت العقول إما إلي اليقين أو العدم . وقد تأكدت اليوم تلك الخديعة بالرسائل السرية المتبادلة بين الغرياني ـ رئيس مجلس القضاء الأعلي في حينه ـ ومرشد عام الجماعة . وكذا الرسالة المرسلة من بجاتو ـ الأمين العام للجنة الإنتخابات الرئاسية إلي رئيس المجلس العسكري في حينه . وهذه الرسائل منشورة بجريدة الموجز المصرية .

الرسالة الأولي تحمل معاني التهنئة بفوز مرسي ـ قبل الإعلان عن ذلك رسمياً ـ للنفس وللمرشد ولمكتب الإرشاد ولمصر وللعالم العربي والاسلامي . رغم أن المرشد ليس له صفة لمخاطبته بموجب خطاب رسمي موقع من رئيس مجلس القضاء الأعلي وممهوراً بخاتم الشعار " النسر " في شأن عادي أو شأن خطير كإعلان نتيجة الإنتخابات قبل إعلانها رسمياً . أما الرسالة الثانية الصادرة من بجاتو إلي رئيس المجلس الأعلي للقوات المسلحة فقد وضعت المجلس أمام أحد خيارين . الأول : استحالة تأجيل موعد إعلان نتائج الإنتخابات الرئاسية ، لأجل غير مسمي ، نظراً لحالة الإحتقان السائدة في الشارع المصري.

وتري اللجنة بضرورة اتخاذ القرار الأصوب والأنفع لصالح الوطن ومواطنيه ، رغم مخالفة ذلك لصحيح العرف والقانون ، وإعلان اسم السيد / مرسي رئيساً للجمهورية ، وذلك لتجنيب البلاد صراعاً دموياً في حالة إعلان / شفيق رئيساً للبلاد . الثاني : تري اللجنة حتمية المواجهة ورفض جميع أشكال الضغوط داخلياً وخارجياً ، وإعلان كافة الحقائق أمام الرأي العام المصري والعالمي . وكشف العوار وحالات التلاعب والتزوير الفجة التي شابت العملية الإنتخابية برمتها والضغوط والممارسات والتهديدات الإجرامية التي تعرض لها رئيس وأعضاء اللجنة وأسرهم .. يأتـي ذلك في حالة رفض المجلس المقترح الأول . وهكذا تتبين ملامح الخديعة الكبري التي تعرض لها الشعب المصري . بل الأنكي من ذلك أن الشعب المصري اليوم يواجه بحرب إرهابية تحت زعم الحفاظ علي تلك الشرعية المزعومة . وقد آن الأوان لو صحت هذه الخطابات أن يتم كشف الحقائق أمام الرأي العام المصري علي القل ، حتي تنكشف الغمة والغشاوة التي ما زالت تهيمن علي عقول وعيون أناس ليس لديها استعداد للفواق من حالة الغيبوبة التي سقطوا فيها دون إرادة منهم .


حسن زايد

كاتب عربي ومدير عام


المصدر: أوكرانيا بالعربية

مشاركة هذا المنشور:
الأخبار الرئيسية
سياسة
ليتوانيا تقدم مساعدات عسكرية جديدة إلى أوكرانيا
سياسة
بيربوك: أوكرانيا تحتاج إلى أسلحة بعيدة المدى للدفاع عن خاركيف
رياضة
زيلينسكي: أوكرانيا فعلت كل ما يلزم للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي
أخبار أخرى في هذا الباب
آراء ومقالات
عن النصر والخوف والمعارضة...بقلم رئيس حركة "الأخوية القتالية الأوكرانية" بافلو جيربيفسكي
آراء ومقالات
الفساد العظيم الذي ضيّع أوكرانيا!..حسين الراوي
آراء ومقالات
الإجرام الروسي والطفولة الأوكرانية..حسين الراوي
تابعونا عبر فيسبوك
تابعونا عبر تويتر
© Ukraine in Arabic, 2018. All Rights Reserved.