أوكرانيا بالعربية | الــهــروب مــن المـشـــــهــد... بقلم حسن زايد

20.03.2014 - 15:00 #حسن زايد
هناك العديد من المشاهد التي يسعي المرء جاهداً للفرار منها ، إذ أن هذه المشاهد تضغط بإلحاح علي وجدان الإنسان فتسلبه اللحظة الراهنه ، وهذه المشاهد غالباً ما تكون مشاهد مؤلمة إلي حد يصعب احتماله أو الصبر عليه . يخرج منها الإنسان منهكاً نفسياً وبدنياً وذهنيا ، وقد تسلمه إلي حالة من الإكتئاب المؤقت أو الدائم . ومن هنا كان بحث الإنسان عن مخرج للهروب من الحالة أو الإنتشال منها . ومن المشاهد المؤلمة التي هزتني بعنف وكأن قلبي قد ضربه زلزال مدمر مشهد جنود مصر من الشرطة العسكرية الذين اغتالتهم أيادي الغدر والخسة والنذالة في كمين مسطرد . المشهد مروع حقاً يدعوك للهروب بعينيك عن المشاهدة وإلا توقف قلبك عن الخفقان . كما توقفت بهم الحياة عند هذا المشهد ، وانتهت الدنيا بهم عند هذا الحد ، وقامت قيامتهم بالبرزخ الذي يُضرب بين الأحياء والأموات . تركوا الأهل والأحباب ، تركوا الأحلام ، تركوا الطموحات ، تركوا الأمل . المشكلة ليست لديهم ، وإنما المشكلة لدي الأحياء الذين خلفوهم وراء ظهورهم ، وما تركوا لهم سوي الألم يعتصر أكبادهم . فجأة وعلي حين غرة امتدت يد الغدر لتغتال الحياة وتهدم بنيان الله بغير حق . وهنا يحق التساؤل المشروع ويلح علي كل ذي عقل : بأي ذنب قتلوا ؟ . شباب لبي نداء الوطن لآداء الواجب ، واجب خدمة الوطن والدفاع عنه بحق ضد أي عدو يتهدده سواء بالداخل أو بالخارج ، يعمل في إطار من المشروعية بكل الشرف والأمانة ، لأنه يؤدي واجبه الذي يفرضه عليه القانون ، ويرتضيه له الوطن . وهو من باب الشرع مكرم من الله لأن عينه باتت تحرس في سبيل الله ، فبأي ذنب أُطفيء نور تلك العين ؟ . وهل يُسأل الشهداء عن ذنوبهم وهم ما أصبحوا كذلك إلا باختيار الله لهم ؟ . أم أنهم من الذين يدخلون الجنة بغير حساب ؟ . وإذا افترضنا أن هؤلاء الجنود كانوا قد امتنعوا عن الإمتثال لأوامر أولي الأمر منهم ، فهل يمكن أن يعد هذا التصرف تصرفاً قانونياً وطنياً نبيلاً ؟ . وهل يعد من المروءة الإمتناع عن تلبية نداء الأوطان ؟ . ولذا فإن دعوات القرضاوي لهم بذلك ذهبت أدراج الرياح ، واستقرت في المكان اللائق بها حيث توجد مزابل التاريخ في شرف استقبالها . وكان جزاء النبل والمروءة والشرف والوطنية التي تجسدت في هؤلاء الجنود البواسل تلك الفتوي الشيطانية التي أصدرها محمد عبد المقصود بجواز قتلهم متجاهلاً آيات ربه وسنة نبيه ، فهم لم يقتلوا أحداً ولو علي سبيل الظن ، ونحن قوم لا نأخذ الناس بالظنة ، ولم يفسدوا في الأرض يقيناً كما يدل حالهم ، ولا يحل قتلهم بفعل غيرهم ، إذ أن الجريمة شخصية ، و " كل نفس بما كسبت رهينة " ، " و كل إنسان ألزمناه طائره في عنقه " . ( لن يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً ) ( رواه البخاري ) .والأمر ليس أمر مزايدة بالدين علي أحد . دعك من كل ما تقدم ، وتعالي نتساءل سوياً : هل قتل هؤلاء الجنود وغيرهم هو الذي سيمهد السبيل لدعوة الإسلام وإقامة دولة الخلافة ؟ . هل جماعة الإخوان ومن لف لفها ودار في فلكها هم العصبة التي لو هلكت ما ذُكر الله في الأرض بعدها ؟ . هل القتل والتخريب والتحريق هو سبيل المؤمنين الذين يدعون إلي الله علي بصيرة ؟ . هل الفظاظة وغلظة الأكباد وعمه القلوب والألباب هو الذي سيجمع الخلائق تحت راية الإسلام ؟ . هل ما يصدر عن الجماعة حقاً هو من أجل الإسلام ؟ أم من أجل السلطة والتكالب عليها ؟ . بالقطع الأسئلة لا تنتهي لمن أراد أن يعمل العقل ويوقظ الضمير الإنساني من سباته ولا يتبع سبيل المجرمين الذين يزينون الباطل بأردية الحق حتي يلبسوا علي الناس دينهم . والمشاهد المريعة كما الأسئلة لا تنتهي كذلك ، كمشهد الطائرة التي تحترق بينما من فيها يشق صوته عنان السماء ليشهد أهل السماء والأرض أن آخر كلماته تدخله الجنة رغم أنف قاتليه . وكمشهد ضباط قسم كرداسة الذي لا يمكن لضمير بشري أن يتخطاه دون أن يشعر صاحبه بوخزة لشعوره بالتقصير حيال الولوج إلي المشهد ولو عبر شاشة التفاز حتي يتصدي لهؤلاء البغاة . إنه مشهد شديد الوطأة ، خاصة مشهد ذلك الضابط الذي طلب ماءًا يرطب به جفاف حلقه ، فإذا بهؤلاء يسقونه ماء النار " حمض النيتريك المركز ، وهو حمض معدني حارق ، سام ، شديد التآكلية ، مذيب أساسي للفضة " . أي نفوس تلك ؟ ووفق أي أفكار تتحرك ؟ . ثم يأتيك أحدهم ليقول لك : " تفجعك الإزدواجية في التعامل مع الدماء ، هناك من ينتقون اتجاه التضامن ، هناك من يبكون لدماء ويفرحون لدماء أخري " . والواقع أن في ذلك افتئات علي الحق والحقيقة . لأنه لا مفاضلة بين الدماء ، وإنما المفاضلة تأتي من موقع البناء من الحق ، ولا يستوي الذي يجرمون مع الذين لا يجرمون من حيث شرعية الفعل من عدمه . ومع ذلك فإن كان هناك من يفرح فهي تلك الفئة الباغية التي خرجت علي المجتمع والدولة وعاثت في الأرض فساداً ، " وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون " . فهل يا تري من قتلوا شهداء الشرطة العسكرية في مسطرد قد صلوا الفجر في جماعة وختموا الصلاة ، ودعوا الله دعاء المخبتين أن يوفقهم في قتل أفراد الكمين ، وأن يزرعوا القنابل حتي تحصد المزيد من الأرواح ممن يأتون في الصباح ، يا لها من جريمة في حق الإسلام قبل أن تكون في الشعب المصري .
كييف/اوكرانيا بالعربية/هناك العديد من المشاهد التي يسعي المرء جاهداً للفرار منها ، إذ أن هذه المشاهد تضغط بإلحاح علي وجدان الإنسان فتسلبه اللحظة الراهنه ، وهذه المشاهد غالباً ما تكون مشاهد مؤلمة إلي حد يصعب احتماله أو الصبر عليه . يخرج منها الإنسان منهكاً نفسياً وبدنياً وذهنيا ، وقد تسلمه إلي حالة من الإكتئاب المؤقت أو الدائم . ومن هنا كان بحث الإنسان عن مخرج للهروب من الحالة أو الإنتشال منها . ومن المشاهد المؤلمة التي هزتني بعنف وكأن قلبي قد ضربه زلزال مدمر مشهد جنود مصر من الشرطة العسكرية الذين اغتالتهم أيادي الغدر والخسة والنذالة في كمين مسطرد .
المشهد مروع حقاً يدعوك للهروب بعينيك عن المشاهدة وإلا توقف قلبك عن الخفقان . كما توقفت بهم الحياة عند هذا المشهد ، وانتهت الدنيا بهم عند هذا الحد ، وقامت قيامتهم بالبرزخ الذي يُضرب بين الأحياء والأموات . تركوا الأهل والأحباب ، تركوا الأحلام ، تركوا الطموحات ، تركوا الأمل . المشكلة ليست لديهم ، وإنما المشكلة لدي الأحياء الذين خلفوهم وراء ظهورهم ، وما تركوا لهم سوي الألم يعتصر أكبادهم . فجأة وعلي حين غرة امتدت يد الغدر لتغتال الحياة وتهدم بنيان الله بغير حق . وهنا يحق التساؤل المشروع ويلح علي كل ذي عقل : بأي ذنب قتلوا ؟ . شباب لبي نداء الوطن لآداء الواجب ، واجب خدمة الوطن والدفاع عنه بحق ضد أي عدو يتهدده سواء بالداخل أو بالخارج ، يعمل في إطار من المشروعية بكل الشرف والأمانة ، لأنه يؤدي واجبه الذي يفرضه عليه القانون ، ويرتضيه له الوطن .
وهو من باب الشرع مكرم من الله لأن عينه باتت تحرس في سبيل الله ، فبأي ذنب أُطفيء نور تلك العين ؟ . وهل يُسأل الشهداء عن ذنوبهم وهم ما أصبحوا كذلك إلا باختيار الله لهم ؟ . أم أنهم من الذين يدخلون الجنة بغير حساب ؟ . وإذا افترضنا أن هؤلاء الجنود كانوا قد امتنعوا عن الإمتثال لأوامر أولي الأمر منهم ، فهل يمكن أن يعد هذا التصرف تصرفاً قانونياً وطنياً نبيلاً ؟ . وهل يعد من المروءة الإمتناع عن تلبية نداء الأوطان ؟ . ولذا فإن دعوات القرضاوي لهم بذلك ذهبت أدراج الرياح ، واستقرت في المكان اللائق بها حيث توجد مزابل التاريخ في شرف استقبالها . وكان جزاء النبل والمروءة والشرف والوطنية التي تجسدت في هؤلاء الجنود البواسل تلك الفتوي الشيطانية التي أصدرها محمد عبد المقصود بجواز قتلهم متجاهلاً آيات ربه وسنة نبيه ، فهم لم يقتلوا أحداً  ولو علي سبيل الظن ، ونحن قوم لا نأخذ الناس بالظنة ، ولم يفسدوا في الأرض يقيناً كما يدل حالهم ، ولا يحل قتلهم بفعل غيرهم ، إذ أن الجريمة شخصية ، و " كل نفس بما كسبت رهينة " ، " و كل إنسان ألزمناه طائره في عنقه " . ( لن يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً ) ( رواه البخاري ) .والأمر ليس أمر مزايدة بالدين علي أحد . دعك من كل ما تقدم ، وتعالي نتساءل سوياً : هل قتل هؤلاء الجنود وغيرهم هو الذي سيمهد السبيل لدعوة الإسلام وإقامة دولة الخلافة ؟ . هل جماعة الإخوان ومن لف لفها ودار في فلكها هم العصبة التي لو هلكت ما ذُكر الله في الأرض بعدها ؟  . هل القتل والتخريب والتحريق هو سبيل المؤمنين الذين يدعون إلي الله علي بصيرة ؟ . هل الفظاظة وغلظة الأكباد وعمه القلوب والألباب هو الذي سيجمع الخلائق تحت راية الإسلام ؟ . هل ما يصدر عن الجماعة حقاً هو من أجل الإسلام ؟ أم من أجل السلطة والتكالب عليها ؟ .
بالقطع الأسئلة لا تنتهي لمن أراد أن يعمل العقل ويوقظ الضمير الإنساني من سباته ولا يتبع سبيل المجرمين الذين يزينون الباطل بأردية الحق حتي يلبسوا علي الناس دينهم . والمشاهد المريعة كما الأسئلة لا تنتهي كذلك  ، كمشهد الطائرة التي تحترق بينما من فيها يشق صوته عنان السماء ليشهد أهل السماء والأرض أن آخر كلماته تدخله الجنة رغم أنف قاتليه . وكمشهد ضباط قسم كرداسة الذي لا يمكن لضمير بشري أن يتخطاه دون أن يشعر صاحبه بوخزة لشعوره بالتقصير حيال الولوج إلي المشهد ولو عبر شاشة التفاز حتي يتصدي لهؤلاء البغاة . إنه مشهد شديد الوطأة ، خاصة مشهد ذلك الضابط الذي طلب ماءًا يرطب به جفاف حلقه ، فإذا بهؤلاء يسقونه ماء النار " حمض النيتريك المركز ، وهو حمض معدني حارق ، سام ، شديد التآكلية ، مذيب أساسي للفضة " . أي نفوس تلك ؟ ووفق أي أفكار تتحرك ؟ . ثم يأتيك أحدهم ليقول لك : " تفجعك الإزدواجية في التعامل مع الدماء ، هناك من ينتقون اتجاه التضامن ، هناك من يبكون لدماء ويفرحون لدماء أخري " . والواقع أن في ذلك افتئات علي الحق والحقيقة . لأنه لا مفاضلة بين الدماء ، وإنما المفاضلة تأتي من موقع البناء من الحق ، ولا يستوي الذي يجرمون مع الذين لا يجرمون من حيث شرعية الفعل من عدمه . ومع ذلك فإن كان هناك من يفرح فهي تلك الفئة الباغية التي خرجت علي المجتمع والدولة وعاثت في الأرض فساداً ، " وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون " . فهل يا تري من قتلوا شهداء الشرطة العسكرية في مسطرد قد صلوا الفجر في جماعة وختموا الصلاة ، ودعوا الله دعاء المخبتين أن يوفقهم في قتل أفراد الكمين ، وأن يزرعوا القنابل حتي تحصد المزيد من الأرواح ممن يأتون في الصباح ، يا لها من جريمة في حق الإسلام قبل أن تكون في الشعب المصري .

حسن زايد

كاتب عربي ومدير عام


المصدر: أوكرانيا بالعربية

مشاركة هذا المنشور:
الأخبار الرئيسية
سياسة
ليتوانيا تقدم مساعدات عسكرية جديدة إلى أوكرانيا
سياسة
بيربوك: أوكرانيا تحتاج إلى أسلحة بعيدة المدى للدفاع عن خاركيف
رياضة
زيلينسكي: أوكرانيا فعلت كل ما يلزم للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي
أخبار أخرى في هذا الباب
آراء ومقالات
عن النصر والخوف والمعارضة...بقلم رئيس حركة "الأخوية القتالية الأوكرانية" بافلو جيربيفسكي
آراء ومقالات
الفساد العظيم الذي ضيّع أوكرانيا!..حسين الراوي
آراء ومقالات
الإجرام الروسي والطفولة الأوكرانية..حسين الراوي
تابعونا عبر فيسبوك
تابعونا عبر تويتر
© Ukraine in Arabic, 2018. All Rights Reserved.