أوكرانيا بالعربية | الحرب السورية تنتقل الى لبنان بقوة التفجيرات.. والحرب السعودية الايرانية تظهر الى العلن... بقلم عبد الباري عطوان
كييف/أوكرانيا بالعربية/لم يشكل الهجومان الانتحاريان اللذان استهدفا السفارة الايرانية في قلب بيروت اي مفاجآت للمراقبين، والشيء نفسه يمكن ان يقال ايضا عن تبني كتائب عبدالله عزام التابعة لتنظيم "القاعدة" لهما، لان انتقال الحرب الطاحنة في سورية الى لبنان، وبصورة اكثر دموية كان متوقعا، بل شبه حتمي.
لا نضيف جديدا عندما نقول ان الهدف من هذا الهجوم المزدوج ممارسة ضغط على الطرفين، اي حزب الله وايران معا، من اجل سحب قواتهما من سورية اولا، واشعال فتيل الصراع الطائفي السني الشيعي في لبنان، ونقل الحرب اليه ثانيا لان حزب الله لا يستطيع خوض حربين معا داخل لبنان وفي سورية في الوقت نفسه وان استطاع فبتكلفة عالية جدا، فهناك اكثر من 700 الف لاجيء سوري في لبنان حاليا معظمهم من ابناء الطائفة السنية، ووجودهم ادى الى حدوث انقلاب في التوازن الطائفي في لبنان وتغيير المعادلة الديمغرافية الحساسة لمصلحة السنة وحلفائهم، خاصة اذا نجحت محاولات تجنيدهم او نسبة كبيرة من شبابهم في ميليشيات مناهضة لحزب الله وايران معا، وجعلهم مخزونا مهما في حال اندلاع حرب الطوائف مجددا وبشكل موسع في لبنان.
السيد حسن نصرالله زعيم "حزب الله" اعلن في خطابه الذي القاه يوم الخميس الماضي بمناسبة ذكرى عاشوراء، بأن قواته باقية في سورية لانها تقاتل حتى النهاية دفاعا عن المقاومة ومعسكرها وقضية فلسطين، وهذا يعني بانها لن تنسحب تحت اي ضغط من الضغوط ومهما تعاظم هذا الضغط.
سورية تشهد حاليا حرب "حياة او موت" بين المملكة العربية السعودية من ناحية وايران من الناحية المقابلة، تتخذ بعدا طائفيا صريحا، وهي حرب مرشحة للامتداد الى المنطقة بأسرها دون استثناء، وخاصة دول الجوار في لبنان والاردن وتركيا والعراق.
القيادة السعودية قررت ان تخوض حرب اسقاط النظام السوري بمفردها، بعد ان تخلت عنها امريكا، وفضلت التحالف مع الهلال الشيعي على انقاض تحالفها الاستراتيجي مع السنة بقيادة السعودية، وفتحت حوارا استراتيجيا مع ايران يمكن ان يكلل باتفاق في لقاء الغد في جنيف بين الاخيرة والدول الست العظمى يؤدي الى تخفيف العقوبات الاقتصادية، وفك التجميد عن 60 مليار دولار من الاموال الايرانية في البنوك الغربية، والاعتراف بايران قوة اقليمية عظمى يمكن تقاسم النفوذ معها في المنطقة.
صحيح ان الامير بندر الذي يتخذ من الاردن قاعدة له للتعاطي مع تطورات الملف السوري وتبعاته وتسليح المعارضة، اسس "جيش الاسلام"، وبموازاة ذلك يمول تأسيس جيش آخر اكثر احترافية تحت اسم "جيش محمد" من المقرر ان يصل تعداده الى ربع مليون جندي، يكون بمثابة قوات "تدخل سريع" سعودية في الحروب الحالية والمقبلة خاصة في اليمن والعراق علاوة على سورية ولبنان، ولكن الصحيح ايضا ان الطرف الآخر المقابل لا يمكن الاستهانة به وبقدراته العسكرية الهائلة، وخبراته القتالية ايضا.
السؤال الذي يطرح نفسه بقوة، كيف سيكون الرد على مثل هذا التفجير، الذي هو الثالث من نوعه في الضاحية الجنوبية لبيروت في اقل من عام واين؟
هناك نظريتان في هذا الصدد، الاولى تقول بان قيادة "حزب الله" ستتحلى بضبط النفس مثلما فعلت ازاء التفجيرين السابقين، لانها تدرك جيدا ان الهدف هو استفزازها للرد بأعمال مماثلة في لبنان، في وقت تنشغل فيه في حرب اهم في سورية بعيدا عن جبهتها الداخلية، اما الثانية فتقول عكس ذلك، وان الرد هذه المرة بات حتميا بطريقة او باخرى، ولكن ليس في لبنان على الارجح، ولا بد ان نذّكر بمناشدة السيد نصر الله لخصومه اللبنانيين بحصر الحرب بالارض السورية بعيد عن لبنان، ولكنها لم تجد آذانا صاغية، فيما يبدو لان خصومه يعرفون جيدا ان نقطة ضعفه لبنان.
نرجح النظرية الاولى، اي ضبط النفس، ولكننا لا نستبعد الثانية، بعد ان اصبحت الحرب مكشوفة، واطرافها معروفة لا تخفي هويتها ولا نواياها، ومن هنا قد تكون السفارة السعودية في لبنان احد الاهداف، وتفعيل او تثوير الطائفة الشيعية في السعودية ونظيراتها في دول خليجية من بين الخيارات الاخرى.
الحرب العراقية الايرانية بدأت بشرارة تفجير في جامعة المستنصرية في بغداد، ومحاولة اغتيال طارق عزيز على ايدي مجموعة قيل انها تنتمي الى حزب الدعوة الحاكم رئيسه حاليا في العراق، ولا نستغرب اذا ما شكلت عملية هجوم اليوم على السفارة الايرانية في بيروت شرارة حرب اغتيالات وتفجيرات وربما ما هو اكثر.
عبد الباري عطوان
رئيس تحرير القدس العربي سابقا
رئيس تحرير ومؤسس صحيفة "راي اليوم" الالكترونية
محلل سياسي وكاتب عربي