الغاز الأميركي بديل للروسي قريباً؟ ... بقلم كامل عبدالله الحرمي
كييف/أوكرانيا بالعربية/منذ عقود وتعدّ روسيا أكبر مصدّر للغاز الطبيعي إلى الدول الأوروبية إذ تبيعها نحو 156 بليون متر مكعب سنوياً. وتعتمد دول الاتحاد السوفياتي السابق في شكل رئيس على الإمدادات الروسية من الغاز والنفط. وزادت روسيا من إمداداتها من الغاز إلى أوروبا من 20 في المئة من إجمالي استهلاك القارة البالغ 515 بليون متر مكعب سنوياً عام 2010 إلى 30 في المئة الآن. وتبلغ الإمدادات الروسية من النفط إلى أوروبا 35 في المئة من إجمالي استهلاك القارة.
وتزود روسيا كلاً من ألمانيا وتركيا وإيطاليا وهنغاريا وفرنسا والنمسا بنسب تتراوح ما بين 10 و35 في المئة من إجمالي استهلاك هذه الدول من الغاز، في حين تزود النرويج فرنسا وبريطانيا بنحو 32 بليون قدم مكعبة سنوياً من الغاز، وتزود الجزائر وقطر كذلك بريطانيا وإيطاليا وإسبانيا بالغاز. ومع الأزمة الحالية القائمة بين روسيا من جهة وأوروبا والولايات المتحدة من جهة أخرى على خلفية ضم موسكو شبه جزيرة القرم الأوكرانية، برزت مشكلة تأمين الغاز الروسي إلى أوروبا وكيفية ضمان وصول الإمدادات أولاً وتحديد الزيادات المتوقعة لأسعار الغاز ثانياً، خصوصاً أن جزءاً أساسياً من الغاز الروسي المصدّر إلى أوروبا يمر عبر أوكرانيا.
ولكييف حصة منه قطعتها موسكو أخيراً بسبب خلاف على التسعير. ومن حسن حظ أوروبا أن الأزمة لم تبدأ مع بداية فترة الشتاء القارس وإلا لانقلبت الأمور إلى الأسوأ مع غياب البديل، فإغلاق روسيا خط الأنابيب إلى أوكرانيا وأوروبا وقطع الغاز ورفع أسعاره كفيل بخلق أزمة في أسعار الغاز وإلهاب أسعار الطاقة عموماً، ولحصل تسابق وتزاحم من أجل السيطرة على الأسواق مع زيادة أسعار الغاز وبمعدلات نارية كما جرى في أكثر من مناسبة في السابق.
من هنا انطلقت المبادرات الأميركية والأوروبية لإيجاد بديل آمن آخر وفي أسرع وقت وقبل حلول الشتاء المقبل. فأوروبا بدأت تستعجل الولايات المتحدة بتزويدها بالغاز الصخري، والولايات المتحدة تريد في الوقت ذاته من أوروبا الإسراع في البحث والتنقيب عن الغاز الصخري وأن تضع المخاوف البيئية جانباً إلى أن تجد البديل وألا تعتمد على المصادر الخارجية. والولايات المتحدة لا تستطيع أن تلبي احتياجات أوروبا كلها، ومن ثم قد لا يكون بد من زيادة واردات أوروبا من الغاز الطبيعي من إيران وزيادة استيراد الغاز من الجزائر وقطر بأسرع وقت ممكن.
قد تخسر روسيا نحو 60 بليون دولار نتيجة لمقاطعة أوروبا ولكن أوروبا ستخسر بالمقدار ذاته على الأقل من صادرتها من السلع والبضائع المختلفة.
وقد تكون ألمانيا من أكبر المتضررين مقارنة ببقية الدول الأوروبية، خصوصاً أنها تعتمد بأكثر من 30 في المئة على الغاز الروسي. ويُتوقَّع أن ترفع روسيا أسعارها بأكثر من 100 دولار لكل 1000 متر مكعب إلى معدل 380 دولاراً.
ومع ذلك لن تستطيع أوروبا الاستغناء عن الغاز الروسي في المدى القريب والمتوسط. وفي المدى البعيد، أي عند مع وصول الغاز الصخري الأميركي وربما الأوروبي إلى أوروبا، ستنخفض أسعار الغاز عالمياً ما سيشكل تهديداً للغاز الروسي. وفي الوقت الحاضر يجب أن يكون التعامل على درجة من المسؤولية إلا أن البدائل آتية لا محال وأهمها النفط الصخري الأميركي وربما الأوروبي، والنفط الصخري بدأ يغير المعايير والإستراتيجيات الثابتة.