قراءة في مقابلة فاليري زالوجني.. هل ستخضع أوكرانيا لطاولة المفاوضات؟! .. حسين الراوي

كييف/ أوكرانيا بالعربية/ من خلال مقابلة في مجلة الإيكونوميست مع الجنرال فاليري زالوجني القائد العام للقوات المسلحة لأوكرانية، تطرق فيها للصراع العسكري الروسي مع أوكرانيا وحلف الناتو.

ولقد أحدثت تلك المقابلة ضجة كبيرة جداً على صعيد عالي في أوكرانيا ودول حلف الناتو، وذلك لأن الإجابات التي صرّح بها الجنرال فاليري زالوجني كانت صريحة وشفافة وواضحة. 

الأمر الذي جعل الرئيس الأوكراني زيلينسكي يرد على ما قاله فاليري زالوجني في ذلك اللقاء في وصفه أن "النزاع في أوكرانيا وصل إلى طريق مسدود"، وأن الهجوم المضاد الأوكراني تكلل بالفشل، وبأن الجيش الأوكراني لم يحقق أي اختراق في صفوف الجيش الروسي، وبأن كل الحسابات العسكرية كانت خاطئة.

حيث قال زيلينسكي خلال مؤتمر صحافي في كييف مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين في يوم السبت 4/ 11/ 2023 : "كييف كانت في ظروف أكثر صعوبة، خاصة في بداية الصراع". وقال أيضاً زيلينسكي: " كلنا بشر في النهاية بغض النظر عن مكانتنا ومراكزنا لكننا لسنا في طريق مسدود". 

وذكر زيلينسكي أن المشكلة الرئيسية في قتال الجيش الأوكراني للجيش الروسي تكمن في أن الروس يُسيطرون ويتحكمون في المجال الجوي، وأن حل هذه المشكلة يكون بتوريد مقاتلات (F-16) لسلاح الجو الأوكراني وتدريب الطيارين الأوكرانيين على قيادتها، وهذا ما تنتظره أوكرانيا.

ولقد تعرض الجنرال فاليري زالوجني عقب ذلك اللقاء لهجوم من قِبل إيغور جوفكفا نائب رئيس مكتب الرئاسة الأوكراني في لقاء تلفزيوني معه، حيث قال إيغور أن تصريحات فاليري أثارت الكثير من التساؤلات بين الأوكرانيين، وإنه لم يكن أمراً جيداً لقائد الجيش الأوكراني فاليري زالوجني أن يُصرّح لوسائل الإعلام الغربية بحقيقة الوضع على الجبهة. 

وقال إيغور في اللقاء التلفزيوني: "لو كنت محل هؤلاء العسكريين، كان آخر شيء سأفعله هو التعليق للصحافة وللجمهور بشكل مفتوح وصريح حول ما يحدث على الجبهة، وما يمكن أن يحدث على الجبهة، والحديث عن خيارات ما". وقال إيغور أيضا: "تلقيت اتصالات من مكاتب بعض الزعماء من شركائنا. هم في حالة ذعر، ويسألون: ماذا يجب أن أبلغ زعيم بلادي؟ هل أنتم حقا في طريق مسدود؟". وقال إيغور: “هل هذا هو التأثير الذي أردنا تحقيقه من خلال تلك المقالة”؟!

وفيما يلي أُقدم قراءة لأهم ما ذكره القائد العام للقوات المسلحة لأوكرانية الجنرال فاليري زالوجني في ذلك اللقاء.

1- روسيا لا زالت منذ عامين (تقريبًا) إلى هذا التاريخ متقدمة عسكرياً في صراعها المسلح مع أوكرانيا على الرغم من دعم حلف الناتو لها. 

2- الفشل الأكيد لعمليات الهجوم المضاد العسكري الأوكراني على الجيش الروسي، حيث لم يتم تحقيق الأهداف المرجوّة منه، والمُتطلّع لها عسكرياً ولو بأدنى الطموحات التي كانت منتظرة منه. 

3- أن سلاح الطيران الروسي له الغلبة في بسط نفوذه وسطوته على سماء المعركة الناشبة الآن بين أوكرانيا وروسيا. وذلك لأن حلف الناتو لم يُموّل الجيش الأكراني البطل بما يحتاجه من طائرات مقاتلة يواجه بها القوات الروسية، وهذا خطأ فادح ومؤلم أن يفعل هكذا حلف الناتو بأوكرانيا وهو يتفرّج عليها وهي لم تحقق أي نجاحات كبيرة في جبهات القتال منذ فبراير العام الفائت 2022 !

4- أن حلف الناتو إلى الآن لم يقدم لأوكرانيا الدعم العسكري الوافر الذي يحقق لها نتائج فارقة في معركتها مع الروس، من السلاح الذي يسد حاجتها ويجعلها في مأمن من نقص السلاح والذخيرة في حربها ضد الجيش الروسي الفاشي، خاصة وأنه ربما تكون هذه الحرب طويلة المدة. 

5- أن الجيوش الأوكرانية والروسية معظمها متمركز في الخنادق في حالة التأهب والاستعداد. خاصة وأن السياسة العسكرية الروسية تلعب على إطالة المدة الزمنية للحرب.

6- أن استخبارات الجيش الأوكراني عاجزة عن تحقيق نقاط ناجحة وهامة ضد القوات الروسية.

7- أن الروس نجحوا في استغلال فترة ما قبل الهجوم المضاد بإنشاء وتعزيز خطوط دفاع قوية التحصين ومدعومة بأعداد كبيرة جداً من الألغام التي تزيد من صعوبة الوصول إلى خطوط الدفاع تلك!

8- أن الجيش الروسي على الرغم من أنه فقد أكثر من 150 ألف جندي في ساحة المعركة إلا أن هذا الرقم لم يجعل الروس يضعفون عسكرياً. 

9- أن صراع الأحزاب السياسية في دول حلف الناتو يؤثر بشكل سلبي كبير على كسب أوكرانيا للحرب. 

10- أن أوكرانيا تحتاج للدعم العسكري التكنولوجي السريع لتقاتل الروس بشكل أفضل.

وفيما يخص مستقبل الحرب الأوكرانية الروسية فإنه بدأت الآن تكثر وترتفع تلك الأصوات التي تطرح فكرة مفاوضات السلام بين أوكرانيا وروسيا بشكل علني دون تردد، حيث يرى مجموعة من المسؤولين السياسيين في دول حلف الناتو أن الوقت حان الآن لبدء أوكرانيا مفاوضات سلام مع روسيا لعدة اعتبارات هامة متعلقة في وصول الحرب بين الطرفين لطريق مسدود، وبسبب الدعم المتواصل المالي والعسكري والسياسي المرهق الذي تحتاجه أوكرانيا، وبسبب حالة الضعف العسكرية التي وصل إليها الجيش الأوكراني بسبب شلل آلية التجنيد وبسبب الفساد الإداري الذي طال قطاعات مختلفة في الجيش الأوكراني، وبسبب ضعف الاهتمام الدولي الذي وصلت له القضية الأوكرانية خاصة بعد الحرب التي لا زالت ناشبه بين حماس والكيان الصهيوني.

ولقد نشرت NBC NEWSعلى موقعها في 4 نوفمبر 2023، أن "المسؤولين الأمريكيين والأوروبيين يطرحون موضوع مفاوضات السلام مع أوكرانيا، وتضمنت المحادثات الخطوط العريضة للغاية لما قد تحتاج أوكرانيا إلى التخلي عنه للتوصل إلى اتفاق مع روسيا، وقال المسؤولون إن بعض المحادثات، التي وصفها المسؤولون بأنها حساسة، جرت الشهر الماضي خلال اجتماع لممثلي أكثر من 50 دولة تدعم أوكرانيا، بما في ذلك أعضاء الناتو، المعروفة باسم مجموعة الاتصال الدفاعية الأوكرانية. وقال المسؤولون إن المناقشات هي اعتراف بالديناميكيات العسكرية على الأرض في أوكرانيا وعلى المستوى السياسي في الولايات المتحدة وأوروبا. وقال مسؤولون إن المحادثات بدأت وسط مخاوف بين المسؤولين الأميركيين والأوروبيين من أن الحرب وصلت إلى طريق مسدود وبشأن القدرة على مواصلة تقديم المساعدات لأوكرانيا.

 وقال المسؤولون إن مسؤولي إدارة بايدن يشعرون بالقلق أيضًا من نفاد القوات في أوكرانيا، في حين أن لدى روسيا إمدادات لا نهاية لها على ما يبدو. وتكافح أوكرانيا أيضًا من أجل التجنيد وشهدت مؤخرًا احتجاجات عامة حول بعض متطلبات التجنيد المفتوحة التي فرضها الرئيس فولوديمير زيلينسكي وقال المسؤولون إن هناك قلقا في الحكومة الأمريكية إزاء مدى تراجع الاهتمام العام بالحرب في أوكرانيا منذ بدء الحرب بين إسرائيل وحماس قبل شهر تقريبا. ويخشى المسؤولون أن هذا التحول قد يجعل تأمين مساعدات إضافية لكييف أكثر صعوبة. بدأ بعض المسؤولين العسكريين الأمريكيين بشكل خاص في استخدام مصطلح "الجمود" لوصف المعركة الحالية في أوكرانيا، حيث يقول البعض إن الأمر قد يقتصر على الجانب الذي يمكنه الاحتفاظ بقوة عسكرية لأطول فترة. ولا يحرز أي من الجانبين خطوات كبيرة في ساحة المعركة، التي يصفها بعض المسؤولين الأميركيين الآن بأنها حرب البوصات. وقال المسؤولون أيضًا في أحاديث خاصة إن أوكرانيا ليس لديها على الأرجح سوى مهلة حتى نهاية العام أو بعد ذلك بوقت قصير قبل بدء مناقشات أكثر إلحاحًا حول مفاوضات السلام. وقال مسؤولون إن المسؤولين الأميركيين تبادلوا وجهات نظرهم بشأن هذا الجدول الزمني مع الحلفاء الأوروبيين".

ولقد قال الرئيس زيلينسكي خلال مؤتمر صحافي في كييف مع رئيسة المفوضية الأوروبية: "لا أحد من شركائنا يضغط علينا للجلوس إلى طاولة مفاوضات مع روسيا وتقديم تنازل لها".

لكن هناك أخباراً متواترة ومعلومات مسرّبة تثبت أن زيلينسكي يتعرض لضغوطات دولية من أجل وقف الحرب عن طريق مفاوضات سلام مع الروس؟ تنتهي بتنازل أوكرانيا عن أراضيها التي احتلتها روسيا في حربها الأخيرة معها.

ولقد كان الدبلوماسي المعروف هنري كيسنجر وزير الخارجية الأميركي الأسبق هو أول شخص اقترح بشكل علني أن ترضى أوكرانيا بالعودة إلى (الوضع السابق) قبل الحرب، عبر صفحته في تطبيق إكس (تويتر سابقاً)، في العام الماضي، أي ما يعني أن تبقى شبه جزيرة القرم تحت الهيمنة الروسية، وأن يُمنح الحكم الذاتي (لجمهوريتيّ) دونيتسك ولوغانسك (الشعبيتين)، وذلك من أجل تحقيق السلام حسب اقتراح كيسنجر، وإنه رأي منذ ذلك الوقت أن تصبح دونيتسك ولوغانسك أساساً للمفاوضات بعد وقف إطلاق النار والانسحاب الروسي.

ولقد قال كيسنجر في تاريخ 7 مايو 2023 لشبكة سي بي إس نيوز الأميركية، في مقابلة معه: "الآن بعد أن دخلت الصين في مسار المفاوضات، أعتقد أنه بحلول نهاية العام سوف نتحدث عن عمليات تفاوض ومفاوضات فعلية بين روسيا وأوكرانيا".

وكان أيضاً إيلون ماسك الملياردير الأمريكي القريب من إدارة الرئيس جو بايدن من أوائل البارزين الذين طرحوا فكرة سلام بين أوكرانيا وروسيا، وذلك في شهر أكتوبر عام 2022، عبر حسابه في تطبيق (إكس)، حيث دعا إيلون ماسك أوكرانيا بالاعتراف رسميا بشبه جزيرة القرم المُحتلة عام 2014 بأنها روسية، وأن يُجرى استفتاء شعبي وانتخابات تحت إشراف الأمم المتحدة في 4 مناطق محتلة في شرقي أوكرانيا، قامت روسيا بضمها لها بعد الحرب بالإضافة إلى مواطني شبه جزيرة القرم، من أجل أن يقرروا بأنفسهم حق تقرير المصير بانتمائهم لروسيا أو أوكرانيا، ولقد طلب إيلون ماسك من متابعيه من مستخدمي (إكس) التصويت بـ (نعم أو لا) على مقترحه للسلام!

في نهاية هذه السطور، أنا شخصياً أظن أن طاولة مفاوضات السلام بين أوكرانيا وروسيا ستكون جاهزة ومستعدة لاستقبال أطرافها بعد وقت قصير، خاصة وأن الانتخابات الأميركية اقترب موعدها، حيث أن الديمقراطيين بدأوا يسأمون من تلك الحرب التي أشغلتهم وأرهقتهم مادياً وسياسياً، وهذا ما سوف يجعلهم يراجعون حساباتهم أكثر من مرّة في دعم أوكرانيا إن هُم وصلوا للحكم من جديد، أما إن وصل الجمهوريين إلى حُكم أمريكا فحتماً أنهم سيدفعون بكل قوتهم ومقدرتهم لوقف الحرب الأوكرانية الروسية.

ولأن الظن غير الأمنيات أتمنى أن تنتصر أوكرانيا في حربها، وأن تستعيد السيادة على كل شبر من أرضها أحتله الروس.

المصدر: أوكرانيا بالعربية

 

 

مشاركة هذا المنشور:
أخبار مشابهة
سياسة
بيسكوف يزعم أن روسيا لم تشن حرباً ضد أوكرانيا
سياسة
الرئيس الأوكراني يقيل قائد قوات العمليات الخاصة
سياسة
الدفاع البريطانية تشير إلى خسائر كبيرة لروسيا في أفدييفكا الأوكرانية
سياسة
وكالات: ممثلو أمريكا وأوروبا يبحثون مع أوكرانيا التفاوض مع روسيا
الأخبار الرئيسية
سياسة
الرئيس الأوكراني يقيل سفراء بلاده بعدد من الدول والمنظمات
سياسة
فيتسو: زيلينسكي عرض علي 500 مليون يورو مقابل دعم انضمام أوكرانيا للناتو
سياسة
المستشار الألماني يعلن إمدادات عسكرية جديدة لأوكرانيا
أخبار أخرى في هذا الباب
آراء ومقالات
التشيك تعترف بترحيل شعب تتار القرم باعتباره عملاً من أعمال الإبادة الجماعية
آراء ومقالات
مركز موارد تتار القرم يطلق حملة في الشبكات الاجتماعية بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان
آراء ومقالات
القمع في شبه جزيرة القرم المحتلة: وحشية بلا حدود
تابعونا عبر فيسبوك
تابعونا عبر تويتر
© Ukraine in Arabic, 2018. All Rights Reserved.