أوكرانيا بالعربية | سلطة الدب الروسي الأبيض أكبر بكثير مما توقعــة مسيروا ميدان أوكرانيا... بقلم د. نوفل حمداني

هي إذن حرب باردة جديدة بين القوى العضمى في العالم،بين روسيا صاحبة المعسكر الشرقي، و أمريكا داعمة الديموقراطيات و الحريات الزائفة... حرب بدأت في سوريا لتنتقل بعد ثلاث سنوات إلى أوكرانيا. أوكرانيا الحليف و الصديق الحميم لروسيا يكشر عن أنيابه بعد إسقاط الرئيس يانوكوفتش و إعتلاء كرسي العرش لمعارضــة طالما هللت و رقصت على موسيقى الروك الأمريكي و ترنمت على ألحان الأوبرا الأوروبية ..

كييف/أوكرانيا بالعربية/هي إذن حرب باردة جديدة بين القوى العضمى في العالم، بين روسيا صاحبة المعسكر الشرقي، و أمريكا داعمة الديموقراطيات والحريات الزائفة... حرب بدأت في سوريا لتنتقل بعد ثلاث سنوات إلى أوكرانيا. أوكرانيا الحليف والصديق الحميم للدب الروسيا الذي كشر عن أنيابه بعد إسقاط الرئيس يانوكوفتش و إعتلاء كرسي العرش لمعارضــة طالما هللت و رقصت على موسيقى الروك الأمريكي وترنمت على ألحان الأوبرا الأوروبية .. 

و رغم أن الطرف الأمريكي ممثلا في وزير خارجيته جون كيري أكــد أنّ بلاده لا تريد العودة إلى الحرب الباردة مع روسيا، على الرغم من أنّه وصف تحركات موسكو الأخيرة المتعلقة بأوكرانيا بالعدوان.. إلا أن  ومن الواضح أن الموضوع أكبر بكثير من ذلك. فالتدخل الكبير  في شؤون أوكرانيا الداخلية من كلا الطرفين يؤجج المــوقف و يرفع من حدة الصراع ...

هذا الصراع القديم-الجديد يذكرنا بعدة أحداث غيرت و منذ الإستقلال المسارالسياسي الأوكراني. فلا عجب أنه و منذ انحلال الاتحاد السوفياتي، ظــهر في الأفق مساران إثنان، أولهـمـا: إعتبر التحالف مع روسيا هو بمثابة خطــوة نحـو استمرار مدة بقاء هيمنة موسكــو على أوكرانيا، و ثانيهمـا: أكد على إمكانية صياغة علاقة ذات مصالح مشتركـة... وهنـا بدأ الغرب في استلهـام فكرة إبعاد روسيا عن أوكرانيا و جعلهــا جدارا حاجزا أمام مد الإمبراطــورية الشرقية العضمــى ... فما فتىء الغرب يحمل على أوكرانيا أوزار إبقائها على السلاح النووي السوفييتي و دعاها إلى التخلي عنه بما سمي باتفاق مدريد الموقع في 23 مايو 1992م..لكــن لم يوفق الصديق الجديد في حــل نزاعين كبيرين، ألا و همــا الأسطــول البحري المتاخم لميناء سيفاستوبول و مشكلة شبه جزيرة القرم ..

هذا الأسطــول الذي يعتبر واحدا من أهم الأساطيل السبعــة التي ورثتها روسيا الجديدة عن الحقبة السوفييتية، بإعتبارها الوصي المأتمن.. تأجج الصراع حـوله في  عام 1993-1994م حيث أصرت روسيا على الإنفراد بتسييره . الشيء الذي جعل الولايات المتحدة الأمريكية تلعب دور الوسيط لحل هذا الخلاف مع أوكرانيا، لكن في المقابل قرر الرئيس يلتسن حينها الرد بقسوة على المقترح الأمريكي...و بعدها بـعشرة سنوات عاد الصراع الأوكراني الروسي حــول أسطــول سيفوستوبول بعد وصول قيادة  الثــورة البرتقالية إلى الحكم المـوالية للولايات المتحدة والغرب...لكن و بعد تسلم الحليف و الصديق الوفي لمــوسكــو زمام الأمور، قرر فيكتور يانوكــوفتش (الرئيس الأوكراني آنذاك) مجاملــة السيد بوتين بتمديد فترة بقاء هذا الاسطــول إلى سنة 2042م.

أما القرم، فهي شبه جزيرة ضمها الرئيس السوفييتي خروتشوف إلى أوكرانيا، و أعطـاها حكما ذاتيا ضُمِن لها حتى بعيد انحلال الاتحادي السوفياتي سنة 1992م، فكانت لها حرية التجارة و المعاملات و التصرف في كل شئ مع إحترام الدستور الأوكراني العام.. لكن مشكلة انفصـال القرم بقيت قائمة وعلى مرور الزمن و تعاقب الرؤساء الأوكران ...لتصبح  ورقة ضغط على أوكرانيا وعلى الغرب ... 

و لعل آخــر ما حدث من تغيرات سياسية في أوكرانيا، جعــل القطب الروسي يحمل العصى ليضرب الغرب ويألــم السلطــة الحاكمة الجديدة في كييف و يمنعها من التنعم و الوصــول إلى مبتغاها بترك روسيا الأم.. روسيا التي دعمت الرئيس يانوكوفتش و ووقفت إلى جانبه لحـل الأزمة السياسية .. وكانت شاهدة على اتفاق الهدنة يوم 20 فبراير/شباط 2014م...فشلت بشكل أو بآخر في إبقاء السيد فيكتور حاكما للبلاد.. فالدعم ألامريكي الأوروبي والذي كان واضحا للمعارضة المنقلبة على الحكومة الموالية لمــوسكــو سارع بشكل أو بآخر في تغيير وجه السلطــة و قلبة كفــة الميزان ..

لكن العم فلاديميــر لم يتوانى للحظــة في استخدام الأسلوب الروسي القديم، فحرك جيش سيفوستوبول و ناور على الحدود الغربية للبلاد، و كشر عن أنيابه و أخــاف الجميع، و نشر الرعب و الخوف في قلوب الأمريكان والأوروبيين، مستخدما حقه في الدفاع عن الناطقين بالروسية بتخــويل من مجلس الدوما، و متهما السلطـة الجديدة باستخدام اساليب تهديد في وجه الروس، و الإستعانة بالراديكاليين و الإرهابيين والنازيين للإنقلاب على الحكم ... و اعتبر الرئيس يانوكوفيتش الممثل الشرعي و الوحيد للشعب الأوكراني.

هنـا بدأت أمريكا بدور الوسيط الداعم للحريات و العامل على نشر الديموقراطيات و ساندها في ذلك الأوروبيون الذين يطمحــون إلى ضم أوكرانيا لهم ... فبدأ الوعيد و التحذير بسن عقوبات و إرسال مدرعات و الأستعانة بالقوات وضخ الأمــوال من خلال تقديم وعود  بقروض مغرية لحكومة كييف ...

لكن الواضح أن سلطــة الدب الأبيض الروسي أكبر بكثير مما توقعــة مسيروا الميدان ... فمـا حدث بعد الإنقلاب-أو ما يسمى  بالثورة-  في المناطق الشرقية و الجنوبية بأوكرانيا أخـاف الغرب و جعــله يستكن إلى منطق الحـــوار ... و لعل الدعوات الأوروبية والأمريكية إلى ايجاد حل سلمي خير دليل على فشل دعاة التقرب للغرب في أوكرانيا ..

هي إذن حــرب باردة جديدة، هذه المــرة بين قطبين رأسماليين كبيرين.. أوكرانيا هي فقط أرض تنافس بينهما، ليظهــرا قدرتهما على السيطــرة و التسيير...  ملاين الأوكران و العالم بأسره الآن يترقب مـاذا سيحدث لأوكرانيا !!!

 لكن و على الأرجح أن الحرب الحقيقية هذه المرة لـن تكــون بالسلاح و إنما  ستكون بأساليب أحدث و أبعد مما يتصــور العقل البسيط  ... بوتين قالها الأمس بلغة بسيطــة :" لا حرب مع الشعب الأوكراني... لن نطلق الرصاص على نساء وأطفـال عــزل .. لكن فليتحمل الكل مسؤوليته... نحن سنحمي لغتنا ومصالحنا في أية بقعة من بقاع العالم" .


د. نوفل حمدان

رئيس المركز العربي في زاباروجيا

مراسل وكاتب لدى صحيفة أوكرانيا بالعربية


المصدر: أوكرانيا بالعربية


مشاركة هذا المنشور:
الأخبار الرئيسية
سياسة
رئيس أوكرانيا يدعو رئيس وزراء المجر إلى قمة السلام
سياسة
ستيفانتشوك يوافق على عودة الصحفيين إلى البرلمان الأوكراني
سياسة
مجموعة يرماك-راسموسن الدولية تبحث عضوية أوكرانيا المستقبلية في الناتو
أخبار أخرى في هذا الباب
آراء ومقالات
عن النصر والخوف والمعارضة...بقلم رئيس حركة "الأخوية القتالية الأوكرانية" بافلو جيربيفسكي
آراء ومقالات
الفساد العظيم الذي ضيّع أوكرانيا!..حسين الراوي
آراء ومقالات
الإجرام الروسي والطفولة الأوكرانية..حسين الراوي
تابعونا عبر فيسبوك
تابعونا عبر تويتر
© Ukraine in Arabic, 2018. All Rights Reserved.