أوكرانيا بالعربية | سليمان يفتح قبره لأسقاط أردوغان... بقلم فادي عيد
كييف/أوكرانيا بالعربية/لا أحد الان يستطيع أن ينكر أن سوريا دفعت ثمنا باهظا نتيجة تعنت الاسد و عدم سماعه لنصيحة أو بالاحرى حيلة الفرعون مع بداية قدوم عواصف الربيع على دمشق، كما لم يسمع الشبل وقتها لكلام القدامى، عندما حاول مرارا و تكرارا رئيس مصر السابق " محمد حسنى مبارك " و وزير الخارجية " أحمد ابو الغيط " بأنتشال الرئيس الاسد من حضن سياسة " خامئنى " التى أستهويت عقل وحماس الرئيس السورى، حتى تهكم الشبل الصغير وقتها قائلا على أكبر قامتين الرئيس المصرى " محمد حسنى مبارك " و خادم الحرمين الشريفين الملك " عبد الله بن عبد العزيز " بأنصاف الرجال، مما دعا خادم الحرمين بالقول على " بشار الاسد " فى ذلك الوقت بالشاب الارعن .
و مع مرور الوقت كان يزداد الخصام بين " بشار الاسد " و دول الخليج العربى كلها وليس المملكة العربية السعودية فقط، حتى هبت عواصف الربيع "العبرى" مع بداية عام 2011م على المنطقة، و أثناء ضرب تلك العواصف لاسوار القاهرة بلا هواده، كانت مصر تستشعر الخطر الشديد بسقوط الجبهة الشمالية لها، و أولى خطوط أمنها القومى تجاه الشمال الا وهى الدولة السورية .
و الان الخليفة العثمانى " أردوغان " الذى يحلم بخلافة الشرق الاوسط أعلن عزم تركيا لدخول الاراضى السورية و محاربة داعش بشرط أن يتبنى التحالف الدولى أسقاط النظام السورى، و لو أفترضنا دخول تركيا بشكل مباشر الى الاراضى السورية فعلينا أدراك حجم أتساع حلبة الصراع وقتها التى سينضم لها أطراف أخرى، و أن لم تدخل تلك الاطراف حلبة الصراع فهى تكتب شهادة تقزيم دورها بالمنطقة و ربما بداية نهايتها، و هنا يجب أن ننظر الى أيران فى تلك المعادلة، فسوريا ليست كالعراق بنسبة لطهران التى تعاملت معها فى عام 2003م أثناء غزوها من قبل القوات الامريكية بسياسة الحياد الايجابى و أنتظار سقوط الوليمة من مخالب النسر الامريكي، فسوريا هى أهم حلقة فى سلسلة الطوق الايرانى أو الهلال الفارسى الذى أكتمل بتولى الحوثيين زمام الامور باليمن لكى يصبح بدر كامل .
فسوريا هى الملعب الواسع لايران بالاقليم، و منفذ طهران الآمن على البحر المتوسط، كما أنها حلقة الوصل الرئيسية بين أيران و أقوى أذرعتها العسكرية بالمنطقة الا و هو حزب الله، فسوريا هى اقرب عمق لحزب الله فى محيط أقليمي يرفض وجود حزب الله من الاساس، فالعلاقة شديدة التوتر بين حزب الله و الدول العربية خاصة بعد تورط حزب الله بأقتحام السجون المصرية يوم 28 يناير 2011م، كما أن هناك العديد من علامات الاستفهام على نشاط جمعيات حزب الله بالكويت، و أتصالاته بعناصر متواجدة بالامارات و السعودية، و علاقاته المشبوه بأئتلاف 14 فبراير و سرايا الاشتر بالبحرين، كما أننا لا نستطيع أن نغفل الاحتقان الدائم بين قيادات الجيش اللبنانى و حزب الله .
فبفقدان سوريا يتحول حزب الله امام أى تهديد عسكرى اسرائيلى من نسر عملاق ذات نفس طويل فى المعارك قادر على توجية ضربات متتالية و عديدة مثل ما ظهر بحرب تموز 2006م الى نحلة تلدغ مرة واحدة فقط ثم تموت .
كما أن مصر فى تلك الحالة مجبرة أن تدافع عن جبهتها الشمالية و حدود أمنها القومى أولا، و للحفاظ على وحدة الاراضى السورية ثانيا، و عن رفقاء معارك التاريخ منذ الحملات الصليبية على الشرق حتى مواجهات الصراع العربى الاسرائيلي ثالثا. و كان للقاهرة ردود كثيرة أغلبها لا يرى بالعين المجردة، و ما جاء فى العلن مؤخراهو اعلان القاهرة عن تنظيم مؤتمر عالمى لتوثيق أنتهاكات و جرائم الرئيس التركى " أردوغان " و هو المؤتمر الذى سيحضره كلا من حزب الشعب الجمهورى ذو الشعبية الواسعة بتركيا ( الحزب الذى أسسه مؤسس الدولة التركية الحديثة أتاتورك )، و حزب العمال الكردستانى، و حزب اليسار الديمقراطى، و حزب المجتمع الديمقراطى، و حزب الحركة القومية .
و بلهجة جديدة بدء النظام السورى يصدر رسائل موجه للغرب عبر أعلانه أنشاء مدن ترفيهية عملاقة بدمشق لكى يقول من خلالها أن كتاب الفوضى بسوريا أغلق، و أن سوريا بدئت عهد جديد، و أن أى شئ غير ذلك يسير عكس الاتجاه الصحيح .
كما أننا ننتظر جميعا أخر عود كبريت يسقط على جسد رجل الناتو المريض لكى تنفجر المظاهرات فى كل أنحاء تركيا و ليس شرقها فقط، و هو الامر الذى يسير فيه العثمانى بسياسته المتعجرفة من أجل الحفاظ على مصلحة التنظيم الدولى لجماعة الاخوان المسلمون على حساب تركيا بمؤسساتها و شعبها، فالخليفة العثمانى " أردوغان الاول " لن يدخل سوريا لمحاربة داعش كما يدعى هو و من فى البيت الابيض، و لكن لتصفية الجيش العربى السورى، و لوضع حد من تنامى نفوذ الاكراد و طموحهم فى السير نحو أنشاء دولتهم المستقبلية التى ستكون أول خطواتهم بعد التخلص من داعش، خاصة و أن الاكراد هم القوة العسكرية الوحيدة التى حقا تواجه داعش بضراوة بعيدا عن عروض أفلام الضربات الجوية الهابطة التى ينفذها التحالف الدولى . فكوبانى أصبحت نقطة هامة فى رسم خريطة الاقليم الجديدة و عليها سيترتب بقاء أنظمة من عدمه، و تنامى نفوذ الاكراد و أتساع سقف طموحهم هو الامر الذى جعل الاكراد بكلا من ديار بكر و موش و سييرت و غيرها من المدن بشرق تركيا يتظاهرو ضد سياسات " أردوغان " حتى منهم من حاول التسلل للعراق للانضمام الى البيشمركة لقتال داعش، و هى المظاهرات التى تصادمت مع قوات الشرطة التركية و تم على أثرها مقتل أكثر من 15 مواطن كردى، قبل أن تشتعل المواجهات بين أعضاء حزب العمال الكردستانى الشيوعى و أعضاء منظمة حزب الله السنية الكردية المؤيدة لتنظيم داعش، و يتم فرض حظر التجوال بأكثر من خمس مدن تركية .
بالفعل المسئلة ليست سهلة و المعادلة غاية التعقيد خاصة أن مؤشر المساومات بين أقطاب اللعبة لا يتوقف، و أن دول الجوار لسوريا باتت تفتح صفحات الماضى و ترى ان الفرصة الان مناسبة للانتقام من النظام السورى فى الوقت الذى يتم الزج بهم على حلبة الصراع لكى يخوضو حرب بالوكالة .
فسوريا التى بها قبر " سليمان شاه " جد مؤسس الدولة العثمانية والذى أحرق الاكراد بشرق تركيا نصبه التذكارى ربما نرى فيها غدا قبر أخر العثمانيون الجدد، و لا أخفى عليكم عند سماعى لتصريحات " أردوغان " المتكررة الذى يتهم فيها المخابرات العامة المصرية بمحاولة زعزعة نظامه، أتحير بشدة فى أى " سليمان " الذى سيفتح قبره لاسقاط أردوغان .
فادى عيد
المحلل السياسى بمركز التيار الحر
للدراسات الاستراتيجية و السياسية
المصدر: أوكرانيا بالعربية