أوكرانيا بالعربية | شكاوى المصريين علي عتبة الرئيس... بقلم د. عادل عامر

ربع مليون شكوى من المصريين للرئيس السيسي منذ تكليفه بالحكم أربعة يونيه حتى الآن فقد تنوعت شكاوى المواطنين بين البحث عن فرصة عمل أو طلب الحصول على مسكن، أو تظلم من الفصل التعسفي. من هؤلاء عمال بشركات المراجل التجارية والمصرية للاتصالات والورق للشرق الأوسط وأبسكو للخدمات البترولية، إلى جانب ائتلاف خريجي كليات الحقوق والشريعة والقانون.كذلك شكوى بعض العاملين في تأخر صرف رواتبهم منذ 10 أشهر، بينما حضر عمال شركة الورق ليطلبوا من الرئيس إعادة التيار الكهربائي لمصنعهم بعد أن قطعته شركة الكهرباء بسبب ارتفاع المديونية. من المقرر وفقاً للأصول الدستورية أن حق الشكوى منبثق من حق التقاضي ولذلك لا يسوغ عقاب من يمارس هذا الحق إلا إذا تضمن الإساءة أو التطاول أو التشهير بالرؤساء وامتهانهم إذ المفروض في المرؤوس توقير رؤسائه واحترامهم.

كييف/أوكرانيا بالعربية/ربع مليون شكوى من المصريين للرئيس السيسي منذ تكليفه بالحكم أربعة يونيه حتى الآن فقد تنوعت شكاوى المواطنين بين البحث عن فرصة عمل أو طلب الحصول على مسكن، أو تظلم من الفصل التعسفي. من هؤلاء عمال بشركات المراجل التجارية والمصرية للاتصالات والورق للشرق الأوسط وأبسكو للخدمات البترولية، إلى جانب ائتلاف خريجي كليات الحقوق والشريعة والقانون.كذلك شكوى بعض العاملين في تأخر صرف رواتبهم منذ 10 أشهر، بينما حضر عمال شركة الورق ليطلبوا من الرئيس إعادة التيار الكهربائي لمصنعهم بعد أن قطعته شركة الكهرباء بسبب ارتفاع المديونية. من المقرر وفقاً للأصول الدستورية أن حق الشكوى منبثق من حق التقاضي ولذلك لا يسوغ عقاب من يمارس هذا الحق إلا إذا تضمن الإساءة أو التطاول أو التشهير بالرؤساء وامتهانهم إذ المفروض في المرؤوس توقير رؤسائه واحترامهم.

ولهذا فقد قضي بأنه لما كان من المستقر عليه فقهاً وقضاءً أنه : " ولئن كان من حق الموظف أن يطعن في التصرف الإداري بأوجه الطعن القانونية التي من بينها سوء استعمال السلطة أو الانحراف بها إلا أنه يجب أن يلتزم في هذا لشأن الحدود القانونية التي يقتضيها ضرورة الدفاع دون أن يجاوزها إلي ما فيه تحد لرؤسائه أو التطاول أو التمرد عليهم أو المساس أو التشهير بهم أو امتهانهم ، وإلا فإنه عند المجاوزة يكون قد أخل بواجبات وظيفته بما تقتضيه من توقير لرؤسائه وبما تلزم من الطاعة لهم ".( المحكمة الإدارية العليا – طعن رقم 829 لسنة 3 ق – جلسة 14 من ديسمبر 1957 ).

وبأنه : " من المبادئ المقررة أنه وإن كان حق الشكوى مكفولاً دستورياً وأن للعامل أن يبلغ عن المخالفات التي تصل إلي علمه توخياً للمصلحة العامة ، إلا أنه يتعين عليه عند قيامه بهذا الإبلاغ ألا يخرج عما تقتضيه الوظيفة من توقير الرؤساء واحترامهم وأن يكون قصده من هذا الإبلاغ الكشف عن المخالفات توصلاً إلي ضبطه لا أن يلجأ إليه مدفوعاً بشهوة الإضرار بالرؤساء والكيد لهم والطعن في نزاهتهم علي غير أساس من الواقع ، كما لا يسوغ أن يتخذ من الشكوى ذريعة للتطاول علي رؤسائه بما لا يليق أو تحديهم والتشهير بهم ، وعلي ذلك فإذا خرج العامل في شكواه عن هذه الحدود فإنه يكون قد أخل بواجبات وظيفته وارتكب ذنباً يستوجب المؤاخذة والعقاب التأديبي ".( المحكمة الإدارية العليا –جلسة 29 من يونيه 1974 – القضية رقم 264 لسنة 19 ق ).

كما ذهبت المحكمة الإدارية العليا إلي أن : " حق الموظف في الشكوى من رؤسائه مما يصادفه في العمل ، يجب أن يكون في الحدود التي لا تخل بالعمل ، وإلا ينقلب الأمر فيها إلي المهاترة والخروج بها إلي التعريض بأحد من الرؤساء أو الزملاء مما يعد إخلالاً بالواجب الوظيفي ".( المحكمة الإدارية العليا –جلسة 11 من مايو 1963 – القضية رقم 1090 لسنة 7 ق ).

وبأن : " من حيث أن قضاء هذه المحكمة قد جري بأن حق الشكوى مكفول إلا أنه لا يسوغ للموظف العام أن يتخذ من الشكوى ذريعة للتطاول علي رؤسائه أو التشهير بهم وإلا حقت مساءلته تأديبياً لما في هذا المسلك من خروج علي واجبات الوظيفة ومما تقتضيه من احترام الرؤساء وتوقيرهم ".( المحكمة الإدارية العليا –جلسة 3 من يونيه 1973 – القضية رقم 991 لسنة 14ق ).

كما قضت المحكمة الإدارية العليا في حكمها الصادر في الطعن رقم 1586 لسنة 37 ق بجلسة 10 / 5 / 1994 بأن : " ومن حيث أنه يتعين بداءة التنويه إلي أنه من المبادئ المقررة أن حق الشكوى مكفول دستورياً ، وأن للعامل أن يبلغ عن المخالفات التي تصل إلي علمه ، بل إن هذا الإبلاغ واجب عليه ، توخياً للمصلحة العامة ، إلا أنه يتعين عليه عند قيامه بهذا الإبلاغ ألا يخرج عما تقتضيه واجبات الوظيفة العامة من توقير الرؤساء واحترامهم ، وأن يكون قصده من هذا الإبلاغ الكشف عن المخالفات توصلاً إلي ضبطها ، لا أن يلجأ إليه مدفوعاً بشهوة الإضرار بالزملاء أو الرؤساء أو الكيد لهم والطعن في نزاهتهم علي غير أساس من الواقع ، كما لا يسوغ أن يتخذ من الشكوى ذريعة للتطاول علي رؤسائه بما لا يليق أو تحديهم أو التشهير بهم ، كما أنه يجب أن يكون الشاكي أو المبلغ علي يقين من صحة ما يبلغ عنه ويملك دليل صحته ، أو يستطيع الاستشهاد عنه دون أن يلقي بالاتهامات مرسلة لا دليل علي صحتها ولا سند يؤيدها ويؤكد قيامها ، فإذا ما خرج العامل في شكواه علي الحدود المتقدمة – فإنه يكون قد أخل بواجبات وظيفته وارتكب ذنباً يستوجب المؤاخذة والعقاب التأديبي ".

المعاناة ما زالت مستمرة في طوابير البنزين ما زالت ممتلئة والمياه ملوثه والتيار الكهربائي قد لاياتى إلا عده مرات فى اليوم مما أدى إلى وقوع اشتباكات بين السائقين فى محفظة البنزين ووقعت اشتباكات عنيفة بين السائقين والعاملين بمحطات البنزين بالشرقية، بسبب الخلاف على من يقوم بالتزود بالوقود . الجدير بالذكر انه كان هناك طول في ساعات الانتظار و ارتفاع شديد في درجات الحرارة , بينما فى سوهاج، تسبب تزاحم السيارات أمام محطات الوقود فى شلل حركة المرور ، وغلق جميع الشوارع القريبة من المحطات ، من له ظهر لا يضرب على بطنه"وكثيرون هم المصريون ممن لا ظهر لهم... أب يقف مكتوف اليدين أمام مرض ابنه، ورجل فوجئ بمن يستولي على قيراطي الأرض اللذين ورثهما عن المرحوم والده، وسيدة وجدت نفسها من دون عائل أو معاش أو مأوى، وفلاح وضع كل ما يملك من مدخرات في يد شركة تشغيل أموال اتضح أنها نصابة، وآلاف من النماذج المشابهة من المواطنين المصريين ممن يؤمنون بأن حقوقهم المسلوبة أو حاجاتهم لن تقضى لأنه"لا ظهر لهم". منهم من سلك السبل المعتادة في مثل هذه الظروف وفشل، ومنهم من اختصر الطريق وقرر البحث عن ظهر يحميه ويعيد له حقه.

ولما كان المصريون معروفين بالقدرة على الابتكار والإبداع تحت وطأة المشاكل التي تحيطهم، فقد خرج أبناء المحروسة في السنوات القليلة الماضية بعدد من الطرق والوسائل التي تميزهم عن غيرهم من شعوب الأرض: على صفحات الجرائد اليومية، قومية ومستقلة ومعارضة، العشرات من الإعلانات المدفوعة الأجر، ولكنها"استغاثات". منها ما هو مكلل بآية قرآنية داعية إلى العدل مثل"وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل"، أو بحديث شريف مندد بالظلم والظالمين مثل"الظلم ظلمات يوم القيامة".هذه الاستغاثات تحولت من إعلان كان يلفت النظر ويثير القليل من علامات التعجب والكثير من الأقاويل إلى ظاهرة عادية لا يمر يوم من دونها. الاستغاثة الأحدث هي لمجموعة من أصحاب الأكشاك التي تبيع السجائر والحلوى في أحد شوارع حي المهندسين والذين يشكون من صدور قرار بالإزالة من دون سابق إنذار. ويذكر أصحاب الأكشاك في استغاثتهم الموجهة إلى رئيس الجمهورية ووزراء الأوقاف والعدل والداخلية والبيئة ومحافظ الجيزة أنه تبين لهم"أن أحد أصحاب النفوذ وراء هذا القرار"وأنه صاحب النفوذ ينفق ببذخ شديد لاستغلال هذه الأرض. وبالطبع فإن أصحاب هذه الأكشاك سلكوا كل ما يمكن سلوكه من سبل للحفاظ على أكشاكهم ومن ثم قوت يومهم وأبنائهم من دون جدوى، وكانت المحطة الأخيرة مناشدة الرئيس نفسه.

ومثلما تحولت الاستغاثات الموجهة من مواطنين إلى رئيس الجمهورية من حالات فردية إلى ظاهرة شبه عادية تحول الرصيف المواجه لمجلس الشعب البرلمان المصري من مجرد رصيف عادي إلى رصيف للمظلومين والمقهورين الباحثين عن مخرج من غياهب ظلمات غياب قنوات شرعية فعلية لحل مشاكل المواطنين الملحة. حسين المر 68 عاماً أحد أولئك الذين لجأوا إلى الرصيف الشهير لحل مأساته، فقد صدر قرار بإزالة البيت الذي يقطن فيه وما هي إلا أسابيع وسيجد نفسه مقيماً وأبناءه الخمسة وأحفاده في الشارع. طرق جميع الأبواب من دون جدوى، فجاء إلى الرصيف انتظاراً لوصول عضو مجلس الشعب عن الحي الذي يقطنه لتسليمه شكواه يداً بيد. يقول:"الشكوى لغير الله مذلة لكن السكوت على إلقائي وأبنائي في الشارع يجعل المذلة أمراً هيناً". هذا الرصيف شاهد عيان على طريقة متميزة أخرى يلجأ إليها المصريون لعلاج مشاكلهم المتفاقمة.

لا سيما الشكاوى الصحية الباحثة عن علاج من مرض قاتل. وعلى بعد نحو دقائق من"رصيف الشكاوى"يقبع"ضرائح الشكاوى"حيث يتوافد يومياً آلاف المصريين من المسلمين، لا سيما من البسطاء ممن يسردون شكاواهم بمنتهى الشفافية أمام ضريح السيدة زينب، أو السيدة نفيسة، أو في سيدنا الحسين. وفي حال المواطنين المسيحيين فإن كنيسة السيدة العذراء في الزيتون أو مار جرجس في مصر القديمة تفيان بالغرض نفسه من السرد الروحاني، وهو سرد يتزامن في أغلب الأحوال مع صولات وجولات في محاولة لحل المشاكل دنيوياً من دون جدوى. المثير أن الحلول الدنيوية المطروحة حالياً شملت أخيراً حلولاً عنكبوتيه، طرحتها"بوابة الحكومة الالكترونية"الني أفردت على صفحتها الرئيسية على شبكة الإنترنت"خدمة جديدة: منظومة شكاوى واستفسارات المواطنين". الخدمة الجديدة تشمل أقساماً للشكاوى الموجهة لوزارات الداخلية والصحة والتضامن الاجتماعي والبيئة، إلا أن جدواها وسرعة الاستجابة ما زالا في طور التجربة. وفي حال"عم حسين"فهو يرفض تماماً الانسياق وراءها، يقول:"لقد قابلت من لديهم القدرة على حل مشكلتي وجهاً لوجه، ووعدوني بسرعة الحل، ولم يحدث شيء. فما بالك لو أرسلت شكوى لا أملك حتى وريقة تثبت تسلم المسئول لها؟".

د. عادل عامر

دكتور في الحقوق وخبير في القانون العام

 رئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية

 عضو المعهد العربي الأوروبي للدراسات الإستراتجية

 والسياسية بجامعة الدول العربية

المصدر: أوكرانيا بالعربية

مشاركة هذا المنشور:
الأخبار الرئيسية
سياسة
كندا ترسل 50 ناقلة جند مدرعة إلى أوكرانيا
سياسة
أوكرانيا والدنمارك توقعان خطاب نوايا لشراء المعدات العسكرية الأوكرانية
سياسة
الأمين العام لحلف الناتو يزور أوكرانيا
أخبار أخرى في هذا الباب
آراء ومقالات
عن النصر والخوف والمعارضة...بقلم رئيس حركة "الأخوية القتالية الأوكرانية" بافلو جيربيفسكي
آراء ومقالات
الفساد العظيم الذي ضيّع أوكرانيا!..حسين الراوي
آراء ومقالات
الإجرام الروسي والطفولة الأوكرانية..حسين الراوي
تابعونا عبر فيسبوك
تابعونا عبر تويتر
© Ukraine in Arabic, 2018. All Rights Reserved.