أوكرانيا بالعربية | رحل زميلنا العزيز محمد بديوي الشمري ملتحقاً بقوافل شهداء الصحافة في العراق... بقلم محمد الافندي
كييف/أوكرانيا بالعربية/كان رحيله صاخبا ، ودماؤه تمت المتاجرة بها بعد لحظات من مقتله على يد ضابط في فوج الرئاسة في ظروف وملابسات مازال الغموض يكتنفها ، فما الدوافع؟ وهل كان القتل عمداً أم بطريق الخطأ؟ وما الأسباب وما الذي حصل بالضبط؟!
كل هذه الامور التي نجهلها سنعرفها لاحقاً بعد الانتهاء من التحقيق ، لكن ما نعرفه الآن هو أن دم الفقيد تمت المتاجرة به كأية سلعة ، في الشارع وأمام عدسات الفضائيات ، دون أي احترام لحرمة الفقيد الممدد على الأرض .
لقد تم استثمار مقتل الفقيد الشمري بطريقة سريعة جداً وكأن الحادث جاء هدية من القدر في الوقت الذي يعاني فيه بعض المسؤولين من ظروف انتخابية سيئة ومستقبل سياسي مجهول .
لكن (الدعاية الانتخابية) التي مورست فوق جثمان الفقيد لم تؤتِ ثمارها ، فالمواطن العراقي البسيط تساءل على الفور : لماذا لم نلحظ مثل هذا التحشيد الكبير في جريمة قتل مدرب نادي كربلاء الرياضي الكابتن محمد عباس الذي انهال عليه عناصر قوات (سوات) بالهراوات على رأسه حتى فارق الحياة؟! ولماذا لم نشاهد تحشيداً مماثلاً بعد جريمة قتل الصحفي هادي المهدي المعارض لسياسات الحكومة؟! ولماذا لم يبادر رئيس الوزراء نوري المالكي ومؤيد اللامي في الذهاب فوراً الى المكان الذي قتل فيه الباحث والكاتب كامل شياع؟
والسؤال الأخطر : هل من الأخلاق أن يتحول المكان الذي شهد مقتل زميلنا الفقيد الشمري الى ميدان لإطلاق الدعوات الجاهلية وترديد الهتافات العنصرية ودعوات الإبادة التي حتى النظام البائد الذي ارتكب مجازر بحق الكورد كان يخجل من ترديدها ؟
الوقائع وأفلام الفيديو التي تم تسجيلها في المكان الذي شهد مقتل الفقيد الشمري تنقل لنا ما تم ترديده من شتائم وإساءات عنصرية طافحة بالكراهية تجاه أبناء الشعب الكوردي الذي لاذنب له في هذا التصرف الفردي الذي قام به أحد الضباط في الفوج الرئاسي ، فالشعب الكوردي مازال يفتح أبوابه أمام كل من يرغب في العيش بأمان في الإقليم عربياً كان أم تركمانياً أم مسيحياً ، هل يستحق هذا الشعب كل هذه الإساءات المشحونة بالحقد والعنصرية؟!
وإذا كانت هناك جهات حكومية أو سياسية مستفيدة مما حصل ، فلابد لنا أن نعرج على دور نقابة مؤيد اللامي في استغلال (عرس الدم) وتسييسه وفق مقاسات معينة ، وهذا الأمر قد تطرقنا إليه قبل ساعات من وقوع تلك المأساة .
ففي الوقت الذي دعت فيه الجهات الخيرة والقوى الوطنية الى التهدئة بين الإقليم والمركز ، وفي الوقت الذي تتضافر فيه الجهود لإنهاء الأزمة الراهنة وتقريب وجهات النظر ، شنت نقابة اللامي في بغداد هجومها غير المبرر مصحوباً بسيل من الشتائم العنصرية الموجهة الى الشعب الكوردي وقادة الإقليم ورموزه الوطنية والتاريخية ، وذلك على لسان عضو مجلسها المدعو فراس الحمداني في مقال بعنوان (الاستراتيجية الوطنية للتخلص من الأكراد) كان قد نشره سابقاً في بعض الصحف العراقية وعاود نشره الجمعة 21/3/2014 على صفحته الشخصية في موقع الفيسبوك ، فالحمداني الذي وصف رئيس اقليم كوردستان بأنه (صاحب الإبتسامة الماكرة) والذي وصف الساسة الكورد بأنهم (يبرعون في تخريب الدولة) ، طالب بشكل صريح وبلا أي خجل بـ (طرد المؤسسات الإعلامية الكوردية وطرد الأشخاص الذين يعملون في بغداد لحساب حكومة كردستان وبفهم الدور المشبوه لهؤلاء في البلاد) ، ضارباً عرض الحائط كل المفاهيم والقيم الوطنية والإنسانية التي تحث على التعايش السلمي بين أبناء البلد الواحد .
كما أن دعوة النقابة على لسان عضو مجلسها الحمداني الى (إبعاد القوات الكردية بالكامل من المؤسسات الحكومية والمقرات الحزبية في بغداد والمحافظات إلى خارجها) ليست إلا نكراناً للجميل وتناسياً للدور الكوردي في تكوين النواة الأولى للجيش العراقي الحالي بعد عام 2003 ، واستهانة بكل التضحيات التي قدمها الكورد لتخليص العراق من الحكم الفردي الشمولي في شعور منهم بالمسؤولية تجاه إخوتهم أبناء الوطن الواحد ، سيما وأن الكورد كانوا قد حرروا أنفسهم بأنفسهم منذ عام 1991 دون معاونة من أحد ، وقد تناست أو تجاهلت النقابة أن القوات الكوردية هي من يحمي مبنى مجلس النواب حالياً لكونها وباعتراف شخصيات حكومية وسياسية عراقية قوات أهل للثقة لأمانتها وإخلاصها في عملها .
كما أن إساءة الحمداني الى شخص رئيس الجمهورية جلال طالباني وتكلمه عنه بهذه الطريقة الساخرة والمشينة في قوله (لا نعلم إن كان رئيسا للعراق أم انه مات سريرياً) في نسخة المقال التي نشرها على صفحته في الفيسبوك ، إنما هي إساءة موجهة الى عموم الشعب العراقي باعتبار ان الرئيس طالباني رمز لكل العراقيين بمختلف قومياتهم ، فضلاً عن أنه خط أحمر بالنسبة للشعب الكوردي .
ومن غرائب الأمور أن تنتقد نقابة اللامي على لسان عضو مجلسها الحمداني ، النشاطات الثقافية التي ينظمها إقليم كوردستان في عدد من محافظات العراق ودعمه لمثقفي الوسط والجنوب ، ومن حقنا أن نتساءل : ألم يكن الأجدر بتلك النقابة أن تكون هي من يبادر الى دعم المثقفين العراقيين عرباً كانوا أم كورداً ؟ وإذا كانت عاجزة عن دعمهم ولا عمل لها سوى الترويج باتجاه معين ، أليس من المخزي أن تنتقص من جهود اقليم كوردستان في دعم مسيرة الثقافة العراقية (العربية والكوردية) ؟! .
أما الدعوات التي أطلقتها نقابة اللامي الى حكومة المركز بنشر قوات حكومية مدرعة وكتائب مدفعية ودبابات على حدود المناطق المتنازع عليها ، فهذا تصعيد خطير وسلوك عدائي مفضوح ودعوات لتكرار المجازر الوحشية التي ارتكبها النظام السابق بحق الشعب الكوردي ، وهذه الدعوات الخطيرة يجب أن لاتمر دون مساءلة قضائية للوقوف على حقيقة الجهات التي تقف وراءها ، ليتبين الشعب الكوردي وعموم الشعب العراقي من هم دعاة الفتنة الحقيقيون ومن هم الذين يعتاشون على إثارة الأزمات ويسعون الى تحقيق مكاسب شخصية من خلال هذه المزايدات الخطيرة .
وهذا الأمر تكرر لأكثر من مرة وخصوصاً من قبل عضو مجلس النقابة فراس الحمداني ، دون قيام أية جهة بمساءلة ومحاسبة النقابة ، فقبل ذلك قام الحمداني بنشر صورة حمار على صفحته الشخصية في الفيسبوك وكتب فوقها الآتي (حمار من أربيل : بعد أن تحرك الجيش العراقي ليلقن القاعدة وداعش وخنازيرهم في الأنبار والفلوجة أشم روائح وأصوات غريبة تأتيني من القصر الذي يسكن فيه......) وبإمكانكم الإطلاع على تكملة الجملة التي كتبها الحمداني في الصورة المرفقة .
إن القوى الكوردية الوطنية مطالبة اليوم ببيان موقفها الواضح والصريح من هذه التجاوزات على الشعب الكوردي وعلى سيادة الإقليم ورموزه الوطنية .
محمد الافندي
مراسل وكاتب لدى صحيفة أوكرانيا بالعربية
بجمهورية العراق
المصدر: أوكرانيا بالعربية