أوكرانيا بالعربية | وقالوا إن مصر صوتت لصالــــــــــــــح إسرائيل!.. بقلم محمد عبدالحافظ
كييف/أوكرانيا بالعربية/تلاعبت أمريكا بالدول العربية في موقعة التصويت بالأمم المتحدة علي انضمام الست دول الجديدة لعضوية لجنة الاستخدامات السلمية للفضاء الخارجي.
جري العرف علي أن يتم التصويت علي كل دولة علي حدة، ولكن هذه المرة دخلت إسرائيل، وبالطبع فإن كل الدول العربية لن تصوِّت لهذه الدولة التي تحتل فلسطين بمباركة أمريكا وأوروبا، فأصرت الولايات المتحدة علي أن يتم التصويت في ورقة واحدة علي غرار القائمة المغلقة، إما أن توافق علي كل الدول أو ترفض كل الدول، وطبعا لم يكن ما فعلته أمريكا لصالح إسرائيل فقط، بل لصالح قطر أيضا حيث شملت الدول التي أرادت الانضمام لهذه المنظمة (الإمارات، سلطنة عمان، قطر، إسرائيل، وسيرلانكا والسلفادور).
وكان من رأي مصر أن تمتنع عن التصويت، ولكن الضغوط العربية، جعلت مصر تصوّت ونجحت لعبة أمريكا، في حين أن قطر كانت ذكية ولعبتها صح وامتنعت عن التصويت رغم أنها مرشحة.
وكان يمكن أن ترضي مصر الدول العربية، وتحتفظ بموقفها الرافض لإسرائيل، وانتهاكاتها، ولاتترك فرصة للذين يصطادون في «الماء العكر» ليقولوا إن مصر صوّتت لصالح إسرائيل! وتشعل مواقع التواصل الاجتماعي ليهاجموا مصر العدو الأول لإسرائيل.
كنت أظن أن الوفد المصري أكثر فطنة وحنكة من أن يقع في مصيدة أمريكا وقطر، وكان يمكن أن تصر مصر علي عدم التصويت بعد توضيح الأمر للشقيقة الإمارات والشقيقة سلطنة عمان، وأن توضح للدولتين أن القائمة كلها ستحظي بالتصويت المطلوب لأن أمريكا حشدت دولا كثيرة للتصويت، وإذا كان الهدف هو إنجاح الإمارات وعمان فإنه سيتحقق دون تصويت مصر وتصويت كل الدول العربية. وبالتالي كان العرب قد فوّتوا الفرصة علي أمريكا، وإسرائيل وثالثتهما قطر. ولكنها العاطفة، والتسرع اللذان يحكمان بعض تصرفاتنا الخارجية أوقعتنا في الفخ الأمريكي.
ولو كانت مصر قد فعلت ذلك فإنني علي يقين أن الإمارات وعمان كانتا ستتفهمان موقف مصر. وحتي عندما وقعنا في فخ اللعبة الأمريكية كان لابد من تدارك الأمر وتوضيح هذا الموقف بسرعة وبالكامل للرأي العام المصري والعربي قبل التصويت وخلاله وبعده، ولاتنتظر وزارة الخارجية يومين كاملين وتفوت الفرصة علي الخبثاء والنشطاء المأجورين علي «الفيس بوك» و«تويتر» أن يقولوا إن مصر صوّتت لإسرائيل التي بيننا وبينها ثأر لن يُمحي، وأن المسئولين باعوا شهداءنا، وتعليقات أخري سلبية لن أكتبها ولو أراد المسئولون معرفتها فليتصفحوا مواقع التواصل الاجتماعي ليعرفوا مدي الجرم الذي ارتكبوه في حق الدبلوماسية المصرية، وفي حق الدولة المصرية.
وربما لايتنبه هؤلاء المسئولون الذين لم يحسبوا قوة وفاعلية الرأي العام علي مواقع التواصل الاجتماعي، فالتأييد الشعبي للسياسة الداخلية والخارجية مهم ولايمكن الاستهانة به.
الأزمة الحقيقية التي أصبحت تواجهنا أن القرارات التي يتم اتخاذها لايحسب المسئولون ردود أفعال الرأي العام تجاهها، فإما أن تواجه هذه القرارات ـ الخاطئة ـ بحملة هجوم عنيفة ضد الدولة، كما حدث في قرار التصويت الذي ذكرته، أو يكون رد الفعل سلبيا كما حدث في النظام الانتخابي لنواب البرلمان، الذي جعل الناخب مجبرا علي أن يختار قائمة فيها 45 شخصا حتي لو كان ضمن هذه القائمة مرشحون فاسدون أو فلول وطني أو فلول إخوان أو رجال أعمال يريدون التكويش علي كل شيء، فقاطع الرافضون الانتخابات، وكانت نسبة التصويت هزيلة لاتعكس الشغف الشعبي الذي كان ينتظر الانتخابات.
مازالت مصر تتعرض لمؤامرات المتربصين بها والذين لايريدون بها خيرا، ويتصيدون أي هفوة، فهم لم يتوانوا عن التشكيك في موقف مصر الثابت ضد إسرائيل، لأن كل مصر شعبا وحكومة ورئيسا تعتبرها عدونا الأول وستظل كذلك ـ رغم معاهدة السلام ـ فنحن دعاة سلم أما إسرائيل فلم ولن تكون أبدا سلمية، فهي دولة احتلال، وتنتهك كل الأعراف والمبادئ الإنسانية والدولية، كما أنها مازالت ترفض أن تكون ضمن مبادرة إخلاء الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل، تلك المبادرة التي تتبناها مصر، ورغم كل ذلك يدّعون أننا نؤيد إسرائيل. وكل ذلك بسبب تقديرات خاطئة، ومواءمات غير مدروسة.
محمد عبدالحافظ
كاتب ومحلل سياسي مصري
مدير عمود بـ .. حرية لدى أخبار اليوم
المصدر: أخبار اليوم