أوكرانيا بالعربية | نظام الأمن القومي المصري... بقلم د. عادل عامر

إن مفهوم النظام المصري للأمن القومي يحمل العديد من المشكلات، خاصة أن مفهوم السيادة نسبي ويختلف من نظام لآخر ومن ظروف سياسية لأخرى، للان المفهوم الخاص لدى النظام المصري متحيز و"أعوج"، حيث يغفل النظام نفسه العديد من الخروقات الصهيونية الحقيقية بإطلاقها الأقمار الصناعية أفق1، أفق2، أفق3، للتجسس على مواقع حساسة في بلاد عربية عديدة.

كييف/أوكرانيا بالعربية/إن مفهوم النظام المصري للأمن القومي يحمل العديد من المشكلات، خاصة أن مفهوم السيادة نسبي ويختلف من نظام لآخر ومن ظروف سياسية لأخرى، للان المفهوم الخاص لدى النظام المصري متحيز و"أعوج"، حيث يغفل النظام نفسه العديد من الخروقات الصهيونية الحقيقية بإطلاقها الأقمار الصناعية أفق1، أفق2، أفق3، للتجسس على مواقع حساسة في بلاد عربية عديدة.

تهديد الدولة لم يعد يأتي من قوات مسلحة ومنظمة تقليدية، ولكنه يأتي من تهديد الشعوب والمجتمعات بالركود الاقتصادي والاضطهاد السياسي، وندرة الموارد، والصراع العرقي والثقافي، والإرهاب والأمراض والأوبئة، والتلوث، وهكذا فقد أصبح البشر هدفا وموضوعا للأمن، فالعالم بدأ يواجه تحديات مما يصعب مواجهته بالقوة العسكرية، فتشكل الأوبئة على سبيل المثال(مثل الإيدز وأنفلونزا الطيور) مع اتساع نطاق الاتصال والسفر تهديدا مرعبا قد يضر بالدول والمجتمعات أكثر من الحروب والتهديد العسكري.

وقد أدرج تقرير التنمية البشرية عام 1994 لأول مرة أنماطا جديدة من التهديدات، مثل الإيدز والمخدرات والإرهاب الدولي والتلوث البيئي، وربما يكون البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة أول من نظر لمفهوم الأمن الإنساني وأدخله بقوة في الدراسات الأمنية الموسعة وفي الاهتمامات الدولية وتعميم استخدامه متجاوزا بذلك المنظور التقليدي. يقول التقرير: إنه بعد خمسة عقود من ناغازاكي وهيروشيما فإننا نحتاج لانتقال عميق في التفكير من الأمن النووي إلى الأمن الإنساني. فمفهوم الأمن الذي كان يعني أمن تراب الدول ضد العدوان الخارجي أو حماية مصالحها القومية أدى إلى إهمال الانشغالات المشروعة والضرورية للناس العاديين الذين يعني أمنهم الحماية من تهديد الأوبئة والمجاعة والبطالة والجريمة والصراع الاجتماعي والقمع السياسي والأخطار البيئية والشعور بفقدان الأمن وغيرها من الهموم اليومية لأغلب الناس أكثر من خشيتهم من الحروب والصراعات، وعليه فالأمن الإنساني لا يتعلق بالأسلحة وإنما بحياة الإنسان وكرامته.

وبدأ مفهوم الأمن الإنساني يأخذ مكانته في التقارير والبرامج الدولية، ويعني صون الإنسان وكرامته بتلبية احتياجاته المادية والمعنوية، وأن يكون في مأمن من الحرمان الاقتصادي وشظف العيش، وأن تضمن ممارسته لحقوقه الأساسية، وتوفير البيئة اللازمة مثل العدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية المستدامة وسيادة القانون والحكم الرشيد.

أما التهديدات ضد الأمن الإنساني فيوجزها التقرير في الفئات التالية: الأمن الاقتصادي، والغذائي، والصحي والبيئي والشخصي (الحماية من الجريمة) والاجتماعي. والعولمة لم توجد فقط اقتصادا معولما، بل أنشأت ديناميات تؤثر على قضايا الأمن، وبدورها بدأت ديناميات الأمن المعولم تؤثر على الاقتصاد المعولم، فبفعل العولمة فإن الأحداث تنتقل في أثرها لتشمل العالم، البورصات العالمية والمحلية على سبيل المثال. لكن العالم اليوم يعيش تطورا في الحاكمية الاقتصادية، بينما يعيش فراغا وضعفا في الحاكمية الأمنية، وقد ظهر فقدان التوازي هذا في مواجهة الإرهاب في بعده العالمي. ففي حين نجحت الدول في مواجهة الإرهاب في إطار ترابها الوطني فإن الإرهاب العالمي أو العابر للحدود مازال يعمل بقوة وفاعلية أكثر، ذلك أن عولمة الإرهاب قبل أن نبدأ في الحديث عن الأمن القومي الجديد يجب أن نتعرف عن مفهوم الأمن القومي القديم ، أو ربما مفهومه العالمي ، فكلنا يعلم أن مصر كالعادة مبدعة كما أن قياداتها السياسية الحالية مستمرة في هذا الإبداع و أخذة في إعادة تعريف التاريخ الإنساني و الميراث المعرفي الاجتماعي و السياسي و الذي منه الأمن القومي …فالأمن القومي المتعارف عليه ” من وجهة نظر دائرة المعارف البريطانية هو “حماية الأمة من خطر القهر على يد قوة أجنبية” ومن وجهة نظر هنري كسينجر وزير الخارجية الأمريكي الأسبق يعني أي تصرفات يسعى المجتمع عن طريقها إلى حفظ حقه في البقاء ، و حديثا و أمريكيا أيضا فالأمن القومي للدولة ينبع من معرفتها العميقة للمصادر التي تهدد مختلف قدراتها ومواجهتها؛ لإعطاء الفرصة لتنمية حقيقية في كافة المجالات سواء في الحاضر أو المستقبل”.

 أما إسلاميا كما يحب المصريون و حسب كتابات دكتور/ زكريا حسين-أستاذ الدراسات الإستراتيجية فمفهوم الأمن هو ما ورد في القرآن الكريم في قوله – سبحانه وتعالى -: “فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُم مِنْ جُوعٍ وآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ”. ومن هنا يكون الأمن هو ضد الخوف العام، والخوف العام و بالمفهوم الحديث الواسع يعني التهديد الشامل، سواء منه الاقتصادي أو الاجتماعي أو السياسي، الداخلي منه والخارجي. أما مصريا و بعد 25 يناير و مرورا بأحداث يونيو الرئاسية ووصولا إلى هذه اللحظة تغير كثيرا مفهوم هذا الأمن و بدأت مصر تطبيق مفهوم “الأمن القومي الجديد” المتناسب مع مشروع الشرق الأوسط الجديد … فبدأ الأمن القومي يتقلص شيئا فشيئا ، فمع 25 يناير و فتراتها الأولى كان حماية الوطن من الأصابع الخفية و القلة المندسة والطرف التالت و الحدود و حماية الأمن و دولة القانون و نفاذه الخ  …المهم و بعد ولاية الدكتور مرسي تقلص شيئا فشيئا هذا المفهوم حتى وصل للمفهوم الجديد و هو حماية الحدود للمؤسسة السيادية الأولى و هي الجيش و حماية سلامة المباني و المنشئات للجزء الأخر من المؤسسات السيادية و هي الشرطة مع إضافة حماية الرئيس المنتخب صندوقيا  للمؤسستين …و منذ تولي الرئيس المنتخب صندوقيا وبدأ في اقتناص السلطات الواحدة تلو الأخرى ، مما أثير بالإيجاب على زيادة مساحة التطبيق لمفهوم الأمن القومي للجديد و الذي مع الوقت توسع من حماية الذراع الرئاسي للجماعة (الرئيس) ليشمل حماية إرادة قلب الجماعة و هو مكتب الإرشاد ، ذراعها الوزاري دكتور القنديل ، ذراعها القضائي آل مكي  ، ذراعها الميليشياتي شباب الجماعة و أخيرا ذراعها المختص بإعمال الحصار و الترهيب و هو حازمون …و لتحقيق هذا الهدف بدأت مرحلة الضرب في الخلاط للآمنين أمن الرئيس و عشيرته بأمن الوطن “مصر” كدولة اعتقادا منهم أنها أحد أهم خطوات ابتلاع الجماعة للدولة “حسب رؤيتها” ، فأولا لنعترف أن أمن الرئيس “طالما يعمل في صالح الأمن القومي” جزئا منه و لكن من الغير منطقيا أو المقبول أن تتخيل يوما مؤسسات مصر السيادية أن إرادة مكتب الإرشاد للفوز بالانتخابات أمنا قوميا أو حماية خلايا الإخوان خارج مصر أمنا قوميا أو حماية إرادة حازمون في حصار المحاكم أو حرق الأقسام أمنا قوميا أو غض البصر عن حصار وسائل الإعلام أمنا قوميا ، أو الحفاظ على حرية التكفير و هدم السلام الاجتماعي أمنا قوميا أو استمرار أن الجماعة كمؤسسة فوق القانون و خارج المحاسبة أمنا قوميا كما أن عدم الوقوف وقفة جادة حيال هذه الأمور الحيوية حيادا منطقيا .. و للخروج من هذا المأزق ظهر علينا مفهوم جديد مصاحب للأمن القومي الجديد و هو الحياد ، هذا الحياد الذي أدعت جميع مؤسسات الدولة انه حيادا استراتيجيا ، و هنا نأتي للأسطورة الثانية و هي الحياد الاستراتيجي …ملخصا فضلت المؤسسات السيادية الحياد الاستراتيجي (الغير محايد) بهدف الحفاظ على الأمن القومي  (اللي هو مش أمن قومي) أو ربما كمخرجا من اللعبة السياسية معتقدين أن بذلك سيحافظون على أنفسهم  “من قلة الأدب” و مؤسساتهم من التسييس و ذلك من خلال تقليص دورهم حول الحفاظ على الحدود و على المباني و سلامتها بغرض الابتعاد التخيلي عن الصراع و حتى لا ننسي مهمة الحفاظ على الرئيس !! فاستعادة مصر الطريق الصحيح  السياسي و الاقتصادي و القانوني و الاجتماعي  هو استعادة للأمن القومي المصري الذي نعرفه و الذي لكم دورا في حمايته … فانتم من تملكون احتكار العنف المشروع كمؤسسات سيادية دون أيا منا.


د. عادل عامر

دكتور في الحقوق وخبير في القانون العام

 رئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية

 عضو المعهد العربي الأوروبي للدراسات الإستراتجية

 والسياسية بجامعة الدول العربية


المصدر: أوكرانيا بالعربية


مشاركة هذا المنشور:
الأخبار الرئيسية
سياسة
الدنمارك تعلن عن حزمة مساعدات عسكرية جديدة لأوكرانيا
سياسة
اليونان تنفي توريد أسلحة سرًا إلى أوكرانيا
سياسة
رئيس الصين يدعو إلى التسوية السياسية للحرب الروسية الأوكرانية
أخبار أخرى في هذا الباب
آراء ومقالات
عن النصر والخوف والمعارضة...بقلم رئيس حركة "الأخوية القتالية الأوكرانية" بافلو جيربيفسكي
آراء ومقالات
الفساد العظيم الذي ضيّع أوكرانيا!..حسين الراوي
آراء ومقالات
الإجرام الروسي والطفولة الأوكرانية..حسين الراوي
تابعونا عبر فيسبوك
تابعونا عبر تويتر
© Ukraine in Arabic, 2018. All Rights Reserved.