أوكرانيا بالعربية | نهر الكونغو ومشكلة سد النهضة... بقلم هيام محي الدين

11.03.2014 - 02:00 #هيام محي الدين
لفتت زيارة نبيل فهمي وزير خارجية مصر إلى الكونغو الديمقراطية الأسبوع الماضي الأنظار إلى إحدى بدائل السياسة المائية المصرية من خلال مشروع ربط نهري الكونغو والنيل واستغلال الفوائض المائية الهائلة لهذا النهر المتوحش الذي يستحيل السيطرة على مياهه المندفعة من منابعه في شرق البلاد إلى مصبه في المحيط الأطلنطي غربا بقوة دفع هائلة تصل بالمياه العذبة إلى عشرات الأميال داخل المحيط المالح ومنطقة منابع هذا النهر الملاصقة لجمهورية جنوب السودان الحالية تتمتع بفائض مائي رهيب يندفع غربا ليضيع في المحيط الأطلنطي دون أي استفادة منه ، وفي نهاية خمسينيات القرن الماضي وضع مهندسو الري المصريون في أوغندا تصورا للاستفادة من

كييف/أوكرانيا بالعربية/لفتت زيارة نبيل فهمي وزير خارجية مصر إلى الكونغو الديمقراطية الأسبوع الماضي الأنظار إلى إحدى بدائل السياسة المائية المصرية من خلال مشروع ربط نهري الكونغو والنيل واستغلال الفوائض المائية الهائلة لهذا النهر المتوحش الذي يستحيل السيطرة على مياهه المندفعة من منابعه في شرق البلاد إلى مصبه في المحيط الأطلنطي غربا بقوة دفع هائلة تصل بالمياه العذبة إلى عشرات الأميال داخل المحيط المالح ومنطقة منابع هذا النهر الملاصقة لجمهورية جنوب السودان الحالية تتمتع بفائض مائي رهيب يندفع غربا ليضيع في المحيط الأطلنطي دون أي استفادة منه ، وفي نهاية خمسينيات القرن الماضي وضع مهندسو الري المصريون في أوغندا تصورا للاستفادة من مياه نهر الكونغو خلال ثورات التحرر الوطني للدول الإفريقية من الاستعمار برؤية مستقبلية لتنمية هذه الدول بعد الاستقلال وتم وضع خطوط مبدئية للربط بين نهر الكونغو من مناطق المنابع بنهر النيل شمال منطقة بحر الغزال بحيث يدفع بضع عشرات من مليارات الأمتار من المياه إلى مجرى النيل الأبيض في هذه المنطقة عن طريق حفر وصلة تأخذ مياهها من محطات رفع تعبر بالمياه مرتفعات المنابع وتعكس مسارها إلى الشرق لتصب في النيل ويمكن لهذا المشروع أن يزيد المخزون المائي لبحيرة ناصر أمام السد العالي بما يتراوح ما بين 60 إلى 80 مليار متر مكعب بما يغني مصر تماماً عن مياه الفيضان الموسمية التي تأتي من أثيوبيا عبر النيل الأزرق والمهددة بالنقصان المؤثر نتيجة لإصرار أثيوبيا على إنشاء ما تسميه بسد النهضة بمواصفاته المعلنة والتي تحدثنا عن أخطارها في مقال سابق ، وبالقطع فإن زيارة وزير خارجية مصر لجمهورية الكونغو لم تغفل بحث استكمال هذا المشروع الذي بدأت عمليات المسح والإعداد في منطقة تنفيذه فعلا إلى جانب حل مشكلة عودة مصر إلى أنشطة الاتحاد الإفريقي والمشروع عبارة عن محطة رفع عملاقة تقوم برفع المياه لاجتياز منطقة جبلية لا يزيد ارتفاعها عن 90 إلى 100 متر لدفعها إلى سفح المرتفعات الشرقي حيث تركب عليها مجموعة من توربينات توليد الكهرباء لتندفع بعد ذلك شرقا عبر مجرى مائي صناعي لتصب في النيل الأبيض شمال غرب جمهورية جنوب السودان لتسير في مجراه الطبيعي شمالا حتى بحيرة ناصر ، وتستفيد من هذا المشروع دول أربع هي الكونغو الديمقراطية (600 ميجاوات كهرباء ) وتجفيف بعض المستنقعات وجمهورية جنوب السودان (زراعة ما يقرب من مليون فدان ) على شواطئ المجرى الصناعي وجمهورية السودان (انتظام الإيراد المائي للنيل الأبيض طوال العام وزيادة توليد الكهرباء من السدود السودانية ) ومصر (زيادة المخزون المائي بما لا يقل عن 45 مليار متر مكعب من المياه) فتصل مصر إلى الاكتفاء الذاتي من المياه وتجد فائضاً لزيادة الرقعة الزراعية أو على الأقل تعوض ما سوف يسببه سد النهضة الأثيوبي من نقص في الإيراد المائي لبحيرة ناصر.

ولكن هذا المشروع لا ينبغي أن ينسينا أن الزيادة السكانية المطَّردة ومشروعات استصلاح وزراعة الأراضي الضرورية لسد احتياجات هذه الزيادة ، وتعاملنا غير السوي مع المياه وطرق الري والإسراف غير المبرر في استهلاك المياه العذبة وتلويث نهر النيل تتطلب منا ألا نغفل كل هذه الضرورات في ترشيد استخدام المياه اعتمادا على أي مشروع مهما كانت فرص نجاحه فعلينا:-

أولاً: أن نستخدم كل قدراتنا وقوتنا الناعمة والخشنة وعلاقاتنا الدولية لتحجيم مشروع سد النهضة وإعادته إلى تصميماته الأولى التي لا تضر بإيراد مصر المائي.

ثانياً: أن نسرع في إنجاز مشروع ربط نهري النيل والكنغو ونستغل الفوائد التي ستعود من على الكونغو والسودان شماله وجنوبه لخلق موقف إقليمي قوي يناهض المشروعات المائية الأثيوبية التي تضر بمصر.

ثالثاً: أن نواصل القيام بحملات توعية لترشيد استخدام المياه ونتوسع في برامج الري بالرش والتنقيط بدلا من الغمر وإصدار القوانين الرادعة لعقاب من يستخدم المياه العذبة (مياه النيل) في غير أغراض الشرب والري والاستخدام الشخصي.

رابعاً: إقامة مجموعة من مشروعات تحلية مياه البحر لإمداد المدن الساحلية على البحرين المتوسط والأحمر لتوفير مياه النيل والمياه الجوفية لأغراض الري والزراعة.

فليس معنى تعويض مشروع ربط نهري الكونغو والنيل لنقص الحصة المائية أن نهمل ترشيد الاستخدام وتنفيذ مشروعات مائية أخرى كلما سنحت لنا فرصة تنفيذها ، كما أن اللجوء لاستخدام الطاقة النووية في مشروعات تحلية المياه وتوفير الطاقة الكهربية يجب أن يوضع في الاعتبار كمشروع مستقبلي قريب إن مصر غنية بإمكاناتها البشرية والطبيعية وعلينا أن ننظم استخدام هذه الإمكانات ونعظم العائد منها وأن نشق طريقنا إلى التنمية المستدامة بمجموعة من الطفرات التي تتمثل في مشروعات قومية كبرى نحققها بالإرادة والتصميم وحسن الإدارة.

هل نستطيع ... أرجو


هيام فوزى محى الدين

كاتبة و صحفية وإعلامية مصرية

رئيسة تحرير جريدة 

شبكة أخبار المشاهد المصرى الإلكترونية


المصدر: أوكرانيا بالعربية


مشاركة هذا المنشور:
الأخبار الرئيسية
سياسة
كوليبا: أوكرانيا تحتاج إلى سبع منظومات باتريوت
سياسة
رئيس التشيك يدعو إلى وقف الحرب في أوكرانيا وبدء مفاوضات السلام
سياسة
بلينكن: على روسيا دفع ثمن الدمار في أوكرانيا
أخبار أخرى في هذا الباب
آراء ومقالات
عن النصر والخوف والمعارضة...بقلم رئيس حركة "الأخوية القتالية الأوكرانية" بافلو جيربيفسكي
آراء ومقالات
الفساد العظيم الذي ضيّع أوكرانيا!..حسين الراوي
آراء ومقالات
الإجرام الروسي والطفولة الأوكرانية..حسين الراوي
تابعونا عبر فيسبوك
تابعونا عبر تويتر
© Ukraine in Arabic, 2018. All Rights Reserved.