أوكرانيا بالعربية | نبــى بلا اتبـــاع - الجزء الأول... بقلم هشام عبده

"أثناء حياة الثوريين العظماء، تعقبتهم الطبقات المضطهدة بدون توقف، استقبلت نظرياتهم بالتحقيرالوحشي وبالكره العنيف وبأبشع حملات الأكاذيب والتشهير، وبعد موتهم تحاول هذه الطبقات أن تحولهم إلى أيقونات غير ضارة لتضحيل أسمائهم، بينما تفرغ في الوقت نفسه نظرياتهم السياسية من مضمونها وتنعم سنها الثوري وتفججها " .

"كييف/أوكرانيا بالعربية/أثناء حياة الثوريين العظماء، تعقبتهم الطبقات المضطهدة بدون توقف، استقبلت نظرياتهم بالتحقيرالوحشي وبالكره العنيف وبأبشع حملات الأكاذيب والتشهير، وبعد موتهم تحاول هذه الطبقات أن تحولهم إلى أيقونات غير ضارة لتضحيل أسمائهم، بينما تفرغ في الوقت نفسه نظرياتهم السياسية من مضمونها وتنعم سنها الثوري وتفججها " .

هكذا قد تنبأ لينين به قبل ذلك بفترة طويلة في كتابه "الدولة والثورة"، حينما وصف مصير القادة الثوريين في الماضي ، وكانه كان يعلم الدور الذى ستبذله كلا من موسكو وحلفائها من جانب، وأعداء الشيوعية في الغرب من جانب آخر، كل ما في وسعهم لتشويه الدور التاريخي الحقيقي لهذا الرجل العظيم.

انه فلاديمير لينين قائد ثورة أكتوبر والسياسي الشيوعي والرئيس الافتراضي الأول للاتحاد السوفيتي واحد أيقونات الشيوعية الفكرية،امتداد طريق ماركس وانجلز، وزعيم البروليتاريا الروسية والدولية ايضا، ومؤسس الحزب الشيوعي للاتحاد السوفيتي والدولة السوفيتية .

ان الاتي ليس جردا تفصيليا لحياة لينين، فمثل هذا المشروع يتطلب مجلدا او اكثر ،بل الغرض من هذا المقال هو تلخيص الافكار والدور التاريخي لهذا الثوري الماركسي العظيم، وبهذا فهو دفاع عن لينين الثوري ضد كافة الهجومات والافتراءات التي الحقت باسمه ،سواء فى حياته وبعد مماته على السواء، وهذا ليس اطراء لبطل ثوري ،وانما تكمن قيمته في مساعدتنا على معرفة لينين الحقيقي، واسهامه الثوري وكذلك المهام الملقاة على عاتقنا في العصر الحاضر، عصر الثورة والثورة المضادة، ولاسيما استخلاص العبرة والمعرفة لمعارك اليوم.

لمحة عن حياته :

ولد في اوليانوفسك نسبة إلى اسم عائلة لينين أوليانوف ،وكان شقيق لينين الاكبر الكسندر قد التحق بالنارودنايا فوليا وشارك بصفة مباشرة في محاولة اغتيال القيصر الكسندر الثالث، وتم القبض عليه وشنق مع اربعة اخرين، وخلفت هذه الماساة الشخصية اثرا كبيرا على لينين الشاب وهو في السابعة عشر من عمره، وفي خريف نفس السنة التحق لينين بجامعة كازان لدراسة القانون، ولكن سرعان ما وقع طرده من الجامعة  لمشاركته في احتجاج طلابي ضد السلطات، وهو ما مثل بداية حياته الثورية.

مع انه كان للينين متعاطفين مع اراء اخيه فانه قرر الالتحاق بحلقة ماركسية في كازان درس "راس المال" و"انتي دوهرنج" ومؤلفات اخرى ،وبفضل الهجرة التي فرضها القيصر"، يقول لينين :"اكتسبت روسيا الثورية خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر روابط دولية جيدة وفهم عال لاشكال نظريات الحركة الثورية لم يكتسبها بلد اخر".

وفي عام 1887 بعد أن أنهى دراسته الثانوية، دخل كلية الحقوق في كازان، ولكنه اعتقل بسبب نشاطه في الحركة الطلابية، واختفى في المدينة ووضع تحت رقابة الشرطة في قرية كوكوشيكتو ،وفي عام 1891 تخرج كطالب منتسب (من الخارج) في جامعة سان بطرسبرج، وفي كازان (88-1889) وسماري (98-1893) درس الماركسية وأصبح ماركسيا، ونظم أول جماعة ماركسية في مدينة سماري، وعندما وصل على سان بطرسبرج عام 1893 أصبح زعيم الماركسيين فيها، وكان نشطا في الدعاية لتعاليم الماركسية بين العمال، وفي عام 1894 كتب اول مؤلف رئيسي له وهو "من هم اصدقاء الشعب وكيف يحاربون الديمقراطيين الاشتراكيين"، وفيه دحض النظرية الزائفة للشعبوي ومناوراتها، وبين ان للطبقة العاملة في روسيا الطريق الحق للنضال ،وفي عام 1895 وحد الجماعات الماركسية في سان بطرسبورج في "عصبة النضال من أجل تحرير الطبقة العاملة"، وبعد ذلك مباشرة اعقل لينين وسجن ثم نفي الى سيبيريا ،ولم يكن النفي إلى سيبيريا سجنا بكل معنى الكلمة، فقد كانت الحكومة تدفع للمنفيين علاوة شهرية بسيطة، وكانوا يختارون مكان إقامتهم ضمن حدود معينة، وقد اختار لينين بلدة شوشانسكايا في آباكان ،وأمضى فترة النفي في الكتابة بعد زواجه من ناديا كروبسكايا (1898) التي كانت هي الأخرى منفية بسبب نشاطاتها السياسية، وأهم ما كتبه هناك " تطور الرأسمالية في روسيا" .

في تلك الأثناء اتحدت معظم الحركات الماركسية السرية في روسيا وشكلت حزب "العمل الديمقراطي الروسي"، ومنها الحركة التي انتمى إليها لينين .

بعد انتهاء مدة نفيه في مطلع 1900 غادر لينين إلى ألمانيا للمساعدة في إصدار جريدة الحزب "الشرارة" ثم جريدة "الفجر"، وكانتا ممنوعتان وتوزع اعدادهما بعد تهريبها إلى روسيا، وهناك بدأ فلاديمير ايليانوف يستعمل اسم "لينين" ،كما فعل سواه من الكتاب الذين اتخذوا اسماء مستعارة لتضليل بوليس القيصر السري .

خلال ذلك انقسم الحزب إلى جماعتين : البلشفيين ومعناها بالروسية الأكثرية ، والمانشيفيين ومعناها الأقلية ، بسبب التنظيمات الداخلية للحزب، وأهمها رغبة البلشفيين في اقتصار الانتماء إلى الحزب على المناضلين الثوريين، ورغبة الأقلية في أن يكون باب الانضمام مفتوحا أمام الجميع.

وفي أوائل عام 1900 هاجر الى وفي الخارج أسس مجلة "اسكرا" ومعناها الشرارة وهي أول صحيفة ماركسية توزع على نطاق واسع في روسيا، وقد لعبت دورهائلا في تكوين حزب ماركسي من نوع جديد ، وفي وضع برنامج هذا الحزب، وفي الصراع ضد الاصلاحيين والانتهازيين ،وقد شهد المؤتمر الثاني لعصبة النضال من أجل تحرير الطبقة العاملة عام1903  تدشين الحزب البلشفي الذي قاد البروليتاريا والفلاحين الكادحين – تحت قيادة لينين– في الصراع للاطاحة بالأوتوقراطية القيصرية وإقامة نظام اشتراكي محلها.

ولقد كانت علامات الطريق في هذا الصراع الثورة الديمقراطية البرجوازية عام 1905 وثورة فبراير الديمقراطية البرجوازية عام 1917 ،ثم ثورة أكتوبر الاشتراكية عام 1917، والفضل العظيم الذي قدمه لينين أنه طور التعاليم الماركسية تطويرا خلاقا بالاشارة إلى الظروف التاريحية الجديدة ،وأعطاها شكلا محدداعلى أساس الخبرة العملية للثورات الروسية والحركة الثورية الدولية بعد وفاة ماركس وانجلز، وقد واصل لينين في كتابه "الامبريالية أعلى مراحل الرأسمالية" (1916) تحليل أسلوب الانتاج الرأسمالي الذي كان ماركس قد قام به في "رأس المال"، واكتشف لينين القوانين الي تحكم التطور الاقتصادي والسياسي للرأسمالية في عصر الاستعمار، وقد خلق نظرية حزب البروليتاريا باعتباره الحزب القائد والقوة المنظمة، التي لايمكن بدونها قيام دكتاتورية البروليتاريا أو بناء المجتمع الشيوعي، وقد أصبح لينين زعيم أول دولة بروليتارية، وهي الدولة التي استطاعت أن تتغلب في الصراع ضد الأعداء الداخليين والخارجيين، وأن تطلق البناء السلمي للاشتراكية، وقد طور لينين أفكار ماركس، فوضع برنامجا محددا للبناء الاشتراكي في اتحاد الجمهوريات السوفيتية، واصبح يرتبط اسم لينين بتطور كل جوانب الماركسية، بما فيها الفلسفة، فقد وجه منذ البداية اهتماما عظيما إلى تطوير المادية الجدلية والمادية التاريخية، وكانت الفلسفة الماركسية وسيلة لحل كل مشكلة تواجه الطبقة العاملة وحزبها في المرحلة الجديدة، وقد أثرى تلك الفلسفة بكثير من الأفكار الجديدة، ففي عام 1908 كتب مؤلفه الفلسفي الرئيسي "المادية والتجريبية النقدية" الذي قدم فيه تحليلا عميقا لآخر انجازات العلم الطبيعي في ضوء المادية الجدلية، وطور المبادئ الأساسية لفلسفة الماركسية، وخاصة نظريتها في المعرفة. وعمل بكد شديد لتطوير واستكمال المادية الجدلية، التي وصفها بأنها "روح الماركسية"، وبأنها "الأساس النظري الأساسي" للماركسية، وبين تعدد جوانب الجدل، كنظرية في التطور، ودعم المصادرة ذات الأهمية القصوى والمثمرة عن وحدة الجدل والمنطق ونظرية المعرفة، وقد شرح لينين في مقاله "حول أهمية المادية المناضلة" (1922) – المهام الحيوية التي ينبغي الاضطلاع بها من أجل مزيد من تطوير الفلسفة الماركسية بما في ذك الصراع ضد الآراء الدينية في العالم، وتحتفظ هذه التوجيهات بأهميتها إلى اليوم، وقد كان لينين يعتبر الفهم المادي للتاريخ أعظم انجاز للفلسفة الماركسية، كما اعتبر نظرية المادية التاريخية أساسا علميا لوصول إلى معرفة قوانين التطور الاجتماعي، وللنضال الثوري من أجل التحويل الاشتراكي للمجتمع.

ودراسته الخلاقة للتطور الاقتصادي والسياسي والروحي للمجتمع في العصر الجديد، قد طورت كل جوانب علم الاجتماع الماركسي، ومن الأمور ذات الأهمية الخاصة بحثه في مشكلات الطبقات والصراع الطبقي والدولة والثورة ،ودور الجماهير في عصر الثورة الاشتراكية وبناء المجتمع الشيوعي، وفى العلاقة بين الجماهير والحزب والقادة، وأفكاره فيما يتعلق بالأشكال الجديدة التي تتخذها القوانين الاقتصادية لتطور الاجتماعي أثناء البناء الاشتراكي، وعن العلاقة بين علمي الاقتصاد والسياسة، وعن الثقافة والثورة الثقافية، وعن الأخلاقيات الاشتراكية ومبادئ الفن الاشتراكي؛ كذلك كانت للينين أفكار قيمة في مجال العلم التاريخي الفلسفي الماركسي، وقد أعطى لنا تقديرات دقيقة نفاذة لكثير من فلاسفة الماضي والماديون الفرنسيون وكانط وهيغل وغيرهم ،وقـيم أعمال المفكرين الديمقراطيين الثوريين الروس بيلنسكي وهيرزن وتشيرنشيفسكي ،ويشكل ما قاله عنهم وعن عمليات تطور الحركة الثورية والفكر الاجتماعي في روسيا أساسا نظريا لتاريخ علمي للفلسفة المادية الروسية.

-                  الثورة الأولى :

مع بدابة العام 1900 بدأت تتكون في روسيا نقمة عارمة ضد القيصر بسبب تردي الوضاع على كافة الأصعدة، وارتفعت المطالبات بمزيد من الحريات السياسية، السماح للفلاحين بزراعة الأراضي التي يمتلكها الإقطاعيون، زيادة أجور العمال وتحسين ظروف العمل، وإنهاء الحرب ضد اليابان .

يوم الأحد 22 يناير1905 نظم كاهن أرثوذكسي يدعى جورج جابون مظاهرة اشترك فيها أكثر من 200,000 مواطن في بترسبورج، وكانت مظاهرة سلمية تهدف إلى ايصال المطالب الشعبية إلى القيصر، ولكن رجاله أطلقوا النار على المتظاهرين وقتلوا عدة مئات منهم، وكانت تلك هي الشرارة التي أشعلت الثورة الروسية وامتدت، على درجات متفاوتة من الحدة، حتى سقوط النظام القيصري في 1917.

عاد لينين الى روسيا وشارك في ما تلا تلك المظاهرة من إضرابات شلت الحركة في موسكو ومعظم المدن الروسية، ومن انتفاضات ثورية مسلحة ضد القيصر ،ولكن رجاله استطاعوا السيطرة على الوضع في نهاية العام 1905، إلا أن الشرارة كانت قد اشتعلت، ولو أنها بقيت أحيانا تحت الرماد .

غادر لينين إلى أوروبا مجددا متنقلا بين معظم دولها، مشاركا في نشاطات الأحزاب الماركسية، وعاملا على عقد اجتماعات دورية للبلاشفة رغبة منه في إبقاء الجذوة الثورية إلى أن تحين فرصة مؤاتية لإسقاط القيصر.

ولم يكن لينين بعيدا عن نشاطات الحزب الداخلية رغم وجوده في الخارج، وحين أصدر الحزب صحيفة البرافدا (الحقيقة) كانت مقالات لينين تشكل القسم الأكبر منها .

في الأول من أغسطس 1914 أعلنت ألمانيا الحرب على روسيا، وبحلول العام 1917 كان الشعب الروسي يئن تحت وطأة الفقر والعوز، وبدا أن المجاعة على الأبواب، وظهر نقص في المواد الغذائية على اختلافها حتى الخبز، والحكومة عاجزة عن عمل أي شيء .

العمال يضربون عن العمل وصفوف النسوة تطول أمام الأفران يوما بعد يوم، وبدأت المظاهرات العارمة، ورفض الجنود هذه المرة تنفيذ أوامر قياداتهم بإطلاق النار، ما اضطر القيصر إلى التنازل عن العرش وتسليم السلطة إلى حكومة برئاسة الأمير جورج ليفوف (15 مارس 1917.

عاد لينين إلى روسيا، وكذلك معظم قيادات الحزب البلشيفي الذين كانوا منفيين إلى سيبيريا، وفي 16 ابريل 1917 وصلوا إلى بتروجراد واستقبلوا استقبال الأبطال .

طالب لينين بإنهاء الحرب ضد ألمانيا فورا، وبأن تعود ملكية الأراضي إلى الدولة وبإسقاط حكومة ليفوف ،واستطاع استعادة زمام قيادة الحزب البلشفي إلا انه لم يتمكن من الوصول إلى السلطة.

في يوليو شكلت حكومة جديدة برئاسة الكسندر كيرينسكي، واصدرت أمرا بإلقاء القبض على لينين بتهمة العمالة للألمان، فغادر إلى فنلندا حيث كتب واحدا من اهم اعماله "الدولة والثورة"، وفيه شرح كيفية تنظيم الثورة ونوع الحكومة التي يجب أن تتولى السلطة بعد إسقاط الحكم القائم، ثم أرسل كتابا إلى الهيئة المركزية للحزب البلشيفي معلنا أن زمن الخطابات قد ولى وحان وقت العمل الثوري، قائلا: "إن التاريخ لن يغفر لنا إذا لم نستعد السلطة الآن" .

الثورة الثانية :

يتبع ,,,,

هشام عبده

كاتب عربي مصري

المصدر: أوكرانيا بالعربية

مشاركة هذا المنشور:
الأخبار الرئيسية
سياسة
وزير خارجية بريطانيا يعارض إرسال قوات الناتو إلى أوكرانيا
سياسة
في ذكرى الأحداث المأساوية في أوديسا ..أوكرانيا ترد على المعلومات المضللة
سياسة
رئيس أوكرانيا يلتقي وزير خارجية بريطانيا في كييف
أخبار أخرى في هذا الباب
آراء ومقالات
عن النصر والخوف والمعارضة...بقلم رئيس حركة "الأخوية القتالية الأوكرانية" بافلو جيربيفسكي
آراء ومقالات
الفساد العظيم الذي ضيّع أوكرانيا!..حسين الراوي
آراء ومقالات
الإجرام الروسي والطفولة الأوكرانية..حسين الراوي
تابعونا عبر فيسبوك
تابعونا عبر تويتر
© Ukraine in Arabic, 2018. All Rights Reserved.