أوكرانيا بالعربية | نعم هي مجزرة..فما أنتم فاعلون! ... بقلم حسن عصفور

فجأة انتقلت اللغة السياسية لبعض "اولي الأمر" وفصائل "البلد" متعددة الأسماء والقادة، من اختلاف لتوصيف ما الذي يحدث فوق هذه الأرض مع العدو الباغي المحتل، الى لغة تفوق ما كان المنى والتمني..وكأن البعض المفترض به أن يكون "قائدا ورائدا" لمسار الأحداث بحكم الواقع القائم، تحول الى مراقب ومعلق عليها وليس فاعلا بها بالمعني الشامل..

كييف/أوكرانيا بالعربية/فجأة انتقلت اللغة السياسية لبعض "اولي الأمر" وفصائل "البلد" متعددة الأسماء والقادة، من اختلاف لتوصيف ما الذي يحدث فوق هذه الأرض مع العدو الباغي المحتل، الى لغة تفوق ما كان المنى والتمني..وكأن البعض المفترض به أن يكون "قائدا ورائدا" لمسار الأحداث بحكم الواقع القائم، تحول الى مراقب ومعلق عليها وليس فاعلا بها بالمعني الشامل..

ولكن لنترك تلك المسألة الى حين، ونذهب الى الذي بات ثمنه دما فلسطينيا ولا زالت الحيرة قائمة، اهو انتفاضة أم هبة، ولأن الشعب لا يقف كثيرا أمام ما تبحث عنه "فصائل البحث عن الذات"، فقرر ان يسير بما يمكنه العمل، دون انتظار لوصف او مسمى لحراك احتل مساحة المشهد، رغم كل ما يحيط بنا، وفرض ذاته إجباريا على جدول أعمال من لم يكن يريد ما صار واقعا، او ظن أنه لن يكون هناك ما يستحق فوق هذه الأرض..فجاء الرد ليعلن أن روح فلسطين أقوى من الموت وأعلى قامة من "خنوع وارتعاش" أهل "الصدفة السياسية..

وبعد حيرة "اولي الأمر" في وصف ما هو قائم، وخضوعا عند حركة الفعل الشعبي التي انتشرت برقا سياسيا، لتشمل كل "الوطن التاريخي" فلسطين من الناقورة حتى رفح، قالت ما كان يجب أن يقال، ولم ترتعش أرجل شباب الخالد ياسر عرفات، ذهبوا للتحدي الذي لا يرى الا هنا في هذه الأرض وفوقها..

مواجهات غزة، قد تكون جاءت خارج الحسابات العقيمة، لكنها قدمت "نموذجا خاصا"، لتكشف أن "الوحش الاحتلالي" يقتل لأن القتل سمة أصيلة به، وعل شهداء القطاع كشفوا ما غاب عن البيت الأبيض الأمريكي قوله، عندما وصف الطعن بالسكين هو "إرهاب"، ولكنه أنخرس اللسان والكلام، عند  قتل دون طعن أو سكين أو قنبلة، أصحاب قضية اندفعوا نحو حدود ليعلنوا وحدتهم مع أهلهم في الضفة والقدس، لكن بيت اوباما المسود قبحا سياسيا، لم ير تلك وتجاهلها، وكارثة أن البعض في بلادنا لم يقل له ما وجب قوله!..

وخرج علينا "كبير المفاوضين وعضو تنفيذية منظمة التحرير د.صائب عريقات ليعلن أن الذي حدث هو مجزرة ودليل اثبات على وحشية جيش الاحتلال"..وهو كلام وصفي صحيح - تصريح لم تنشره الوكالة الرسمية - ، والله اعلم لما، لا اختلاف معه وعلى التحديد، ولكن هذا الوصف الدقيق يتطلب معرفة ما هو واجب "ممثل الشعب" الذي يتعرض الى "المجزرة" أن يفعل، هل يكتفي القيام بدور المعلق السياسي، أو "المحلل السياسي"، و"يحرم على ذاته ما عليه من حق وواجب نصت عليه قوانين التمثيل الشرعي الوحيد للشعب"..

بالتأكيد، لو سألت الطفل الفلسطيني سيجيبك بلا تردد ما حدث خلال الأيام الماضية كان "مجزرة وقتل بقانون الاحتلال"، وأيضا لو سألت الطفل ماذا يتطلب ذلك، سيقول ملاحقة المجرم ومحاسبته وأن يدفع ثمن المجزرة والجرائم..

تلك ليس "معادلة معقدة" لو أن المسمى الرسمي الفلسطيني القائم يريد أن يحاسب المجرم، منذ أشهر عدة، ترأس السيد عريقات نفسه لجنة "ألأربعين" ومهمتها واضحة جدا الذهاب الى المحكمة الجنائية الدولية من أجل ملاحقة دولة الكيان ومحاسبتها على "جرائم الحرب"، التي لم تتوقف، ولن تتوقف لو استمرت "القيادة الرسمية" في دورها كـ"محلل سياسي"، وتخلت طواعية عن دورها التمثيلي للحق الوطني وليس الاكتفاء بدور "الجلد الوطني"..

وقد لا يكون غريبا، أن تكتفي "القيادة الرسمية - بمختلف المسميات"، بدور المراقب أو المنتظر لما سيكون، فهي من الأصل لا تتعامل مع الحدث بما يستحق من متابعة وتوجيه، فمن لا يقيم "خلية عمل دائمة"، ليس كما كانت أيام الخالد فتلك مرهقة للبعض لأسباب عدة، لكن الاعلان عن تشكيلها مؤشر لجدية سياسية، "غرفة عمليات" تكون حاضرة مع حضور الفعل الكفاحي، وهي ليست طلبا "ترفيهيا"، بل هو واجب لو أن هناك إحساس لدى البعض بالواجب..

أليس غريبا أن لا يقوم الرئيس محمود عباس بزيارة أي مشفى أو مخيم او بيت شهيد خلال الأيام الماضية، وأن يكون خروجه من "المقاطعة - مقر الرئاسة" بعد عودته من نيويورك لافتتاح برج لرجال أعمال، في تزامن مع حركة الغضب..هل ذلك سوء تقدير سياسي أم أنه قرار سياسي يمثل رسالة سياسية..لا يوجد صدف سياسية لمن يتولون مسؤولية القيادة الرسمية..

الشعب الفلسطيني غاضب بجد، ويخرج لمواجهة الباغي المحتل، دون أن يعلم مصيره شهيدا أسيرا جريحا، يعلم تماما أنه ليس في "نزهة أو رحلة تصوير تلفزيوني"..هو أعلن الشعب قرر الغضب على الإحتلال، شاء من شاء وأبى من أبى..

غياب غرفة عمليات القيادة هو انعكاس لكيفية الادارة والرؤية وقرار المواجهة السياسية أيضا، ولذا ليس مفاجأة أن يكتفي بعض ممن يتولون مواقعا رسمية القيام بدور المعلق الصحفي، والمشاهد السياسي..

من يتحدث عن مجزرة ويراها واقعا واجبه أن يعلن اليوم وليس الغد ما وجب لمحاسبة مرتكب تلك المجزرة..وغيرها فالتاريج يسجل وذاكرته الإنسانية حاضرة..

ملاحظة: حضرت ذكرى ماجد ابو شرار، ذلك الفتى السياسي الذهبي لفلسطين قبل فتح، مع تجاهل البعض الرسمي له، حقدا وكراهية لما كان به عنفوان وغضب وكرامة وانتماء لقضية..لكن شعب فلسطين منح الذكرى يوما استشهاديا - كفاحيا ما يليق بماجد..ابو سلام أنت بغيابك أرفع منزلة من أناس لن يمنحهم التاريخ سوى صفة "الصغار"..الصغير يبقى صغيرا مهما حمل ولبس أثقالا وأوسمة..سلام لروحك ابا سلام!

تنويه خاص: عشرات الآف من أهل رام الله خرجوا لوداع ابنها مهند حلبي..حضر الشعب ومعه حضرت روح الخالد ياسر عرفات..لم يكن ذلك الحضور عبثا ولا مصادفة، هو رسالة ساطعة جدا..أن من هتف بلا ارتجاف "عالقدس رايحيين شهداء بالملايين" وكان شهيدها لن تغيب شمسه أبدا..!

حسن عصفور

وزير فلسطيني سابق

كاتب ومحلل سياسي فلسطيني

المصدر: أمد

مشاركة هذا المنشور:
الأخبار الرئيسية
اقتصاد وأعمال
صحيفة: اتفاق جديد بشأن الحبوب الأوكرانية
رياضة
رسمياً: أوكرانيا تتأهل ليورو 2024
سياسة
السعودية ترسل طائرة إغاثية جديدة لأوكرانيا
أخبار أخرى في هذا الباب
آراء ومقالات
عن النصر والخوف والمعارضة...بقلم رئيس حركة "الأخوية القتالية الأوكرانية" بافلو جيربيفسكي
آراء ومقالات
الفساد العظيم الذي ضيّع أوكرانيا!..حسين الراوي
آراء ومقالات
الإجرام الروسي والطفولة الأوكرانية..حسين الراوي
تابعونا عبر فيسبوك
تابعونا عبر تويتر
© Ukraine in Arabic, 2018. All Rights Reserved.