أوكرانيا بالعربية | مصر وروسيا عودة للصدارة ... بقلم هيام محي الدين

بدأت العلاقات المصرية السوفيتية على مستوى السفراء بموافقة إنجليزية عام 1943 وبعد دخول الاتحاد السوفيتي الحرب ضد ألمانيا حليفا ومنقذا لبريطانيا بعد هجوم ألمانيا المفاجئ على جنوب روسيا وكانت العلاقات شديدة الفتور ، نتيجة للدعاية الغربية المضادة بعد الحرب وانقسام العالم إلى معسكرين شرقي وغربي واشتعال الحرب البادرة بينهما ومحاولة الغرب بقيادته الجديدة التي تولتها الولايات المتحدة إنشاء أحلاف عسكرية تحيط بالاتحاد السوفيتي وتحاصره من خلال قواعد عسكرية في الدول الخاضعة للنفوذ الغربي وتكون حلف شمال الأطلنطي وحلف جن

كييف/أوكرانيا بالعربية/بدأت العلاقات المصرية السوفيتية على مستوى السفراء بموافقة إنجليزية عام 1943 وبعد دخول الاتحاد السوفيتي الحرب ضد ألمانيا حليفا ومنقذا لبريطانيا بعد هجوم ألمانيا المفاجئ على جنوب روسيا وكانت العلاقات شديدة الفتور ، نتيجة للدعاية الغربية المضادة بعد الحرب وانقسام العالم إلى معسكرين شرقي وغربي واشتعال الحرب البادرة بينهما ومحاولة الغرب بقيادته الجديدة التي تولتها الولايات المتحدة إنشاء أحلاف عسكرية تحيط بالاتحاد السوفيتي وتحاصره من خلال قواعد عسكرية في الدول الخاضعة للنفوذ الغربي وتكون حلف شمال الأطلنطي وحلف جنوب شرق آسيا وبدأت محاولات إنشاء الحلف الذي يستكمل حلقة حصار الاتحاد السوفيتي في منطقة الشرق الأوسط فبدأت محاولات عقد معاهدات الدفاع المشترك مع مصر وتركيا والعراق وباكستان والأردن منذ عام 1949 ولكن قيام ثورة يوليو 1952 في مصر ورفضها البات لسياسة الأحلاف العسكرية مع الغرب التي كانت تمثل وجودا أبديا للاستعمار البريطاني في مصر أدى إلى نقل مركز الحلف إلى بغداد وسمى باسمها " حلف بغداد " وقد حاربته مصر والسعودية فكان رد الغرب أن رفض طلبات تسليح الجيش المصري الذي كان في أمس الحاجة إلى سلاح حديث خاصة في السلاح الجوي والمدرعات وتدخلت إسرائيل بنفوذها في الولايات المتحدة لكي تمنعها من الاستجابة لطلبات السلاح المصرية بينما كثفت غاراتها على قطاع غزة في مطلع عام 1955 لإحراج مصر وإجبارها على  الدخول في حلف عسكري غربي ضد الاتحاد السوفيتي وغرس عدم الثقة في قدرة مصر على الدفاع عن نفسها ضد إسرائيل ما لم تنضم إلى تحالف غربي وربطت الولايات المتحدة وبريطانيا تسليح الجيش المصري بموافقة مصر على الدخول في حلف بغداد ، وفي نفس العام عقد مؤتمر باندونج للدول الآسيوية والإفريقية بأندونيسيا في محاولة لخلق تكتل دولي محايد بين القوتين اللتين تتحكمان في مصير العالم وتتنافسان على النفوذيه ، والتقى عبد الناصر في المؤتمـر بالسـيد/ " شو أين لاى " رئيس وزراء الصين وطلب منه جس نبض روسيا " الاتحاد السوفيتي " في بيع سلاح متقدم إلى مصر ووافق الروس وتم عقد صفقة أسلحة بين مصر وتشيكوسلوفاكيا " إحدى دول الكتلة الشرقية في ذلك الوقت مما أثار جنون الغرب ولم تمض أشهر حتى اعترفت مصر بجمهورية الصين الشعبية عام 1956 مما دفع الولايات المتحدة لسحب تمويلها لمشروع السد العالي والذي ردت عليه مصر بتأميم قناة السويس ، وأدى ذلك إلى العدوان الثلاثي على مصر في 29 أكتوبر 1956 ؛ وكان الموقف الروسي الذي تمثل في إنذار صارم جاد بضرب عواصم المعتدين بالصواريخ مؤثراً في فشل العدوان وهزيمته وخروج المعتدين من بورسعيد وسيناء وغزة ومنذ ذلك التاريخ تأصل تعاون مصري / روسي في التسليح والتصنيع والاقتصاد وشاركت روسيا في بناء مشروعات مصر الكبرى مثل السد العالي والحديد والصلب والطاقة النووية وغيرها .

وامتد هذا التعاون الذي تحول إلى ما يشبه التحالف بعد عدوان 1967 حتى انتصار أكتوبر 1973 الذي حققناه بسلاح روسي ؛ ونظرا لظروف سياسية معقدة ورؤية مصرية مبكرة لسقوط الاتحاد السوفيتي وصعود نجم الولايات المتحدة ألغت مصر معاهدة الصداقة والتحالف مع الاتحاد السوفيتي عام 1976 واتجهت نحو الولايات المتحدة التي لم تحسن كعادتها شكر النعمة ، فرغم ما قدمته مصر لخدمة المصالح الأمريكية في المنطقة ومحافظتها على معاهدة السلام مع إسرائيل وتحملها لكل الغرور والجرائم الإسرائيلية في المنطقة فقد مارست الولايات المتحدة سياستها القديمة وجعلت معونتها الاقتصادية والعسكرية لمصر سلاحاً تخضع به مصر وتهددها بقطعة كلما حاولت السياسة المصرية اتخاذ قرارات مستقلة تخدم مصالحها وتحملت مصر في عصر مبارك المتسم بالضعف في ممارسة السياسة الخارجية كثيراً من التعنت الأمريكي ؛ وحين وصلت القدرة المصرية على التحمل إلى أقصاها مارس الأمريكيون أسلوبهم القديم في التحالف مع قوى مصرية معارضة تمثلت في جماعة الإخوان المسلمين ليتسلطوا على ثورة الشعب المصري في يناير 2011 ويتمكنوا من حكم البلاد بعد تعهدهم بتنفيذ الرؤية الأمريكية للشرق الأوسط الجديد ، وقد أغفل الأمريكيون العمق التاريخي والرؤية الثاقبة للشعب المصري وقدراته ومدى استعداده للنضال حين تتهدد مقادير الوطن والأمة فكان انحيازهم الفج ضد إرادة الشعب المصري ؛ وتأييدهم المتسم بالغباء لجماعة فاشلة سياسياً ومتطرفة فكرياً وإرهابية سلوكياً ؛ وتقوم على مبادئ إلغاء الفكر ورفض الآخر واستخدام العنف ومحاولة السيطرة والتمكين تاريخهم ملوث بالدماء ، وقد خسروا بسرعة قياسية كل تأييد شعبي وكل تعاطف مصري أو قومي ، وكان واضحاً لكل ذي عينين إجماع الشعب المصري في 30 يونيو ، 3 ، 26 يوليو 2013 على رفضهم وإصراره على إسقاطهم ، فمارست الولايات المتحدة ضغوطها على الشعب المصري هذه المرة وعلى إرادته وليس على حكومات عميلة ، ولم تحسب حساب أن الشعوب لا يمكن قهرها بهذه الأساليب التي تتسم بالبلطجة والتي اتخذت صورة لي الذراع بوقف إمدادات السلاح عن جيش مصر في وقت شديد الحرج يقاتل فيه الجيش في معركة قاسية ضد إرهاب أسود لا يعرف الرحمة ، ونسى الأمريكيون أن روسيا الاتحادية " وريثة الاتحاد السوفيتي القديم " مازالت دولة عظمى وقد استعادت قدراتها وبدأت تضع نفسها موضعها المستحق على خريطة العالم بعد أن خرجت منتصرة على كل مؤامرات الغرب لإضعافها ، وأن تاريخ التعاون المصري الروسي يحمل علامات مضيئة في تحقيق مصالح هامة للطرفين.

فكانت زيارة وزيري الخارجية والدفاع الروسيين لمصر ، ثم رد الزيارة من وزيري الدفاع والخارجية المصريين لروسيا ، تأكيدا لاستعادة التعاون الشامل الذي لم ينقطع بشكل كامل وإن كان قد انحصر في مجالات ضيقة في السنوات الأخيرة ، وكأن التاريخ يعيد نفسه فقد بدأ توثيق العلاقات بصفقة سلاح متطور ضخمة كما بدأ عام 1955 ، كما ثبت فشل السياسة الأمريكية وأساليبها في السيطرة على الدول بأسلوب المعونات التي تشكل حالة اعتياد تتحول إلى حالة اعتماد تستغلها الولايات المتحدة بفظاظة في فرض سياستها ونفوذها وتنفيذ خططها ؛ ورغم فشل هذه السياسة مرارا – خاصة مع مصر وشعبها – فإن السيد/ أوباما مازال يمارس سياسات ترومان وليندون جونسون وجورج بوش الابن وبصورة أكثر فجاجة وغباء سوف يؤدي إلى انهيار الوجود والنفوذ الأمريكي في منطقة من أهم مناطق العالم.

إن عودة التعاون المصري الروسي سوف يؤدي إلى استعادة روسيا لدور القوة العظمى وإلى عودة مصر إلى استقلال قرارها واستعادة مكانتها الإقليمية والعالمية كقوة مؤثرة في المنطقة والعالم وإذا صممت الولايات المتحدة في سياستها المستفزة لتطلعات وآمال الشعوب فسوف تسقط كقوة عظمى مؤثرة في مصير العالم ؛ وكثير من الباحثين الأمريكيين يرون ذلك فقوة الجيش المصري وانتصاره المؤكد على الإرهاب لم يكون للولايات المتحدة أي فضل فيه وسوف تبوء برفض وكراهية الشعب المصري الذي لم ير يوما في سياستها ما يتوافق مع طموحاته وآماله.

لقد استعادت مصر دروها وعلاقاتها المتوازنة مع القوى المؤثرة في المنطقة والعالم ؛ فمصر والسعودية والإمارات والكويت تشكل وجوداً فاعلاً قويا في المنطقة ومصر وروسيا والصين ودول المتوسط في جنوب أوربا تشكل قوة فاعلة على المستوى العالمي ؛ وعلى الولايات المتحدة أن تدرك أن عليها أن تغير سياساتها الغبية التي مارستها منذ نهاية الحرب العالمية الثانية حتى اليوم.


هيام فوزى محى الدين

كاتبة و صحفية وإعلامية مصرية

رئيسة تحرير جريدة 

شبكة أخبار المشاهد المصرى الإلكترونية


المصدر: أوكرانيا بالعربية


مشاركة هذا المنشور:
الأخبار الرئيسية
سياسة
زيلينسكي يبحث مع ماكرون الوضع في منطقة خاركيف والمساعدات العسكرية لأوكرانيا
سياسة
زيلينسكي يبحث إمكانية إبرام اتفاقية أمنية بين أوكرانيا وكوريا
سياسة
ستولتنبرغ: لا جدوى من إعادة إعمار أوكرانيا من دون تحقيقها النصر
أخبار أخرى في هذا الباب
آراء ومقالات
عن النصر والخوف والمعارضة...بقلم رئيس حركة "الأخوية القتالية الأوكرانية" بافلو جيربيفسكي
آراء ومقالات
الفساد العظيم الذي ضيّع أوكرانيا!..حسين الراوي
آراء ومقالات
الإجرام الروسي والطفولة الأوكرانية..حسين الراوي
تابعونا عبر فيسبوك
تابعونا عبر تويتر
© Ukraine in Arabic, 2018. All Rights Reserved.