أوكرانيا بالعربية | ملف: بسبب الإعتداء على الطلبة في مدينة خاركوف شرق أوكرانيا أكثر من ثلث الأجانب لم يأتوا للدراسة فيها
كييف/أوكرانيا بالعربية/لم يعد أكثر من ثلث الطلبة الأجانب القادمين من الخارج إلى مقاعد الدراسة في معاهد وجامعات خاركيف للعام الدراسي الجاري، نتيجة لتزايد الهجمات على الطلبة الأجانب في المدينة، حسبما أفاده موقع "راديوسفوبودا" الإخباري الأوكراني.
ويشعر سكان خاركيف والأردنيون بالقلق نتيجة لبطئ تحقيقات شرطة مدينة خاركيف بالمجزرة الكبيرة التي وقعت في بداية شهر حزيران/يونيو للعام الجاري داخل الحرم الجامعي، والتي أصيب خلالها مواطنون أردنيون بإصابات خطيرة. لا يخفى في جامعات خاركيف حقيقة أن أولياء أمور الطلبة قد ذعروا بشكل جدي بعد هذه المذبحة. ورفض كثير منهم إرسال أبنائهم إلى جامعات خاركيف . وفي الأشهر الثلاثة الأخيرة وثقت صراعات بين الشرطة والطلبة الأجانب وقضايا لم يكشف عنها.
عند الوصول إلى جامعة خاركيف الوطنية "كارازين" أو الجامعة الطبية الوطنية، يتشكل أحياناً إنطباع أنك نزلت في دولة آسيوية أو ربما عربية. فعلى الشرفة يجلس أو يقف طلاب من تركمانستان، الصين، الأردن، سوريا, والدول الأفريقية الحارة مع السجائر والقهوة. وهي الجامعات الرائدة من حيث عدد الطلبة الأجانب المقبولين للدراسة فيها.
موسم الإلتحاق بالجامعات لهذا العام باء بالفشل، لأن الطلبة الأجانب خائفون من العودة إلى خاركيف، حسبما صُرح به "ليس علناً" في المراكز الدولية للمعاهد الدراسية. فقد أفاد تقرير لبعثة المراقبة الخاصة التابعة لمنظمة الأمن والتعاون الأوروبي بأن الحرب في شرق أوكرانيا والهجمات الدموية للمتطرفين على الطلبة الأجانب في حزيران/يونيو تثير الفزع لدى طلاب الدول البعيدة. والإدارة الإقليمية للتعليم والعلوم في خاركيف ليست على عجل لنشر بيانات رسمية حول دخول الطلبة الأجانب الجامعات، بينما قالوا بأن موسم الإلتحاق بالجامعات ستستمر إلى الأول من تشرين الأول/أكتوبر.
إلا أن رئيس شركة "زينون" الخاصة المتخصصة بجذب الشباب من الدول العربية للدراسة في خاركيف الدكتور عصام شاهين أشار إلى أن الميول لتقليل عدد الطلاب القادمين من الخارج أصبحت واضحة، حيث قال: "إنخفض العدد بنحو 35-40%، نلاحظ ذلك من خلال الدعوات الرسمية التي تم أخذها".
وفي الشهور الثلاثة الأخيرة ظهر شريط الأخبار للوكالات الدولية باللون الأحمر من الأخبار القادمة من خاركيف حول صراعات بمشاركة طلاب أجانب.
في 4 أيلول/سبتمبر وقعت مشاجرة بين أمريكيين من أصول أفريقية وسائقي سيارات الأجرة الأوكرانيين والتي أخمدها أفراد من الحرس الوطني. كما ظهر في الإنترنت مؤخراً فيديو يظهر رجال شرطة أوكرانيين وهم يتعاملون بشكل سيء مع طالبين أفريقيين. بينما وجهوا لأناس في الفيديو إهانات، كما تم ضرب أحد الأشخاص وحاولوا سحبه إلى عربة الشرطة الصغيرة.
وقام أحد المواطنين الأوكران الذي كان بالقرب من الموقع بإنقاذ الطالبين الأفريقيين من أيدي الشرطة. هذا الحادث العنصري وقع في نهاية شهر تموز/يوليو.
بينما وقع في بداية شهر حزيران/يونيو مجزرة في الحرم الجامعي. ففي وقت متأخر من مساء يوم 11 حزيران/يونيو وبالقرب من سكن الطلاب الواقع على شارع أوتاكار ياروش في مدينة خاركيف والذي يقطنه عدد ليس بالقليل من الطلبة الأجانب، ركضت مجموعة من المهاجمين يقدر عددهم بنحو 40 شخصاً عبر ساحات الحرم الجامعي معتدية بالضرب وجارحة بالسكين كل من يصادفوه في طريقهم، كما حطمت عدداً من السيارات ومحطمة كل شيء تطوله أيديهم، بما في ذلك قططاً وكلاباً التي لن تسلم منهم. وأصيب خلال هذه المشاجرة العنيفة 5 اوكرانيين و4 طلاب أجانب يحملون الجنسية الأردنية.
وقد نقل شابين أصيبا بجروح في الرأس إلى المملكة الأردنية الهاشمية لتلقي العلاج وقد تابع حالتهما الدكتور شاكر الطراونة. وقد أرسل ملك الأردن طائرة خاصة مزودة على متنها بأجهزة الإنعاش. وفقاً للدكتور الطراونة، فإن أحد الطلاب الأردنيين قد عاد له القدرة على النطق، لكن سيتم إجراء عملية جراحية له هذا الأسبوع أو في الأسبوع القادم.
وفي حديث الدكتور الطراونة لصحيفة "راديو سفوبودا" قال: "ستكون هناك عميلة واحدة أخرى. الثلاثة الآخرين في وضع جيد، لكن أحدهم والذي تلقى العلاج في مدينة خاركيف سيُضطر خلال بضعة شهور إلى وضع لوح من التيتانيوم في جمجمته. هم يعانون الآن من صداع دائم، وسيستمر ذلك طويلاً".
الأردني الطراونة اليوم يرأس مركزاً خاصاً لطب الأسنان، وقبل 30 عاماً جاء للدراسة في الجامعة الطبية. يجب شاكر الطراونة مدينة خاركيف ويعتبرها مدينة مضيافة, ومتسامحة مع الزوار القادمين من الدول الأخرى.
ومع ذلك يقول أنه لم يظن يوماً أنه سيضطر للمناضلة لإجراء تحقيق عادل من قبل الشرطة في المشاجرة الكبيرة والتي راح ضحيتها شباب أجانب.
حيث قال مستاءاً: "لم يحدث مثل هذا الأمر من قبل. وقعت كثير من الأحداث وعنف كهذه خلال 3 أشهر. لقد أريت مدير الشرطة فيديو عن الأفارقة، والحافلة التي جاءت لتهدئة المشاجرة مع أناس يرتدون ملابس غريبة، لم يكن واضحاً فيما اذا كانوا من الشرطة أم لا. لقد اتضح لاحقاً أن أفراداً من الحرس الوطني وصلوا إلى هناك. بصراحة، الأمر غريب جداً. وما حدث مع أبناء وطني! هذا وضع لا معنى له".
وفي أوساط الجالية الأردنية لا يفهمون كيف لم تتمكن الشرطة إلى الآن من تحديد وإيقاف مرتكبي هذه المأساة!.
وقال الطراونة: "جاء 37 شخصاً من المترو ومروا من خلال شارع أوتاكار ياروش وهاجموا الجميع، ثم ذهبوا إلى شارع كلوتشكوفسكي ثن إختفوا!. هذا أمر سخيف. لن تتخيلوا عدد كاميرات المراقبة في المكان وحول النادي الليلي "مدينة"، يبدو أنه لن يطير عصفور في المكان دون أن تلتقطه كاميرات المراقبة".
وتمكنت تحقيقات شرطة مدينة خاركيف خلال 3 شهور من التعرف عن مشتبه به واحد فقط.
وشرح رئيس شرطة مدينة خاركيف أندري كريشينكو بقوله: "تم إختيار الإقامة الجبرية له كإجراء وقائي. أما فيما يتعلق بالبقية، فما زال العمل جارياً. وفي مثل هذه الحالات عندما يكون عدد الأشخاص كبير، فإنه يصعب تحديد من الذي قام بتوجيه الضربات، وما فعله كل منهم بالضبط. ومن دون ذلك فإنه من غير الممكن توجيه إي أتهامات محددة".
أما فيما يتعلق بكاميرات المراقبة التي من الممكن أن توضح الأمر، فقد قال أندري كريشينكو أنه في ظل حقيقة أن المشاجرة قد وقعت في ساعة متأخرة من المساء عندما كان الظلام قد حل، فإن التسجيلات لا تحوي صوراً واضحة للناس.
وقال: "للأسف، فإن جودة الفيديو المسجل بالكاميرات لا تسمح بتفحص وجوه الأفراد"
ويعتقد قائد الشرطة أن المشاجرة العنيفة قد وقعت نتيجة لخلاف محلي. ووفقاً له، فقد نشب شجار بين شباب أوكرانيين وأجانب عشية المجزرة.
الناشط في مجال حقوق الإنسان يوري تشوماك الذي يراقب حالات رهاب الأجانب والجرائم الناتجة عن الكراهية في خاركوف مقتنع أن الشرطة امتلك كل الإمكانات لمنع المذبحة الكبيرة.
وقال يوري تشوماك: "لقد جمعت معلومات من مختلف المصادر؛ من الأجانب، ومواقع التواصل الإجتماعي. وكلها تشير إلى وقوع شجار قبل مدة ليست بالطويلة، والتي تمكن فيها المواطنون الأجانب – إن جاز التعبير– من التغلب على مواطنينا. أولاً، عرفت الشرطة عن تلك المشجرة وغضت طرفها عن الأمر. لم يكن هناك شكاوي. وصلت الشرطة إلى مكان الحادث بعد وقوعه. أعتقد أن الشرطة كانت متواجدة خارج المترو لحظة خروج مجموعة مؤلفة من 30 شخص من المترو. لكنهم تنحوا جانباً كي لا يُعنفوا. أن لا ترى الشرطة أي علامات لجرائم مرتبطة بالكراهية أو العرقية في تلك المشاجرات العنيفة التي وقعت في شارع أوتاكار ياروش، فإن هذه لسخافة حقيقية".
يؤكد نشطاء في مجال حقوق الإنسان أن الشرطة والقضاء الأوكراني تتجنب إثارة القضايا الجنائية بحسب القانون، والتي تكون بدافع الكراهية الدينية أو القومية. وكقاعدة، فإن الشرطة تعزو أسباب الصراعات مع الأجانب إلى دوافع معاشية.
في الوقت نفسه، قال طلاب جاءوا للدراسة في جامعات خاركيف، أنهم وبعد مجزرة شهر حزيران/يونيو يحاولون عدم البقاء في المقاهي والشوارع حتى المساء، لأنهم يخافون من الرجال العنيفين المخمورين، بالإضافة لرجال الشرطة الذين يحسنون دخلهم على حساب الطلاب الأجانب.
وقال طلاب أردنيون في السنة الأولى ويدرسون في كلية الطب في الجامعة الوطنية "كارازين": "نعم نعم، إن ذهبت في المساء، فإن –كما أعتقد– 20% من المشاكل سببها أناس في حالة سكر، هم يشربون في المساء. ويصرخون: أنت أيها الأجنبي، تعال إلى هنا! ويبدأون بالشتم. الشرطة تريد منا المال. يقومون بالتشبث بي بأسئلتهم "لماذا تتنزه في المساء؟" وأجيب بأنني أتنزه مع صديقتي، وهذا أمر عادي. فيطلب مني رجل الشرطة أن آتي إلى مركز الشرطة, ويطلب مني المال: "هيا! أريد مالاً".
تعليقاً على قصص مماثلة لإبتزاز الشرطة مال الطلاب الأجانب، قال رئيس شرطة مدينة خاركيف أندري كريشينكو أن ما يهم بالنسبة له هو حقيقة الجرائم الثابتة والمسجلة قانونياً، وليس الشكاوي العاطفية. ولاحظ أنه لم ترد في مراكز الشرطة أي بيانات كهذه من قبل الشباب الأجانب. وقال الطلاب بأنفسهم لموقع "راديو سفوبودا" بأنهم يحاولون تجنب لقاء مع الناس الذين يرتدون الزي العسكري، لأنهم سيجدون سبباً للعقاب.
أشار الدكتور شاكر الطراونة بقناعة إلى أنه يدرس في خاركيف أكثر من 17 ألف شاب وفتاة من 60 دولة في العالم تقريباً. ولذلك فإن عدم الكشف عن أي أمر يتعلق في المشاجرات التي يشترك بها طلاب أجانب سيضر بهيبة وسمعة خاركيف كمركز دولي للطلبة، فضلاً عن الإقتصاد، لأن نصيب الأسد من ميزانيات الجامعات يشكله الدخل من دراسة الطلاب الأجانب. وينصح الدكتور الطراونة رؤساء الجامعات بتعزيز الأمن في الجامعات وسكن الطلاب الذي يقطنه الطلاب الأجانب.
من بين المقترحات، وضع حراسة خاصة على حساب الأجانب وتركيب أبواب دوارة تعمل بالبطاقات البلاسيتكية على مداخل سكن الطلاب. ولإعادة الثقة وإظهار أن خاركيف مكان آمن للدراسة للأجانب، قام رئيس الجامعة الوطنية الطبية بتركيب كاميرات مراقبة في الجامعة. وقال رئيس الجامعة فاليري مياسويدوف أنه يخطط لبث فيديو من كاميرات المراقبة عبر الإنترنت، ليقيم أهالي الطلبة الأجانب الوضع في الجامعة. وتجهيز الجامعة الطبية المراقبة بأجهزة الكشف عن المعادن وأزرار الإنذار.
المصدر: أوكرانيا بالعربية