أوكرانيا بالعربية | ميزانية الشرطة زادت من بعد 25 يناير ولماذا يثور أفرادها... بقلم د. عادل عامر | أخبار الانتخابات المصرية
كييف/أوكرانيا بالعربية/أن ميزانية الداخلية كان 1،8 مليون جنيه في عام 1949-1950 وزادت إلي 818 مليون جنيه في 1991-1992 ، ثم زادت إلي 1،517 مليار جنيه في عام 2000-2001 ، ثم زادت إلي 18 مليار جنيه مرة واحدة في عام 2010 – 2011 و قبل ثورة 25 يناير مباشرة.يوجد 7 مراحل سياسات أمنية مرت بها مصر بدأت بعد أحداث الشغب في يناير 1977 حيث حول الأمن المركزي من جهاز غلي قطاع وتم استحداث اسم جهاز أمن الدولة مرورا بتعيين النبوي إسماعيل وزيرا للداخلية ثم مرحلة تعيين زكي بدر ثم تغلغل الداخلية في القضاء والنيابة العامة ثم صدور قانون الشرطة بعد تعيين حبيب العادلي في 1997 – 1998 ثم تحول الداخلية إلي أداة من أدوات التوريث
ظلت ميزانية وزراة الداخلية لعقود طويلة مثل " الصندوق الاسود" الذي لايعرف محتواه سوي عدد محدود من عناصر النظام الامني الذي ساد في مصر بعد ثورة 23 يوليو ، وقد زاد الامر تعتيما و غموضا مع بزوخ نجم الوريث المخلوع جمال مبارك مع نهاية التسعينيات وظهور حبيب العادلي باعتباره كان المسئول الأول عن ملف التوريث مما اعطاه صلاحيات لم يحصل عليها وزير داخلية من قبل ، وقد تجلت أنعكاسات تلك الصلاحيات في ميزانيات وزراة الداخلية المتعاقبة بداية من العام المالي 2000/2001 حتي أخر ميزانية قدمت لمجلس الشعب قبل ثورة 25 يناير عن العام المالي 2010 خلال العشرة أعوام السابقة علي 2002 بلغت جملة ميزانيات الوزارة 32 مليار جنيه وفق عدة دراسات حوالي 3.5 مليار جنيه كل عام ، ثم قفزت الميزانية في العام 2005 عام " الانتخابات الرئاسية والبرلمانية" إلي 12 مليار جنيه، واستقرت قليلاً لتقفز خلال العام 2008 إلي ما يقرب من 20 مليار جنيه وهي ميزانية تساوي 5 أضعاف ميزانية وزارتي التعليم العالي والصحة مجتمعتين ناهيك طبعاً عن المصاريف السرية والمنح الأخري التي تحصل عليها الوزارة. وفي الحقيقة ان عدم وجود ارقام دقيقة حول ميزانية وزارة الداخلية يرجع الي أن الموازنات العامة للدولة كانت تناقش في مجلس الشعب بصورة مجملة، بحيث لا يمكن معرفة حجم الإنفاق الحقيقي وأوجه توزيع النفقات، فمثلا تدخل نفقات وزارة الداخلية ضمن مجموعة من البنود منها مخصصات رواتب العاملين بالدولة وجملة الإنفاق علي الخدمات العامة ، ونفقات الامن القومي وخلافه " بالفعل كان هناك تعتيم متعمد بحيث لايستطيع احد ان يعرف تحديدا الميزانية الحقيقية لوزارة الداخلية.
ألا ان القاسم المشترك بين تلك الموازنات هو زيادة اعتماداتها عاما تلو الاخر، ففي عام ما قبل الثورة طلبت وزراة الداخلية 142 مليون جنيه اضافية بحجة تحقيق الاستقرار الامني وحماية الامن القومي. وبررته في تقرير لجنة الدفاع والامن القومي بمجلس الشعب بأن هناك مستجدات تتطلب زيادة ميزانية الداخلية عن العام السابق له حيث تمت زيادة الميزانية بنسبة 16% وكان ابرز نتائج ذلك وفقا للتقرير هو القبض علي خلية حزب الله اللبناني في سيناء وان الحدود الشرقية للدولة تستنزف الغالبية العظمي من اموال وزارة الداخلية.
وجاء في التقرير ان زيادة الوقفات الاحتجاجية والمظاهرات خلال الفترة الاخيرة تكلف وزارة الداخلية الكثير من الاموال حيث ان الوجبة الجافة التي تعطي لكل افراد الامن الذين يواجهون تلك الوقفات تتكلف 22 جنيها لذلك فزيادة الوقفات الاحتجاجية تحتاج لزيادة الميزانية فضلا عن تكاليف نقل وتأمين وصيانة المعدات والسيارات الخاصة بالامن المركزي. كما جاء ايضا ان الوزراة تواجه زيادة في المرتبات بنسبة 30% منها ضم العلاوة والمرتبات والعلاوات التشجيعية وتحسين اجور المجندين خاصة ان العجز في الموازنتين السابقتين وصل الي 25 مليون جنيه وان هذا العجز تمت مواجهته في موازنة 2008/2009 وبلغت نسبة الزيادة 21% اي مليار 740 مليون جنيه.
وقال اللواء محمد نجم ممثل وزارة الداخلية إن لجان الوزارة درست احتياجات الامن في الباب السادس واتضح ان الحد الادني للمتطلبات الامنية هو 970 مليون جنيه بزيادة نسبة متفاوتة في بعض المشروعات بسبب ارتفاع احتياجات الشرطة. أن ميزانية وزارة الداخلية زادت بقيمة مليار و750 مليون جنيه بنسبة 19% عن عام 2008 وتمت زيادة بند الأجور بنسبة 18% بينما تبلغ النسبة القصوي في بقية الوزارات والهيئات 10%، والإنفاق علي السلع والخدمات بنسبة 30 لان وزارة المالية لا تقصر أبدا في توفير الاعتمادات الإضافية التي تطلبها وزارة الداخلية علي مدار العام.
وقبل ذلك زادت ميزانية وزارة الداخلية بقيمة 1.6 مليار جنيه في 2007 ثم 1.8 مليار جنيه لعام 2008 وهي الزيادة الأكبر بين كل ميزانيات الوزارات انذاك . رغم ان نفس العام قد شهد اكبر زيادة في اسعار السلع الاستهلاكية للمواطنين ، وفسرت الداخلية طلبها لتلك الزيادة بأنها من اجل تغطية النفقات اللازمة لاحتواء الغضب الشعبي المتوقع بسبب الزيادة الرهيبة في الأسعار. إن وزارة الداخلية كانت تعتمد علي ميزانية كبيرة سنويا للإنفاق علي معدات متقدمة "لقمع المتظاهرين" مثل أنظمة الاتصال، الدروع المصنوعة من البلاستيك، و الغازات المسيلة للدموع وأسلحة أخري عديدة لا تؤدي إلي الوفاة. مبديا اعتراضه علي تلك الزيادة مؤكدا انها ليست كافية لمتطلبات الأمن المصري و يرجع ذلك إلي أن معظم المعدات التي تشتريها وزارة الداخلية يتم شراؤها باليورو الذي ارتفع سعره في بداية 2008 امام الدولار الامريكي وعلي الرغم من ارتفاع ميزانية الداخلية بهذا الشكل مقارنة بباقي الوزرات لكنها لم تكف وزارة العادلي التي حققت عجزا نسبته 8% في ميزانية 2007/2008 حيث أوصت لجنة الدفاع والأمن القومي بالمجلس بضرورة تدبير مبلغ 75 مليون جنيه لوزارة الداخلية لتعويض النقص في الميزانية المخصصة لها والبالغ نسبته 8% عما طلبته الوزارة، وطالبت اللجنة بتوفير الفرق، لما في ذلك من تأثير علي مشروعات الاتصالات والمباني وتطوير أجهزة الأمن وأكاديمية الشرطة ومتطلبات السجون الجديدة. أنها تحصل على نصيب الأسد بما يفوق أضعاف المقرر للتعليم والصحة والبحث العلمي، فهى تشملها جميع الزيادات التى تطرأ سنوياً على الإنفاق العام.. وتحصل على 3.4 من إجمالى الموازنة العامة بواقع 17 مليار جنيه من الإنفاق الذى بلغ هذا العام 491 مليار جنيه، فضلاً عن وجود عوائد أخرى من الاستثمارات والعمل فى مجال المقاولات، لأن وزارة الداخلية تمتلك شركتين كبيرتين فى نشاط المقاولات العمومية على غرار المخابرات العامة والقوات المسلحة.. أبرز شركات الداخلية «المستقبل» التى تدار مثل غيرها بواسطة لواءات شرطة متقاعدين، إلى جانب استثمارات أخرى فى المطابع التجارية.
المثير فى الأمر أن ميزانية وزارة الداخلية، لا تناقش بالتفصيل مثل بقية المؤسسات الحكومية الأخرى، لكن يتم مناقشتها فى البرلمان بصورة إجمالية، الأمر الذى يجعلها محاطة بالغموض، بحيث يصعب معرفة حجم الإنفاق الحقيقي، لأن وزارة المالية دأبت على إدخال ميزانية «الداخلية» ضمن مجموعة من البنود من بينها نفقات رواتب العاملين بالدولة والخدمات العامة والنفقات المخصصة للأمن القومى فتاهت التفاصيل، وقد دفع ذلك بعض الباحثين لإعداد الدراسات التى من شأنها الوصول إلى فك شفرة الغموض، وإلقاء الضوء على بعض الجوانب، لعل أبرز هذه الدراسات هى التى أعدها أحمد خليل الضبع، الباحث فى الشئون التنموية، وتناول فيها عدداً من النقاط.. فى مقدمتها إيرادات الشرطة، فهى فى الموازنة لم تتجاوز 500 مليون جنيه بما يوازى نسبة 5٪ من إجمالى إنفاق الوزارة، والإنفاق المباشر على الأمن 2.8 مليار دولار، تذهب منها مخصصات كبيرة للرواتب، حيث يعمل لدى الوزارة 917 ألف فرد نظامي، يمثلون 16.2٪ من إجمالى قوة العمل فى الجهات الحكومية، بالإضافة إلى أفراد الأمن المركزى والمرشدين والمتعاونين مع الجهاز الأمني. الغريب أن الدراسة المنشورة أشارت إلى أن 4.1 مليار جنيه، تذهب مخصصات ورواتب للكبار فى الديوان العام، وهو ما يوازى ربع المقرر فى موازنة هذا العام «17 مليار جنيه» ويذهب قرابة 666 مليون جنيه لمصلحة السجون للإنفاق على 86 ألف مسجون فى 25 سجناً مركزياً إلى جانب بقية السجون على مستوى الجمهورية منها 340 مليوناً للسلع والخدمات. أما الأكثر غرابة فى الأمر أن الميزانية لا تتوقف عند حدود المبالغ المحددة فى الإنفاق العام، لكن الوزارة تحصل على 32 مليار جنيه موارد غير مباشرة من مصادر متنوعة، أبرزها عوائد صناديق الشرطة، التى تمثل نسبة 5٪ من إجمالى صناديق مصر المقررة بمعرفة الجهاز المركزى للمحاسبات بـ 1272 مليار جنيه.. وهذه المبالغ والصناديق خارج الموازنة، وتدر عائداتها فى العديد من المشروعات والمكافآت وهى تأتى كموارد شبه رسمية متحصلات رسوم عن المرافق والمرور والمضبوطات والمنافذ ورسوم استخراج البطاقات وما يندرج تحتها من تعاملات الأحوال المدنية فضلاً عن مساهمات أخرى تأتى من مؤسسات وزارات الدولة لدعم مزايا الشرطة مثل السياحة والكهرباء والجمارك والضرائب. لم يتوقف الأمر عند ذلك.. بل إن القائمين على الوزارة يطالبون سنوياً بزيادة النسبة المقررة للشرطة فى الموازنة العامة لمواجهة التحديات، ففى التقرير المقدم لمجلس الشعب السابق طلبت الداخلية اعتماد 142 مليون جنيه إضافية لحماية الأمن القومى وقدمت تقريراً يتضمن مبررات الزيادة لمواجهة الوقفات الاحتجاجية والمظاهرات التى تكلف الوزارة أعباءً إضافية باعتبار أن الوجبة الجافة لجندى الأمن المركزى تتكلف 22 جنيهاً، فضلاً عن حاجتهم لجهود مكثفة عن الحدود الشرقية بعد القبض على خلية حزب الله اللبناني، وكان من الطبيعى أن يوافق البرلمان على الزيادات السنوية، بعد تقرب حبيب العادلى من جمال مبارك الذى ازداد نفوذه. وقد أعطى جمال صلاحيات بلا حدود للعادلى باعتباره المسئول الأول على تمرير ملف التوريث. وهذه الصلاحيات لم يحصل عليها أى مسئول فى بر مصر، فقبل بروز نجم العادلى كانت ميزانية الوزارة 3.5 مليار جنيه سنوياً، قفزت عام 2005 إلى 12 مليار جنيه ووصلت بعد الثورة إلى 17 مليار جنيه بخلاف الإيرادات التى تبلغ 32 ملياراً إلى جانب عوائد الاستثمارات من الشركات المملوكة لها وبالمطابع، هذا كله يلقى بظلال كثيفة حول ما كان يجرى فى وزارة الداخلية. خاصة بعد أن تواترت الأنباء عن الثروات الضخمة التى آلت إلى قيادات بارزة من الجهاز الأمني. والتى يدور بشأن جزء منها تحقيقات من كواليس سلطات التحقيق. وخاصة إذا ما علمنا أن حجم المبالغ التى كانت تذهب إلى عدد من القيادات لا يتجاوز حدود الـ 400 من جهاز الشرطة يتقاضون 4 مليارات جنيه رواتب ومكافآت وخلافه. ومن المزايا والمخصصات التى تدفع إلى الصراخ بفرض فتح تحقيق شامل لان تداعيات ما جرى له تأثيره المباشر فى حالة الانفلات الأمني. التى تجتاح البلاد. الحاجة إلى التحقيق ليس بهدف تصفية الحسابات بقدر الرغبة فى بناء المؤسسة التى انهارت. ففى أعقاب ثورة يناير جرى تقدير الخسائر. بمبالغ تدعو إلى وقفة.. حيث تم تدمير 4800 سيارة ومركبة.
وناقلات جنود. وانهار جهاز الاتصالات، واحترق 99 قسم شرطة. وهذا وحده كان لاعادة النظر فى حجم المكافآت والرواتب التى تتجاوز قدرة العقل على التصور.. وتتنافس مع تصريحات الدكتور كمال الجنزورى رئيس الوزراء، التى أفاد فيها بعدم جواز حصول أى موظف أو مسئول مهما علا قدره فى الدولة عن 35 ألف جنيه. وذلك بغرض ترشيد الإنفاق فى ظل الأوضاع الاقتصادية المتدهورة وبناء المؤسسات التى انهارت فى ذات الوقت وأبرزها الداخلية التى كانت فى أولويات الاهتمام بعد الثورة.. فقد استطاعت وزيرة التعاون الدولي. من الحصول على منحة 1000 سيارة من الصين. حصلت الداخلية على 700 منها بالفعل. على أن تستكمل البقية فى مرحلة ثانية وحول قدرة الوزارة على إعادة سيطرتها الأمنية وفق الامكانيات المتاحة لها. يقول اللواء مجدى البسيوني: إن الظواهر الإجرامية تنوعت ويوجد 4500 هارب من السجون محكوم عليهم بأحكام كبيرة. هؤلاء إلى جانب فئات أخرى استحدثت بفعل الفراغ يمارسون أساليب الترويع. لان الأمن لم يتعاف حتى الآن، ويعود إلى قوته الحقيقية. والجرائم الآن أكبر من قدراته. بنسبة 100٪. وخاصة أن الأسلحة الآلية والمتطورة تأتى على امتداد 1040 كيلو متر الحدود الغربية مع ليبيا. وهذه الأسلحة تعطى المجرمين عزيمة فصارت الأمور ندية. فضلاً عن أن الجهاز الأمنى نفسه، حدث بداخله تصدع عن طريق تشكيل الائتلافات. التى تقوم الدولة فى ظل الظروف الحالية، بتنفيذ مطالبها. فالداخلية الآن ممزقة ما بين الصراع الداخلى وقسوة الهجوم الإعلامى ومهاجمة الأقسام. واختطاف السياح للإفراج عن المجرمين وتجار السلاح. فضلا عن الإضرابات والاعتصامات.. وللخروج من هذه الأزمات. مطلوب تغيير من الثقافة والمفاهيم. الشرطة التى كانت دائما عصا الحاكم. لابد وأن تعود إليها الثقة للقيام بدورها. وتسليط الأضواء على الإيجابيات. هناك جرائم سطو على البنوك كما بلغت السيارات المسروقة أرقاماً مخيفة 18 ألف سيارة. وعن إمكانيات الوزارة يذهب اللواء مجدى البسيونى إلى وجود فروق واضحة. بين ميزانية الحكومة وايرادات الداخلية.. فإذا كانت المرتبات زادت. فلابد وأن تكون الحوافز على كاهل الوزارة لتنشيط أداء ضباطها. ولابد من تعويض السيارات والمركبات التى احترقت. بأسطول يناسب التطور فى أساليب الجريمة. ولا تتحول السيارات إلى الخدمة الخاصة لكبار الضباط وأسرهم. ومطلوب أيضا التخلى عن العمل فى مجال البيزنس، والشركات وخلافه لأن دور الشرطة الأمن وليس الاستثمار. أما اللواء على سامح بليح فيرى ضرورة تطوير أجهزة ومعدات الوزارة. لان الأمن والاستقرار، هو أحد مقومات البلد لتحقيق أمنها القومي. فلابد من إعادة هيكلة الجهاز بالمفهوم الواسع للهيكلة وليس بالكلام المرسل. لمن يعرف أو لا يعرف وأن يكون بناء المؤسسة الأمنية، ذاتياً يتعاون الشعب وأجهزة الدولة المختلفة. على غرار ما حدث عقب نكسة يونية 1967. وبناء المؤسسة العسكرية. فالشرطة فقدت الكثير من آلياتها، وهناك من يسعى للهدم لمصالح شخصية وسياسية. فمطلوب صفحة جديدة. وهناك شواهد لتقليص بعض المهام عن الوزارة. مثل الحج الذى سيذهب للسياحة وخروج إدارة الانتخابات منها.. وهو سيؤدى بدوره للالتفات إلى المهمة الرئيسية وهو الأمن. ان مصاريف وميزانية وزارة الداخلية طوال السبع سنوات الماضية .. لغة الارقام والمليارات لم تنقطع عن صفحات الدراسة التي لم تتجاوز 42 صفحة .. أكدت الدراسة أن الشرطة تكلف مصر 85 مليار جنيه سنوياً منها نحو 17 مليار جنيه مدرجة في الموازنة العامة ونحو 32 مليار جنيه عوائد ومزايا أخري شبه رسمية تحصل عليها الشرطة هذا إلي جانب 36 مليار جنيه تكلفة خسائر المجتمع جراء الانفلات الامني. ووفق هذا المبلغ الضخم يتحمل المواطن المصري ألف جنيه سنويا بما يمثل ربع دخل 40% من الشعب المصري الذي يعيش علي أقل من دولارين في اليوم فيما تتحمل الأسرة المصرية نحو 5 آلاف جنيه سنويا للحصول علي الأمن وذلك بتوزيع تكلفة الأمن البالغة 85 مليار جنيه علي 85 مليون مصري و17 مليون أسرة . فإيرادات الشرطة في الموازنة لا تتجاوز 502 مليون جنيه سنويا تسهم فقط بأقل من 3% من نفقاتها المباشرة وأقل من 6 في الألف من نفقاتها الإجمالية، ورغم تراجع مستوي الخدمة الأمنية بمصر الا ان ما ينفق علي الشرطة أكثر مما تنفقه دولة الإمارات أو الولايات المتحدة. ففي حال اعتماد رقم الإنفاق المباشر علي الأمن في مصر والبالغ 2.8 مليار دولار نجد أن مصر تنفق 1.2% من دخلها الإجمالي علي الشرطة أي نحو 6 أضعاف مؤشر الإمارات البالغ 0.2% ومؤشر الولايات المتحدة البالغ 0.3%. كما تنفق مصر 40 ألف دولار سنويا لتأمين كل كيلومربع من مساحتها المستغلة البالغة 70 ألف كيلومتر مربع أي أكثر من 3 أضعاف ما تنفقه الولايات المتحدة (12536 دولاراً) وأكثر مما تنفقه الإمارات (25301 دولار). وتنفق مصر نحو 1.1% من دخل الفرد السنوي البالغ 2922 دولارا أي 11 ضعف تلك النسبة في الإمارات البالغة 0.1% و أكثر من 5 أضعاف تلك النسبة في الولايات المتحدة والبالغة 0.2%. وبالمقارنة مع أجهزة أخري مهمة في مصر نجد أن جهاز الأمن متضخم العدد بشكل كبير جدا بنحو 917 ألف فرد نظامي وبما يمثل 16.2% من إجمالي العاملين بالحكومة، وبما يمثل 9 مرات حجم العاملين النظاميين في وزارة العدل ونحو 18 مرة حجم العاملين النظاميين في وزارة الدفاع والإنتاج الحربي ويصل عدد العاملين بالأمن بالكامل نحو 1.25 مليون فرد بإضافة الأمن المركزي وفرق الأمن والمرشدين والمتعاونين وغيرهم فيوجد في وزارة الداخلية طبقا لهيكل الوزارة 10 مناطق جغرافية و25 قطاعاً الا ان نسبة كبيرة منها موزعة بشكل نسبي خارج الأعمال الشرطية الرئيسية والميدانية وبطريقة لا تساعد الوزارة علي القيام بخدمتها الرئيسية في حفظ أمن المواطن والوطن وأشارت الدراسة لانحرافات جهاز الأمن في عهد مبارك فعدد المسجونين والمعتقلين السياسيين وصل إلي أكثر من 30 ألف معتقل وأوضحت الدراسة عملية زيادة الإنفاق المباشر علي الأمن خلال السنوات الماضية، حيث تشير أرقام الميزانية منذ عام 2005 إلي ارتفاع الإنفاق علي الأمن بنسبة 181.2 % خلال الـ 7 سنوات الأخيرة من نحو 6 مليارات جنيه عام 2006/2005 إلي نحو 17 مليار جنيه في موازنة عام 2011/ 2012 إلا أن نسبة الإنفاق علي الشرطة في الموازنة زادت بشكل طفيف من 3.2% إلي 3.4 % خلال نفس الفترة فبحسب التقسيم الوظيفي حققت مصلحة السجون أعلي نسبة نمو في الإنفاق خلال الـ 7 سنوات الأخيرة بمعدل 230% من 202 مليون جنيه إلي 666.7 مليون جنيه، ثم مصلحة الأمن والشرطة بنسبة 215% من 3.9 مليار جنيه إلي 12.1 مليار جنيه ثم ديوان عام الوزارة بنسبة 109% من 1.9 مليار جنيه إلي 4.1 مليار جنيه. أما التكلفة المباشرة للأمن في مصر فبرصد المبالغ التي تدفعها الحكومة لأجهزة الشرطة سنويا والتي تبلغ نحو 17 مليار جنيه بما يعادل 2.8 مليار دولار وفق آخر ميزانية معلنة (2011-2012) وهذا الرقم يمثل 3.4% من إجمالي الإنفاق العام في الموازنة البالغ حجمه 491 مليار جنيه وبعمل تحليل لإنفاق وزارة الداخلية بحسب التقسيم الوظيفي يتضح أن مصلحة الأمن والشرطة تنفق نحو 12.15 مليار جنيه بنسبة 72% من إجمالي إنفاق الداخلية في حين تبلغ نفقات مبني واحد يضم عددا محدوداً جدا من القيادات هو ديوان عام الوزارة ما يزيدعلي 4.1 مليارات جنيه أي ربع الميزانية (24%)، فضلا عن أن نصف هذا المبلغ تقريبا ويبلغ 1.9 مليار جنيه يتم إنفاقه علي أجور ورواتب العاملين بالديوان هذا غير الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية الأخري وتنفق مصلحة السجون بجميع مرافقها وسجونها والعاملين بها والمسجونين داخلها 666.7 مليون جنيه منها 340 مليون جنيه علي شراء السلع والخدمات أي أن رواتب العاملين في ديوان عام الوزارة يعادل ما يقرب من 6 أضعاف الصرف علي المسجونين في مصر والمقدر عددهم ما بين 65 و 85 ألف مسجون حاليا في نحو 25 سجنا مركزيا إضافة إلي عدد من السجون الأخري علي مستوي الجمهورية وتشير الدراسة إلي أن معظم ميزانية الوزارة يتم إنفاقها علي الأجور والرواتب بقيمة تصل إلي 13 مليار جنيه وبنسبة 76% من إجمالي الميزانية ثم المصروفات الأخري وتشمل الاستثمارات البالغ قيمتها نحو 1.5 مليار جنيه ثم شراء السلع والخدمات بقيمة 1.9 مليار جنيه وبنسبة 11% من الإجمالي. أما التكلفة غير المباشرة للامن في مصر فيقصد بها ما تحصل عليه الشرطة من إيرادات أخري نقدية وعينية وغير منظورة من المجتمع ووفق التقديرات المتواضعة تزيد تلك الإيرادات علي 32 مليار جنيه سنويا من الإيرادات والمزايا الأخري غير المباشرة، حيث تأتي تلك الإيرادات غير المباشرة من مصادر متعددة أبرزها عوائد صناديق الشرطة المختلفة والتي يقدر حجم أرصدتها ومشروعاتها علي أقل تقدير بما يزيد علي 5% من إجمالي أرصدة الصناديق الخاصة في مصر المقدر حجمها بنحو 1272 مليار جنيه، حيث تحصل تلك الصناديق وفق تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات لعام 2009/2008 علي إيراداتها من خارج الموازنة العامة للدولة وتستخدم عوائد وأصول تلك الصناديق بالدرجة الأولي في الصرف علي العاملين وتسديد مكافآت نهاية الخدمة والإنفاق علي مشروعات الشرطة الإسكانية والترفيهية وغيرهما، مقابل نسبة قليلة منها يتم صرفها علي تحسين الخدمات رغم انه الهدف الرئيسي لتلك الصناديق وأيضاً ما تحصل عليه الشرطة كنسب من الإيرادات والرسوم والغرامات المحصلة من المؤسسات والأفراد وخصوصا غرامات المرافق والمرور والمنافذ ورسوم استخراج جوازات السفر وتصاريح العمل وغيرهاوقيمة ما تحصل عليه الشرطة من إيرادات عينية ومادية من الضبطيات والمصادرات العديدة التي تتم في قضايا ومخالفات، ولا تدخل خزانة الدولة وقيمة امتيازات شبه رسمية تحصل عليها الشرطة من الدولة في صور مختلفة منها، أراض بأسعار مخفضة جدا وأحيانا مجانية وإعفاءات من ضرائب ورسوم وإعفاءات من تكلفة مرافق وخدمات أو الحصول عليها بتكلفة زهيدة و تساهم مؤسسات حكومية أخري بجزء من دخول ومزايا أفراد الشرطة الذين يعملون منتدبين لديها مثل الرقابة الإدارية ورئاسة الجمهورية وجهات عليا أمنية أخري وكذلك الجهات الأخري التي يتشارك عملها مع الشرطة مثل وزارات السياحة والكهرباء والنقل وغيرها وقيمة منح وإعانات رسمية من مؤسسات دولية وأجنبية لأفراد ومرافق الشرطة والتي لا يتم إدراجها في موازنة الدولة. وهنا تجدر الإشارة إلي أن الخسائر الإجمالية المجتمعية للجرائم والمخالفات تقدر بنحو 30% من الناتج المحلي الإجمالي البالغ نحو 1200 مليار جنيه سنويا أي 360 مليار جنيه علي أقل تقدير وبالطبع فمن المنطقي ألا يتحمل جهاز الأمن كل الخسائر، بل 10% منها علي أقل تقديرأي نحو 30 مليار جنيه وبما يعادل 6 مليارات دولار وذلك كمحصلة للفساد وتهريب السلع للداخل بدون جمارك وسرقة وتهريب الآثار وبيعها في الخارج، فخسائر خزانة الدولة من التهرب الجمركي 12 مليار جنيه سنويا وخسائر هروب الاستثمارات بلغت 65 مليون دولار خلال النصف الأول من العام 2011 والخسائر المجتمعية الناجمة عن اتساع تجارة المخدرات والسلاح والدعارة فيمكننا تقدير حجم تجارة المخدرات بـ 30 مليار جنيه سنويا ووفق ميزانية الدولة لعام 2012/2011 تبلغ إيرادات الشرطة بجميع أجهزتها التي تدخل خزانة الدولة 502 مليون جنيه أي أن وزارة الداخلية لا تقوم بتحصيل سوي اقل من 3% من مصروفاتها أو بمعني آخر فإن الوزارة تنفق أكثر من 33 مرة حجم إيراداتها فمعظم إيرادات وزارة الداخلية تأتي من مصلحة الأمن والشرطة بقيمة 397 مليون جنيه وبنسبة 79% لكن حتي تلك الإيرادات لا تمثل سوي 3.2% من نفقات المصلحة أي أن نفقات المصلحة تزيد علي 30 مرة حجم الإيرادات أما إيرادات مصلحة السجون التي تدخل ميزانية الدولة فتبلغ 5 ملايين جنيه فقط بمتوسط 550 جنيها يوميا لكل سجن مركزي، وذلك رغم استخدام عشرات الآلاف من المسجونين في إنتاج العديد من المنتجات الزراعية والحيوانية والصناعية التي يتم تسويقها للجمهور عبر 5 منافذ رئيسية، ولا تمثل تلك الإيرادات سوي أقل بكثير من 1% من إجمالي النفقات، أي أن السجون تنفق 134 مرة ما تقوم بتوليده من إيرادات وبمقارنة إيرادات الشرطة بوزارتي العدل والدفاع يتضح أن إيرادات الشرطة البالغة 502 مليون جنيه تسهم بأقل من 3% من نفقاتها بعجز يبلغ 16.4 مليار جنية في حين تسهم إيرادات العدل البالغة أكثر من 2544 مليون جنيه بأكثر من 31 % من نفقاتها أي أن أداء وزارة العدل علي المستوي المالي أفضل 10 مرات من وزارة الداخلية، كما تبلغ إيرادات وزارة العدل ما يزيد علي 5 أضعاف إيرادات الشرطة رغم أن الجهتين تقدمان خدمات برسوم وتكاليف ولهما صلة مباشرة بالجمهور والمجتمع، وذلك علي عكس وزارة الدفاع التي ليست لها صلة مباشرة بالجمهور وتبلغ نفقاتها نحو 82 مرة حجم إيراداتها ولا تساهم تلك الإيرادات سوي بـ 1.2% من النفقات إلي جانب الإيرادات المالية المحصلة من أجهزة الأمن. هناك عوائد أخري مجتمعية ولكن بالتقييم وفق ما سبق يتضح لنا أن العوائد السلبية طغت علي العوائد الايجابية علي الأقل في الوقت الحالي وسجل التاريخ الشرطي ارتكاب جرائم متنوعة مثل صدور العديد من أحكام الإعدام غير المنصفة عن محاكم الطوارئ أو المحاكم العسكرية ضد مدنيين، بواقع 137 حكما بالإعدام منذ عام 1992 في قضايا تتعلق بـ"الإرهاب"، تم تنفيذ ما لا يقل عن 67 منها كذلك الاختفاء القسري، للعديد من المعتقلين الذين فشل ذووهم ومحاموهم حتي اليوم في معرفة مصيرهم بعد اعتقالهم بما لا يقل عن 53 حالة خلال سنوات قليلة وفق تقارير المنظمة المصرية لحقوق الإنسان كذلك فإن الانتشار الأمني ضعيف وغير فعال حتي قبل قيام ثورة 25 يناير حيث لا يغطي سوي 5% من إجمالي مساحة البلاد وبشكل غير فعال قاصر علي نحو 500 مركز شرطة أي عدد يماثل فروع أحد البنوك المحلية !! مع اقتصار التواجد الميداني علي عدد من نقاط التفتيش المظهرية غير الفعالة مع غياب شبه تام أو ضعيف وغير فعال لدوريات الأمن ولاسيما علي الطرق السريعة كما ان تقرير الأمن العام الذي خرج للنور لأول مرة ويغطي الفترة (يناير - مايو 2011) كشف عن ارتفاع معدلات الجريمة بنسبة 300%، وفقدان 10138 قطعة سلاح من الشرطة، واستمرار هروب 7870 سجينا واستمرار غياب 29 قطعة أثرية من المتحف المصري.ان القطاعات العديدة التي تندرج تحت وزارة الداخلية ومنها قطاعات ليست لها صلة أو فائدة للجمهور وتضم 13 قطاعا وهي شئون مكتب الوزير والتفتيش والرقابة والخدمات الطبية وشئون الضباط والتخطيط والمتابعة والرعاية الاجتماعية والتدريب وأكاديمية الشرطة ونظم الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والشئون الإدارية والشئون القانونية والشئون المالية والأفراد وهناك قطاعات صلتها ضعيفة بالجمهور وتضم 5 قطاعات تؤدي خدمات صلتها ضعيفة مع الجمهور وهي؛ الحراسات والتأمين: لرئاسة الجمهورية ومجلسي الشعب الشوري والحراسات الخاصة للمنشآت والشخصيات إضافة إلي شرطة السياحة والآثار و الأمن الوطني وقوات الأمن والأمن المركزي ومصلحة السجون وهناك قطاعات صلتها مباشرة بالجمهور والأعمال الشرطية وهما قطاعا الأمن ومصلحة الأمن واللذان يضمان الأدلة الجنائية والمباحث الجنائية وتنفيذ الأحكام إضافة لإدارات مساندة مثل شرطة الانضباط والمتابعة والإحصاءات المركزية والرخص هذا إلي جانب 10 مناطق جغرافية تضم 27 مديرية امن تشرف علي أقسام الشرطة في المدن والمراكز والمحافظات مع الأخذ في الاعتبار أن مصلحة الأمن تمثل نسبة كبيرة من الوزارة بمعيار الإنفاق والعاملين والمنشآت وهناك قطاعات لها صلة مباشرة بالجمهور وتتصل بخدمات في معظمها ذات طبيعة مدنية والبقية له صلة بالشق الشرطي الجنائي مثل الشرطة المتخصصة والتي تضم " الدفاع المدني - المرور- المجتمعات العمرانية الجديدة" والأمن الاجتماعي الذي يضم " مكافحة المخدرات - حماية الآداب- رعاية الأحداث - الرعاية اللاحقة" وأمن المنافذ الذي يضم "الجوازات والهجرة والجنسية- امن الموانئ - تصاريح العمل" والأمن الاقتصادي ويضم "النقل والمواصلات - الكهرباء- جرائم الأموال العامة - التهرب من الضرائب والرسوم - التموين والتجارة الداخلية - البيئة والمسطحات - المصنفات وحماية حقوق الملكية الفكرية" والأحوال المدنية.
د. عادل عامر
دكتور في الحقوق وخبير في القانون العام
رئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية
عضو المعهد العربي الأوروبي للدراسات الإستراتجية
والسياسية بجامعة الدول العربية
المصدر: أوكرانيا بالعربية