أوكرانيا بالعربية | ماذا فعلنا ..؟ وماذا كانوا يعتقدوننا..؟... بقلم محمود محمد حسن عبدي

كان عبدالباري عطوان قد عبّر بحرارة عن حبّه للشعب الصومالي واحتفائه بما أظهره شعبنا هذا من شجاعة وعناد تجاه الغرب ، والفاتورة العالية التي ترتبت على ذلك ، في لقائه مع أخي وصديقي عبدالرحمن "حضانة" والذي كان لي شرف المشاركة في إعداد جانب من مواده .

كييف/أوكرانيا بالعربية/كان  عبدالباري عطوان  قد عبّر بحرارة عن حبّه للشعب الصومالي واحتفائه بما أظهره شعبنا هذا من شجاعة وعناد تجاه الغرب ، والفاتورة العالية التي ترتبت على ذلك ، في لقائه مع أخي وصديقي عبدالرحمن "حضانة" والذي كان لي شرف المشاركة في إعداد جانب من مواده .

لكن المؤسف أن عطوان ينسى سريعًا أن إهانة اسم وطننا في كل مناسبة يتم فيها الحديث عن دولة منهارة أو متضعضعة سواءًا كان للصومال علاقة عضوية بوضعها أو لم يكن، مهين ويوغر الصدر بشكل يخلق أزمة شديدة لدى المجتمع الصومالي حين مقاربة الأخوة الصومالية العربية .

كثيرون سيقولون أن ما يجري مجرّد "كلام"، وأنه الإعلام المنفلت من عقال الأخلاقيات العامة، لكننا نقول حين تأتي الإساءة من إعلاميين معينين وتتكرر على مستوىً معيّنٍ بالتحديد من دولة أو دولتين، فإن أي حجة مستقبلية بأن لنا علاقة مميزة معها أو معهما ستكون عرضة، لطرح مسألة الإساءة المتكررة التي كان يُفترَضُ أن يتجنبها القائمون على الإعلام فيها او فيهما، على ذات الأسس التي سيتم طرح العلاقة المتميزة .

إن الغريب الذي تتجاهله لا يمكن أن يكون عرضة لكم المشاعر السلبية التي تراكمت وتتراكم نتيحة للسخرية حينًا والشماتة حينًا آخر، والتي أظهرها قطاع كبير من الإعلام العربي حين مقاربته للشان الصومالي، لأن الغريب "الأجنبي" ببساطة قد لا يقرأ العربية، أو أنه قد لا يخطر ببال تلك المؤسسات حتى تريد أن تمارس ما تمارسه، كما تكيل لقريب من عشرين مليون صومالي بكل ما في ذلك التفنن في الأوصاف المقذعة عبر الصحف والإذاعات والتفلزيونات وحتى الدراما، الذي حدث ويحدث تجاه الصومال بلدًا وشعبًا .

لقد كان ادّعاء الحزن والتفجّع “الصوتي” على المجريات المأساوية للمسألة الصومالية، وبالًا على الصوماليين تمامًا، كأن العاملين في القطاع الإعلامي يجعلوننا ندفع ثمن كوننا ضمن الجامعة العربية، لتنالنا كل الإساءة ولا نستحق أي مما توجبه العضوية في تلك المنظمة – حسب دستورها ـ من مساندة ومؤازرة .

كل ذلك يجعلنا نشعر بالفارق "المهني الأخلاقي" بين ما يجري من الإعلام العربي وما يقوم به الإعلام الغربي الذي كان يتعامل مع القضايا بشكل مختلف، وإن كان الهدف من ذلك التعامل في أحيانَ كثيرة استغلال الوضع والترويج لبرامج ذات مردودات اقتصادية وسياسية كبيرة لبلدانها، وهو ما حدث بالفعل، أي أن ما تطرّقوا إليه كان ذا أثر جانبي على طرف ما، على عكس جلسات التنقّص العربية الخائبة من شعبنا، وحكايات العاجزين المليئة بالخرافة والتهويل، وسحّ الدمع أثناء الشتم الباكي للصومال الجريح، والذي آن له أن يتعافى .

إن ما نسيه الإعلاميون العرب في لهاثهم الباحث عن مشاجب للأزمات، وإلهاء شعوبهم بقصة بعبع اليوم "أبو رجل مسلوخة"، أن الجرح بالسيف قد يلتئم مهما طالت به المدة، ولكن الوخز المستمر والدائم بالقلم واللسان ليس سهل الشفاء بتاتًا، مادامت الأسئلة التي يطرحها الصوماليون قائمًة تتكرر كلما قرأوا التعريض الشامت بوطنهم وشعبهم: "ماذا فعلنا لهم ليسيئوا إلينا هكذا؟ وماذا كانوا يعتقدوننا حين فعلوا ذلك؟ و ألا يتصوّرون أننا يمكن أن نكون من الدناءة ذات يوم – بقدرهم – لنقتصَّ منهم؟ ! " . 


محمود محمد حسن عبدي

كاتب وباحث صومالي

مدينة بربرة - شمال الصومال


المصدر: أوكرانيا بالعربية


مشاركة هذا المنشور:
الأخبار الرئيسية
سياسة
الرئيس الأوكراني يقيل سفراء بلاده بعدد من الدول والمنظمات
سياسة
فيتسو: زيلينسكي عرض علي 500 مليون يورو مقابل دعم انضمام أوكرانيا للناتو
سياسة
المستشار الألماني يعلن إمدادات عسكرية جديدة لأوكرانيا
أخبار أخرى في هذا الباب
آراء ومقالات
التشيك تعترف بترحيل شعب تتار القرم باعتباره عملاً من أعمال الإبادة الجماعية
آراء ومقالات
مركز موارد تتار القرم يطلق حملة في الشبكات الاجتماعية بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان
آراء ومقالات
القمع في شبه جزيرة القرم المحتلة: وحشية بلا حدود
تابعونا عبر فيسبوك
تابعونا عبر تويتر
© Ukraine in Arabic, 2018. All Rights Reserved.