أوكرانيا بالعربية | لقاء الفيصل وشطريت في موناكو وقتل جندي اسرائيلي في لبنان مفارقتان تجسدان المشهد العربي بكل تناقضاته !... بقلم عبد الباري عطوان
كييف/أوكرانيا بالعربية/الرصاصات السبع التي اطلقها جندي لبناني على الشاويش الاسرائيلي شلومي كوهين واردته قتيلا اثناء عبور دوريته قرب الحدود اللبنانية اثارت حالة من التوتر سارعت الحكومة الاسرائيلية الى تطويقها بسرعة خوفا من انفجار الموقف مجددا في حرب لا تريدها حاليا.
نبدو كما لو اننا خارج السرب الصحافي والسياسي عندما نتحدث عن اسرائيل كعدو، فالغالبية الساحقة من العرب اما نسوا، او تناسوا، هذا العدو، او لا يريدون احدا ان يذكرهم به، فأولويات معظم الحكام العرب تغيرت هذه الايام كثيرا، وتراجعت خطورة هذا العدو الى درجات متدنية في سلم اولوياتهم.
يوم الاحد الماضي شهدت امارة موناكو حدثا تاريخيا فريدا من نوعه لا نستطيع تجاهله ومعانيه، حيث صافح الامير تركي الفيصل رئيس جهاز الاستخبارات السعودي الاسبق ايتمار رابينوفيتش السفير الاسرائيلي السابق في واشنطن، ومئير شطريت النائب في الكنيست، اثناء مشاركتهم في ندوة سياسية، واكد الامير تركي عدم "عفوية" هذا اللقاء، باعطاء حديث لصحيفة "معاريف" الاسرائيلية "شكك" فيه بما نشر عن لقاء بين مسؤولين في جهاز استخبارات بلاده و"الموساد" في جنيف، وطالب بابقاء الخيار العسكري ضد ايران على الطاولة، واشترط تلبية دعوة له بمخاطبة الكنيست بقبول اسرائيل لمبادرة السلام العربية.
***
الجيش اللبناني لم يصدر بيانا حول هذه العملية يقول فيه، كعادة حكومات العرب دائما، ان هذا الجندي "مجنون" وفاقد الاهلية النفسية والعصبية، ويملك تاريخا طبيا طويلا يؤكد هذا التوصيف، وهذه خصلة تحمد له، اي للجيش اللبناني، ولقادته اذا ما قارنا بين هذا الجندي ونظيره المصري سليمان خاطر الذي اطلق النار على جنود اسرائيليين انتهكوا سيادة ارضه في سيناء، وانتهى مشنوقا في زنزانته متهما بالجنون.
لا يختلف اثنان على ان المنطقة العربية، تعيش حاليا حالة من الفوضى، وهي فوضى ستكون فعلا حسب التطلعات العربية المتعلقة بالصراع مع اسرائيل، وليس وفق تطلعات كونداليزا رايس ومعلمها جورج بوش الابن ومحافظيه الجدد والقدامى، لان اكبر خطر يهدد استقرار اسرائيل وامنها ان تقترب هذه الفوضى من حدودها، وان تعجز انظمة الحكم في دول الجوار على منعها او السيطرة عليها.
الجماعات الجهادية التي نمت بذرتها في افغانستان وترعرعت بفعل اموال الدعم والتسليح الخليجية وبضوء اخضر امريكي، انقضّت، بعد ان فرغت من مهمتها الجهادية على الولايات المتحدة، وحاربتها بشراسة في افغانستان والعراق، ولا نستبعد ان تكون حربها المستقبلية ضد اسرائيل خاصة انها باتت قريبة جدا من حدودها، فالله يمهل ولا يهمل.
اسرائيل ستكون الخاسر الاكبر حتما، والجماعات الجهادية وصلت الى عمق احتلالها في فلسطين وبدأت خلاياها تتناسخ في الخليل وجوارها ولا نستبعد ان نرى في الاسابيع او الاشهر المقبلة الصواريخ الحديثة التي تتدفق عليها في سورية عبر البوابتين الاردنية والتركية، تنهار على مستوطناتها ومدنها في الجليل وما بعد الجليل.
عبد الباري عطوان
رئيس تحرير القدس العربي سابقا
رئيس تحرير ومؤسس صحيفة "راي اليوم" الالكترونية
محلل سياسي وكاتب عربي