أوكرانيا بالعربية | لماذا يتقدم مسؤولون عربا مظاهرة باريس تضامنا مع الضحايا الفرنسيين؟ ولماذا نشكر وزير خارجية المغرب؟... بقلم عبد الباري عطوان

بعد ان يهدأ غبار عاصفة "التضامن" مع ضحايا مجلة "تشارلي ابدو" الفرنسية الاسبوعية، ويذوب "ثلج النفاق" الذي تراكم في مقدمة مسيرة اليوم المليونية في قلب باريس، وتهدأ العواطف الصادقة والكاذبة معا، ستظهر الحقائق تباعا، الواحدة تلو الاخرى، وابرزها ان معظم المسؤولين العرب والاجانب الذين تقدموا الصفوف هم من اكبر صناع الارهاب الحقيقي الذي جاءوا لادانته، والحاضنة الدافئة والمريحة له، بقصد وتعمد او بغير قصد، ابتداء من بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الاسرائيلي الذي ارتكب لتوه مجزرة في قطاع غزة راح ضحيتها الفين ومئتي الف انسان ثلثهم من الاطفال، وما زال مئة الف من اهاليهم في العراء في مواجهة عاصفة ثلجية قاتلة، ومرورا بالسيد احمد داوود اوغلو المتهمة حكومته بتوفير الممر الآمن والسريع لآلاف الجهاديين العرب والمسلمين المتهمين بالوقوف خلف هجوم باريس، وانتهاء بفرانسوا هولاند رئيس فرنسا واصدقائه البريطانيين والامريكان الذين تمارس طائراتهم، بطيار او بدونه، في هذه اللحظة قتل الابرياء في افغانستان والعراق وسورية واليمن، عمدا او عن طريق الخطأ.

كييف/أوكرانيا بالعربية/بعد ان يهدأ غبار عاصفة "التضامن" مع ضحايا مجلة "شارلي إيبدو" الفرنسية الاسبوعية، ويذوب "ثلج النفاق" الذي تراكم في مقدمة مسيرة اليوم المليونية في قلب باريس، وتهدأ العواطف الصادقة والكاذبة معا، ستظهر الحقائق تباعا، الواحدة تلو الاخرى، وابرزها ان معظم المسؤولين العرب والاجانب الذين تقدموا الصفوف هم من اكبر صناع الارهاب الحقيقي الذي جاءوا لادانته، والحاضنة الدافئة والمريحة له، بقصد وتعمد او بغير قصد، ابتداء من بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الاسرائيلي الذي ارتكب لتوه مجزرة في قطاع غزة راح ضحيتها الفين ومئتي الف انسان ثلثهم من الاطفال، وما زال مئة الف من اهاليهم في العراء في مواجهة عاصفة ثلجية قاتلة، ومرورا بالسيد احمد داوود اوغلو المتهمة حكومته بتوفير الممر الآمن والسريع لآلاف الجهاديين العرب والمسلمين المتهمين بالوقوف خلف هجوم باريس، وانتهاء بفرانسوا هولاند رئيس فرنسا واصدقائه البريطانيين والامريكان الذين تمارس طائراتهم، بطيار او بدونه، في هذه اللحظة قتل الابرياء في افغانستان والعراق وسورية واليمن، عمدا او عن طريق الخطأ.
الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي لم يتزعم او يتصدر مظاهرة واحدة في رام الله، ناهيك عن غزة، تضامنا مع ابنائه ومواطنيه الذين ذبحتهم الطائرات الاسرائيلية تحت سمع اصدقائه في فرنسا وبريطانيا وامريكا وبصرهم، كان الاكثر حماسا في الظهور في مقدمة مظاهرة باريس على بعد امتار من القاتل بنيامين نتنياهو.

ايريك هولدر وزير العدل الامريكي الذي شارك في المظاهرة ايضا قال انه لا توجد اي معلومات حتى الآن تؤكد ان تنظيم "القاعدة" يقف وراء الهجمات على المجلة الفرنسية الساخرة، واكد الشيء نفسه الجنرال مارتن ديمبسي قائد الجيوش الامريكية، الامر الذي يطرح العديد من علامات الاستفهام حول الاصرار على قتل المتورطين الثلاثة، وعدم الانخراط في اي مفاوضات معهم، وهم الذين عرضوا الاستسلام، لاعتقالهم احياء، والتحقيق معهم لمعرفة ما اذا كانوا اقدموا على هذه الجريمة وحدهم ام بتكليف من جماعة "ارهابية"، تماما مثلما حدث مع الفرنسي من اصل جزائري محمد مراح مقتحم مدرسة تولوز الفرنسية اليهودية عام 2012، وتسرع الكثيرون باتهام تنظيم "القاعدة" في اليمن بالوقوف خلف الهجوم لان شريف كواشي زار صنعاء.
للمرة المليون نؤكد هنا اننا لسنا مع الارهاب، واننا مع حرية التعبير، والا لما اصدرنا هذه الصحيفة من لندن، وليس من اي عاصمة عربية اخرى، ولكننا لسنا مع حرية الاساءة للانبياء والرسل وتطاول المجلة المذكورة على الديانتين اليهودية والمسيحية ورموزها لا يمكن، بل الا يجب، ان يبرر تطاولها ورساميها، على الرسول الكريم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم الذي ضرب مثلا في الرحمة والتسامح حتى مع خصومه وقال كلمته المأثورة "عظّموا انفسكم بالتغافل" ونزلت الآية الكريمة تأكيدا على ذلك التي تقول "واذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما" صدق الله العظيم.
مكافحة الارهاب لا تتم بالتنسيق الاستخباري، واستهداف ابناء العقيدة الاسلامية بالملاحقة والتوقيف والتفتيش (المسلم معرض للتوقيف اكثر من 30 مرة بالمقارنة بغير المسلم في معظم الدول الاوروبية)، وانما ايضا من خلال وقف السياسات الاستعمارية الاذلالية في العالم الاسلامي.
نحن نرفض المقولة التي يرددها القادة الغربيون لتبرير تدخلاتهم الدموية في العالم الاسلامي، وتقول اننا نحاربهم في بلدانهم حتى لا يأتوا الينا، مما يعني ارتكاب المجازر في حق الابرياء دون اي سند قانوني او اخلاقي تحت عنوان مكافحة الارهاب، واكبر دليل على فشل هذه المقولة عملية الهجوم على المجلة الفرنسية، والكنيس اليهودي في بروكسل، واقتحام المدرسة الفرنسية اليهودية في "تولوز"، بل لا نبالغ اذا قلنا ان جميع هذه التدخلات ادت الى تحويل دول آمنة الى دول فاشلة تشكل البيئة الاخصب للجماعات المتشددة.
مجلة "الايكونوميست" البريطانية قالت في عددها الاخير الصادر يوم الجمعة الماضي ان ليبيا التي "حررها" الناتو ستصبح الدولة الفاشلة القادمة رسميا بعد اربع سنوات بالتمام والكمال على بدء ثورة الربيع العربي فيها، واكدت ان اهمال ليبيا كان خطأ ولكنها حذرت من التدخل العسكري مرة اخرى فيها، وقالت ان انقاذ ليبيا يجب ان يتم بأيدي الليبيين وحدهم، ولكن لماذا لا تنطبق هذه القاعدة على السوريين واليمنيين والعراقيين، بعيدا من طائرات "الدرونز" وشقيقاتها من "اف 16" و"اف 15" و"اف 23" وكل "الافات" الامريكية الاخرى.
بعد ان قررت مجلة "شارلي ابدو" اعادة نشر الرسوم الدانماركية المسيئة للرسول الكريم عام 2006، حاول الرئيس الفرنسي جاك شيراك في حينها اثنائها عن هذه الخطوة بالحسنى، واعتبرها "استفزازية" ولكنه لم يقف في طريقها ويحاول منعها رغم معرفته بالنتائج التي يمكن ان تترتب على ذلك، كان رجلا عاقلا ترك الساحة لساركوزي وامثاله لقيادة فرنسا الى الغزوات والحروب والتدخلات العسكرية الكارثية.
باريس اصبحت اليوم "عاصمة العالم" ضد الارهاب هذا هو الشعار الذي ردده كل من شارك في المظاهرة المليونية، والمقصود هنا "الارهاب الاسلامي" ولعمري ان هذا الارهاب الاسلامي يتواضع كثيرا امام الارهاب الغربي واسلحته، طائرات وصواريخ كروز، وحاملات الطائرات، والغواصات النووية وجنود المارينز، فالاول، وهو مدان، يقتل افرادا بالعشرات او المئات بالكلاشينكوف، بينما الثاني يقتل مئات الآلاف، ويدمر دولا ويمزق مجتمعات، ويدفع بالملايين الى العراء او الى قوارب الموت بحثا عن ملاذ آمن، وهو مدان ايضا، والادانة لا تفيد في الحالين، ويأتي هذا التدمير والقتل في معظمه متدثرا بأكاذيب وقيم زائفة وفي العالم الاسلامي دون غيره
ختاما وفي ظل هذا المشهد الغارق في السخرية السوداء المرة، هناك نقطة مضيئة لا بد من التوقف عندها احتراما، وهي مقاطعة وزير الخارجية المغربي صلاح الدين مزوار والوفد المرافق له الذي ذهب الى باريس لتقديم التعازي في ضحايا الهجوم، المشاركة في "المسيرة التضامنية"، وقال بيان الوزارة المغربية "لا يمكن ان يشارك وزير الخارجية والتعاون الدولي او اي مسؤول رسمي مغربي في هذه المسيرة التي رفع فيها متظاهرون رسوم كاريكاتورية مسيئة للرسول علية الصلاة والسلام".
كم تمنينا لو ان الزعماء والمسؤولين العرب الذين شاركوا في المسيرة اتخذوا الموقف الشجاع نفسه. ولكن لم تحقق اي من تمنياتنا السابقة، وربما اللاحقة، عندما يتعلق الامر بالزعماء والمسؤولين العرب.
شكرا لوزير الخارجية المغربي على هذا الموقف، نقولها تيمنا بالقول الكريم "من لا يشكر الناس لا يشكر الله".

عبد الباري عطوان
رئيس تحرير القدس العربي سابقا

رئيس تحرير ومؤسس صحيفة "راي اليوم" الالكترونية
محلل سياسي وكاتب عربي

المصدر: أوكرانيا بالعربية

مشاركة هذا المنشور:
الأخبار الرئيسية
سياسة
الأمم المتحدة: مقتل أكثر من 12 ألف مدني بأوكرانيا منذ بدء الحرب
659 طفلاً بين الضحايا المدنيين في أوكرانيا خلال ألف يوم من الحرب
سياسة
الرئيس الأوكراني يعلق على الهجوم الروسي على دنيبرو
زيلينسكي: بوتين يصعد الحرب باستخدام صاروخ "أوريشنيك" الباليستي
سياسة
أوكرانيا: روسيا استخدمت صاروخاً باليستياً عابراً للقارات في هجوم على دنيبرو
روسيا ادخلت للحرب صاروخاً جديدا يُعتقد انه عابراً للقارات ضد أراضينا
أخبار أخرى في هذا الباب
آراء ومقالات
ديفينس إكسبريس: روسيا تُجري تعديلاً خطيراً بمسيراتها الانتحارية لقتل أكبر عدد ممكن من المدنيين الأوكرانيين
آراء ومقالات
لماذا يتقدم تتار القرم للخطبة مرتين؟
آراء ومقالات
لاتفيا تستضيف حدثًا مكرسًا لقضية الاعتراف بترحيل عام 1944 كعمل إبادة جماعية لشعب تتار القرم
تابعونا عبر فيسبوك
تابعونا عبر تويتر
© Ukraine in Arabic, 2018. All Rights Reserved.