أوكرانيا بالعربية | لعـبـة الكـراسـي... بقلم حـسـن زايـد

كان لدي يقيناً دائماً ، بأن الكراسي لا تصنع رجالاً ، وإنما الرجال هم الذين يصنعون الكراسي ، فكم من رجال اعتلوا كراسي فوضعوها علي علوها ، وكم من رجال اعتلوا كراسي فرفعوها علي وضاعتها . ومن هنا كان القول بأن الرجال هم صانعي الكراسي وليس العكس . وقد صدقت هذه المقولة في أعلي المناصب وأرفعها شأواً في الدولة ، وهو منصب رئيس الجمهورية ، فقد اعتلي مرسي كرسي الرئاسة ، وفي يده مقاليد السلطة كلها ، ومع ذلك لم يصنع الكرسي منه رئيساً ، بل إنه حط من قيمة الكرسي وهيبته ، وكان عبئاً ثقيلاً عليه ، فوضعه بعد رفعته ، وما نفعته السلطات المخولة له علي رحابتها . لم يستطع مرسي أن يعي معني منصب رئيس الجمهورية ، وأنه يمثل مصر ، وأنه حين يتحدث أو يسكت ، وحين يعبس أو يضحك ، وحين يتحرك أو يسكن ، وأنه حين يلتفت يمنة أو يسري ، أو يقدم أو يحجم ، فإن مصر هي من يفعل ذلك .
كييف/أوكرانياب العربية/كان لدي يقيناً دائماً ، بأن الكراسي لا تصنع رجالاً ، وإنما الرجال هم الذين يصنعون الكراسي  ، فكم من رجال  اعتلوا كراسي فوضعوها علي علوها ، وكم من رجال اعتلوا كراسي فرفعوها علي وضاعتها  . ومن هنا كان القول بأن الرجال هم صانعي الكراسي وليس العكس . وقد صدقت هذه المقولة في أعلي المناصب وأرفعها شأواً في الدولة ، وهو منصب رئيس الجمهورية ، فقد اعتلي مرسي كرسي الرئاسة ، وفي يده مقاليد السلطة كلها، ومع ذلك لم يصنع الكرسي منه رئيساً، بل إنه حط من قيمة الكرسي وهيبته، وكان عبئاً ثقيلاً عليه، فوضعه بعد رفعته ، وما نفعته السلطات المخولة له علي رحابتها . لم يستطع مرسي أن يعي معني منصب رئيس الجمهورية ، وأنه يمثل مصر ، وأنه حين يتحدث أو يسكت ، وحين يعبس أو يضحك ، وحين يتحرك أو يسكن ، وأنه حين يلتفت يمنة أو يسري ، أو يقدم أو يحجم ، فإن مصر هي من يفعل ذلك .
لم يستطع أن يقنع نفسه بنفسه أنه رئيس ، ليس لديه الثقة الكاملة في ذلك ، ولم يشعر أنه سيد المنصب ، ومهيمناً عليه . فليس هناك رئيس جمهورية ينتظر القرارات والأوامر والتعليمات من رئيس آخر يشعر معه بالدونية ، لقد كان مرسي يفعل ذلك وهو مغمور حتي أذنيه بهذا الشعور . ولذا لم يستطع ـ ولم يكن له أن يستطيع ـ أن يقنع غيره بأنه الرئيس ، لم يكن لديه الإحساس والشعور الذي يمكن أن ينتقل للأخرين من خلال ذلك الحبل السري بين الرئيس وشعبه .
ليس هذا علي المستوي المحلي فحسب ، وإنما لمسناه حتي علي المستوي الدولي ، فلو رجعنا بالذاكرة إلي الوراء ، ونظرنا في استقباله في موسكو ، أو في ألمانيا ، أو في أثيوبيا ، أوحتي في مؤتمر القمة العربية ، لأدركنا علي الفور أنه فشل في نقل الإنطباع إلي الغير بأنه الرئيس ، لسبب بسيط أنه فاقد لهذا الإحساس أو الشعور ، وفاقد الشيء لا يعطيه . ولا يعني هذا الحط من قيمة الرجل كأستاذ جامعي ، وإنما فقط بيان لإمكانياته وقدراته التي تقف عند هذا الحد . ولعل مقارنة بسيطة بين مرسي والمستشار عدلي منصور تكشف علي نحو فاضح الفرق الهائل بين الرجلين ، فعدلي منصور قَبِل منصب رئيس الجمهورية علي نحو مؤقت في أصعب ظرف تاريخي تمر به مصر في العصر الحديث محلياً ودولياً ، ولو عُرض الأمر علي مرسي في ظل نفس الظروف لفر هارباً . أعاد عدلي منصور لخطابات رئيس الجمهورية وقارها وهيبتها ومعناها  ، حيث كان يزن كلماته بميزان من يعي الهدف ،أين تصيب الكلمة ؟ ومن تصيب ؟ ولماذا ؟ لا تزيغ كلمة عن الهدف أو تنحرف عنه ، لأن مصر هي من يتكلم . كانت حركات الرجل وسكناته ، كلماته وسكتاته ، نظراته ولفتاته ، كل أولئك كان بالمسطرة والقلم ، لأنه يدرك أنه رئيس مصر ، وأنه في النهاية هو المسئول ـ محلياً ودولياً ـ بصفته رئيساً للدولة المصرية .
لم يخف ولم يرتعش ولم يفقد تماسكه ، وإنما تصرف بثقة من يهيمن علي الأمر ، ونقل هذا الإنطباع إلي الآخرين . وأظن أن الرجل قد ترك أثراً هائلاً في تاريخ مصر ،علي قصر مدته . لقد شعر معه المصريون بأن لهم رئيساً ، تفاعلوا معه وتفاعل معهم ، وانفعلوا به ، وانفعل بهم . ومن هنا قيل أن الرجل أعاد للمنصب هيبته ووقاره  ، رجل صنعه كرسي الرئاسة ، لأن الكرسي صادف رجلاً من الذين يصنعون الكراسي . ولما غادر الرئاسة علي نحو غير مسبوق في تاريخ مصر لم تسلبه المغادرة المكانة والقيمة كشأن آخرين . لعلنا بذلك ندرك الفرق بين الرجلين ، وهو فارق يستعصي علي القياس بالمقاييس التقليدية . أما الرئيس السيسي فحدث ولا حرج ـ ليس تزلفاً أو نفاقاً ـ لأنه في الأصل خريج المدرسة الوطنية  ، مصنع الرجال .
وحين نطلق علي القوات المسلحة عبارة مصنع الرجال ، فليس ذلك من قبيل المبالغة ـ أو التحيز ـ وإنما تقرير لواقع معلوم ومشاهد ، وليس في حاجة إلي إقامة الدليل علي صحته . فهؤلاء الرجال يتعلمون فنون القيادة في المدارس العسكرية والمعاهد والكليات العسكرية ،ليس تعليماً نظرياً ، وإنما تدريباً عملياً وممارسة فعلية . ويتدرجون في مستويات القيادة طوال مدة خدمتهم . إنها مدارس تعيد صياغة وبناء الشخصية المصرية من جديد . فالرجل العسكري رجل مصنوع وفقاً للمعايير العلمية المتعارف عليها  . ولا معني للمقارنة بين رجل تربي في أحضان جماعة مناهضة للدولة تمارس عملاً سرياً في الظلام ، ورجل تربي في أحضان مؤسسة وطنية من مؤسسات الدولة .
رجل قضّي حياته في العمل خارج إطار القانون ، ورجل قضّي حياته في العمل في إطار القانون . رجل يسعي إلي تخريب مؤسسات الدولة لإحلال مؤسساته محلها ، ورجل يعمل علي حماية مؤسسات الدولة وصيانتها . والفرق بين التربيتين واضح وضوح الشمس ، لأن الفرق بين الجماعة والدولة في التربية ، كالفرق بين مؤسسة الأحداث والمدرسة النموذجية ، لا شك أن المنتج سيكون مختلفاً كل الإختلاف . ومن هنا فإن المقارنة لاريب أنها ستكون ظالمة ، لأنها ليست بين متماثلين ، وإنما بين عالمين مختلفين .
حسن زايد
كاتب مصري ومدير عام  المصدر: أوكرانيا بالعربية



مشاركة هذا المنشور:
الأخبار الرئيسية
دبلوماسية
تعزيز العلاقات الأوكرانية السعودية: تسليم أوراق اعتماد السفير الجديد
تعزيز الحوار بين أوكرانيا والمملكة العربية السعودية
سياسة
عملية إنقاذ أوكرانية ناجحة: عودة 31 مواطنًا إلى وطنهم بعد إجلائهم من سوريا
تحت إشراف زيلينسكي: أوكرانيا تنفذ عملية إنقاذ من سوريا
سياسة
كاللاس: الدعاية الروسية تهدد الديمقراطية العالمية
روسيا تستخدم المعلومات المضللة لتبرير عدوانها على أوكرانيا
أخبار أخرى في هذا الباب
آراء ومقالات
التشيك تعترف بترحيل شعب تتار القرم باعتباره عملاً من أعمال الإبادة الجماعية
آراء ومقالات
مركز موارد تتار القرم يطلق حملة في الشبكات الاجتماعية بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان
آراء ومقالات
القمع في شبه جزيرة القرم المحتلة: وحشية بلا حدود
تابعونا عبر فيسبوك
تابعونا عبر تويتر
© Ukraine in Arabic, 2018. All Rights Reserved.