أوكرانيا بالعربية | جمهـوريــــة الخــــوف... بقلم حسن زايد

مصطلح جديد أطل به علينا من عالمه الإفتراضي السيد عبد المنعم أبو الفتوح رئيس حزب مصر القوية، الذي انشق تنظيمياً ـ انشقاق تكتيكي ـ عن جماعة الإخوان ، في أعقاب ثورة يناير 2011م ، عندما أعلن ترشحة لرئاسة الجمهورية ، في الوقت الذي أعلنت فيه الجماعة عن عدم تقديم مرشح من جانبها لهذا المنصب ـ تكتيكياً ـ أيام زعم المشاركة لا المغالبة .

كييف/أوكرانيا بالعربية/مصطلح جديد أطل به علينا من عالمه الإفتراضي السيد عبد المنعم أبو الفتوح رئيس حزب مصر القوية، الذي انشق تنظيمياً ـ انشقاق تكتيكي ـ عن جماعة الإخوان ، في أعقاب ثورة يناير 2011م ، عندما أعلن ترشحة لرئاسة الجمهورية ، في الوقت الذي أعلنت فيه الجماعة عن عدم تقديم مرشح من جانبها لهذا المنصب ـ تكتيكياً ـ أيام زعم المشاركة لا المغالبة .

وقد كشفت الأيام هذا الوجه القميء للجماعة . أطل به علينا في مؤتمره الحزبي الذي أعلن فيه عدم ترشحة للرئاسة يوم الأحد الماضي 9 شباط/فبراير 2014 م حيث قال : " النظام القمعي الحالي أنشأ في مصر جمهورية الخوف " . وقد استشهد علي صحة ما ذهب إليه بموقف أحد مديري الفنادق الذي رفض عقد مؤتمر الحزب ، وقد أرجع هذا الرفض إلي الخوف من النظام ، وهو كلام متهافت لا دليل عليه لأن الرفض قد يرجع لأسباب أخري منها حالة القرف الشعبي العام من الإخوان وأتباعهم، ومن لف لفهم ، ودار في فلكهم ، وعدم الرغبة في تقديم أي خدمة لهم ، أو المساهمة في أنشطتهم.

وقد أقر أبو الفتوح بأن أحداً من النظام الحاكم لم يتصل بمدير الفندق ليمنعه ، ولكن خوف مدير الفندق هو ما دفعه إلي ذلك ، ولم يفصح لنا عن الخوف من ماذا علي وجه التحديد ؟ . بل إنني أزعم أن الواقعة التي يستشهد بها مفبركة من الأساس . وقد نسي السيد أبو الفتوح أن اللعب علي الحبال المشدودة في الهواء لا يجيده إلا القردة ، وإمساك العصي من المنتصف يحول دون إمكانية التوكؤ عليها أو الهش بها ، واعتماد اللون الرمادي في المواقف  صفة لإنسان يصعب الإعتماد عليه أو الرهان علي مواقفه ، أو الثقة في مبادئه ، أو الإصغاء لكلامه . وقد تكلم السيد أبو الفتوح حتي نعرفه بعد فترة المراوغات التي مارسها مع الشعب المصري باعتباره الرجل الذي يحمل مشروع الإسلام الوسطي المعتدل المنفتح دون وجل علي كافة التيارات الفكرية المائجة في المجتمع دون إقصاء أو تكفير أو اتهامات بالعمالة أوالخيانة دون رابط  سببي .

ومن كلامه المراوغ في ذات المؤتمر قوله : " نؤيد المؤسسة العسكرية ولكننا ضد دخول الجيش في العمل السياسي ، فيجب أن يتعبد الجيش لله في محراب الدفاع عن الوطن وليس في محراب السياسة " . والظاهر من كلامه أنه يعترض علي التدخل الذي وقع من المؤسسة العسكرية يوم 30 يونيو ، وقد سبق له وصفه بـ : " الإنقلاب العسكري " علي نحو ما ذهب الإخوان في التوصيف . وهنا يأتي التساؤل المشروع علي هذا المفهوم الظاهر من الكلام : هل كان سيكون له ذات الإعتراض وبذات الوصف علي المؤسسة العسكرية لو تدخلت بالقمع للإرادة الشعبية التي خرجت مُطالبة بإسقاط حكم المرشد ؟ . وأَلا يعد تعبداً لله في محراب الدفاع عن الوطن تدخل الجيش لحماية الإرادة الشعبية من ناحية ، وإنهاء حكم الخيانة والعمالة التي تكشفت للجهات السيادية من خلال مكالمات تم رصدها من ناحية أخري ؟ . هو يعلم هو وجماعته أن انحياز الجيش للإرادة الشعبية هو فعل وطني يعد من صميم إختصاصه في حماية الوطن وليس تدخلاً في الحياة السياسية كما يروج هو وجماعته علي خلاف الحقيقة والواقع . فإن لم يقع تأييد السيد أبو الفتوح في هذه المساحة ففيما تأييد الجيش إذن ؟ . وعندما فشلت عملية الترويج الداخلي والخارجي لفكرة الإنقلاب العسكري لأنها لم تؤت أُكُلها المرجوة ، ولم تُشاهد آثار هذا الإنقلاب في تولي المؤسسة العسكرية لدفة إدارة البلاد علي نحو ما يحدث في الإنقلابات العسكرية . وإنما جري تسليم البلاد لحكومة مدنية تُمَثّل فيها المؤسسة العسكرية بوزير الدفاع كالمعتاد ، ويترأس البلاد رئيس المحكمة الدستورية لغياب رئيس مجلس الشعب كما جري عليه العمل دستورياً في مصر . وتتحول البلاد خلال المرحلة الإنتقالية بالخطوات المقررة مسبقاً والمرتبة منطقياً وطبيعياً وفقاً لما يجري به العمل في كل بلاد الدنيا . ذهب السيد أبو الفتوح إلي الزعم بغياب المسار الديمقراطي ، فإن لم يكن هذا الحادث ممثلاً للمسار الديمقراطي ، فما المسار الديمقراطي إذن ؟ .

يقول أبو الفتوح : " لا يوجد مسار للديمقراطية الآن ، وأنهم كسياسيين يعولون علي الإعلام الذي يتبني الحقيقة ، دون أن ينشر الكراهية بين المصريين ، أو يساعد علي الإستقطاب والشقاق بين أفراد الشعب الواحد " . ولا أدري من يقصد بضمير الغائب في : " أنهم كسياسيين " ، وما هو الإعلام الذي يتبني الحقيقة من وجهة نظرهم ؟ هل هو إعلام : الجزيرة أم قنوات الإخوان التي تمارس الكذب الفاضح والتزوير الفج في عرض الوقائع التي تجري علي الأرض ، وتتبني خطاباً تحريضياً صريحاً ضد مؤسسات الدولة ، مستهدفة تأليب الشعب علي مؤسساته ، وتأليب الشعب علي بعضه البعض ، في تبني صارخ لاستراتيجية هدم الدولة ، وتفتيتها ، وإشعال الحرب الأهلية فيها ، لحساب أجندات أجنبية عاملة في مصر علي قدم وساق ؟ . ومن الذي استخدم حديث بث الكراهية بين أفراد الشعب ، وإعمال أسلحة الإستقطاب لشق الصف ، وعلي رأسها سلاح الدين غير جماعة الإخوان وتوابعها وملحقاتها وقنواتها وجرائدها ؟ .  أما الإعلام الذي لا تعرفه يا سيد أبو الفتوح فهو يكيل الإنتقادات ليل نهار ـ إلي حد قد يري معه البعض أنه مبالغ فيه ـ لأعضاء الحكومة ورئيسها ورئيس الدولة ورأسها ، ولوزارة الداخلية ووزيرها وأفرادها وآداءها . ولم يسلم من هذا الإعلام أحد . ولكن يبدو أن السيد أبو الفتوح شأنه شأن جماعته في الإعراض عن متابعة هذا الإعلام ليس ترفعاً وإنما خشية حلحلة الأفكار النمطية التي يتحركون من خلالها بلا تفكير ولا رؤية ولا مناقشة ولا نقد ولا مراجعة ، وإنما فقط  سمع وطاعة ، إلي حد العمي العقلي وعدم القدرة علي الإدراك الواقع .

يقول أبو الفتوح : " المسار الديمقراطي الغائب والدخول في دوامة من التدليس ، وراء تراجع الحزب عن موقفه " . فما هو موقف حزبه ، يقول أبو الفتوح : "  الحزب كان يري المشاركة في المسار الجديد ، وأعلنت السلطة الحالية عن تعديلات للدستور ثم فوجئنا بأنهم وضعوا دستوراً كاملاً ، فقررنا الإشتباك معه ولكننا فوجئنا أيضاً بحملة اعتقالات وقمع ، ولم يكن أمامنا سوي الإنسحاب من الدستور رغم حرضنا السابق علي المشاركة " . وهذا هو التدليس بعينه لأنه قفز فوق الوقائع ولي للحقائق وتزييف للوعي . فمن المعروف أن أبو الفتوح اتخذ موقفاً مبدئياً من الثورة واعتبرها انقلاباً عسكرياً علي السلطة الشرعية المزعومة للإخوان ، متساوقاً في ذلك مع الموقف الإخواني وما يسمي زوراً بتحالف دعم الشرعية  . ومن ثم فالسلطة الجديدة غير شرعية ، وكافة إجراءاتها باطلة ،  بما ذلك خارطة الطريق والدستور . واعترض علي فض اعتصامي رابعة والنهضة ، واعترض علي الإجراءات القانونية التي اتخذت حيال أعضاء جماعته الذين أجرموا في حق البلاد والعباد والشجر والدواب . فكيف له أن يزعم انتواء حزبه المشاركة في المسار الجديد ؟ . ثم يزعم أنه تفاجأ بوضع دستوراً كاملاً بديلاً عن التعديل لدستور الإخوان ، وكأن الدستور كان جاهزاً ، ثم ألقوا به إليه علي حين غرة ، فقرر الإشتباك معه ليس بمناقشته والأخذ والرد  والرفض والقبول ، وإنما بتبني موقف الإخوان في الإمتناع عن التصويت عليه ، ودعوة الناس لرفضه بالإمتناع أو بالتصويت بـ : " لا " . ثم يزعم أنه نتيجة هذا الموقف فوجيء بحملة اعتقالات وقمع . وهذا الزعم ينطوي علي دعاية سوداء تفتئت علي الواقع والحقيقة . لأنه ليس هناك اعتقالات ولا قمع ، وإنما هناك أوامر ضبط وإحضار صادرة عن النيابة العامة . ولا علاقة لها بالإستفتاء علي الدستور وإنما بجرائم مرتكبة من جانب التنظيم الإخواني وحلفاءه وتوابعه وأتباعه . ومن هنا يمكننا بسهولة اكتشاف من صنع جمهورية الخوف في مصر ، هل هي السلطة الحالية أم جماعة الإخوان ؟  . أتوجه للسيد أبو الفتوح بهذا السؤال ولا أنتظر منه إجابة . أما مسألة ترشحة للإنتخابات فانا كنت أتمني علي المستوي الشخصي أن يقدم علي الترشح حتي يعرف حجمه الحقيقي إن لم يكن يعرف ، ويقف عارياً تحت شمس الحقيقة في مواجهة نفسه ومواجهة الشعب حتي يكف عن تلك الأساليب التي عفي عليها الزمن ، وذهبت هي وجماعته إلي المكان اللائق بهما خارج التاريخ .


حسن زايد

كاتب عربي ومدير عام


المصدر: أوكرانيا بالعربية

مشاركة هذا المنشور:
الأخبار الرئيسية
سياسة
أوكرانيا وأرمينيا تعتزمان إجراء مشاورات سياسية
دبلوماسية
الدكتور مكسيم صبح يلتقي القائم بأعمال سفارة العراق لدى أوكرانيا
سياسة
ماكرون لا يستبعد إرسال قوات أجنبية إلى أوكرانيا
أخبار أخرى في هذا الباب
آراء ومقالات
عن النصر والخوف والمعارضة...بقلم رئيس حركة "الأخوية القتالية الأوكرانية" بافلو جيربيفسكي
آراء ومقالات
الفساد العظيم الذي ضيّع أوكرانيا!..حسين الراوي
آراء ومقالات
الإجرام الروسي والطفولة الأوكرانية..حسين الراوي
تابعونا عبر فيسبوك
تابعونا عبر تويتر
© Ukraine in Arabic, 2018. All Rights Reserved.