أوكرانيا بالعربية | إتـــــحــــدوا .. أو مــوتــوا - الجزء الثالث "الحزب الثورى".. بقلم هشام عبده
كييف/أوكرانيا بالعربية/إن مناضلي الطبقة العاملة، والفلاحين ،وكل الكادحين، يعلمون جيدا أن العاملين في المنظمات الجماهيرية المختلفة، وخاصة في المنظمات النقابية، يعتبرون القنوات التي من خلالها يتم تصريف رؤيا هذه الطبقة، إلى صفوف العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين .
- عن تحالف العمال والفلاحين :
لقد أصبحت مسألة تحالف البروليتاريا مع الفلاحين في منظور اللينينية مسألة أساسية في اختبار الحلفاء الحقيقيين ،ليس من باب المناورة والتوافق والمساومة، ولكن من باب المبدئية لكون كل من يسعى إلى تحقيق الثورة البروليتاريا لابد وأن يحدد حلفاء البروليتاريا أثناء هذه الثورة، عكس ما تقوم به الديمقراطية البورجوازية الصغيرة من تجاهل الفلاحين ودورهم في تحقيق البناء الإشتراكي، وقد أكد التحالف الحربي أثناء الحرب الأهلية أهمية التحالف بين البروليتاريا والفلاحين في سحق الرأسماليين وكبار الملاكين العقاريين، وبالتالي سحق الرأسمالية، بعد الإنتقال من المهام السياسية إلى تنفيذ المهام الإقتصادية، من التحالف الحربي إلى التحالف الإقتصادي، ويقول ستالين عن التكامل بين المهام السياسية والإقتصادية أثناء الثورة الديمقراطية البروليتارية:"هل الإمكانيات الثورية الكامنة لدى جماهير الفلاحين، بفعل ظروف وجودهم الخاصة ، قد استنزفت أم لا،وإذا كانت لم تستنزف، فهل من أمل، هل من أساس للاستفادة من هذه الإمكانيات في سبيل الثورة البروليتارية، ولتحويل جماهير الفلاحين ،أي تحويل أكثريتهم المستثمَرة، من احتياطي للبرجوازية كما كانوا في الثورات البرجوازية في الغرب، وكما لا يزالون في الوقت الحاضر، إلى احتياطي، إلى حليف للبروليتاريا؟
إن اللينينية تجيب على هذا السؤال بالإيجاب، أي أنها تعترف بوجود كفاءات ثورية في صفوف أكثرية الفلاحين، وبإمكان الاستفادة من هذه الكفاءات لمصلحة دكتاتورية البروليتاريا ،ويؤكد تاريخ الثورات الروسية الثلاث، تأكيداً تاماً، استنتاجات اللينينية في هذا الموضوع" .
لقد اهتم لينين بدور الفلاحين في الثورة البروليتارية الإشتراكية باعتبارهم الحلفاء الأساسيين للبروليتاريا، وتأكد من ذلك خلال الثورات الثلاث في روسيا في القرن العشرين ،فمن تحالفهم في الثورة الديمقراطية البورجوازية إلى تحالفهم في الثورة الديمقراطية البروليتارية، إلى البناء الإشتراكي، فهذا التحالف خلال الثورة الديمقراطية البورجوازية قد أضعف البورجوازية بروسيا عكس الثورات الديمقراطية البورجوازية بالغرب الأوربي، لكونها في روسيا تتسم بقيادة البروليتاريا التي حولتها إلى ثورة ديمقراطية بروليتارية، ليس فقط على المستوى السياسي بل كذلك على المستوى الإقتصادي .
وكان ضروريا للخروج من الحرب الإمبريالية الأولى طرد الديمقراطية البورجوازية الصغيرة من الحكم عبر ثورة أكتوبر1917، والإنتقال مباشرة إلى الثورة الديمقراطية البروليتارية والشروع في البناء الإشتراكي، ذلك ما استنفر كل القوى المعادية للثورة من بورجوازية عالمية ورأسماليين وكبار الملاكين واشتراكيين ثوريين ومناشفة ضد تحالف البروليتاريا والفلاحين، مما أشعل نار الحرب الأهلية التي انتصر فيها البلاشفة ،واستخلص منها لينين الكثير حول التحالف الحربي بين البروليتاريا والفلاحين، الذي ساهم بشكل كبير في الإسراع بالتحالف الإقتصادي بين هاتين الطبقتين كشرط أساسي في بناء الإشتراكية بالإتحاد السوفييتي، واستفاد ستالين من خلاصات لينين وأكد على تحالف البروليتاريا والفلاحين وهو يقول:"وإذن فكيف العمل إذا كانت جميع وسائل الإنتاج لم تكن اجتماعية ،بل قسم منها فقط، وإذا كانت جميع الشروط الملائمة لاستيلاء البروليتاريا على الحكم متوفرة، هل يجب أن تستولي البروليتاريا على الحكم، وهل يجب القضاء، بعد ذلك فوراً، على الإنتاج البضاعي؟ لا يمكن طبعاً أن يعد جواباً رأي بعض الماركسيين المزعومين الذين يرون أنه ينبغي، في هذه الأحوال، الامتناع عن الاستيلاء على الحكم، والانتظار حتى يتسع الوقت للرأسمالية لتخرب ملايين المنتجين الصغار والمتوسطين، وتحولهم إلى أجراء زراعيين، وتمركز وسائل الإنتاج في الزراعة، وأنه، بعد ذلك فقط ، يمكن وضع مسألة استيلاء البروليتاريا على الحكم وجعل جميع وسائل الإنتاج اجتماعية، ومن المفهوم أن الماركسيين لايمكنهم أن يقبلوا مثل هذا الحل إذا كانوا لا يريدون أن يلطخوا شرفهم بالخزي والعار، كذلك لا يعتبر جواباً رأي الماركسيين المزعومين الآخرين الذين يظنون أنه ربما يجب الاستيلاء على الحكم واللجوء إلى نزع ملكية المنتجين الصغار والمتوسطين في الريف وجعل وسائل إنتاجهم اجتماعية، فالماركسيون لا يستطيعون أن يسيروا في هذه الطريق الخرقاء والمجرمة لأن هذه الطريق تحرم الثورة البروليتارية كل إمكانية للنصر،ونلقي بجماهير الفلاحين في معسكر أعداء البروليتاريا إلى أمد طويل.
ان عجز مناضلي الطبقة العاملة عن ذلك، دليلا على ضرورة إعادة الاعتبار للفكر الاشتراكي العلمي في صفوفهم، وفق برنامج محدد، وهادف أولا، حتى يتم تحصين المناضلين ،ضد كل التوجهات التحريفية، داخل الإطارات الجماهيرية، وفي مقدمتها الإطارات النقابية؟
إننا في الواقع، أمام مرحلة تقتضي من مناضلي الطبقة العاملة والفلاحين، تعميق النقاش، وإغناء النظر في الممارسات النضالية التاريخية لكلا منهم ،في الإطارات الجماهيرية بصفة عامة، وفي أحزاب الطبقة العاملة، بصفة خاصة .
- المهام المطروحة على الحزب الثورى في ظل الوضع القائم :
انطلاقا مما رأينا في الفقرات السابقة ،نرى أن ما سيقع غدا، يجب ان يحضر له اليوم ،وإذا كانت المنظمات النقابية غير مؤهلة اليوم، لمواجهة التحديات، فإن المستقبل يفرض، ومن الآن، اتخاذ كل المبادرات لتقوية العمل التنظيمى والنقابي، والعمل على ربط هذا النضال بالنضال الاجتماعي، والسياسي بشكل عام، بإدخال كل الطبقات الكادحة، والمحرومة، والمهمشة، من عاطلين، وتجار صغار، وفلاحين صغار، ومعدمين؛ لكن هذه المهمة الشاقة والنبيلة، لا يمكن أن تقودها النقابة او التنظيم ،بالرغم من محاولات بعضها، لتنصيب نفسها لهذه المهمة، إنها بامتياز، مهمة الحزب الثورى الذى يجب ان يعبر عن الطبقة الكادحة بانواعها ،باعتباره حزبا ثوريا، يملك وحدة التصورالنظري، والأفق الإستراتيجي، والبعد التنظيمي، القادر على استيعاب كل الفئات الاجتماعية المتضررة، من الهيمنة الأمبريالية، في ظل عولمة اقتصاد السوق، والحزب الثورى ، وانطلاقا من هويته، واختياره الاشتراكي العلمي، قادر،إذا ما تجند كل مناضليه وقتها، وانضبطوا لقرارات أجهزته، وتحملوا مسؤوليتهم، في نشر الفكر العلمي بين الجماهير الشعبية الكادحة، ووسعوا التنظيم داخل الفئات الشعبية الكادحة، وعملوا على فرض الحد الأدنى من التوازن، لصالح الجماهير الشعبية الكادحة، في أفق تعديل ميزان القوى لصالح الشعب المصرى، وجماهيره الكادحة، وإذا كان دور النقابة ، يتجسد في تنظيم الطبقة العاملة وباقي الأجراء وسائر الكادحين، فقط ، في إطار الصراع من أجل تحسين بيع قوة العمل، فإن المهام المطروحة على هذا الحزب المرجو انشاءه ، هي :
- تنظيم أوعى عناصر الطبقة العاملة، لتوفير الإطار المنظم، والموجه لعموم شرائح الطبقة العاملة، من أجل قيادتها في اتجاه التغيير، وقيادة الصراع الطبقي، ومن أجل بناء المجتمع الاشتراكي ، وتوفير إمكانية التحالف مع الفئات المتضررة من نمط الإنتاج السائد، والمتميز بهيمنة المخزن، الخاضع لمراكز الهيمنة الأمبريالية، في وجهها الجديد، المنسجم بإخضاع المجتمعات، والدول، لإرادة القوى الأعظم، المتمثلة في الولايات المتحدة الأمريكية، التي تقوت بانهيار الاتحاد السوفياتي، الذي كان يشكل القطب النقيض.
- السعي إلى تنظيم الحلفاء الطبيعيين للطبقة العاملة، من فلاحين فقراء، وتجار صغار،وعاطلين، ومهمشين، ومثقفين رافضين لنمط الإنتاج السائد، وقابلين لأن يتحولوا، بفعل تشبعهم بالفكر الاشتراكي، إلى مثقفين ثوريين / عضويين.
- المساهمة في العمل الفعال، داخل المنظمات الجماهيرية التقدمية، وخاصة منها النقابات، لنشر الفكر الاشتراكي بين مختلف شرائح العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين .
- قيام تنظيمات الحزب الثورى : الفرعية، والإقليمية، والجهوية، بإعداد تقارير عن عمل مناضلي الحزب، في مختلف المنظمات الجماهيرية، وفي فروع مختلف النقابات، لاستثمارها في الوقت المناسب.
- قيام الحزب بتنظيم ندوات دورية، حول سير، وتطور العمل الجماهيري، بما في ذلك الحركة النقابية في مصر، وحول أداء مناضلي الحزب في الإطارات الجماهيرية، والنقابية القطاعية، والمركزية، لتقييم الأداء الجماهيري، بما في ذلك الأداء النقابي، وما مدى استجابة العمل الجماهيري، بما فيه العمل النقابي، للأهداف التي يسعى الحزب إلى تحقيقها في الإطارات الجماهيرية، وعلى المستوى العام.
ما مدى قيام مناضلي الحزب الثورى بإشاعة الفكر الاشتراكي العلمي، في صفوف العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين؟ وهل يساعد ذلك على تغذية القواعد الحزبية ؟
وإذا لم يحدث، هل معنى ذلك أن مناضلي ذلك الحزب الثورى لم يقوموا بدورهم ؟
هل يرجع إلى عدم استيعابهم للنظرية الاشتراكية العلمية؟
وهذا ما سنتعرف عليه فى الجزء الرابع من المقال ..
هشام عبده
كاتب عربي مصري
المصدر: أوكرانيا بالعربية