أوكرانيا بالعربية | إمبراطورية بوتين... فيها الخصام وهي الخصم والحكم... بقلم د. نوفل حمداني
كييف/أوكرانيا بالعربية/روسيا تقف وحدها أمام دول العالم لكن في موقف قوة.. هو إذن منطق الدب الروسي الذي لا يقهر من خلال وزير خارجيتها سيرغي لافروف أمام كل من أمريكا و الإتحاد الآوروبي من جهـة و أكرانيا - الحليف - العدو - من جهة أخرى... جنيف بالنسبة لمـوسكو هي الفرصة الأخيرة للرد بشكل بارد على ما يريده الغرب.. فالوضع يتأجج يوما بعد يوم في مناطق الشرق الأوكراني الناطقة باللغة الروسية، و الغرب كحليف جديد للسلطة الحاكمة في كييف يقف مكتوف اليدين أمام السيطرة الكاملة لروسيا على المناطقة الشرقية والجنوبية من أوكرانيا... رغم أن السيد بوتين يخبر الجميع ومن دون أي تفكير و أمام الملايين من متابعيه على القنوات المتلفزة أنه لا دخـل لروسيا بما يحدث اليوم في شرق أوكرانيا، و إنمــا هي إحتجاجات شعبية جائت على غرار ما حدث في الميدان الأوروبي من قب ...
لقاء جنيف من وجهة نظري، ما هو إلا مسرح عالمي وجب على جميع الشركاء والخصوم لعب أدواره بإخراج روسي محنك.. جاء وفق متطلبات العصر.. فالفيديرالية الروسية اليوم – دولة ديموقراطية حديثة - لن تستعمــل مفاهيم ستالين ولا لينين في تسوية أوضاع مناطق كانت تابعة لنفوذها يوما مــا، بل هي ستطلب من الجميع شهادة أمــام محكمة قاضيها و محاميها و متهمها مــوسكو. إمبراطورية بوتين ستطبق بيت الشاعر المتنبي بحذافره ، فيها الخصام وهي الخصم والحكم ... موسكو أججت الصراع ، موسكو دافعت عن الأقليات وموسكو تجد اليوم حلا لمشاكل البنت العاقة أوكرانيا..
أوكرنيا و التي رفضت من خلال سياسييها منذ أسابيع قليلة الإنصياع لأوامر موسكو، هاهي اليوم تبدأ في تطبيق بنود مؤتمــر جنيف.. الذي لم يأتي بجديد على الساحة، و إنما هو إتفاق رسمي على ما أعلنته موسكو منذ أول يوم خرج فيه الرئيس السابق يانوكوفيتش من البلاد و إستيلاء المعارضة على الحكم ...
الفيديرالية حلا
و أمام صمت أوروبا وأمريكا إلا من عقوبات على بعض السياسيين الروس، وسأقولها و دون حرج – أمام خوف - الغرب و عدم قدرته على مواجهة برد السياسة القارس القادم من الشرق، يجد الكريملن فرصة للضغط أكثر و أكثر و فرض حلول دون مناقشتها على الساسة الأوكران .. فبالرغم من ((عملية مكافحة الإرهاب)) التي أطلقها القائم باعمال الرئيس الأوكراني تورتشينوف، و رغم رغبة السلطـة الحالية بكييف في إطلاق حوار وطني إلا أنهما فشلتا كحلين للأزمة من طرف الاوكران بل على العكس تماما زادت الأزمة تشنجـا... ليأتي الحل هذه المرة من الأم الحنون روسيا مطالبة لتعديلات دستورية شاملة تضمن لساكنة الشرق والجنوب حقوقهم من خلال إعلان ((الفيديرالية)) في البلاد... وقد كانت كلمات لافروف رنانة في آذان قادة الحلف الغربي حين قال : كل من يقف صديقا مخلصا للشعب الأوكراني يجب عليه إجبار الحكومة الحالية على التحرك بشكل سريع و بدء الإصلاح الدستوري ، الأمر الذي سيمكن ضمان حقوق جميع ساكنة أوكرانيا في الدولة الأوكرانية ..
الفشـل الغربي في أوكرانيا
و على الرغم من أن جزءا كبيرا من ساكنة أوكرانيا إعتقد في فترة من الزمن أن الثورة - أو الإنقلاب - على يانوكوفيتش ستكون نهاية لعصر كامل من الإنصياع لأوامر بوتين.. إلا أن الواقع يبين لنا عكس ذلك.. فالغرب ممثلا في أمريكا وروسيا فشلا فشلاً ذريعا على الأرض الأوكرانية ... فالدعم و السند اللذان أوهما المعارضة يوما ما بتقديمه لها، إنحل و انضحـل وتحلل كما يتحلل بخار الماء في السماء .. و خير دليل على ذلك ما حدث في شبه جزيرة القرم وما سيحدث إذا تم تنفيذ مخطط الفيديرالية في ظل الدولة الواحدة ...
روسيا تحــاول اليوم بناء جدار كبير يحميها من المد الغربي ، هو جدار سيضم فيديراليات أوكرانية بفكـر وتنظيم و سياسة روسية – أو بالأحرى - سيــــاسية بوتينية لا تهاب قوة ولا سلاح و ا دهاء الغرب بأكمــله وإنما منطقها هـــو ما قاله فلاديمير بوتين في لقاء تيليفزيوني يوم الخميس الماضي، بعدما سئل عن الضغط الخارجي فقال ضاحكا : لماذا الخوف (يضحك بوتين) نحن لا نخاف أحدا.. سنسحقهم ..أنتهى كلام بوتين.
أيها القراء الأعزاء ... أوكرانيا ما هي إلا مثالا صغيرا لعالم يقوده الكبـــار ........
د. نوفل حمدان
رئيس المركز العربي في زاباروجيا
مراسل وكاتب لدى صحيفة أوكرانيا بالعربية
المصدر: أوكرانيا بالعربية