أوكرانيا بالعربية | حماس تعيش ازمة خانقة ولكنها ليست ضعيفة وتستطيع خلط الاوراق... بقلم عبد الباري عطوان
كييف/اوكرانيا بالعربية/لا يختلف اثنان، داخل الارض المحتلة وخارجها، ان حركة المقاومة الاسلامية "حماس" تعيش ازمة حادة، سياسية واقتصادية، ولكن ما هو موضع خلاف، هو كيفية الخروج من هذه الازمة الى بر الامان، ولو جزئيا ان لم يكن كليا؟
ـ الاولى تتعلق بالوضع الداخلي الفلسطيني عندما اعاد التأكيد على ثوابت الحركة من حيث حق العودة واقامة الدولة على كل التراب الفلسطيني التاريخي، ودعوته الى الرئيس محمود عباس الى التعاون المشترك، والعمل معا من اجل تخفيف معاناة اللاجئين الفلسطينيين في كل الساحات، والبحث العملي في آليات تطبيق اتفاق المصالحة وانهاء الانقسام وتشكيل حكومة وحدة وطنية وتحديد موعد لانتخابات تشريعية ورئاسية والمجلس الوطني الفلسطيني.
الثالثة: تركز على العلاقة مع سورية، عندما قال السيد هنية دون ان يسمّي: "عبّرنا، ولا نزال، عن موقفنا من حيث المبدأ، والتزاما بموقفنا الاخلاقي، مع الشعوب وحقها في الحرية والكرامة، وضد ما يؤدي لسفك دمائها من اي طرف كان"، واضاف "ان حماس لا تشعر انها في مأزق حتى تدفع ثمنا للخروج منه، ولا تندم ان تعتذر عن تلك المواقف المشرفة حتى ترضي احدا، نحن لم نعتد على احد ولم نغدر بأحد، ولم نخطيء في البوصلة والمسار العام"، في رد واضح على الرئيس بشار الاسد الذي اتهمها بالغدر.
كلام السيد هنية كان تصالحيا بالنسبة الى كل من مصر والسلطة الفلسطينية في رام الله، ولكنه لم يكن كذلك مع سورية، وربما ايران ايضا التي لم يرد ذكرها بشكل قوي في الخطاب، الامر الذي يعكس تراجعا عن مسار بدأه السيد خالد مشعل عندما طالب المعارضة السورية بالتخلي عن السلاح، والعودة الى سلمية الانتفاضة واللجوء الى الحوار، واذا لا بد من حمل السلاح فمن اجل توجيهه لتحرير الاقصى، وهو ما عرضه لهجوم كاسح من الجيش الاسلامي السوري، وآخر من قبل الرئيس الاسد الذي اتهم حركته بالغدر.
اما الحكومة المصرية فقد التزمت الصمت تجاه هذا الخطاب وتجاهلته، لانها تعتبر حماس عدوا، ولا نعتقد ان ازمة حماس مع مصر ستشهد اي انفراجا قبل كسر الحصار وتضييق الخناق على حليفتها حركة الاخوان المسلمين والافراج عن قادتها المعتقلين واولهم الرئيس محمد مرسي.
نختلف مع السيد هنية في نفيه لوجود ازمة داخل حماس، ولكننا نتفق معه في انها ليست ضعيفة، فالحركة ما زالت تتمتع بشعبية داخل غزة وفي الضفة الغربية، وتستطيع ان تقلب الطاولة على رؤوس الجميع لو ارادت، للرد على من يضيقون الخناق عليها، ويحاولون قتلها، فما زالت حركة مقاومة، وما زال جناحها العسكري (عز الدين القسام) قويا.
حماس بحاجة الى اتخاذ عدة مواقف فورية، اولها الكف عن التصريحات القابلة لتأويلات عديدة، وثانيها عدم تكرار توسلها للحكم العسكري في مصر رغم ادراكنا لقدرته على خنق القطاع اكثر فاكثر، لان هذا التوسل لن يفيد او يجد آذانا صاغية، وثالثها البعد عن ما يسمى بمعسكر الاعتدال العربي وتذكيره بنكوصه تجاهها، والمشاركة في خنقها، حتى لو ارادت عدم العودة الى المعسكر السابق الذي ادارت ظهرها له في شباط (فبراير) العام الماضي عندما غادرت قيادتها دمشق الى قطر ومصر مرسي، معتقدة ان النظام السوري سيسقط وان ايامه معدودة، وايران ستمحى عن الوجود بغارات امريكية واسرائيلية، وهو ما لم يحدث حتى الآن على الاقل وليس في المستقبل المنظور.
عبد الباري عطوان
رئيس تحرير القدس العربي سابقا
رئيس تحرير ومؤسس صحيفة "راي اليوم" الالكترونية
محلل سياسي وكاتب عربي