أوكرانيا بالعربية | هل ستكون الانتخابات المحلية في أوكرانيا بمثابة نسمة مُنعشة؟... بقلم د.خليل عزيمة

تُظهر الدراسات حول الانتخابات المحلية التي ستجرى في 25 تشرين الأول/أكتوبر في أوكرانيا، انخفاضًا في الثقة بجميع الأحزاب الأوكرانية إضافة الى المشاريع الإقليمية. وفي الوقت نفسه، لم تتغير بشكل ملحوظ المطالب الرئيسية للناخبين مقارنة بالحملات السابقة. ولكن هناك أيضًا بعض الاتجاهات المثيرة للاهتمام

كييف/ أوكرانيا بالعربية/ تُظهر الدراسات حول الانتخابات المحلية التي ستجرى في 25 تشرين الأول/أكتوبر في أوكرانيا، انخفاضًا في الثقة بجميع الأحزاب الأوكرانية إضافة الى المشاريع الإقليمية. وفي الوقت نفسه، لم تتغير بشكل ملحوظ المطالب الرئيسية للناخبين مقارنة بالحملات السابقة، ولكن هناك أيضًا بعض الاتجاهات المثيرة للاهتمام.

ويبقى السؤال الوحيد لدي يطرح نفسه، ما إذا كان اللاعبون السياسيون من مختلف المستويات سيكونون قادرين على التكيف معها؟!

في خضم حملة انتخابات المجالس (الادارات الإقليمية) المحلية، نظمت الأحزاب وعودًا عادلة بأسلوب "إصلاح وإصلاح كل شيء، ليصبحوا سادة حقيقيين في المدن والمناطق، وترتيب الأمور لجعل الحياة رائعة للسكان". لكن توقعات الناخبين تختلف قليلاً عن قائمة الوعود المقترحة. فمن الواضح أن كل منطقة لها خاصيتها. ومع ذلك، تبقى هناك بعض الأولويات العامة، مثل: تعريفات الإسكان والخدمات المجتمعية؛ خلق فرص عمل؛ جودة الرعاية الطبية وتكلفتها؛ محاربة فساد السلطات المحلية؛ الحماية الاجتماعية؛ عمل الشرطة؛ إصلاح وبناء الطرق وأعمال النقل العام؛ عمل رياض الأطفال والمؤسسات التعليمية المدرسية.. الخ.

وبسبب جائحة فيروس كورونا، تظهر حاجة ملحة في الطلب على الوظائف في كل مكان. ونقص الفرص المتاحة، يعني انقراض المدن والقرى الصغيرة نتيجة البحث عن عمل في المركز الإقليمي، أو في دول الاتحاد الأوروبي. حيث تتحول المدينة التي كانت مزدهرة ذات يوم إلى مدينة تموت ببطيء، ثم إلى مكان إقامة للمتقاعدين.

ففي المدن الكبرى، هناك طلب على مساحة مريحة: حدائق جيدة، مسار للدراجات الهوائية والنارية، ملاعب، أندية رياضية.. الخ. ولكن في الوقت نفسه، بدأت عملية صرف الأموال المتبقية بسبب اللامركزية في معظم التجمعات السكنية، على تحسين الحديقة، وتركيب أعمدة إنارة إضافية من دون تغيير نظام الصرف الصحي.

أما مع قطاع النقل، فكل شيء بات أكثر تعقيدًا. إذ لا يوجد عدد كافٍ من الركاب، ولا يوجد ما يكفي من الحافلات العاملة بين المدن. كما أن حالة الطرق داخل المناطق مروعة، في حين يتم إصلاح أجزاء من الطرق إلى المركز الإقليمي كجزء من مشروع "البناء الكبير" - بدلاً من إعداد المستشفيات لمكافحة فيروس كورونا، وبدلاً من تمويل قطاع الطب والأطباء، فنحن ندرك جيدا انه إذا كان هناك طريق الى قرية ما، فعندئذ ستعيش هذه القرية؛ وإذا لم يكن هناك طريق، فسوف تموت بسرعة وتصبح مفرغة من سكانها.

ترتبط مشكلة النقل البري ارتباطًا وثيقًا بالمشكلة الطبية. لقد تسبب إصلاح نظام الرعاية الصحية إلى حقيقة قاسية تركت القرى والبلدات البعيدة عن المراكز الإقليمية لتواجه قدرها وحيدة مع المرض و المرضى. إضافة إلى ان هناك طرق مروعة لأقرب مستشفى. وعند الحاجة إلى طبيب اختصاصي، تحتاج إلى الذهاب إلى مدينة أخرى، وهذا يعني أحيانًا السفر لمئات الكيلومترات. وحافلة الإسعاف الصغيرة إما لا تعمل أو تعمل وفقًا لجدول زمني غبي لدرجة أنه من المستحيل فعليًا الحصول على موعد مناسب. وليس لدى كل شخص سيارته الخاصة، ولا يمكن لأي شخص أن يستقل سيارة أجرة. لذلك اتضح أنه بدون وسائل النقل العام العادية، لا يمكن لسكان البلدات الصغيرة تلقي الرعاية الطبية الدورية.

هنا عامل آخر مثير للاهتمام، وهو عامل الفساد. فلا أحد لديه شك في أن جزءًا كبيرًا من المال يبقى في جيوب عمدة التجمع السكني والمتواطئين معه. لكن المواطنين يرون تشييد الطرق ويتصورون بان الفساد بات شيء طبيعي.

تحاول الأحزاب الوطنية اختراق هذا "الإرث" من النخب المحلية، بشعاراتها وأجنداتها و"قائمة الأمنيات". في الوقت نفسه، من بين الأحزاب الممثلة في البرلمان، ربما يمتلك حزب "باتكيقتشينا" شبكة محلية واسعة في جميع أنحاء أوكرانيا بينما يعمل حزب "خادم الشعب" وحزب "هولاس" بشكل سيء. ويعتمد حزب "التضامن الأوروبي" على الناخبين من غرب البلاد، وحزب "منصة المعارضة - من أجل الحياة" على الجنوب الشرقي. في الوقت نفسه، يراهنان على الشعارات الوطنية، وليس على المشاكل الإقليمية، وهو الهدف الذي يميز الانتخابات النيابية، والتي ربما باتت قريبا.

إن الانتخابات المحلية السابقة كان يُنظر إليها من قبل المجتمع على أنها إسقاط للانتخابات الوطنية. والآن يحاول اللاعبون الوطنيون استخدام الانتخابات المحلية لإثبات أن المشاعر العامة لا تتطابق مع المواءمة الحالية في البرلمان "الرادا العليا". ساعين بذلك مرة ​​أخرى، للإشارة الى أن السكان المحليون يرغبون بإدارة ذاتية حقيقية - سياسيًا واقتصاديًا.

اذ يتعين على القوى السياسية، وعلى خلفية عدم ثقة المواطنين بالسياسيين والأحزاب، دفع مرشحيها إلى قوائم مختلفة من أحزاب مختلفة، ثم خلق أغلبية في المجالس المحلية. لسوء الحظ، اليوم لا يوجد طرف لديه خطة عمل واضحة. فبعض الاتجاهات - بأسلوب "جعل الحياة أفضل وأجمل وأكثر سعادة"، من فئة وعود المرشحين، وهي غير قابلة للتحقيق.

في ضوء هذا الموقف من ممثلي السلطات تجاه أولئك الذين فوضوا لهم هذه الصلاحيات، تظهر طلبات الإستراتيجية والتواصل مع الناس أكثر فأكثر. وكلا هذين الطلبين، لم يتم تحقيقهما في أي مكان. ويتمثل طلب الإستراتيجية: بحكومة مدينة رائعة تقوم بسد الثغرات في اقتصاد المدينة (الصرف الصحي والطرق وبناء بعض الحدائق). ولكن ليس من الواضح كيف سيقودنا هذا النشاط إلى مستقبل مشرق، أين الوظائف وأين المدينة المريحة؟ هناك طلب كبير لفهم كيف سيتحقق هذا "المستقبل الأفضل". ليس برنامجًا حزبيًا، ولا إستراتيجية تنمية مجتمعية، بل إستراتيجية حقيقية (خطة عامة، تنمية، حتى أيديولوجية) حتى يكون ممكنا للمرء أن يؤمن بها. أما بالنسبة لطلب التواصل مع المجتمع، فإن الجوهر هو التالي: الناس يريدون من السلطات المحلية التشاور معهم والتواصل معهم. في حين نفس النائب المحلي ورئيس البلدية منقسمان بشكل غامض للغاية. بالنسبة للكثيرين، النائب هو عمدة صغير. ويريد الناخب اللقاء به، وتحدث اليه، وهذا ما يجب العمل عليه.

يجب أن تكون الانتخابات المحلية بمثابة نسمة مُنعشة للأوكرانيين الذين ينتظرون على الأقل بعض التغييرات في اقاليمهم المحلية.

بقلم الدكتور خليل عزيمة – باحث وأكاديمي

المصدر: أوكرانيا بالعربية

مشاركة هذا المنشور:
الأخبار الرئيسية
سياسة
صحيفة: ترامب نصح رئيس أوكرانيا بالتفكير ببدء المفاوضات مع روسيا
رياضة
الأوكراني أوسيك يحصل على مكافأة قياسية بعد هزيمة فيوري
سياسة
ألمانيا تؤكد عدم إرسال قواتها إلى أوكرانيا أثناء الحرب
أخبار أخرى في هذا الباب
آراء ومقالات
التشيك تعترف بترحيل شعب تتار القرم باعتباره عملاً من أعمال الإبادة الجماعية
آراء ومقالات
مركز موارد تتار القرم يطلق حملة في الشبكات الاجتماعية بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان
آراء ومقالات
القمع في شبه جزيرة القرم المحتلة: وحشية بلا حدود
تابعونا عبر فيسبوك
تابعونا عبر تويتر
© Ukraine in Arabic, 2018. All Rights Reserved.