أوكرانيا بالعربية | هل أوكرانيا على اعقاب ثورة برتقالية أخرى ؟... بقلم منعم الزهيري

ذكر كارل ماركس سابقا مقولته الشهيرة "التاريخ لا يصنع شيئا، لا يمتلك ثروات، ولا يخوض معارك، الرجال فقط هم من يفعلون ذلك"..اليوم أوكرانيا تعود من جديد وهي ترتدي لباس الثورة البرتقالية. فهذه الثورة التي ظهرت بوادرها في نهاية عام 2004 وبداية عام 2005 بسبب الصراع على السلطة بين معسكرين الاول متمثمل برئيس اوكرانيا (الذي كان رئيساً للوزراء ومن ثم رئيساً لاوكرانيا في حينها) يوشينكو وزعيمة المعارضة يوليا تيموشينكو، والثاني متمثل بفيكتور يانوكوفيتش (رئيس الجمهورية حاليا).

كييف/أوكرانيا بالعربية/ذكر كارل ماركس سابقا مقولته الشهيرة "التاريخ لا يصنع شيئا، لا يمتلك ثروات، ولا يخوض معارك، الرجال فقط هم من يفعلون ذلك"..اليوم أوكرانيا تعود من جديد وهي ترتدي لباس الثورة البرتقالية. فهذه الثورة التي ظهرت بوادرها في نهاية عام 2004 وبداية عام 2005 بسبب الصراع على السلطة بين معسكرين الاول متمثمل برئيس اوكرانيا (الذي كان رئيساً للوزراء ومن ثم رئيساً لاوكرانيا  في حينها) يوشينكو وزعيمة المعارضة يوليا تيموشينكو، والثاني متمثل بفيكتور يانوكوفيتش (رئيس الجمهورية حاليا).

بعد ان ظهرت نتائج الانتخابات الرئاسية والتي افرزت وضعا في غاية الصعوبة فلم يحصل كل من  المرشحيين للرئاسة ( يوشينكو ويانوكوفيتش ) اكثر من  50% من اصوات الناخبيين فتقرر اجراء جولة ثانية من الانتخابات لحسم الموقف . هنا بدأت بوادر الثورة البرتقالية حيث دعى يوتيشنكو (الذي كان تكنوقراطيا صرفا ) الى القضاء على الفساد واستغلال السلطة واجراء الاصلاحات ,...الخ لذلك تم رفع الاعلام البرتقالية وهي مطرزة بالشعارات ( ومن هنا جاءت التسمية ) بالثورة البرتقالية وبدأت الاعتصامات والعصيان ( بعد ان تم احالة القضية الى المحكمة الدستورية ).

اندلعت الثورة البرتقالية نهاية 2004م، بعد اتهامات بتزوير الانتخابات الرئاسية فى جولة الإعادة لصالح فيكتور يانوكوفيتش، إلا أن منافسه الاخر  وزعيم المعارضة في حينها فيكتور يوشينكو لم يعترف بالفوز وقد استغل قصة تعرضه للتسمم لجمع ألانصاروالمؤيدين له .وهنا تحول ميدان الاستقلال وسط العاصمة الاوكرانية  كييف إلى مقر لمئات آلاف المواطنين ( ليصل عددهم الى اكثر من نصف مليون مواطن ) الذين خرجوا لتأييد يوشينكو ليتحول احتجاجهم إلى عصيان مدنى شل مؤسسات الدولة، وكان المواطن الاوكراني متلهف ومتعطش  نحو التغيير والتحول الديمقراطى، وتوقعوا بأن ينتج عن الانتخابات نظام قضائى مستقل والقضاء على الفساد وسوء الاوضاع الاقتصادية وأن تقوم الشرطة بتحسين معاملتها للناس، وانحسار البيروقراطية المهيمنة على اقتصاد البلد ..

وهزت المشاركة الواسعة للجماهير والمواطنين أوكرانيا والعالم، ومع إعادة فرز الأصوات وتأكيد فوز يوشينكو، الذى أصبح ثالث رئيس للبلاد بعد استقلالها إلا أن مرحلة ما بعد الثورة أثبتت فشل القيادة السياسية، مما أدى إلى قلب الأمور رأسا على عقب .لتصل الى عكس اهداف الثورة البرتقالية .

وبعد مضي (5) سنوات  من حكم يوشينكو لم يتغير حال البلاد فكل شيء كما هو بل العكس لم تحقق الثورة اهدافها وذلك مع تزايد حالات الفقر والعجز في الميزانية ... الخ .مما ادى الى قتل الثورة البرتقالية ( او موتها سريريا )

مما هيىء الارضية الخصبة لزعيم المعارضة فيكتور يانوكوفيتش في انتخابات 2010 ليتمكن من الفوز فيها ليصبح الرئيس الرابع لاوكرانيا منذ استقلال اوكرانيا عن الاتحاد السوفيتي عام 1991.

ولكن سرعان ما بدأت الصراعات السياسية تحتدم بين الحزب الحاكم ( حزب الاقاليم بزعامة الرئيس يانوكوفيتش ) من جهة . واحزاب المعارضة بزعامة رئيسة الوزارء السابقة يوليا تيموشينكو من جهة اخرى . الى ان وصل الحال الى سجن تيموشينكو على خليفة تهم الفساد واستغلال السلطة . الامر الذي اثار حفيظة وتذمر دول الاتحاد الاوربي الذي اعتبرته تقويضا للديموقراطية في اوكرانيا .

رغم ان تيموشينكو تدور حولها الكثير من الشبهات حول  اموالها . فهي تلك المرأة ( الغير مسنة ) والتي اصبحت في ليلة وضحاها من الاثرياء في اوكرانيا ( والتي تقدر ثروتها بأكثر من 10 مليارات الدولارات ) مما جعل يدور حولها الكثير من التساؤلات عن مصدر هذه الثروة الضخمة ليترسخ في اذهان الكثير من الاوكران احد شعارات الشيوعية ( من أين لك هذا ).

وعندما وصل يانوكوفيتش الى السلطة انتهج سياسة مسك العصى من المنتصف  في كيفية التعامل مع الجارين العملاقين روسيا والاتحاد الاوربي فهو حاول خلال هذه السنوات ان يبقي على العلاقة الوطيدة مع روسيا ( وهو موالي لها ) مع التغازل والتناغم مع الشراكة مع الاتحاد الاوربي . لعله من خلال هذه السياسة تحقيق الكثير من المكاسب اهمها تقوية نفوذه ( مع حزبه ) هذا اولا ومن ثم الحفاظ على اهمية اوكرانيا بالنسبة الى الجارتين الكبيرين ( المتناقضين في كل شيء ) وكذلك ممارسة وسائل الضغط على كل من الطرفين للحصول على تنازلات ومكاسب منهما في الوقت نفسه عن طريق التلويح بالميول الى احد الطرفين على حساب الاخرلكون اوكرانيا هي ( بيضة القبان )بالنسبة للاتحاد الاوربي والاخ الاضغر بالنسبة الى روسيا  . وكذلك السعي الى  تصفية خصومة السياسين وعلى رأسهم تيموشينكو .

ولكن اليوم نشاهد بوادر ثورة برتقالية جديدة تلوح في الافق ( بعد ان رفض الرئيس يانوكوفيتش توقيع اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الاوربي ). وهي في تصاعد وتيرتها وبسرعة لتنتقل من مدن الغرب لتصل الى قلب العاصمة الاوكرانية كييف.

وبعد ان كان من المقرر ان تقوم كل من اوكرانيا والاتحاد الاوربي بتوقيع اتفاقية الشراكة ( في قمة الاتحاد الاوربي التي عقدت في لتوانيا في( 28و29) من الشهر الماضي وقبل ايام من انعقاد القمة قرر الرئيس يانوكوفيتش عدم توقيع اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الاوربي وبضغوط من روسيا ( الاخ الاكبر).

وسرعان ما بدأت التظاهرات والاعتصامات في اوكرانيا في ميدان ( الاستقلال ) وسط العاصمة كييف تطالب بتوقيع اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الاوربي ( بعد ان رفض الرئيس الاوكراني توقيعها ) واجراء اصلاحات سياسية في البلاد . 

والامور اليوم تجري بطريقة دراماتيكية وسريعة وبدأت التظاهرات تتحول الى اعتصامات وعصيان مدني واقتحام بعض المباني الرئيسية للحكومة . بل وصل الحال الى حدوث مواجهات بين السلطة والمتظاهرين (عندما حاولت السلطة فض التظاهر والاعتصام بالقوة ) مما دعا الاتحاد الاوربي الى ضبط النفس .

والملفت للنظر الان الى ان التظاهرات التي تحصل الان في اوكرانيا هي من طرف واحد (المتمثل بأحزاب المعارضة ) الذي يدعوا الى توقيع اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الاوربي .ولكن السؤال المطروح الان .هل سوف نشاهد بالمقابل تظاهرات مؤيدة لروسيا والى الرئيس يانوكوفيتش ؟ وان حصل هذا .فما هو مصير اوكرانيا ؟ فهل نرى ثورة برتقالية جديدة ومن طرف واحد ( المعارضة ) لتدخل اوكرانيا في ربيعا دافيء وهي مقبلة على شتاءأ قارص .؟ او نرى تحول الامر الى تظاهرات من الطرفين ( المؤيدين والمعارضين ) لتدخل اوكرانيا في نفق مظلم ومجهول سببه البيروقراطيون الذين يجثون ولعقود طويلة على صدر الاقتصاد الاوكراني ؟والنتيجة هي الضحية هو المواطن الاوكراني ..

اوكرانيا واوربا والعالم بأسره في حالة ترقب الى ما يمكن ان تصل اليه الامور .

 

المحامي منعم الزهيري

محامي وباحث في العلاقات 

 القانونية الدولية في أوكرانيا

 

المصدر: أوكرانيا بالعربية

 

مشاركة هذا المنشور:
الأخبار الرئيسية
سياسة
أردوغان: الحرب في أوكرانيا ستنتهي بسهولة إذا تبنى ترامب نهجًا قائمًا على الحلول
سياسة
أوربان: أوروبا لا تستطيع تمويل الحرب في أوكرانيا بدون الولايات المتحدة
سياسة
فون دير لاين تناقش مع ترامب دعم أوكرانيا
أخبار أخرى في هذا الباب
آراء ومقالات
لماذا يتقدم تتار القرم للخطبة مرتين؟
آراء ومقالات
لاتفيا تستضيف حدثًا مكرسًا لقضية الاعتراف بترحيل عام 1944 كعمل إبادة جماعية لشعب تتار القرم
آراء ومقالات
إستونيا تعترف بترحيل تتار القرم باعتباره عملاً من أعمال الإبادة الجماعية
تابعونا عبر فيسبوك
تابعونا عبر تويتر
© Ukraine in Arabic, 2018. All Rights Reserved.