أوكرانيا بالعربية | حــادث الــفـــرافـــرة الــرمــز والــدلالـــــة... بقلم حسن زايد

يضيق بعض الناس ـ علي نحو ملفت ـ من القول بأن ما يحدث في المنطقة يقع في إطار مؤامرة غربية ، تقودها أمريكا ، لإعادة تشكيل المنطقة ، ورسم خارطة جديدة لها ـ سايكس بيكو جديدة ـ وعلة ضيقهم من هذا التحليل الذي يعتمد نظرية المؤامرة منطلقاً له غير معروفة ، فهم يذهبون إلي أن هذه النظرية تمثل حجة البليد التي يسوقها في مواجهة متهميه بالبلادة ، حيث يجري الإسقاط علي الغير لتبرير الفشل .
كييف/أوكرانيا بالعربية/يضيق بعض الناس ـ علي نحو ملفت ـ من القول بأن ما يحدث في المنطقة يقع في إطار مؤامرة غربية ، تقودها أمريكا ، لإعادة تشكيل المنطقة ، ورسم خارطة جديدة لها ـ سايكس بيكو جديدة ـ وعلة ضيقهم من هذا التحليل الذي يعتمد نظرية المؤامرة منطلقاً له غير معروفة ، فهم يذهبون إلي أن هذه النظرية تمثل حجة البليد التي يسوقها في مواجهة متهميه  بالبلادة ، حيث يجري الإسقاط علي الغير لتبرير الفشل .
هذا البعض يعتمد تفسيرهم للأحداث  علي أسباب داخلية تخص المنطقة وحدها ، دون تآمر من أحد ، لأنه لا أحد في العالم ينشغل بمنطقتنا إلا من زاوية محاولة انتشالها من تخلفها من وجهة نظرهم ، باعتبارها تمثل عبئاً علي الركب الحضاري للبشرية ، وباعتبارها مصدراً لمواد خام تعجز عن استغلالها ، وعلي رأسها البترول والغاز الطبيعي . ومع الوجاهة التي ينطوي عليها مذهب هذا البعض في التحليل ، إلا أنه لا يكفي وحده للنهوض بتفسير الأحداث بعيداً عن التفكير في المؤامرة ، خاصة وأن الشواهد التاريخية الدالة عليها قد تستعصي علي الحصر . فلو فردنا خارطة المنطقة علي الطاولة ، وأعدنا قراءة مفرداتها من جديد ، لاكتشفنا أن هناك روابط موضوعية بين الأحداث ، تشير إلي أن محرك الأحداث مصدر واحد ، وأنها تتقاطع وتتجمع لتصب في رافد واحد ، يخدم هدف واحد . وأنا أري أن حادث الفرافرة ما هو إلا عقاباً لمصر في إطار محاولات تركيعها ، وإعادة إدخالها الحظيرة التي أفلتت من قبضتها .
فالتخطيط والتكتيك الذي تمت به العملية ينبيء عن وجود لاعب رئيسي خلف عرائس الماريونيت التي تتحرك في المنطقة أياً كانت مسمياتها .
فقد جاء الحادث بعد طرح المبادرة المصرية بشأن وقف إطلاق النار بين الكيان الصهيوني وحماس ، فالجانب المصري طرح المبادرة دون الرجوع للإدارة الأمريكية ، أي أن مصر ولأول مرة ، منذ سقطت أوراق اللعب في أيدي أمريكا بنسبة تصل إلي 99 % تتصرف علي نحو منفرد ، منذ ما يزيد علي أربعين سنة والإرادة المصرية أسيرة النفوذ الأمريكي ، واليوم تتفلت مصر من هذه القبضة ، محاولة الإستقلال بإرادتها ، وتسيد قرارتها . وقد سارعت بقية العرائس برفض المبادرة ، لا لأنها لا تحقن الدم الفلسطيني المهدر ، ولا لأنها تخدم الجانب الإسرائيلي ، ولا لأنها تحد وتقلص من قدرات حماس التسليحية كما يزعمون ، وإنما لأنها صادرة من مصر باعتبارها لاعب فاعل في المنطقة بغض النظر عن الموقف الأمريكي ، باعتبارها عنواناً علي استقلال الإرادة والقرار المصري في الأيام القادمة . ومن هنا صدرت التعليمات من ذلك اللاعب الواقف خلف الستار برفض المبادرة ، وتشويهها ، والمزايدة علي مواقف مصر التي لا يصح واقعياً وتاريخياً المزايدة علي مواقفها من القضية الفلسطينية .
فرفضت حماس المبادرة لأن الرفض يخدم أغراض الفصيل الحمساوي ، كما يخدم الهدف الأمريكي . فرفض حماس يكرس لصناعة المظلومية التي يجيدها الإخوان بقصد تدفق المساعدات بعد غلق بئر الأنفاق الذي كانوا يغترفون منه ملايين الدولارات . ويعيد حماس إلي الواجهة السياسية بعد أن توارت نتيجة مواقفها من قضايا الربيع العربي ،الموقف الذي دعاها راغمة للتفاوض مع منظمة فتح لتشكيل حكومة وحدة وطنية هي غير راغبة فيها . وفي ذات الوقت خدمة قضية الإخوان بتشويه النظام المصري وتلويث سمعته . هذا علي جانب حماس . أما الجانب القطري فقد تم دفعه لتقديم المبادرة البديلة ، إلا أنها ماتت في مهدها  ، ومحاولة واشنطن إدخال قطر وتركيا كلاعبين في المبادرة المصرية ، ورفض الجانب المصري لذلك . وفي أتون هذا الصراع السياسي بين الإرادات المتصارعة في المنطقة جري الدفع بهذه الخلية الإرهابية لارتكاب مجزرة الفرافرة في الداخل المصري ، بقصد إحراج السيسي ، وإشغاله بقضايا الداخل ، وتأليب الراي العام المصري عليه . ولا يمكن النظر إلي هذه العملية بتوقيتها وتكتيكاتها وهدفها بمعزل عن المشهد العام الذي تعيشه المنطقة في إطار الخطة الأمريكية الغربية لإعادة رسم خريطة المنطقة  .
وليس معني أن الثورة المصرية قد قلبت الطاولة في مواجهة هذا المخطط ، أن المخطط قد انتهي ، وأن أمريكا والغرب قد رفعوا الراية البيضاء . المخطط ما زال حياً فاعلاً ، وما زالت القوي الواقفة وراءه تدفع بالوقود اللازم لإدارة محركاته ، وإعادة تفعيلها ، وإزالة كل العقبات التي تعترضها ، حتي ولو تكلف الأمر أنهاراً من الدماء ، تسفك هنا أو هناك ، لايهم . دم مصري أو دم فلسطيني ، لا يهم  .
حسن زايد
كاتب مصري ومدير عام 
المصدر: أوكرانيا بالعربية



مشاركة هذا المنشور:
الأخبار الرئيسية
سياسة
بولندا وليتوانيا مستعدتان لمساعدة أوكرانيا على إعادة الرجال في سن الخدمة العسكرية
سياسة
لوكاشينكو: الحرب قد تنتهي بإنهاء وجود أوكرانيا
سياسة
وزير خارجية بولندا: لفيف أوكرانية
أخبار أخرى في هذا الباب
آراء ومقالات
عن النصر والخوف والمعارضة...بقلم رئيس حركة "الأخوية القتالية الأوكرانية" بافلو جيربيفسكي
آراء ومقالات
الفساد العظيم الذي ضيّع أوكرانيا!..حسين الراوي
آراء ومقالات
الإجرام الروسي والطفولة الأوكرانية..حسين الراوي
تابعونا عبر فيسبوك
تابعونا عبر تويتر
© Ukraine in Arabic, 2018. All Rights Reserved.