أوكرانيا بالعربية | في مؤتمر ميونيخ: أوكرانيا ساحة المواجهة الجديدة بين روسيا والغرب... بقلم د‏.‏ سامي عمارة

قفزت أوكرانيا هذا الاسبوع الي صدارة اللقاءات الثنائية والمحافل العالمية ومنها مؤتمر الأمن الاوروبي في ميونيخ‏.‏ حولها يحتدم الجدل وبسببها يختلف الفرقاء والشركاء فيما يقول ممثلو المعارضة الاوكرانية ممن استدعتهم الدوائر الغربية الي ميونيخ‏,‏ انهم توصلوا الي اتفاق حول الخروج من المأزق الراهن‏.

كييف/أوكرانيا بالعربية/قفزت أوكرانيا هذا الاسبوع الي صدارة اللقاءات الثنائية والمحافل العالمية ومنها مؤتمر الأمن الاوروبي في ميونيخ‏.‏ حولها يحتدم الجدل وبسببها يختلف الفرقاء والشركاء فيما يقول ممثلو المعارضة الاوكرانية ممن استدعتهم الدوائر الغربية الي ميونيخ‏,‏ انهم توصلوا الي اتفاق حول الخروج من المأزق الراهن‏.

وهو ما تتناوله موسكو بالكثير من الريبة والتحفظ, ما دفعها الي تجميد ما وعدت به من قروض مالية لاوكرانيا.
الكسول فقط هو الذي يتخلي عن فرصة التدخل.. قول مأثور يحدد الكثير من ملامح الموقف الراهن في اوكرانيا, في توقيت, ثمة من يحذر فيه من مخاطر واحتمالات الحرب الاهلية هناك. الجميع يشجب التدخل الخارجي في شئونها الداخلية, في الوقت نفسه الذي لا يكفون فيه.. شرقا وغربا, عن التدخل.. تارة قولا, واخري فعلا, من خلال زيارات ممثليهم علي اختلاف مستوياتها الرسمية والشعبية. حتي رئيس جورجيا السابق ميخائيل ساكاشفيلي المقيم حاليا في الولايات المتحدة وجد الفرصة في مؤتمر الامن الاوروبي ليصل الي ميونيخ للقاء ممثلي المعارضة الاوكرانية, بعد ان حظرت السلطات الرسمية في كييف دخوله الاراضي الاوكرانية, بما اعاد الازمة هناك الي واقع الامس القريب, وما احتدم خلاله من خلافات بين موسكو والكثير من الدول الغربية التي طالما حاولت زعزعة استقرار روسيا وضرب علاقاتها مع عدد من اهم شركائها القدامي.
واذا كان الكرملين استطاع لملمة اطراف الثوب السوفييتي وانقاذ ما يمكن انقاذه بعد اندلاع موجات الثورات الملونة في كل من جورجيا واوكرانيا وقيرغيزيا, فقد عاد ثانية ليواجه مطامع الغرب في فنائه الخلفي. ومثلما اعلن الرئيس فلاديمير بوتين في مؤتمر الامن الأوروبي في عام2007 عن رفضه لهيمنة القطب الواحد وانفراد قوة بعينها بادارة شئون العالم بعيدا عن الشرعية الدولية, وتأكيده إصرار روسيا علي الدفاع عن مصالحها في بلدان الجوار القريب, فقد عاد وزير خارجيته سيرجي لافروف ليؤكد المعاني ذاتها في ميونيخ امس الأول, معلنا رفضه لاستقطاب اوكرانيا من خلال شراكة الاتحاد الاوروبي, وهو ما يشكل أحد أهم أسباب الانفجار الاخير في علاقاتها مع واشنطن والعديد من الدول الغربية. وبعيدا عن التفاصيل اليومية لاحداث المواجهة بين المعارضة والحكومة الاوكرانية وخفايا تدخل الدوائر الغربية, نتوقف عند ما توصل اليه الفرقاء من اتفاقات, ثمة من يقول انها تظل مقدمة لجولات جديدة من الصراع الداخلي تحت اشراف مباشر من جانب اولئك الذين سبق وكانوا وراء اندلاع نيران الثورة البرتقالية في اوكرانيا في عام.2004
ورغم استجابة الرئيس الاوكراني فيكتور يانوكوفيتش لمعظم مطالب المعارضة ومنها اقالة الحكومة والغاء القوانين المقيدة للحريات, تواصل المعارضة رفع سقف مطالبها بايعاز مباشر من ممثلي الادارة الامريكية ومباركة ممثلي الاتحاد الأوروبي. وكان جون كيري وزير الخارجية الامريكية التقي عددا من ابرز ممثلي المعارضة علي هامش مؤتمر الامن الاوروبي في ميونيخ فيما افصح عن الكثير من الوعود المالية التي قال انها ستصل الي الحكومة الجديدة, او بقول آخر الي المعارضة في حال نجاحها في الاطاحة بالنظام الحالي, في توقيت مواكب لاعلان مفوضية الاتحاد الاوروبي عن ايفاد ممثليها برئاسة كاترين اشتون الي اوكرانيا في الايام القليلة المقبلة, وهو ما اعتبره وزير الخارجية الروسية سيرجي لافروف استمرارا لصب الزيت علي النار وتأجيجا للتوتر السياسي وانتهاكا سافرا لسياسات المعايير المزدوجة, في اطار تساؤلاته في كلمته في ميونيخ: لماذا لانسمع الاصوات التي تدين اقتحام المباني الحكومية ومهاجمة رجال الشرطة واطلاق الهتافات العنصرية والمعادية للسامية؟ لماذا يشجع الساسة الأوروبيون مثل هذا التصرفات في أوكرانيا, في الوقت الذي يردون فيه بحسم علي أي محاولة لانتهاك القانون في دولهم؟. ومضي وزير الخارجية الروسية ليسخر مما يمكن ان يكون عليه رد الاتحاد الأوروبي في حال أعلن أعضاء الحكومة الروسية علانية عن دعمهم للمشاركين في أعمال الشغب في اي من لندن أو باريس أو هامبورج, ووصلوا لتفقد الأماكن التي تشهد وقوع مثل هذه الاضطرابات.
ومن اللافت ان ما اعرب عنه لافروف من احتجاجات, يبدو مواكبا للعديد من المواقف الرسمية الاوكرانية الرافضة صراحة للتدخل الغربي. ومن ذلك ما افصح ليونيد كوجارا' القائم بأعمال' وزير الخارجية الأوكراني عنه في معرض لقائه مع الوزير الروسي علي هامش مؤتمر الأمن الأوروبي بقوله: ان بلاده لا تريد ان تكون ورقة في ألعاب جيوسياسية, وتاكيده علي ان الشعب الاوكراني يعتبر ذلك اهانة لا يقبلها. وأضاف قوله: ان الاوكرانيين لا يريدون أن يعرقل أحد شراكتهم الاستراتيجية مع روسيا, وإن كشف ايضا عن ان هناك لدي الاتحاد الأوروبي ما يستميل اوكرانيا, في اشارة غير مباشرة الي احتمالات توقيع اتفاق الشراكة الذي كان التراجع عنه من اهم اسباب انفجار الازمة الاخيرة في اوكرانيا.
وكانت قيادة القوات المسلحة الاوكرانية اعلنت في وقت سابق عن رفضها لكل اشكال التدخل الغربي في الشئون الداخلية للبلاد, في بيان طالبت فيه الرئيس فيكتور يانوكوفيتش بوصفه القائد الاعلي للقوات المسلحة بسرعة اتخاذ الاجراءات القانونية والدستورية العاجلة من اجل فرض الامن والاستقرار في البلاد. واشار البيان الي ان العسكريين والعاملين في القوات المسلحة الاوكرانية يؤكدون ان ما جري من تجاوزات ومداهمات لمقار المؤسسات الحكومية والحيلولة دون انتظام عمل الاجهزة الحكومية والمحلية امر غير مقبول. كما انهم يرون في استمرار التصعيد ما يهدد وحدة اراضي وسيادة الدولة. وقد اعتبر مراقبون كثيرون مثل هذا النداء من جانب القوات المسلحة بمثابة دعوة صريحة الي فرض حالة الطوارئ وعدم الاستجابة للابتزاز من جانب المعارضة التي اكدت موسكو الرسمية انها تعمل بإيعاز من قوي خارجية, وهو ما اكده وزير الدفاع الاوكراني فيما ادلي به من تصريحات قال فيها: ان وزارته والقوات المسلحة ستعمل ضمن القانون ولن تخضع للاستفزازات. ولم يقتصر الأمر علي تهديد العسكريين بالتدخل, حيث اعلنت قيادات المنظمات المحلية لحزب الاقاليم الاوكراني الحاكم خلال اجتماع طارئ جديد عن تأسيس ما اطلقت عليه اسم الجبهة الاوكرانية, قال ميخائيل دوبكين محافظ مقاطعة خاركوف رئيس لجنة الحزب الحاكم, انها ستبدأ ما وصفه' بتنظيف الارض الاوكرانية من اولئك الذين جاءوها لتنفيذ خطط احتلالية.
ودعا دوبكين الي استغلال كل ما من شانه تجنب الحرب الاهلية, وإن لم يستثن استخدام وسائل اخري لاعادة النظام عندما تنتهي جميع الخيارات السلمية الاخري, مؤكدا ان' لصبرنا حدودا, ونقبل التحديات التي يطرحونها علينا. ومضي ليقول انه في حال استنفاد فرص اعادة النظام بالاساليب السلمية, فإننا سنفعل ذلك بأساليب اخري انطلاقا من قوانين اوكرانيا ودستورها, وهو ما قد يعني عمليا اندلاع شرارة الحرب الاهلية.


المصدر: الأهرام المصرية


مشاركة هذا المنشور:
الأخبار الرئيسية
سياسة
أوستن: ستبدأ طائرات إف-16 ستبدأ في الوصول إلى أوكرانيا هذا العام
سياسة
إسبانيا واليونان ترفضان تسليم أنظمة دفاع جوي إلى أوكرانيا
سياسة
اللجنة الأمنية في البرلمان السويسري تؤيد تخصيص 5.5 مليار دولار لأوكرانيا
أخبار أخرى في هذا الباب
آراء ومقالات
عن النصر والخوف والمعارضة...بقلم رئيس حركة "الأخوية القتالية الأوكرانية" بافلو جيربيفسكي
آراء ومقالات
الفساد العظيم الذي ضيّع أوكرانيا!..حسين الراوي
آراء ومقالات
الإجرام الروسي والطفولة الأوكرانية..حسين الراوي
تابعونا عبر فيسبوك
تابعونا عبر تويتر
© Ukraine in Arabic, 2018. All Rights Reserved.