أوكرانيا بالعربية | بوروشينكو للصحافة الغربية: أوكرانيا تقاتل من أجل أوروبا وأمنها
كييف/أوكرانيا بالعربية/لم يسبق أن أفلحت حكومة أو رئيس في إرساء إصلاحات في زمن الحرب حين ترتفع نفقات الدفاع. ولكن أوكرانيا، على رغم انها في حرب، قلّصت النفقات، وبدأت ارساء اصلاحات اللامركزية الإدارية في البلاد، وإرساء دولة القانون وإصلاحات عسيرة في النظام القضائي، وهي تكافح البيروقراطية والأوليغارشية. وهذه اصلاحات مؤلمة وتفتقر الى تأييد شعبي.
ولا يفتقد الأوكرانيون الاتحاد السوفياتي. والحنين إليه فاتر. والدليل على ما أسوقه هو نتائج الانتخابات الرئاسية والتشريعية الأخيرة. ولكن الثروات الوطنية الأوكرانية تتقلص. فـ 25 في المئة من قدرات انتاج اوكرانيا تقع في المناطق المحتلة. ولحق الدمار بـ 10 في المئة من القدرات الصناعية في الحرب الدائرة، وشطر من هذه القدرات نقل الى روسيا بعد تفكيكه. وإلى الاعتداء على شرقها وضم القرم، يوصد الروس ابواب السوق الروسية امام أوكرانيا - وهذا الإجراء هو ربما من أقسى ما ينزله بنا المعتدي الروسي. وشنت موسكو حرباً تجارية واسعة على البلد، وانتهكت قوانين منظمة التجارة العالمية. وتبحث اوكرانيا اليوم عن اسواق بديلة.
والدونباس ارض اوكرانية، ولن نتخلى عنها أو ننتازل عنها، ولو عوّقت الأزمة هناك مساعي النمو والإصلاح. ويعيش في الدونباس 4 ملايين اوكراني. وهم يواجهون ضعوط القوات الروسية التي تحتل البلد. ونحن الأوكرانيين لا يتعذر علينا ابرام تسويات ولا التنازل في خلاف داخلي. ولكن البروبغندا الروسيا تسعى الى إخراج ما يجري على انه نزاع اوكراني مستفحل، في وقت ان حوادث الدونباس هي اعتداء على بلدي. وثمة 9 آلاف جندي روسي يحتلون اراضي اوكرانية. وسلاحهم روسي ومتطور. ويحتل 60 ألف جندي روسي القرم! وهذا انتهاك كبير للقانون الدولي. وبوتين لن يتوقف الا حين يتصدى له. فهو يرغب في (ابتلاع) أوروبا كلها. والرئيس الروسي اطاح النظام الأمني الدولي حين ضم القرم وشن عمليات العدوان على شرق اوكرانيا. ولا يُستبعد شن عدوان روسي على فنلندا أو على دول البلطيق أو عملية عسكرية في البحر الأسود. والكلام عن الأوكرانيين الذين يقاتلون في شرق بلادي لا يقصد به الكلام على وحدة اوكرانيا واستقلالها فحسب: فأوكرانيا تكافح من اجل ديموقراطية وحرية وأمن القارة الأوروبية كلها.
وتمس حاجة أوكرانيا الى: 1) التضامن الأوروبي. والحق يقال لحمة هذا التضامن قوية؛ 2) انشاء وحدة عابرة للأطلسي (تتصدى للعدوان الروسي). فما يجري هو انتهاك عنيف للقانون الدولي، وخطر شامل يتهدد الأمن العالمي. 3) الدعم المالي في سبيل ارساء الإصلاحات. ويكره الأوكرانيون فكرة بعث الاتحاد السوفياتي والعيش فيه. فهم يرون انهم امة اوروبية. 4) يجب ارساء آلية تلزم المعتدي واجباته. والعقوبات هي من بنات هذه الآلية. فهي ترمي الى حمل المعتدي على سحب قواته والتزام ما تعهد به. 5) التعاون الفعال والناجح حيوي من اجل تنفيذ عملية السلام المستندة الى اتفاق مينسك.
وتُذكي روسيا والإرهابيون الذين تدعمهم الأزمة ولا تتراجع عن التصعيد. فلا هي تلتزم وقف اطلاق النار ولا تسحب الجنود. لذا، تمس الحاجة الى قوة حفظ سلام. ومهمة منظمة الأمن والتعاون الأوروبية حيوية، ولكنها لا تكفي جبه الخطر الروسي. وصادف الأول من الشهر الجاري ذكرى 40 عاماً على اتفاقات هيليسنكي التي انتهت الى انشاء المنظمة هذه. وهي ترمي الى رعاية القارة واستقرارها. وفي ذكراها اصدرت وزارة الخارجية الروسية بياناً يعلن ان ضم القرم مشروع وقانوني. وشأن غيرنا من دول العالم، طالبنا في مجلس الأمن بإنشاء محكمة دولية لتقصّي حادثة إسقاط طائرة أم أش 17 (التي انطلقت من امستردام وتحطمت في 17 تموز - يوليو 2014 في شرق اوكرانيا وعلى متنها 298 راكباً). ولكن روسيا توسّلت بحق النقض للحؤول دون صدور قرار إنشاء المحكمة. وهذا الفيتو هو في مثابة اقرار بالمسؤولية الروسية عن الهجوم الإرهابي.
ويصدر عفو على كل من لم يقتل أبناء جلدته من الأوكرانيين، إثر تنظيم انتخابات محلية. ومن ارتكب جريمة سيحاكم امام القضاء. وفي المرحلة الأولى من العدوان الروسي، تطوّع كثر للدفاع عن بلدهم. ونقدّر فضلهم وتفانيهم. ودمجنا شطراً راجحاً من المتطوعين في جيشنا، وهو صار من أقوى الجيوش في اوروبا. وساهم الحرس الوطني في تعزيز الأمن والدفاع عن اوكرانيا. ولكن ثمة مجرمين يرفعون لواء المتطوعين لتسويغ جرائمهم. وهؤلاء مجرمون من غير سند سياسي.
وحريّ بالدولة ان تتوجه اليهم على هذه الصفة. وتغالي البروبغندا الروسية في تقدير قوة هؤلاء المجرمين ودورهم. والأمور لم تنفلت من العقال، ولن نسمح بزعزعة استقرار بلدنا. وثمة احزاب سياسية اوكرانية متطرفة، على ما هو الأمر في ديموقراطيات اخرى. ولكن إذا تسلّحت وحدات هذه الأحزاب، خرجت على القانون، واعتبرت الحكومة أنهم مجموعات مسلّحة غير شرعية.
بيترو بوروشينكو
الرئيس الأوكراني منذ عام 2014
المصدر: «ليبراسيون» الفرنسية في مقابلة نشرت مع «كورير» النمساوية