أوكرانيا بالعربية | أطفال سوريا يتجمدون حتى الموت.. ونظراؤهم في غزة يموتون غرقا.. والمليارات العربية "عوراء"... بقلم عبد الباري عطوان
كييف/أوكرانيا بالعربية/أطفال سورية يموتون من البرد والثلوج في مخيمات اللاجئين في الاردن وتركيا، ونظراؤهم في قطاع غزة من الغرق بسبب الفيضانات، والدول العربية، والثرية منها على وجه الخصوص، تدير وجهها الى الناحية الاخرى ولا تريد ان تعرف.
عدد الدول الاعضاء في منظومة اصدقاء الشعب السوري يزيد عن 150 دولة، معظمها من الدول الاوروبية والعربية الثرية، ومع ذلك يعاني اكثر من اربعة ملايين لاجيء سوري، داخل البلاد وخارجها، من الجوع والمرض والرعب وانعدام اي حل بمستقبل مطمئن.
مليارات الدولارات العربية يتم انفاقها في "صناعة الموت" في سورية لتمويل الفصائل المقاتلة لاسقاط النظام الديكتاتوري السوري، ومليارات اخرى تنفق لشراء احدث المعدات العسكرية لتسليحها، ولكن عندما يصرخ الاطفال في مخيمات اللجوء، ويتجمدون حتى الموت بفعل الصقيع، تتوارى المليارات واصحابها وحكوماتها، فهي مرصودة من اجل القتل وليس من اجل الحياة.
المنطق يقول ان الذين يستطيعون ايصال الاسلحة الى المقاتلين، لا يعجزون مطلقا عن ايصال المساعدات الطبية والغذائية والبطاطين الى اطفال حلب وحمص والرستن والرقة وادلب وكل المدن السورية الاخرى المنكوبة، واذا كانت هذه المهمة الانسانية متعذرة عليهم، ونحن لا نعتقد ذلك، فان بامكانهم ايصال المواد الضرورية والاغاثية اللازمة واجهزة التدفئة الى السوريين في مخيمات اللجوء في الاردن وتركيا على الاقل حيث لا توجد مواجهات عسكرية، ولا براميل النظام المتفجرة.
الشعب السوري يتعرض للذبح والقتل من كل الجهات في داخل سورية، وللاهانات والمعاملة المذلة على ايدي اشقائه العرب خارجها، الامر الذي يؤكد مجددا ان تدمير هذا الشعب وبلاده وكسر شموخه وعزة نفسه وكرامته، هو الهدف والاولوية.
***
جميل موقف منظمة العفو الدولية هذا في انتقاد الدول الغربية "الكافرة" ولكن ماذا عن الدول العربية "المسلمة"، وخاصة تلك التي تريد تصدير الديمقراطية وحقوق الانسان الى سورية، ونسأل كم عدد اللاجئين السوريين استوعبتهم، ثم كيف تتعاطى حدودها مع السوريين الهاربين من الموت للنجاة بأرواحهم، وهي دول تستوعب ملايين العمال الاجانب من اكثر من 180 جنسية غير عربية؟
غرق قطاع غزة في الظلام والفيضانات، وموت اطفال سورية وشيوخها من الصقيع والثلوج، وصمة عار في تاريخ هذه الامة، تضاف الى وصمات اخرى عديدة، فمن لا يغيث المحرومين المحاصرين المجوعين، وهو القادر، لا يمكن ان يحرر اوطانا، او يحترم الحد الادنى من حقوق الانسان في بلاده او غيرها.
عبد الباري عطوان
رئيس تحرير القدس العربي سابقا
رئيس تحرير ومؤسس صحيفة "راي اليوم" الالكترونية
محلل سياسي وكاتب عربي