أوكرانيا بالعربية | أسرار التقارب الروسي- السعودي... بقلم عمرو الديب
كييف/أوكرانيا بالعربية/جاءت زيارة كل من وليٌّ ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع السعودي محمد بن سلمان , وزير الخارجية السعودى عادل الجبير و الذى كان يشغل منصب السفير السعودى فى واشنطن و مازال يملك العديد من الصلات القوية مع صناع السياسة و نجوم المجتمع فى العاصمة الأمريكية و وزير النفط على النعيمى والذى يتحكم بشكل فعلى بمقادير سياسة منظمة الأوبك إلى روسيا فى منتصف يونيو الماضى بعد أربعة أعوام من القطيعة بين البلدين بسبب الأزمة السورية لتفتح آفاق واسعة من التعاون المأمول بين حكومتين تجمعهم العديد من الملفات الشائكة كإيران و سوريا و اليمن و أسعار النفط.
لكن ما الذى دفع الدولتين لهذا التقارب المفاجىء؟
قبل أى شيىء إن وجود علاقات روسية - سعودية قوية من الممكن أن تؤدى إلى ميلاد جبهه منيعه فى السوق النفطى , فمن مصلحة كل من روسيا أكبر منتجى النفط و الغاز فى العالم و المملكة العربية السعودية التوافق التام على جميع المسائل التى تتعلق بهبوط أسعار النفط و تهيئة الظروف لرفع الأسعار مرة أخرى لكى يتعافى الإقتصاد الروسي الذى تأثر بشكل كبير من جراء هبوط الأسعار و لكى تعود الايرادات النفطية لطبيعتها فى المملكة . وتسعى روسيا إلى اكتساب دعم السعودية فى حصولها على صفة عضو مراقب داخل الاوبك الأمر الذى سيتيح لها المتابعة والمشاركة فى آليات الاستقرار فى السوق النفطى العالمى.
وتواجه السعودية فى هذا الوقت خطر زيادة انتاج النفط الصخرى فى كل من الولايات المتحدة و كندا و هذا الخطر ليس فقط استغناء المشتريين الكبار فى العالم عن النفط السعودى و انما التهديد الفعلى لهذا النوع من النفط هو تقليص حصة الاوبك فى السوق النفطى العالمى ولهذا تحافظ السعودية على مستويات الانتاج لكى يهبط السعر و لكى يقل انتاج النفط الصخرى باهظ تكلفة الاستخراج وحتى الان تنجح السعودية فى ذلك ,لكن هبوط الأسعار أيضا له أضرار كبيرة على ميزانيات الدول المصدرة مصل السعودية و روسيا و الخوف الأكبر من عودة نفط ايران إلى السوق العالمى مما سيزيد من كمية المعروض و بالتالى سيهبط السعر أكثر لذلك تتقارب روسيا والسعودية فى هذا التوقيت الحرج لإيجاد مخرج من هذه المعادلة الصعبة وهى الخوف من زيادة انتاج النفط الصخرى والخوف من هبوط الأسعار.
والتقارب السعودي – الروسي سيتيح للسعودية الفرصة لكى تواجهه النفوذ الإيرانى فى المنطقة العربية خصوصا بعد الإتفاق النووى التاريخى الذى عقد الشهر الماضى بين إيران و الدول الغربية و بالفعل تم توقيع إتفاقيات تعاون مهمة بين الجانبين أهمها اتفاقيات دعم مشروع الطاقة النووية السعودى ,فالمملكة تسعى لإنشاء 16 مفاعلا نوويا بقيمة 100 مليار دولار حتى عام 2030 و لا توجد دولة فى العالم من الممكن أن تساعد السعودية فى هذا الغرض سوى روسيا الاتحادية نظرا للتطور الكبير التى تشهده موسكو فى هذا المجال و لحاجة الخزائن الروسية لكل دولار فى الفترة المقبلة الأمر الذى سيعود بالنفع للجانبين وبالفعل هذا التقارب أصبح يقلق ايران بشده و هذا القلق يظهر فى جميع وسائل إعلامها منذ هذه الزيارة وحتى الأن.
وهناك ملف شائك أيضا تسعى السعودية إلى مساعدة روسيا , وهو الملف اليمنى .روسيا لها علاقات قوية مع جميع الأطراف المتحاربة فى اليمن و من الممكن أن تفيد المملكة فى تهدئته و من ثم حله خوفا من الصواريخ اليمنية التى "تتساقط على الحدود السعودية اليمنية. في حين أن المشاورات الروسية-السعودية بشأن الأزمة السورية تتمم بشكل حذر نظرا للإختلاف الكبير فى وجهات النظر ولكن أصبح الأن يوجد تفاهم واضح وهو القلق من تنظيم "الدولة الإسلامية التى شاركت السعودية فى صنعه و الأن أصبح خارج السيطرة السعودية لذلك تعمل الحكومتين ايجاد سبل لمقاومته وذلك لفشل الولايات المتحدة و التحالف الدولى حتى الأن فى مواجهته.و لذلك دعت موسكو كل من الرياض و دمشق فى الدخول لتحالف اقليمى لمواجهه داعش و إذا تم هذا التحالف فسيكون بداية نهاية التواجد الأميركى فى المنطقة العربية نهاية بداية مرحلة تاريخية بين السعودية و روسيا.
و تسعى السعودية الى تنويع مصادر الأسلحة , لذلك تريد شراء أهم أنظمة الدفاع الجوى الروسية (اس 400) و العمل مع روسيا على تطوير انظمة الصواريخ الباليستية و روسيا اذا تم تطبيع العلاقات الروسية – السعودية لا تمانع ابدا فى اى اجراءات تجعل موقفها قوى فى منطقتنا العربية .
ان السياسة الامريكية فى عهد الرئيس اوباما جعلت المملكة العربية السعودية تجد فى روسيا حليف جديد قوى من الممكن ان يحل محل الولايات المتحدة فى المنطقة العربية.
عمرو الديب
باحث فى العلاقات الدولية
جامعة نيجنى نوفجورود الحكومية الروسية
المصدر: أوكرانيا بالعربية