أوكرانيا بالعربية | أوقـفــــوا هـــذه المــهــزلــــة... بقلم حسن زايد
13.10.2014 - 00:00
لا أحد يجادل في أن الحرية حق أصيل من حقوق الإنسان ، وأن حق التعبير عن الرأي هوأحد أهم الحقوق المنبثقة عن هذا الحق ، إلي حد ذهاب أحدهم إلي القول بأنه قد يختلف معك في الرأي إلا أنه مستعد للتضحية بحياته كي تتمكن من التعبير عن رأيك . كل هذا لا جدال فيه ، إلا أنه لابد أن ندرك كذلك ، وبذات القدر ، أنه طالما أن الإنسان لا يعيش بمفرده في الكون ، وأن هناك من يشاركه فيه ، وأن هذا الغير/ المشارك تمثل الحرية بالنسبة له كذلك حق أصيل بما ينبثق عنه ، أو يتفرع منه . كييف/أوكرانيا بالعربية/لا أحد يجادل في أن الحرية حق أصيل من حقوق الإنسان ، وأن حق التعبير عن الرأي هوأحد أهم الحقوق المنبثقة عن هذا الحق ، إلي حد ذهاب أحدهم إلي القول بأنه قد يختلف معك في الرأي إلا أنه مستعد للتضحية بحياته كي تتمكن من التعبير عن رأيك . كل هذا لا جدال فيه ، إلا أنه لابد أن ندرك كذلك ، وبذات القدر ، أنه طالما أن الإنسان لا يعيش بمفرده في الكون ، وأن هناك من يشاركه فيه ، وأن هذا الغير/ المشارك تمثل الحرية بالنسبة له كذلك حق أصيل بما ينبثق عنه ، أو يتفرع منه .
وهنا تظهر الإشكالية ، فليس من المنطقي ترك الحرية مطلقة ، لأنها بذلك تمثل اعتداءًا علي حرية الآخرين ، ولو مارس كل فرد حريته المطلقة ، لأضحي التجمع البشري غابة ، السيادة فيه للأقوي ، وسيادة الأقوي تعني انعدام حرية الأضعف ، وتصبح قضية الحرية بلا معني . وكي تصبح الحرية ذات معني كحق فلابد من تنظيمها ، وهذا التنظيم يعد قيداً ـ بشكل أو بآخر ـ علي الحرية المطلقة ، كي تتحول إلي حرية نسبية . ونسبية الحرية تعني أنها تخلتف من وقت لآخر ، ومن مكان إلي آخر ، بالنسبة للفرد الواحد . فحرية الإنسان في التخفف من ملابسه تختلف في البيت ، عنها في الشارع ، عنها في المصايف علي شواطيء البحار ، عنها في مكان العمل . كما أنها تختلف في الليل عنها في النهار ، وفي الصيف عنها في الشتاء . وصاحب الحق الأصيل في تنظيم ممارسة الحق في الحرية ليس فرداً من الأفراد ، ولا جماعة من الجماعات ، ولا حزب من الأحزاب ، ولا جهة من الجهات درءًا لشبهة الإنحياز ، وإنما أنيط هذا الحق بالدولة ، لأن الدولة حين تنظم الحقوق والواجبات فإنها تفعل ذلك من خلال القانون ، ومن المعروف أن القاعدة القانونية بتعبير أهل القانون قاعدة عامة ومجردة .
إذا فالدولة من خلال مؤسساتها العامة المنوط بها تطبيق القانون هي صاحبة الحق في القول لك ، قف محلك ، فقد تجاوزت القانون المنظم لحقك في الحرية ، وهي حين تفعل ذلك ، لا يحتج في مواجهتها بأنها تحد من حقك في ممارسة حريتك حين تتجاوز حدودك في الممارسة . هذا في الظروف الطبيعية التي تعيش في كنفها الدول والمجتمعات ، ولا توجد دولة ، ولا يوجد مجتمع يعيش في ظروف طبيعية علي طول الخط ، وإنما الدول والمجتمعات تعيش في خطوط بيانية بين صعود وهبوط ، ولا يخلو مجتمع أو دولة من ظروف استثنائية . هذه الظروف الإستثنائية قد تقتضي من أفراد المجتمع التنازل عن بعض الحقوق حتي يبقي المجتمع ، وتبقي الدولة .
مثل الحد من حرية التنقل حال وجود أوبئة ، أو كوارث طبيعية ، أو فرض حالة الطواريء في وقت الحرب . وهذا الإستثناء الذي يعطي الحق للدولة في تنازل أفراد المجتمع عن بعض الحقوق والحريات ـ طوعاً أو كرهاً ـ لا ينفي قاعدة أن الدولة يقتصر دورها علي تنظيم الحقوق والواجبات ، بل يثبتها ، ويؤكدها . وإذا كان الإستثناء يثبت القاعدة ولا ينفيها ، فإنه في ذات الوقت لا يحتج به ولا يقاس عليه . فإذا نظرنا من خلال هذه المقدمة إلي ما جري في الجامعات المصرية خلال العام المنصرم ، وما جري في ثاني أيام العام الحالي ، وما هو متوقع أن يجري خلال العام الحالي ، وربما الأعوام القادمة ، من بعض الطلاب ، هل يمكن اعتباره من الأمور الطبيعية التي تجري في كل جامعات الدنيا أم أنه حدث استثنائي ؟ .
أو بطريقة أخري : هل يحق للطلاب التظاهر داخل الحرم الجامعي ؟ وهل يمكن أن يصاحب ذلك بعض مظاهر العنف مثل استخدام المولوتوف والألعاب النارية والأحجار والإلتجاء إلي التخريب ؟ . وللإجابة علي هذه الأسئلة فلابد من العودة إلي سؤال مهم مؤداه : ما هو الحق الأصيل وما هو الحق التابع داخل الحرم الجامعي ؟ . من المعلوم أن الحق الأصيل داخل الحرم الجامعي هو الحق في التعليم ، وما عداه من حقوق هي حقوق تابعة بما في ذلك الحق في التظاهر داخل الحرم الجامعي . ولا يصح أن يطغي حق تابع علي حق أصيل منطقياً ، فترتيب الأولويات بحسب التسلسل المنطقي يقتضي تقديم الحق الأصيل علي الحق التابع .
فإذا افترضنا جدلاً أنه أحيانا يتقدم الحق التابع فيصبح أصيلاً ، ويتأخر الأصيل فيصبح تابعاً ، وهذا وارد وإن اختلفت حوله وجهات النظر ، ففي هذه الحالة ينطبق علي هذا الحق قاعدة حق الدولة في التنظيم ، ولا يصح أن يكون حقاً منفلتاً من القيود المنظمة ، لأن باقي الحقوق المتعلقة بالأخرين لا زالت قائمة . ومن ثم يصبح الحق في التظاهر السلمي منظماً بموجب القانون من جهة الدولة . فإذا تحول التظاهر السلمي إلي أعمال عنف وشغب وتخريب دخل في دائرة الجرائم ، وانتقل دور الدولة من إطار تنظيم الحق إلي إطار مكافحة الجريمة . فإذا قيل بأن الطلاب داخل الجامعة ينطلقون من منطلق الحق في ممارسة النشاط السياسي ، وأن هذه المظاهرات ومظاهر العنف المصاحبة لها ما هي إلا ردود أفعال علي ما تقترفه قوات الشرطة في مواحهتهم ، فإننا نقول أن هذا الكلام لا يخلوا من التلبيس ، لأن الحق في ممارسة النشاط السياسي داخل الحرم الجامعي ، حيث الدرس والعلم والفهم والفكر ، لابد أن يكون مقيداً بالممارسة في ذات الإطار ، إذ لكل مقام مقال .
أما الممارسة بمعني التنظيم والحركة علي الأرض فمحلها الأحزاب السياسية والشارع وليس الحرم الجامعي . ومن هنا فلا معني للتظاهر العنيف داخل الحرم الجامعي ، فإذا حدث وتدخلت الشرطة ، فإنها تتدخل لمواجهة ظاهرة إجرامية كما اتفقنا ، ولا محل للإحتجاج في مواجهتها . وما يحدث في الجامعات المصرية يتأتي من فئة قليلة من الطلاب المؤدلجين الذي ينتمون لجماعة أعلنت الدولة أنها جماعة إرهابية ، وليس من عموم الطلاب . وهم حين يفعلون ذلك إنما ينطلقون من أجندات معدة سلفاً من قبل قادة هذه الجماعة . أي أن الأمر ليس مجرد ممارسة سياسية من طلاب ، وإنما هؤلاء الطلاب ما هم إلا أدوات وأصابع للتنفيذ ، والمطلوب وفقاً للأجندة هو إفساد العام الدراسي ، وإشاعة جو من عدم الإستقرار ، وإظهار الدولة بمظهر الدولة الأضعف في مواجهة الجماعة . فإن لم يكن الأمر كذلك ، فما هي مطالبهم علي وجه التحديد والقطع ؟ . إذن القصة واضحة .
وسبب الإرتباك الذي تعيشه الدولة في مواجهة هذه التظاهرات هو حكم محكمة القضاء الإداري بعدم دخول الحرس الجامعي إلي حرم الجامعة ، ومع أن المقصود من الحكم هو عدم تدخل الأمن في أعمال الجامعة ، وليس منعه من حراستها ، إلا أن هذا ما فُهم من منطوق الحكم . وترتب علي ذلك سلسلة من الأخطاء ، فبدلاً من تصويب الحكم بإصدار تشريع ينظم علي نحو دقيق عمل الحرس الجامعي بما لا يتعارض والحكم القضائي ، فوجئنا بإسناد أعمال الأمن لشركة أمن خاصة تقوم علي حراسة البوابات ، إلي جانب الأمن الإداري من الداخل ، مع إعطاء الحق لرئيس الجامعة في استدعاء قوات الشرطة حال حدوث ما يستدعي ذلك . وأنا أظن أن الأمر لا يخلو من إزدواجية في الإختصاصات بما يترتب عليه وجود تضارب يؤدي إلي تمييع المسئولية ومن ثم انخفاض مستوي الأدء . وليس لدي ما أقوله سوي : " أوقفوا هذه المهزلة " لأن استمرارها يهز صورة الإستقرار في مصر ، ويظهر الدولة بمظهر الطرف الأضعف ، في وقت لا يصح أن تظهر فيه بهذا المظهر لا محلياً ولا إقليمياً ولا دولياً .
حسن زايد
حسن زايد
كاتب مصري ومدير عام
المصدر: أوكرانيا بالعربية
الأخبار الرئيسية
سياسة
الرئيس الأوكراني يقيل سفراء بلاده بعدد من الدول والمنظمات
سياسة
فيتسو: زيلينسكي عرض علي 500 مليون يورو مقابل دعم انضمام أوكرانيا للناتو
سياسة
المستشار الألماني يعلن إمدادات عسكرية جديدة لأوكرانيا
© Ukraine in Arabic, 2018. All Rights Reserved.