أوكرانيا بالعربية | الـتـواطـؤ الـدولـي ضـد مـشـــروع الــقـــرار المـصـــري من أجل التفتيت الليبي... بقلم حسن زايد
كييف/أوكرانيا بالعربية/لقد كان مشروع القرار المصري ، الذي قدمته الأردن باسم المجموعة العربية ، لمجلس الأمن الدولي ، بشأن الملف الليبي ، هو مجرد تسجيل موقف ، ووضع للمجتمع الدولي أمام مسئولياته . أو بعبارة أخري وضع المرآة في مواجهته حتي يري وجهه القبيح، وأنه لاتعنيه الشرعية من قريب أو بعيد ، وإنما تعنيه مصالحه أولاً وأخيراً . وأن ما يُصدّره لنا من طنطنات حول الشرعية ، وحقوق الإنسان ، هي مجرد كلام استهلاكي لتمرير مصالحه، تحت شعارات براقة ، ولافتات بارزة .
وفي مواجهة مصالحنا ، وقضايانا ، تجده قد وضع في إحدي أذنيه طيناً ، وفي الأخري عجيناً ، حتي لايسمع لنا صوتاً ، ولا رجع صوت . فالملف الليبي علي وضوحه قد أصاب المجتمع الدولي بعمي الألوان ، أو العشي الليلي . فهناك طائفتان ، الأولي : هي الحكومة والبرلمان الشرعي . والثانية : هي القوي المناوئة للشرعية . والمطلوب هو دعم الشرعية في مواجهة اللاشرعية .
أما الكيل بمكيالين في مواجهة موضوع واحد ، وقضية واحدة ، فهذا ليس له سوي دلالة واحدة ، هي التواطؤ الذي تمارسه أمريكا في مواجهة قضايانا ، ويتبعها في ذلك الموقف الأوروبي / الغربي . فداعش المشرق العربي ، بغض النظر عن ظروف نشأتها ـ سواء بالتآمر الإستخباراتي ، أو الولادة الطبيعية في بيئتها الحاضنة وفقاً للظروف البيئية الحاكمة ـ قد تركت وشأنها ، تحتل أجزاء من العراق وسوريا ، حرقاً وذبحاً وتقتيلاً ، حتي إمتدت يدها إلي الرعايا الغربيين ، هنا انتفض الغرب ، وتشكل التحالف الدولي لمجابهة داعش ومخاطرها . وهي هبة مصطنعة بقصد اسكات المجتمع الغربي ونفاقه .
وما وجد التحالف الدولي الذي شكلته أمريكا للقضاء علي داعش ، والتخلص منها ، وإنما بقصد تأديبها ، وتهذيبها ، ومن هنا كان تصريح أوباما الذي قال فيه : إن محاربة داعش ستستغرق ثلاث سنوات علي الأقل ، وهذه السنوات الثلاث هي فسحة الوقت المتروكة للتنظيم حتي يؤتي أكله ، ويحقق ثمرة اصطناعه ووجوده .
أما داعش المغرب العربي ، التي تناولها مشروع القرار المصري ، فلم يأت أحد علي ذكرها ، وكل ماصدر عن مجلس الأمن يإيعاز من أمريكا ، وتبعية وانسياق ، وانصياع من الدول الغربية ، التي كانت متحمسة لمشروع القرار المصري منذ البداية ، هو الدعوة إلي تسوية سياسية للملف الليبي ، لأنه لا حل لتعقيدات هذا الملف ، إلا بالحوار بين الأطراف المتنازعة ، وتشكيل حكومة وحدة طنية . وهذا يعني ببساطة التخلي عن الحكومة الشرعية ، والبرلمان المنتخب ، بعد أن أجبرتهما الجماعات المسلحة ،علي مغادرة العاصمة طرابلس إلي طبرق ، والإصرار الفاضح علي إشراك الإخوان وهذه الجماعات في السلطة .
وقد يبدو الأمر وجيهاً ، ومقبولاً ، باعتبار أن الكل له الحق في إقتسام السلطة ، طالما أنه ليبي . إلا أنه يمثل من وجهة أخري التفافاً علي الشرعية ، التي صدعنا الغرب بضرورة الإلتزام بها . ومن هذا المنطلق كان لابد من إفشال مشرع القرار المصري ، وعدم السماح بتمريره . وفي ذات الوقت بدء الحوار بين القوي المتصارعة في ليبيا ، وأن يكون الحوار في المغرب ـ حتي يجري نزع مسحة التآمر الغربي من أذهان العرب ـ برعاية الدول الكبري ، بتنسيق من السيد / برناندينو ليون . وبالجلوس معاً علي مائدة الحوار ـ باعتبار أن الكل يمثل شرعية تواجد علي الأرض ـ يتم نزع شرعية الصندوق الإنتخابي عن البرلمان المنتخب ، وعن الحكومة ، وتتكافأ قوة حفتر العسكرية مع قوة فجر الإسلام الإخوانية ، وكلاهما يتمتع بالشرعية، وعند تشكيل الجيش الليبي ستكون هذه المليشيات إحدي مكوناته الفاعلة ، ويستحيل مع هذا الوضع ، أن يحدث مع إخوان ليبيا ، ما حدث مع إخوان مصر وتونس . وعند صعود الإخوان في ليبا ، ووجودهم في سيناء ، وغزة ، ووجود نظام البشير الإخواني في الجنوب ، تصبح مصر محاصرة ، وهنا يسهل إسقاط الدولة المصرية .
وقد فطنت الحكومة الشرعية لأبعاد هذا الإلتفاف ، فاتخذت قرار الإنسحاب من الحوار . ومن هنا يمكن القول بأن المخطط الأمريكي الغربي لتفتيت المنطقة لا يزال قائماً . وما داعش إلا مخلب القط الذي تستخدمه أمريكا كفزاعة للشعوب العربية ، حتي يصبح وجود الإخوان في السلطة هو الحل المثالي للخروج من نفق الإرهاب .
حسن زايد
كاتب مصري ومدير عام
المصدر: أوكرانيا بالعربية